إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

جميع مقالات وكلمات وتصريحات الدكتور فتحي الشقاقي رحمه الله تجدها ونجمعها هنا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    كلمة للداخل بمناسبة العيد

    التاريخ: 1412-10-27 هـ الموافق: 1992-04-30م الساعة: 00:00:00

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه

    يا جماهير شعبنا العظيم

    أيها الاسرى البواسل في كافة سجون ومعتقلات العدو

    ايها المطاردون في الكهوف والجبال ومن بيت الى بيت

    يا أمهات الحجارة ويا فتيان الانتفاضة ويامن تضعون ايديكم على الزناد ياكل الشعب الذي اختاره الله رأس رمح في مواجهة علو وافساد بني اسرائيل.


    كل عام وأنتم بخير


    كل عام وانتم مرابطون في بيت المقدس واكناف بيت المقدس، تدافعون عن جدار الامة الاخير.

    كل عام وأنتم ظاهرون على الحق لا يضركم من خالفكم وهم في هذا الزمن الامريكي كثير كثير.

    رغم المجزرة والدم المسفوح كل عام وانتم بخير وامتكم بكم بخير

    اليوم نحتفل بعيد فطرنا بعد شهر من الصيام والقيام والتطهر من ادران الدنيا وأوساخها

    اليوم نحتفل بعيد فطرنا وقبضتنا مشرعة، لا نبكي مع الشاعر القائل عيد بأية حال عدت يا عيدُ بما مضى أم لأمر فيك تجديد

    بل سنحتفل بالعيد وكل عيد فرحاً وغضباً وروحاً وثابة، مهما كانت حالة الانحطاط والانهيار والتفتت والجاهلية والسقوط في الهاوية التي تسكن الوضع العربي.

    مهما استسلم المستسلمون لمشيئة الامبريالية الامريكية واعترفوا بمصالحها على حساب مصالح امتنا وشعوبنا.

    مهما تقدمت امريكا بسلامها المدنس الذي يأخذ بالاعتبار المصالح والاهداف والمواقف الصهيونية ويجعل من شعبنا الفلسطيني كبش فداء سهل الانقياد.

    مهما حاول نظامهم الدولي الجديد لتركع الامة التي لا ينبغى لها ان تركع، ليذهب التاريخ والمجد التليد في زوايا النسيان، لتتبدد الثروة التي وهبنا الله، لتتقطع اوصال الجغرافيا العربية والاسلامية عبر دولة التجزئة» القطرية أو لتخمد الايديولوجيا الحية الباعثة المتمثلة في الاسلام.

    مهما حاول نظامهم الدولي أن يمد العدو الصهيوني بالمال والسلاح والبنين والهجرات ليزداد ميزان القوى اختلالاً فوق اختلال.

    مهما حاولوا ان يستغلوا دمنا كما حاولوا في مجزرة الامس في رفح.

    مهما حاولوا وحاولوا سنحتفل بعيدنا بلا بكاء إلاّ من الفرح، فالروح الوثابة تسكننا ومزاجنا، مزاج أمتنا العنيد لا ولن يعترف بالهزيمة، صحيح أننا خسرنا معركة أو حتى سلسلة من المعارك ولكن الحرب مستمرة وهذا الغرب أضعف مما نتصور ونحن اقوى مما نتصور.

    وهاهي وحيدة، معذبة، محاصرة، يتيمة، ثاكل تمضي الانتفاضة تضيء العتمة وتضع العدو في مأزق حضاري وأخلاقي وتاريخي وسياسي وأمني كبير، فكيف لو هبت الأمة كل الأمة، كيف لو استقام أولو الامر، ورفعوا سيوفهم عن رقابنا ورقاب شعوبهم، كيف لو أنهم لم يُترفوا ونحن نجوع.

    نعم ها هي الانتفاضة تضيء عتمة الأمة، تشهد على العصر، تكشف بغي وجور نظامهم الدولي، تكشف هشاشة دولة التجزئة وتؤكد أن كيانهم العبري الزنيم قابل للجرح والكسر وانه من منظور التاريخ والاستراتيجيا كما من منظور القرآن يبقى محكوماً بالهزيمة محاصر بقوانينها وشروطها كما نحن محكومون بالنصر بوعد من الله وبمشيئته وعلى هدى من سننه.

    نعم هذه هي الانتفاضة» الثورة التي نرفض ويرفض شعبنا أن تكون غطاءً للتراجعات والانهيارات والاستجداء السياسي في مدريد وواشنطن. إنها مشروع استراتيجي للقيام والنهوض ينطلق من القدس مركز الزمن الاسلامي المعاصر ومركز الجغرافيا الاسلامية اليوم ليغسل ارواحنا ويهبنا القوة ويدلنا على الطريق بعيداً عن اوهام السلام السراب وبعيداً عن تمارين اللاجدوى في اروقة الخارجية الامريكية.

    يا شعبنا العظيم

    ايها الطلاب والعمال والتجار والفلاحون

    ايها الثوار المطاردون، يا أمهات الشهداء.. يا ارواحهم الطاهرة

    ايها الاسرى البواسل.. يا نور العين ويا نجمة على الجبين

    في يوم عيدكم اصرخوا في وجه سجانيكم هذه الارض لنا..

    هذا البحر لنا.. هذا النهر لنا، ولنا المسجدُ، لنا البرتقال والزيتون لن تخمدوا صوتنا، مهما كان غازكم المسموم وفولاذكم.. فدمنا بالمرصاد. هذا العدو قام من اول يوم على البطش والارهاب ولا يفهم سوى لغة النار خيارنا الوحيد فما قيمة الدنيا إن كنا سنحياها بذله، ان تهديداتهم تلمس من قلوبنا هوى الاستشهاد، فشدوا ضرباتكم في عيد فطركم ولا تبكوا سوى من فرح.

    تحية العيد والجهاد الى ابطال أم النور والمشيرفة التي حاولوا ان يخبئوها في زوايا النسيان فسطعت على ابواب معسكر جلعاد كالرعد والبرق، كضوء الشمس يكنس اسماءهم واوهامهم ووقتهم.

    تحية الى روح الشهيد رائد الريفي الذي حمل سيفه الى قلب ميدان العدو وصاح بهم هل من مبارز وحصدهم كسيف علي، لم تحمهم من سيفه اسلحتهم الذرية ولا صواريخهم العابرة ولا كل الحصون.

    تحية الى شهداء مجزرة رفح الاخيرة، تبقين ايتها الوردة والدرة ثغراً لايمرون منه وحصناً لايخترقونه

    كل عام وانتم جميعاً بخير

    والوطن رغم القيد والجراح بالف خير

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    المصدر : من أرشيف حركة الجهاد الإسلامي بتاريخ 30/4/1992
    اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

    تعليق


    • #17
      كلمة في حفل تأبين الشهيد صلاح غندور

      التاريخ: 1412-10-29 هـ الموافق: 1992-05-02م الساعة: 00:00:00

      بسم الله الرحمن الرحيم


      السادة العلماء ،

      الإخوة المجاهدون والمناضلون،

      نحتفل اليوم بانضمام شهيد جديد إلى قافلة الشهداء ، القافلة تستمر لا يوقفها عدل عادل ولا جور جائر ، لا يوقفها الجبروت الامريكي الصهيوني ولا الخذلان العربي الرسمي ، تستمر رغم الليل العربي الطويل اشارة ربانية على رباط الشام القائم وعلى الفئة الظاهرة على الحق في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس.

      في عالم تحكمه معادلة القوة الظالمة يقود الشهداء الطريق الامثل لتحقيق توازن الرعب مع عدو مدجج بكل النفير والسلاح من رفح إلى كفر ملكي تكتمل الدائرة، من صلاح الى صلاح ، من صلاح شاكر بطل عملية بيت ليد إلى صلاح غندور بطل عملية بنت جبيل ، والعالم غير مصدق كيف يمكن لأمة مهزومة تطرق أصابعها فوق السندان صباح مساء أن تطلق مثل هؤلاء الشهداء، كيف يقبلون على مثل هذا الموت ، ما الوسائل التي تتبع لإقناعهم، الله يعلم كيف يبذلون هم كل جهد وضغط لإقناع قادتهم ومسؤوليهم أن يتيحوا لهم فرصة الشهادة لينضموا الى من سبقهم من رفاقهم ليسجلوا لأمتهم لحظات العز والمجد ويهبوها الحياة، فالشهادة هنا هي المعادل الموضوعي للحياة بمعناها الرحب.

      بقد نجحت القوى الإسلامية المجاهدة في فلسطين ولبنان في أن تحقق توازن الرعب مع العدو بإمكانات محدودة ولكن بإرادة لا تلين ولا تساوم والفضل للشهداء الذين وجهوا ضربات موجعة للمشروع الأمريكي الصهيوني فلم تتم تصفية القضية الفلسطينية كما كانوا يتوهمون ، كما تم فرملة مؤامرة اختراق المنطقة والتطبيع معها بفضل دم الشهداء الذي يجدد وعي الأمة ويحيي ضميرها.

      تنفق أمريكا المليارات وتبذل كل الجهد ومعها كل الغرب والكيان الصهيوني ودول إقليمية وعربية مضبوعة ، تستلهم نفس النهج ونفس الأمر ، ومن حين إلى آخر يأتي مجاهد فرد مثل «الملاك» الذي مر على بنت جبيل قبل أيام فيركم كل أموالهم وجهدهم بعضه على بعض ويجعله هشيما. إن مجاهدينا يؤكدون كل يوم على إمكانية كسر العدو واندحار المشروع الصهيوني وإن المستكبرين وهم يجذفون ضد قضية عادلة لا يمكن ان ينتصروا على شعب حي مقبل على الموت.

      إن المجاهدين في لبنان وفلسطين جزء محدود من طاقات الأمة العظيمة ومع ذلك يحققون المعجزة بصمودهم في وجه المؤامرة وتوجيه الضربات لها، فكيف لو نهضت كل الأمة ، كيف لو تحررت من التبعية والاستلاب ، كيف لو لم تصب ثروتها وإمكاناتها في طاحونة الأعداء. إن الدرس الذي لا بد من تعلمه أننا أقوى مما نتصور وأن هذا العدو أضعف مما نتصور ، كيف يمكن للغازي والطارئ القادم من وراء البحار، المنقطع الجذور أن يستبد بالأمة وهي تملك الجغرافيا العبقرية والتاريخ المجدي ، تملك الإمكان البشري الهائل والثروات بلا حدود كما تملك الأيديولوجيا الحية الباعثة، صحيح أن كل هذا مبعثر اليوم بفضل الحكام المستلبين والمضبوعين أمام الجبروت الأميركي الصهيوني ولكنه موجود ويستحيل إفناؤه في حين تشل ضربة هنا وضربة هناك ذلك الغازي والطارئ وتجعله عاجزا عن استمرار التمدد والتمادي.

      إيها الاخوة


      على الأمة أن تعي جيداً ، على قواها الوطنية والإسلامية أن تعي ، على الحركات الإسلامية في العالم أجمع أن تعي أن المؤامرة على القوى الإسلامية في فلسطين ولبنان هي أخطر المؤامرات اليوم، لأن نجاحها ـ لا سمح الله ـ يعني أن تفقد هذه القوى والحركات ما يمدها بالمعني والزخم، يعني استباحة المنطقة بلا حدود ، يعني القضاء على النبض المقاوم والجدار الأخير للامة، كل شيء سيصبح حينها مباحاً والمؤامرة أشد ما تتقدم وتتجسد عبر اتفاق أوسلو الذي نذكر أنه قام على ثلاثة محاور رئيسية الأول وقف الانتفاضة وضرب المجاهدين والتحرر من جحيم غزة دون تركها الثاني حراسة أمن الكيان الصهيوني والمحور الثالث اختراق المنطقة والهيمنة عليها عبر فتح ساحات جديدة للتطبيع ،وتقوم على تنفيذ ذلك سلطة الحكم الذاتي التي تتجسد في مجرد جيش من الشرطة وأجهزة أمن وقمع مدعومة من أمريكا والغرب مدعومة بعشرات ومئات الملايين من الدولارات التي انفقت جميعها على تعزيز القمع العرفاتي ولم يتم حتى الآن تنفيذ أي مشروع حيوي داخل قطاع غزة لتخفيف الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تشترك السلطة مع العدو الصهيوني في تعميقها لفرض المزيد من الإحباط والضغوط على الشعب الفلسطيني وطلائعه المجاهدة.

      الغرب الديمقراطي جداً يدفع لعرفات ويدفع عرفات كل يوم لقمع المجاهدين ويتفرج على الاعتقالات المستمرة والأحكام الجائرة مطالباً بالمزيد. أمريكا تشارك في الإرهاب حتى في قطاع غزة ومن ثم تصمنا بالإرهاب لمجرد أننا نقاتل في ساحة بيت المقدس دفاعاً عن بيتنا وعن حياة حرة كريمة داخل هذا البيت، أمريكا تسم دولا عربية واسلامية برعاية الارهاب لأنها تؤيد حقنا في المقاومة والحرية ، مع أن امريكا نفسها هي صانعة الإرهاب وليس مجرد راعية له ، إرهاب الدولة العظمى، إرهاب الاستكبار العالمي للمستضعفين في كل الأرض. وعندما حدث انفجار أوكلاهوما، تعرض ملايين العرب والمسلمين ، تعرض الأمريكيون من أصل عربي واسلامي إلى إرهاب الدولة واعلامها وادواتها، حتى أنهم لم يستطيعوا الخروج من منازلهم ثم تأكد انه إرهاب امريكي مضاد ، إرهاب الحضارة الامريكية نفسها ، هذا هو الارهاب الحقيقي الذي لا يفهم له باعث أو مبرر ، أما نحن فمقاومين لأجل حريتنا في حدود أرضنا ووطننا.

      انظروا لأمريكا اليوم وتحت قيادة ضعيفة ومفلسة كإدارة كلينتون لا يصدر عنها قرار يتعلق بالاسلام أو بما يسمونه الشرق الاوسط إلا كان من منظور صهيوني اسرائيلي بما في ذلك القرار الامريكي بفرض المقاطعة التجارية ضد الجمهورية الإسلامية وهو ليس إرهاباً لإيران والمسلمين فقط وإنما اضرار كبير بمصلحة الشعب الأمريكي نفسه لحساب الكيان الصهيوني أساسا، ولتعلم الإدارة الامريكية أن هذا القرار سيجلب مزيداً من التوتر للمنطقة ولن يفت في عضدنا بل سيزيد من إصرارنا على المقاومة والجهاد.

      أمريكا تحاول في المنطقة إدخال الجمل العربي والإسلامي في ثقب الإبرة الصهيوني وتشارك الكيان الصهيوني في تمرير مؤامرة أوسلو وكلاهما يمني عرفات بمزيد من النفوذ في الضفة الغربية إذا ما نجح في قمع المجاهدين، وعرفات المستمر في القمع يسرب الإشاعات عن استعداد المجاهدين لوقف العمل العسكري داخل قطاع غزة لهذه الفترة أو تلك ، ولقد أكدنا منذ أول يوم حاولت السلطة فيه تمرير إشاعاتها وأمنياتها كما أكدنا منذ حضور السلطة ومنذ أوسلو ومن قبل ذلك ، أكدنا بالفعل وبالقول أننا لن نوقف جهادنا في أي مكان من فلسطين وأن إطلاق النار على الاحتلال في غزة سوف يستمر طالما استمر الاحتلال وتواجد الجيش والمستوطنات.

      وأكدنا أننا لن نفرط بقطعة واحدة من سلاحنا. هذا سلاح عز الدين السام وعبد القادر الحسيني وعباس الموسوي ومحمد الجمل وعماد عقل ، تركوه أمانة في أيدينا ولن نسلمه لأحد مهما كان ، سيبقى مشرعا في وجه الاحتلال في كل آن ، وفي حين يمكننا المشاركة في كل جهد ميداني لتجنب الاقتتال كما أكدنا قبل دخول السلطة وبعد دخولها وإلى اليوم فإننا نرفض رفضاً قاطعاً أي حوار سياسي مع هذه السلطة الأداة القائمة والقائمة فقط على حراسة أمن العدو.

      إن الذي يظن ان الجهاد الإسلامي يمكن أن يوقف معركته ضد الاحتلال على أي سنتيمتر من فلسطين ، واهم أشد الوهم والذي يروج لذلك ليس وطنيا وليس إسلاميا بل عرفات وعملاء عرفات هم الذين يروجون لذلك.

      وللأسف بعض الذين ينامون على حرير ، وبدلاً من نفي أكاذيب عرفات يزايدون على المجاهدين الذين تسحق عظامهم منذ العام 1981 ، دون أن يلينوا أو يستسلموا . بعض الذين ينامون على حرير ، وربما يزعمون الانتساب للإسلام ، يشاركون في ملة عرفات في الترويج لهذه الاوهام ويهاجمون المجاهدين وهم في الحقيقة يريدون إيهام الناس بصحة إشاعات عرفات.

      ليس الجهاد الإسلامي هو الذي يساوم على استمرار المعركة ضد الاحتلال.

      بعد اسبوع على عرس الشهيد «الملاك» نؤكد على استمرار الجهاد وعلى استمرار الشهادة وأن غداً لناظره لقريب.

      المصدر : القيت في حفل تأبين الشهيد صلاح غندور (ملاك) بطل عملية بنت جبيل الاستشهادية الذي أقامه حزب الله في 2/5/1995 ببيروت
      اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

      تعليق


      • #18
        كلمة في ذكرى مرور خمسة أعوام على الانتفاضة

        التاريخ: 1413-4-9 هـ الموافق: 1992-10-06م

        الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه

        يا جماهير شعبنا الفلسطيني العظيم


        اليوم هو السادس من تشرين» اكتوبر حيث نطوي خمسة اعوام كاملة من عمر انتفاضتنا العزيزة الباسلة. اليوم نطوي القلب حزنا وافتخارا باستشهاد أبطال الشجاعية البواسل، شرارة الانتفاضة وطلقتها الاولى في زمن الخيبة الذي انفجر ببركة دمهم حجارة ونشيد حرية.

        اليوم تتم عامها الخامس وتمضي هذه المعذبة المغدورة ، فتية حية لم تعرف التعب، كأنها لا تنزف كل يوم، كأنهم لم يعتقلوها آلاف المرات في صحراء النقب، كأنها لم تشهد حفلات التضليل والتمويه في المجالس والمؤتمرات.

        كأنهم لم يجرجروها الى سوق النخاسة في مدريد وواشنطن لتباع بأبخس الأثمان.

        كأنها المعجزة، تكمل الانتفاضة اليوم عامها الخامس رغم المدججين بالسلاح ورغم المدججين بالذهب ورغم المدججين بالنفاق والكذب تكبر خارج المؤامرة، خارج اليأس والاحباط، خارج الفتنة، لتؤكد أنها البديل للذين عميت أعينهم عن البديل.

        يا جماهير شعبنا العظيم


        اننا لا نخوض معركة وهمية في مواجهة الجبابرة كما يحاول بعض من بني قومنا أن يوهمنا وأن يقنعنا انه لم يعد في مواجهة موازين القوى القائمة من سبيل للجهاد والكفاح والمقاومة، وأن ليس من بديل سوى التفاوض واستمرار التفاوض حتى لو طلبنا نحن من العدو أن يضم الضفة والقطاع ثم نناضل لأجل حقوقنا السياسية في الكنيست العتيد كما قال أحدهم أو بعضهم قبل فجر الانتفاضة واليوم يأتون انفسهم ليزرعوا اليأس والاحباط وليبشروا بالهزيمة على أنها القدر المحتوم وبالتالي علينا أن نرضخ للاملاءات الصهيونية وأن نقبل مشروع الحكم الاداري الذاتي، أن نقبل بما يقدمونه لنا على أمل القيام والنهوض من جديد في مستقبل قريب أو بعيد

        اننا نعي وندرك ونؤكد أن هذه التسوية ستجعل من شعبنا في الداخل مجرد أقلية في وطنه، سيأمل العدو بطردها في مستقبل قريب أو بعيد.

        كما تعني توقيعا فلسطينيا على مواثيق ومعاهدات ستصبح جزءاً من القانون الدولي مما سيحول بين الاجيال القادمة وبين الجهاد والكفاح لأجل احقاق الحق الفلسطيني وفي نفس الوقت فهي تعني السماح بحالة تطبيع فلسطينية وعربية واسلامية كاملة مع الكيان الصهيوني الذي يسعى لاختراق المنطقة والهيمنة عليها اقتصاديا وأمنيا وسياسيا وثقافيا محققا بذلك المضمون الحقيقي لفكرة اسرائيل الكبرىî.

        في نفس الوقت علينا أن نعي أن هذه التسويات لايمكن أن ترفع معاناة لأن المعاناة لايمكن أن ترفع الا بزوال الاحتلال وبزوال المشروع الصهيوني من فوق أرضنا.

        ان هذه التسوية ستكرس المعاناة عندما تعطي الشرعية لحق الاحتلال في البقاء والاستمرار في حين لا شرعية لهذا الكيان بمجرد القهر والقوة مهما طال الزمن.

        اننا نؤكد رفضنا القاطع والصريح لمشروع الحكم الذاتي لما يحمله من أخطار وآثار، وما يعنيه من تصفية لقضيتنا المقدسة وطمس لهوية شعبنا ونقول لهؤلاء الذين يتساءلون بسوء نية عن البديل، يقولون لنا ما هو بديلكم عن استمرار المفاوضات؟ نقول لهم

        لقد تبوأتم مكانكم الذي أنتم فيه على مدى ربع قرن كامل بحجة أنكم تملكون هذا البديل، وبدون ذلك ما كان لكم أن تتحكموا في مقدرات هذا الشعب وطاقاته ومساره.

        واليوم وبعد أن صادرتم هذه المقدرات والطاقات بل وبددتموها، وبعد ان حرفتم مسار شعبنا ونضاله وزرعتم تلك الثقافة المسمومة عن ضعف شعبنا وامتنا أمام طغيان المعادلة الدولية لتنبتوا اليأس والاحباط. وبعد كل هذا تتساءلون عن البديل.

        تحاصروننا في كل مكان وتمنعونا من الحركة وتكمون افواهنا لتمنعونا من الكلام ثم تتساءلون عن البديل؟

        اننا نعذركم او لنقل اننا نفهمكم وندرك بواعثكم واسباب تباطئكم وتخاذلكم وتراجعكم، وقد صرتم المطبوعين الذين يسيرون الى حتفهم، وصرتم الامراء الذين يهون امام ترفهم ونمط حياتهم مصير الأمة ولم يعد بعد ذلك من سبيل لكم الا الانحناء للقدر الامريكي الذي تتهمون، ولم يعد شعبنا الحي وانتفاضته العملاقة بالنسبة لكم سوى مادة للاعلان والمزايدة نعلم اين كنتم عند انفجار بركان الانتفاضة، ولكن ألم تلحظوا ان جيل الاحتلال الذي تربى في ظل قهره وقمعه هو الذي اجترح هذه الانتفاضة الثورة؟ فماذا هو صانع جيل الانتفاضة المتمرد. فلتعلموا ان الشعب الذي رد على اطروحات الذوبان في الكيان السياسي الصهيوني بالانتفاضة المعجزة قادر على ابداع المزيد في سبيل استمرار المعركة وحتى تحرير كامل الارض. فهذا السيد الامريكي وحليفه الصهيوني ليس قدراً نخشاه ونحن الذين نتلوا قوله تعالى الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل، لم يمسسهم سوء وابتغوا رضوان الله، والله ذو فضل عظيم .

        إن البديل هو الصمود والثبات واستمرار خط الجهاد ، خيار امتنا العقائدي والتاريخي. فهذا ليس صراعا على جغرافيا صغيرة، انه صراع على امتلاك التاريخ وصراع على كل الارض لأن فلسطين هي مركز الصراع الكوني اليوم ولأن التطاحن من حولها سيبقى سمة العصر حتى تسقط اوهامهم، واسماؤهم وأعلامهم، ولأن امتنا تحمل أمانة المواجهة، مواجهة الغرب المستكبر والكيان الصهيوني ومواجهة النظام الدولي الجديد القادم لأجل قهرنا وتركيعنا. ولذا سيبقى جهادنا ومقاومتنا أمل كل الامة وامل البشرية كلها على ظهر الارض في بزوغ فجر نموذج انساني يعدل ولا يقهر، يجدد ولا ينهب، يتعارف ولا يستعمر أو يهيمن.

        ان التغيير قادم باذن الله، فايهما أفضل أن يجدنا في مواقعنا صامدين نساهم في تحديد مصيرنا ومستقبلنا، أم يجدنا اذلاء خانعين نحمل صك التسليم للطغيان الاطلسي العبري.

        لا والله لانهون ولانستسلم، لا والله لانفرط في نعمة الجهاد ولا نعمة الاستشهاد، لا والله لا نفرط بالوطن والهوية ودم الشهداء بحجة زائفة واهية اسمها رفع المعاناة، يعلم المتفاوضون قبل غيرهم وبعد عام من خيبات الامل والاذلال على طاولات التفاوض يعلمون أنها لن ترفع بل ستُكرس.

        ياجماهير شعبنا


        ياطلائع الجهاد الاسلامي اليوم نطوي خمسة اعوام من النضال الصعب والمرير تكرس خلالها خط الجهاد الاسلامي القاطع الواضح الصريح، خط مصباح ومحمد وسامي وأحمد وزهدي وكل الشهداء، خط خالد ونضال.. الى آل اعبارية واخوانهم الابطال، خط خولة بنت الازور وزينب الكبرى الذي تجسده اليوم زهرة الجهاد الاسلامي البطلة عطاف عليان امدها الله واخوانها واخواتها بالقوة والعزيمة. هذا هو خطنا المتجاوز الباقي رغم المؤامرة، مؤامرة اليافطات مدفوعة الثمن التي كانت فاقدة لمبرر الوجود والحياة من اول يوم وقد سقطت ليبقى خطكم كحد السيف قاطعاً كشمس النهار.

        ايها الاسرى البواسل


        في ذكرى الانطلاقة» انطلاقة الانتفاضة التي تواكب ايام جوعكم وجهادكم الصعب، ننحني امام معنى جوعكم وروعة صمودكم وثباتكم. الكلمات اعجز ونحن اخجل واخجل، يا للعار لقد تناولنا طعامنا هذا اليوم ، أما أنتم فجعتم وصمتم فداء العقيدة وفداء الوطن.

        لكم المجد ايها البواسل. وانتم النجوم التي تضيء هذا الليل. اعلموا أن الامة تنظر اليوم اليكم فلا تهنوا ولاتحزنوا وانتم الاعلون ان كنتم مؤمنين.

        المجد لكم

        المجد والخلود للشهداء

        الموت للغزاة، تحيا فلسطين عربية مسلمة

        المصدر : من أرشيف حركة الجهاد الإسلامي ـ بتاريخ 6/10/1992
        اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

        تعليق


        • #19
          الانتفاضة والحكم الذاتي

          التاريخ: 1413-6-17 هـ الموافق: 1992-12-12م


          عندما اندلعت شرارة الانتفاضة ـ الثورة في نهايات عام 1987. لم يكن أحد قد توقعها ، ولم يكن بوسع أحد يومها أن يتصور أننا نشهد حدثاً معجزاً، يوشك أن يقلب سياق التاريخ ويعيد ترتيب الأشياء ويستمر لخمسة أعوام .. ثم يستمر.

          قيادة دولة العدو وبعد أربعين عاماً على تأسيس الكيان الصهيوني وعشرين عاماً على احتلال الضفة والقطاع، ظنت أن قوى المقاومة لدى الشعب الفلسطيني قد حُسمت وحُيدت ، والنظام العربي والدولي ، غارقاً في حرب الخليج الأولى، تصور أن عوامل الثورة والنهوض حُصرت ،وما تبقى من نقاط اشتعالها لن يلبث أن يُطفأُ ، أما قيادة (م/ت/ف) فقد فقدت قدرتها على تحسسن نبض الأمة. وفي مجاهدة يائسة مع المعادلة العربية والدولية لم تبصر قدرات شعبنا على قلب كل المعادلات. جميعهم فوجئوا بالتاريخ يطلع لهم من مدن وقرى ومخيمات شعبنا في فلسطين.. وحدهم المجاهدون والمناضلون الطليعيون كانوا هناك عندما انطلقت الشرارة المقدسة وحدهم . لأن أجسادهم كانت هي الشرارة.

          وهكذا تهدم الانتفاضة مرحلة لتبني على أنقاضها مرحلة جديدة ، تهدم مرحلة الإحباط واليأس والتردد. بسيل الدم المتلاطم على جنبات التاريخ والجغرافيا معاً، وتبني الذات الفلسطينية من جديد، رأس رمح لحركة النهوض العربي والإسلامي كله في صراعها مع هيمنة الغرب وقوى الغزو ، تعيد للشعب روحه المستلبة وتبني مرة أخرى مخزونه الروحي المرتبط بالغيب.

          الشهداء يعودون إلى الشوارع ليقاتلوا العدو ، الشهداء يطلقون رائحة المسك ، ويزورون آباءهم وأمهاتهم وأصدقاءهم في الرؤى قبل استشهادهم وبعده ، الأمة تعيد تماسكها وتطلق قوى استقلالها على كل المستويات ، وتؤكد على هويتها بصيحات الله أكبر بالمساجد الثائرة.

          ورغم قصور قامة الفعل السياسي و الفلسطيني الرسمي عن قامة الانتفاضة الشاهقة ، ورغم الحصار ومؤامرات الصمت والتجاهل. فإن الحدث المعجزة لازال مستمراً . فقد اصبح نمط الحياة اليومية.

          لقد انطلقت الانتفاضة الثورة قبل أكثر من خمس سنوات عبر عجزين ، عبر العجز الإسرائيلي والعجز العربي معاً. العجز الإسرائيلي عن إفناء الشعب الفلسطيني أو نفيه أو استيعابه وصهينته وتذويبه وطمس هويته .. والعجز العربي عن تحرير فلسطين من ناحية كما العجز عن تطويع الشعب الفلسطيني.

          لقد قام الفكر الصهيوني (اللاهوتي التلمودي) على أساس من إنكار وجود الشعب الفلسطيني وكانت رئيسة وزراء العدو الصهيوني السابقة (جولدا مائير) تقول : (لا أعرف شعباً اسمه الشعب الفلسطيني) وكانت تعتبر كل طفل فلسطيني يولد في فلسطين بمثابة خنجر في صدرها.

          كما كانت الحركة الصهيونية منذ تبلورها تتعامى وتتغافل عن وجود الشعب الفلسطيني متبعة تكتيك النعامة المشهور الذي يظن أن عدم رؤية المشكلة أو التغافل عنها يعني زوال هذه المشكلة أو حلها، ولكن بعد قرابة قرن على نشأة الحركة الصهيونية وأقل من نصف قرن على قيام الكيان الصهيوني.. تتكشف شيئاً فشيئاً نقطة الضعف في هذا المشروع الصهيوني. ويتأكد كم كانت النعامة مخطئة بل وبلهاء أيضاً وأن ساعة الحقيقة قد دقت وإنها اليوم أقوى وأوضح من أي وقت مضى، وإنها المواجهة لا مفر ، إنه مأزق حضاري وتاريخي وسياسي كبير هذا الذي يعيشه الكيان الصهيوني فقد أكدت الانتفاضة إن هذا الشعب حي وحر وسيد ولا يمكن تجاهله أو نفيه أو تجاوزه ، كما قطعت نهائيا مع العدو الصهيوني وأنهيت إمكانية التعايش معه بأي حال.

          وهكذا فنحن من جديد أمام ثورة حقيقية. وصفها وزير دفاع العدو آنذاك اسحق رابين وضمن سياق تصريحاته المرتبكة والمتناقضة بأنها (حرب أهلية) فرد عليه أحد العسكريين الصهاينة "لا . إنها حرب عصابات من نمط جدي" وصفها المعلق العسكري الصهيوني يورام بيري : بأنها حرب ثورية على غرار الحرب الفيتنامية والجزائرية وسماها بالحرب السابعة قائلا:"إن صعوبة تصنيف هذه الحرب وفهمها ليس أمراً عفوياً ، فهذه حرب تختلف عن كل الحروب الست السابقة ، إنها حرب من نوع جديد ، لم يعرفها الجيش "الإسرائيلي" من ذي قبل".

          وسماها زئيف شيف بأنها حرب استنزاف من نوع آخر ، لم نتعوده من قبل خلال جميع حروبنا .. إنها حرب تنطوي على قدر كبير من التدمير ، ووصف شيف الانتفاضة إنها كانت مفاجئة أكثر من حرب تشرين 1963م قائلاً: "إن المفاجأة الأخيرة (الانتفاضة) كانت مذهلة أكثر فلم تنجح "إسرائيل" في العام 1973 في فهم ما كان يجري في القاهرة ودمشق وسنة 1987 لم تنجح "إسرائيل" في ملاحظة ما يحدث في بيتها. في حجرة نومها".

          لقد جاءت الانتفاضة عبر (الأسباب الأربعة):

          1 – الاحتلال

          2- رد على الواقع العربي

          3- تراكم نضالي

          4 – العنصر الإسلامي العنصر الجديد في المعادلة.

          (المنجزات)

          إن استمرار الانتفاضة لخمسة أعوام كاملة في مواجهة دولة حديثة وعصرية وجيش حديث وقوي وجهاز أمن هو الأخطر في العالم، يبقى استمرارها ضربا من ضروب المعجزة، خاصة إذا ما لاحظنا الحصار الدولي والعربي من حولها ، فهذا الاستمرار والانتشار يشير إلى حيرة العدو وارتباكه ،وهذا ما لم يحدث من قبل، كما يشير إلى قوة الإرادة الشعبية وقوة المخزون الروحي والإيماني الذي يطلق كل هذا الفعل ويحافظ على استمراريته وصموده. أخيراً اكتشف الشعب الفلسطيني المجاهد موطن القوة فيه ، في نفس الوقت الذي اكتشف موطن الضعف في العدو فضرب نقطة ضعف العدو بسهم قوته "وقتل داوود جالوت.." في نفس الوقت أعادت الانتفاضة الثورة) بناء قيم النهضة الروحية بين جماهير شعبنا وقضت على السلبية واليأس والتعدد، مطلقة قوى هائلة في عمق الجماهير، وبرز الاستشهاد كقيمة عظيمة فارشاً ظلاله الإسلامية العميقة على حياة الناس، واستعدادهم للمزيد من الاستشهاد الذي أصبح عادة يذهبون إليها كما يذهبون إلى أعمالهم ومدارسهم.

          وعلى المستوى الأخلاقي هزم الشعب هجمة العدو اللاأخلاقية، واندحرت هجمة العدو لإغراق المجتمع الفلسطيني بالفساد والمخدرات ، وأصبحت المرأة جزءاً لا يتجزأ من نضالات الشعب وتضحياته، تقاتل في الشوارع وتعيد بناء دورها في المنزل كإدارية ومنتجة ومدبرة، بل وتستشهد وتطارد لأسابيع ، وشهور ، تعتقل وتعذب ويُفرج عنها لتعاود العمل والنضال من جديد ، أما العمال الذين حاول العدو خلال عشرين عاماً أن يربطهم بعجلة اقتصاده ودفعهم لنمط حياة استهلاكي . فقد أصبحوا أداة الانتفاضة الضاربة في شوارع الوطن ، وفي ضرب اقتصاد العدو بعد أن تخلصوا كغيرهم من نوازع الاستهلاك التي زرعها العدو في المجتمع.

          كما صار الطلاب جذوة الانتفاضة وشعلتها على نفس الدرب وقاوموا بإبداع كل محاولات التجهيل وإغلاق المدارس والجامعات وفي إطار استنهاض الجماعة والمجتمع عاد للمسجد دوره التاريخي في حياة الناس كمركز للتجمع والتعليم والمشاورة والتعبئة، وتخلى الناس تدريجياً عن اللجوء إلى مؤسسات الحكم والسلطة التي يهمن عليها العدو وعادوا في مشاكلهم إلى العلماء والقيادات الإسلامية والوطنية والشخصيات الجهرية المخلصة. كما خاض شعبنا معركة ذات أبعاد نهضوية كبرى في مجال التعليم والاقتصاد والزراعة والصناعة.

          في نفس الوقت جسدت الانتفاضة (الثورة) وحدة الشعب بكافة فئاته وطبقاته وقواه . كما كسرت في مرات عديدة ما سمي بالخط الأخضر أي الحد الفاصل بين شعبنا في الأراضي المحتلة منذ 1948.

          هذه هي العناوين الهامة التي أبرزتها الانتفاضة. ولكن الأهم من وجهة نظرنا أن الانتفاضة كانت تفجيراً لنقطة المركز في مشروع النهوض العربي الإسلامي المعاصر. لقد بدت بالنسبة لنا إيذانا بافتتاح مرحلة جديدة. بدت انطلاقة لمشروع استراتيجي للنهضة والتحرير لماذا تعثر هذا الأمل حتى هذه اللحظة. رغم إصرارنا أن نستمر فيه مهما كانت التحديات والصعوبات؟

          رغم أن الانتفاضة جاءت و(م.ت.ف) والمشروع الوطني الفلسطيني في وضع لا يُحسد عليه. فقد شكلت الانتفاضة مخرجاً حيوياً للمنظمة والمشروع الوطني ككل. وقد عادت فلسطين إلى قلب الاهتمامات العربية والإسلامية واستُحضر الاهتمام الدولي والإقليمي على أكثر من صعيد.

          ولكن الانتفاضة التي لم تنطلق من الصفر بالتأكيد فاجأت قيادة المنظمة بلا شك. فمنذ منتصف السبعينات كان هاجس الثورة الشعبية ودور الجماهير وفي الداخل تحديداً يتلاشى في ذهنية قيادة المنظمة.

          ولذا لم تتصور تلك القيادة عندما أقامت الانتفاضة طريقاً آخر غير الذي كانت تسير فيه منذ سنوات ـ طريق التسوية ـ فقد قطعت شوطاً كبيراً منذ برنامج النقاط العشرة نحو القبول بمبدأ العمل على أساس ما توفره شروط الواقع الدولي والإقليمي كانت الانتفاضة حدثا مبدعا ومعجزا ولكن العقل الفلسطيني الرسمي لم يكن قادراً على الإبداع أو على فهم المعجزة، لقد أصبح منذ فترة أسيراً للمعادلة الدولية والإقليمية ، فليطرح الانتفاضة إذا في سوق النخاسة الدولي ـ سوق التسوية ـ وعلى أساس تحسين الموقف الفلسطيني التفاوضي مع العدو. وهكذا ـ ويا للهول ـ فقد تم إغلاق الأبواب رسمياً أمام أي مسار آخر ، وبدلاً من التعامل وفهم الانتفاضة، كمشروع استراتيجي للنهضة والتحرير، وكمحاولة قوية وجادة لاستنهاض الأمة وتجديد الروح لحركات النهوض العربي والإسلامي كمدخل حقيقي وجاد لتغيير موازين القوى الظالمة ، بدلاً من ذلك جربوا بيعها في سوق النخاسة الأمريكي وتعاملوا معها كمشروع للاستثمار العاجل والسريع بل كغطاء للدخول إلى التسوية. ليجدوا أنفسهم في النهاية أمام مشروع شامير للحكم الذاتي.

          تلك النظرة الضيقة القاصرة المستعجلة للانتفاضة دفعتهم في قيادة المنظمة أن يرسلوا أموالهم عبر رجالهم وكوادرهم وأزالامهم ليتسلموا الانتفاضة من الجماهير معينها ومنبعها الفذ. لتتحول شيئاً فشيئاً وكأنها انتفاضة الفصائل وانتفاضة مجموعات معينة أساء بعضها إلى الجماهير نفسها، وسادت أحيانا حالة من التصادم بين ميليشيات جديدة وبين الناس، وهيمن منطق الحرب الأهلية اللبنانية في إنشاء الزواريب والبؤر التابعة لهذا الفصيل أو ذاك. وتُركت الجماهير بلا مُعين تلعق جراحها وهي ترى أغنياء يزدادوا غنى في الداخل ولهاثا محموماً من الخارج على خط التسوية التي لم تعد إلا سرابا.

          كانت الولايات المتحدة تخرج من حرب الخليج وترى نفسها على قمة الدنيا منفردة ، فقد انهار التوازن الدولي الموروث عن الحرب العالمية الثانية، وانتهت الحرب الباردة لصالح الغرب الرأسمالي وأدت حرب الخليج نفسها إلى انهيار عربي بالغ في مقابل تفوق إسرائيلي وهجرة يهودية واسعة. أرادت الولايات المتحدة أن تفرض سلامها الذي يكفل استمرار الهيمنة والتفرد ويكفل حماية الكيان الصهيوني وحماية الأنظمة التابعة، ويضرب أي نوازع للمعارضة الإقليمية أو النهوض العربي والإسلامي. أصبح الأمريكيون يدركون ويخشون إن استمرار الاحتلال الإسرائيلي يحمل في طياته بذور عدم الاستقرار يهدد المصالح الأمريكية والإسرائيلية بعيدة المدى فالوضع الراهن يُولد وضعاً متقلقلاً قادراً على الانفجار على شكل عنف واسع متبادل في أي وقت، إن مخاطر استمرار تسابق التسلح واحتمالات تصاعد الانتفاضة ، والخوف من تعزيز دور قوى النهوض العربي والإسلامي جعل أمريكا تفكر أنه لابد من التوجه نحو التسوية وهكذا تم الدخول إلى مسار مدريد، وعلى أساس من رفض مشاركة م.ت.ف ومن دون الخارج الفلسطيني ومن دون طرح موضوع القدس وعلى أساس أن تكون المفاوضات ثنائية بين كل طرف عربي والطرف الإسرائيلي ، وبدون وسطاء وعلى أساس من ورقة العمل الأمريكية التي تعطي الحق لكل طرف أن يفسر قرار 242 كما يشاء أما الطرف الفلسطيني فمفروض عليه حتى ألا يقترب من 242. كل هذا في غياب الأمم المتحدة وقراراتها الدولية!

          وبحيث لا تؤدي هذه المفاوضات إلى قيام دولة فلسطينية على أي جزء من فلسطين مهما صغر!!

          وهكذا تم اختصار واختزال الانتفاضة العملاقة إلى حكم ذاتي مسخ يقول:

          1- لا دولة فلسطينية أو سيادة فلسطينية على أي جزء من فلسطين.

          2- لا لفلسطينيي الخارج.

          3- لا لفلسطينيي الأرض المحتلة منذ العام 1948.

          4- لا للأرض.

          5- لا للمياه.

          6- لا للقدس ولا لفلسطينيي القدس.

          7- لا لانسحاب الجيش الإسرائيلي.

          8- لا لوقف ومنع الاستيطان.

          فماذا تبقى إذن غير أن يتحول شعبنا في الداخل إلى مجرد أقلية عرقية في وطنه سيأمل العدو بطردها في مستقبل قريب أم بعيد ، سيقولون.. إن هذا مجرد مرحلة انتقالية لن تستمر إلا لسنوات قليلة وقليلة جداً يليها الاستقلال والحرية. نقول لهم إن كان صعباً عليكم اليوم وبيدكم الانتفاضة والصراع العربي ـ الصهيوني المفتوح الذي لم يغلق بعد؛ صعب عليكم الضغط على العدو للقبول بالحقوق والطلبات الفلسطينية الدولية. فمن الأجدر أن يكون الضغط على الدولة اليهودية أكثر صعوبة واستحالة بعد ثلاث أو خمس سنوات من البدء بالفترة الانتقالية. ستكون الدولة اليهودية قد حققت كل أو معظم أهدافها الأمنية والسياسية والاقتصادية وبالتالي ليس لديها أي دافع للانسحاب من ضفة أو قطاع. بل إن مسألة عدم شرعية الاحتلال ستكون موضع تساؤل نتيجة توقيع طرف فلسطيني على اتفاقية الفترة الانتقالية.

          إن توقيعا كهذا على معاهدات ومواثيق سيصبح جزءاً من القانون الدولي مما سيحول بين الأجيال القادمة وبين الجهاد والكفاح لأجل إحقاق الحق الفلسطيني وفي نفس الوقت فهي تعني السماح بحالة تطبيع فلسطينية وعربية وإسلامية كاملة مع الكيان الصهيوني الذي يسعى لاختراق المنطقة والهيمنة عليها اقتصادياً وأمنياً وسياسياً وثقافياً محققاً بذلك المضمون الحقيقي لفكرة "إسرائيل الكبرى".

          في نفس الوقت علينا أن نعي أن هذه التسويات لا يمكن أن ترفع معاناة ، لأن المعاناة لا يمكن أن ترفع إلا بزوال الاحتلال وبزوال المشروع الصهيوني من فوق أرضنا.

          إن هذه التسوية ستكرس المعاناة عندما تعطي الشرعية لحق الاحتلال في البقاء والاستمرار في حين لا شرعية لهذا الكيان بمجرد القهر والقوة مهما طال الزمن.

          إننا نؤكد رفضنا القاطع والصريح لمشروع الحكم الذاتي لما يحمله من أخطار وآثام. وما يعنيه من تصفية لقضيتنا المقدسة وطمس لهوية شعبنا.

          سيقولون لنا بسوء نية ما هو بديلكم. نقول بسوء نية لأننا نعرف أنهم لا يبحثون وغير جادين في البحث عن بديل . ولكن نقول لهم لقد تبوأتم مكانكم الذي أنتم فيه على مدى ربع قرن كامل بحجة أنكم تملكون البديل. وبدون ذلك ما كان لكم أن تتحكموا في مقدرات هذا الشعب وطاقاته ومساره.

          واليوم وبعد أن صادرتم هذه المقدرات والطاقات بل وبددتموها وبعد أن حرفتم مسار شعبنا ونضاله وزرعتم تلك الثقافة المسمومة عن ضعف شعبنا وامتنا أمام طغيان المعادلة الدولية لتتبنوا اليأس والإحباط. وبعد كل هذا تتساءلون عن البديل تحاصروننا في كل مكان وتمنعوننا من الحركة وتكتمون أفواهنا لتمنعونا عن الكلام ثم تتساءلون عن البديل؟ إننا ندرك بواعثكم وأسباب تباطئكم وتخاذلكم وتراجعكم، وقد صرتم المطبوعين الذي يسيرون إلى حتفهم، وصرتم الأمراء الذين يهون أمام ترفهم ونمط حياتهم الأمراء، ولم يعد بعد ذلك من سبيل أمامكم إلا الانحناء للقدر الأمريكي الذي تتوهمون. ولم يعد شعبنا الحي وانتفاضته العملاقة بالنسبة لكم سوى مادة للإعلان والمزايدة. نعلم أين كنتم عند انفجار بركان الانتفاضة وكيف فوجئتم بها. ولكن ألم تلحظوا أن جيل الاحتلال الذي تربى في ظل قهر الاحتلال وقمعه ـ جيل منتصف العمرـ هو الذي اجترح هذه الانتفاضة "الثورة"؟ فماذا هو صانع جيل الانتفاضة المتمرد؟ فلتعلموا أن الشعب الذي رد على أطروحات الذوبان في الكيان السياسي الصهيوني بالانتفاضة المعجزة قادر على ابداء المزيد في سبيل استمرار المعركة وحتى تحرير كامل الأرض، فهذا السيد الأمريكي وحليفه الصهيوني ليس قدراً نخشاه ونحن الذين نتلوا (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادوهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء وابتغوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم).

          إن البديل هو الصمود والثبات واستمرار خط النضال والجهاد. خيار أمتنا العقائدي والتاريخي ، فهذا ليس صراعاً على جغرافيا صغيرة ، إنه صراع على امتلاك التاريخ وصراع على كل الأرض لأن فلسطين هي مركز الصراع الكوني اليوم ، ولأن التضامن من حولها سيبقى سمة العصر حتى تسقط أوهامهم وأسماؤهم وأعلامهم، ولأن أمتنا تحمل أمانة المواجهة، مواجهة الغرب المستكبر والكيان الصهيوني ومواجهة النظام الدولي الجديد القادم لأجل قهرنا وتركيعنا.

          إن التغيير قادم بإذن الله فأيهما أفضل أن يجدنا في مواقعنا صامدين نساهم في تحديد مصيرنا ومستقبلنا، أم يجدنا أذلاء (نحمل صك التسليم للحلف الأطلسي ـ العبري).

          المصدر : كلمة الدكتور فتحي الشقاقي في اليوم الأول للأسبوع الثقافي الذي نظمته اللجنة الثقافية في حركة الجهاد والجبهة الشعبية القيادة العامة بمناسبة الذكرى الخامسة للانتفاضة بتاريخ 12/12/1992
          اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

          تعليق


          • #20
            كلمة في مؤتمر دعم الانتفاضة

            التاريخ: 1413-6-19 هـ الموافق: 1992-12-14م الساعة: 00:00:00

            السادة العلماء، الاخوة المجاهدون قادة الاحزاب والمنظمات، الاخوة الضيوف.


            عندما ينهار كل شيء.. معادلات دولية، امبراطوريات، منظومات ايديولوجية وسياسية كبرى، عندما نحاصر انفسنا ويحرم علينا ان نطعم جياعنا الا باذن وامر السيد الامريكي، عندما تصبح المطالبة بالحق تطرفاً، ليس في نظر مغتصب الحق فقط ولكن في نظرك انت ايضاً وفي نظر العشيرة. أتأمل وأقول بعد كل هذا ما نفع الكلام وما جدواه؟ الكل يمكن ان يتكلم ... ما اطوعها هذه اللغة... انها جاهزة ومعروضة في كل مكان.. استهلكها الجميع، الحكام والعسكر ومثقفو البلاط والشعراء وساسة صغار، لا اريد تحقير اللغة والكلام.. ومعجزتنا في البدء كلامية ولكن لكثرة استهلاك الكلام بات علينا ان نبحث عن لغة منتجة، تصنع الفعل والثورة، لغة معجونة بالعرق والدم... أما أن تكون هذه هي لغتنا أو فلنصمت... نعم إن علينا أن نتكلم، أن نصرخ في وجه الانهيارات ولتكن كلمتنا ملحمة حداد وإلا وارتها الانهيارات.. ومن هنا أتساءل وأطلب هل يمكن ان نحول وجودنا هنا الى مسألة واجب ديني وطني سياسي بدلاً من أن يكون مجرد احتفال، هل يمكن ان نكون فعلنا ذلك صدقاً وحقاً فنخطو خطوة جادة في الاتجاه الصحيح الفاعل والمؤثر واقول إن هذا يحتاج الى تحرير الارادة مما ران عليها وتراكم من عجز وعبث واستهلاك وثقافة مسمومة تكسر الارواح وتفتتها لتصبح واقعية لترى استحالة الثورة واستحالة الجهاد طالما أنها أسيرة لحظة ضيقة محاصرة لا تنفذ الى حجم ومدى المستقبل.

            ان علينا ان ننفذ الى الارادة المسلوبة فنحررها. وسترون بعدها كيف يهزم الدم كل سيف. ان سر الانتفاضة التي نحتفل اليوم بانطلاقها نحو عامها السادس يكمن في كلمتين الارادة والشهادة لاغير.

            وعلى المستوى الحسي سأقدم لكم مثلاً... إن أهم عمل ضد العدو الصهيوني على مدى السنوات الخمس والذي قتل فيه مرة واحدة صهيونياً وجرح تم على يد مجاهد لم يحمل بندقية ولم يحمل سكيناً، بل لم يحمل حجراً. بل حمل عبد الهادي غنيم إرادة حرة فقط فهوى بالحافلة الصهيونية الى قاع الوادي.

            وفجر الجمعة الماضي مقاتل مجاهد واحد فرد، جيش العدو الصهيوني تسع ساعات كاملة حسب اعتراف العدو. قتل منهم واصاب... كيف استمر في اتون المعركة تسع ساعات وهو محاصر بالمدرعات والطائرات وتقصفه الصواريخ... لقد تحررت ارادة عصام براهمة من الخوف والعجز والعبث وأوهام الواقعية فأذلهم. وعندما غرقنا في الواقعية المزعومة جلسنا امامهم في واشنطن كالتلاميذ الذين ينتظرون العقاب. هؤلاء الابطال أعطو الانتفاضة معنى المعجزة في حين اختزلها الساسة الصغار إلى حكم اداري مسخ، ولكنها كما شاهدتموها بالامس وامس الاول وكل يوم تستعصي على الذبح والاختزال وتمضي وهي المعذبة المغدورة ، تمضي فتية حية لم تعرف التعب كأنهم لم يعتقلوها آلاف المرات في صحراء النقب، كأنها لم تشهد حفلات التضليل والتمويه في المجالس والمؤتمرات، كأنهم لم يجرجروها الى سوق النخاسة في مدريد وواشنطن لتباع بأبخس الاثمان، ان استمرار الانتفاضة» الثورة لخمسة اعوام كاملة في مواجهة دولة حديثة وعصرية وجيش حديث وقوي وجهاز امن من الاخطر في العالم، يبقى استمرار الانتفاضة ضرباً من ضروب المعجزة خاصة إذا ما لاحظنا هذا الحصار العربي والدولي. لقد بدت الانتفاضة إيذاناً بافتتاح مرحلة جديدة، بدت انطلاقة لمشروع استراتيجي للنهضة والتحرر. فلماذا يريدون لنا الاستسلام وهم يختزلونها في مشروع قميء يقول

            1ـ لادولة فلسطينية او سيادة فلسطينية فوق اي شبر من فلسطين

            2ـ لا لحق تقرير المصير

            3ـ لا لعودة اي فلسطيني

            4ـ لا لفلسطينيي الخارج

            5ـ لا لفلسطينيي الاراضي المحتلة منذ العام

            6ـ لا للقدس ولا لفلسطينيي القدس

            7ـ لا للارض

            8ـ لا للمياه

            9ـ لا لانسحاب الجيش الاسرائيلي

            10 ـ لا لوقف بناء المستوطنات

            سيقولون لنا إن هذه مجرد مرحلة انتقالية وإن السيادة سوف تلي نقول لهم ان هذه ليست مرحلة إنها الواقع الحالي نفسه وإن المقصود فقط هو وقف الانتفاضة والاعتراف بشرعية الاحتلال كما نقول لهم إن كان صعباً عليكم اليوم وبيدكم الانتفاضة والصراع العربي» الصهيوني المفتوح الذي لم يغلق بعد.

            إن كان صعباً عليكم الضغط على العدو للاقرار بالحقوق الفلسطينية فمن الاجدر ان يكون الضغط على الدولة اليهودية اكثر صعوبة واستحالة بعد ثلاث او خمس سنوات من بدء المرحلة الانتقالية. حيث ستكون الدولة اليهودية قد حققت كل او معظم اهدافها الامنية والسياسية والاقتصادية وبالتالي ليس لديها اي دافع للانسحاب من ضفة او قطاع. بل ان مسألة عدم شرعية الاحتلال ستكون موضع تساؤل نتيجة توقيع طرف فلسطيني على اتفاقية الفترة الانتقالية ان توقيعاً كهذا على معاهدات ومواثيق يجعلها جزءاً من القانون الدولي سيحول بين الاجيال القادمة وبين الجهاد والكفاح لاجل احقاق الحق الفلسطيني.

            وفي نفس الوقت تعني السماح بحالة تطبيع فلسطينية وعربية واسلامية كاملة مع العدو الصهيوني، الذي يسعى لاختراق المنطقة والهيمنة عليها اقتصادياً وأمنياً وسياسياً وثقافياً محققاً بذلك المضمون الحقيقي لفكرة اسرائيل الكبرىî.

            ان التسوية المطروحة لن ترفع المعاناة التي لاتُرفع الا بزوال الاحتلال بل ستكرسها عندما تعطي الشرعية لحق الاحتلال في البقاء والاستمرار في حين لاشرعية لهذا الكيان بمجرد القهر والقوة مهما طال الزمن، اننا نؤكد رفضنا القاطع والصريح لمشروع الحكم الذاتي وكل مشاريع التصفية ونقول للجميع ان بديلنا هو الصمود والثبات واستمرار خط النضال والجهاد، ان بديلنا ان نحفظ الانتفاضة ونحميها ونصعدها كمشروع استراتيجي للنهضة والتحرير دون ان نخشى في الله لومة لائم.

            سيقولون لنا بسوء نية ما هو بديلكم. نقول بسوء نية لاننا نعرف انهم لايبحثون وغير جادين في البحث عن بديل. نقول لهم لقد تبوأتم مكانكم الذي انتم فيه على مدى ربع قرن كامل بحجة انكم تملكون البديل. وبدون ذلك ما كان لكم ان تتحكموا في مقدرات هذا الشعب وطاقاته ومساره.

            ان الجيل الذي تربى في ظل قهر الاحتلال وقمعه هو الذي اجترح هذه الانتفاضة» الثورة. فماذا هو صانع جيل الانتفاضة المتمرد الذي يكبر منذ خمسة اعوام على وهج النار والتحدي؟

            ايها الاخوة ان خيار امتنا العقائدي والتاريخي ان يستمر خط الجهاد. فهذا ليس صراعاً على جغرافيا صغيرة، انه صراع على امتلاك التاريخ وصراع على كل الارض لان فلسطين هي مركز الصراع الكوني اليوم ولان التضامن من حولها سيبقى سمة العصر حتى تسقط اوهامهم واسماؤهم واعلامهم ولأن امتنا تحمل أمانة المواجهة، مواجهة الغرب المستكبر والكيان الصهيوني ومواجهة النظام الدولي الذي يتحرك لاجل قهرنا وتركيعنا.

            ان التغيير قادم باذن الله فهو سنة الله وسنة التاريخ والحياة، فأيهما افضل ان يأتي التغيير ليجدنا في مواقعنا صامدين نساهم في تحديد مصيرنا ومستقبلنا، أم يجدنا اذلاء نحمل صك الاستسلام للحلف الاطلسي العبري؟.

            في نهاية كلمتي أحيي الشهداء الذين يجعلون لكلماتنا معنى، أحيي الشهيد السعيد السيد عباس الموسوي وكافة شهداء الانتفاضة وشهداء امتنا وليس سوى مقترح واحد

            ألا يصدر بيانً عن هذا المؤتمر الموقر حتى يبقى الجرح مفتوحاً فنتألم وربما نعيش القضية بدلاً من أن نتفرج.

            والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


            المصدر : القيت في المؤتمر العالمي الرابع لدعم الانتفاضة الإسلامية في فلسطين بيروت 14/12/1992
            اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

            تعليق


            • #21
              كلمة إلى الانتفاضة

              التاريخ: 1413-6-5 هـ الموافق: 1993-00-00م الساعة: 00:00:00

              أيها المجاهدون فوق أرض الرباط

              يا أبناء الجامعة الإسلامية


              فيما الطغيان الدولي والاقليمي يحاصركم، ويسعى لتصفية قضيتكم وطمس هويتكم،تستمرون في أحياء المعجزة فتمضي انتفاضتكم باسم الله وعلى دربه، بارادتكم وهمة سواعدكم تمضي هذه المعذبة ـ الوحيدة ـ الثاكل رغم القهر والخذلان ووسط الحصار ووسط الظلمة لتنير ليل الأمة الطويل.

              توازن القوى الظالم والبشع يحاول أن يسرق منا الوطن، أن يلغي الأسماء المقدسة، والمهزومون يتحججون بالبرد وحر الصيف وهيمنة الكبار، فيما مصيرهم ومصيرنا جميعا مهدد بالفناء إذا انهزمت أرواحنا ووقعنا على صكوك الإذلال.

              ليملأوا الأرض خيلا وجنودا ورصاصا ليكبلوا الأيادي والأقدام ولكن لن يكسروا أرواحنا التي ستبقى حية وثابة مقاومة حتى تتغير هذه الموازين بإذن الله.

              أيها المجاهدون … يا طلاب الجامعة الإسلامية البواسل.

              وأنتم تذهبون إلى صناديق الانتخابات.. ليكن الله ـ أكبر وأعلى ـ أمامكم لتكن فلسطين من نهرها لبحرها عنوانكم .. ليكن دم الشهداء مسؤوليتكم.. ليكن صوت الإسلام المجاهد صوتكم، ليكن الجهاد هو الخط والدرب حتى لا تضيع بنا السبل.

              «والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين».

              أخوكم : فتحي الشقاقي


              المصدر : من أرشيف حركة الجهاد الإسلامي ـ ألقيت مسجلة عام 1993 غير محدد تاريخ اليوم أو الشهر
              اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

              تعليق


              • #22
                كلمة في الذكرى الأولى لاستشهاد السيد / عباس الموسوي

                التاريخ: 1413-8-22 هـ الموافق: 1993-02-14م الساعة: 00:00:00


                الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه.

                السادة العلماء… الإخوة المجاهدون قادة الأحزاب والمنظمات.. الإخوة الضيوف.

                بعد عام على ارتحاله واستشهاده نلتقي اليوم لإحياء ذكرى السيد عباس الموسوي.

                ما أكبر هذا الاسم.. ما أكبر هذا العنوان في زمن ضيق نصعد إليه بحرج النفوس ، عنوان تزدحم تحته عناوين العصر الكبرى كأنها تخصه ، كأنها اتسقت وانسجمت وتطابقت معه.

                _ فلسطين .. فلسطين الانتفاضة والجهاد المستمر.

                ـ لبنان .. لبنان الجنوب المقاوم والمحرر من متعددة الجنسيات وفلول الجيش الصهيوني.

                ـ الثورة الإسلامية.. من طهران إلى الجزائر وكل عواصم الاشتعال اليومي

                ـ الخمينية .. وكان من أبرز تلامذة النهج الخميني.


                قبل عام سقط هذا الاسم العظيم من جدول حياتنا، سقط البطل الاستثنائي في الزمن الاستثنائي، كان طابورا من زعماء وحكام وقادة يوغل غرباً، يتلمس حماية ورعاية وحنان الشيطان الأمريكي الذين اكتشفوا ألا ملجأ منه إلا إليه ، وكان عباس الموسوي يوغل جنوباً ،وكان دوماً يقف على خط النار بجبهته السمراء الشامخة وقبضته الخمينية، وصوته الهادئ الوديع الذي يخبئ حزن الأمة وغضبها وعنفوانها، كان الجميع ينحني أمام القدر الأمريكي وكان عباس الموسوي، بقية أهل البيت ، على عهد أهل البيت يمضي ، يصرخ في سواد الليل العربي: الموت للشيطان الأكبر ، الموت لإسرائيل، أمريكا ليست قدراً ولن نركع ولن نذل، هذا هو سيد شهداء المقاومة، دلوني على لبناني واحد يزاحمه الشرف، شرف الدفاع عن فلسطين في السنوات العشر الأخيرة، دلوني على فلسطيني واحد يزاحمه الشرف، شرف الدفاع عن فلسطين والتصدي للاحتلال الصهيوني في السنوات العشر الاخيرة ولذا اسميه الفلسطيني الاول ، دلوني على عربي يزاحمه الكبرياء والعنفوان، إنني أشهد امام الله وأمام التاريخ وأمام الأمة انه يوم رحيله كان اللبناني الأول والفلسطيني الأول والعربي الأول.. يصعد من بين الانقاض ورغم كل السنوات العجاف يحمل سيف علي ليشق لأمته الفجر، بالقرآن وبالسيف عاش وفي كمين جوي دولي ارتقى إلى العلى.

                ما قابلته يوماً إلا ورأيته يحمل هم فلسطين وهم الانتفاضة وهم الأطفال الفقراء ، وهم الوحدة والجهاد والعمل تستغرقه أدق التفاصيل في فلسطين كأنه ذاهب إليها، وهو الراحل دوما إلى الجنوب رغم كل التحذيرات.

                عندما اجتمعنا.. فصائل المقاومة الفلسطينية العشرة قبل أكثر من عام على هامش مؤتمر طهران.. خجلنا أن نجتمع كفلسطينيين دون أن يكون عباس الموسوي أول الحاضرين وهو الفدائي الاستثنائي في هذا الزمن الصعب، افتتح يومها حديثنا لأنه نفسه كان مفتتح النار وكان بإجماعنا رئيس لجنة الصياغة لأنه يكتب عن فلسطين بالرصاص والدم.

                وفي الحقيقة لم يكن همه لبنانياً أو فلسطينياً فقط، كان العالم قريته، وكل الوطن الإسلامي مجاله الحيوي ، ذهب حتى كشمير وقال لي معاتباً: لماذا لم تذهب معنا؟ ولم أر مثله اهتماماً بما يدور في الجزائر أو تونس أو السودان أو مصر أو الاردن أو أي مكان في هذا الوطن يسمع فيه عن اضطهاد مسلم او نهوض مسلم .

                قبل عام ووسط ذهولنا، رحل هذا القائد الأممي الفذ ليؤكد لنا بمقتله واستشهاده إن جوهر ما يسمى بالنظام الدولي هو الإرهاب القائم على أوهام القوة والهيمنة والغطرسة، ولذا فهذا النظام ممثل باركانه وذيوله جاهز لإرهاب واغتيال القوى الية التي تتصدى لجبروته وطغيانه. ليؤكد لنا بمقتله واستشهاده على عجز الأنظمة التي وضعت رأسها في الرمال وقفز بعضها في حينه حتى على خبر استشهاد السيد البطل كي لا يفسدوا على انفسهم المشاركة في صخب الزار الأمريكي ظانين أن الأمة لا تلحظ أنهم من خادم الحرمين في مكة والمدينة إلى المسمى إمام لجنة القدس وأمير المؤمنين في المغرب، يصطفون في طابو بيع القدس ووحده عباس الموسوي كان يسقط دفاعاً عنها.

                مضى الموسوي ليؤكد لنا بمقتله أو استشهاده أن وعود السلام الأمريكي ليست سوى أوهام وسراب وأن هذا العدو لا يريد سوى أن يفرض كامل إرادته وهيمنته ويحولنا إلى طوابير من العبيد والرق.

                أما الدرس الأهم الذي يؤكده استشهاد السيد فهو أن هذه الأمة حية لا تموت ولا تركع وأن هذا الجزء من الأمة التي شاء الله أن يكون على تماس مباشر مع العدو سيبقى الاكثر حيوية يزخر بالمضاء وبمعاني الفداء، إن الذين هيمنوا وسيطروا على أغلب حكام وأنظمة المنطقة لن يسيطروا على الشعوب ولا على ثلة من المجاهدين والذين اقتحموا الحصون المنيعة بصواريخهم وتقنيتهم لن يستطيعوا اقتحام قرية صغيرة في الجنوب الباسل قررت أن تقاتل.

                عام مضى على ارتحال سيد شهداء المقاومة، استمر العدو في غطرسته واستمر شعبنا في جهاده ومقاومته، استمر أصحاب الأوهام والمهزومون والمتخاذلون في مراهنتهم على الشيطان، في حين يؤكد شعبنا على بسالة منقطعة النظير وحيوية معجزة، ولا يمر يوم دون أن يروي الدم المقدس شجرة الانتفاضة العملاقة والتي يسعى أسرى مدريد ـ واشنطن إلى Bن يختزلوها في مشروع قميء يحرم شعبنا من حقه في وطنه ويطمس هويته ويكرس الاعتراف بشرعية الاحتلال كما هو وارد في جوهر ومعنى الحكم الذاتي الذي عرضه شامير ومن بعده رابين على الوفد الخائب الذي يزعم كذباً أنه يمثل الشعب الفلسطيني.

                لقد غير رابين طاقم المفاوضين الصهاينة مع الوفود العربية وأبقى فقط على الطاقم الذي وضعه شامير لمفاوضة الفلسطينيين تأكيداً على الجوهر الواحد لكل من شامير ورابين في معالجة الموضوع الفلسطيني المجرد.

                ومع ذلك يصرح رئيس م.ت.ف عند فوز حزب العمل في انتخابات الكنيست الصهيوني أن الإسرائيليين صوتوا للسلام.

                وهكذا نحن الذين سوقنا، هذه القيادة المهزومة المتخاذلة بالذات هي التي سوقت حزب العمل ورئيسه رابين للعالم أنهم رسل سلام واليوم انظروا إلى سياسة الأرض المحروقة التي ينفذها رابين.. يهدم بيوتنا فوق رؤوسنا بالصواريخ ليس في جنوب لبنان فقط بل في غزة وخانيونس وجنين حيث الأرض المحتلة والبيوت محتلة ،يقتل شبان الانتفاضة بدم بارد بعد إلقاء القبض عليهم.

                يتضاعف عدد الشهداء حتى القتلى من الأطفال يتضاعفون بفضل قبضة السلام الرابينية التي هللوا لها في تونس وغير تونس.

                وأخيراً ها هم المئات من خيرة أبناء هذا الشعب يلقيهم رابين في عراء الجنوب اللبناني محاصرين بالثلوج وصقيع الموقف الدولي ووهن الحضور العربي. فقط بجوعهم وارتعاشه أجسادهم وإرادتهم الحرة منكل قيد ـ يفرضون أنفسهم على العالم ومكاييله المزدوجة ونفاقه وظلمه، انظروا إليهم يقفون كالجبال يرنون إلى وطنهم لا يقبلون عنه بديلاً ، يرفضون كلجنان الأرض يُدفنون تحت الثلوج ولا يهن شوقهم لوطنهم، يهزأون بمترفي المنافي ولا تتجه بوصلتهم إلا للقدس ، إنهم نمط من الرجال يحيا به الشعب والقضية ، إنهم طليعة شعب يستحق الحياة ولا بد أن ينتصر.


                أيها الإخوة المجاهدون

                في ذكرى شهيد فلسطين نؤكد على تمسكنا بفلسطين من بحرها لنهرها، نؤكد رفض شعبنا القاطع لمفاوضات اذل والعار في واشنطن وندعو الوفد الخائب أن يعود من خيبته إلى شعبه وأمته، نؤكد رفض شعبنا لمشروع الحكم الإداري الذاتي وكل مشاريع التصفية ونقول للجميع أن بديلنا هو الصمود والثبات واستمرار خط النضال والجهاد.

                في ذكرى رحيل السيد الكربلائي الحسيني الخميني الفذ نؤكد أن كربلاء خالدة في ضمائرنا ، أن الحسين باق في دمنا ووجداننا، أن الخميني لا زال حياً في واقعنا وأيامنا كأنه لم يفارقنا بعد.

                رحل السيد الذي قالوا له لا تذهب جنوباً.. لا تذهب الى جبشيت كما قالوا لجده العظيم أبي عبد الله الحسين لا تذهب شمالاً.. لا تذهب إلى كربلاء ولكنه ذهب ليهبنا بموته الحياة وليزرع في صحرائنا الأم، فبوركت أيها الفدائي العظيم.

                بوركت ذكراك

                بورك حزب الله يستشهد أمنيه العام

                إنه حزب لا يموت

                إنه حزب ينتصر

                إلا إن حزب الله هم الغالبون

                والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


                المصدر : كلمة ألفيت في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد السيد / عباس الموسوي ـ بيروت 14/2/1993
                اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

                تعليق


                • #23
                  كلمة في المؤتمر العالمي لدعم المبعدين

                  التاريخ: 1413-8-25 هـ الموافق: 1993-02-17م الساعة: 00:00:00

                  بسم الله الرحمن الرحيم

                  الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه.

                  السادة العلماء… الإخوة المجاهدون قادة الأحزاب والمنظمات.. الإخوة الضيوف.


                  قبل شهرين من الآن قررت السلطات الصهيونية إبعاد اكثر من أربعمائة مجاهد فلسطيني ألى خارج وطنهم وألقت بهم إلى صقيع وعراء الجنوب اللبناني. وبغض النظر عن حقيقة الموقف الأمريكي الداعم دوماً للكيان الصهيوني فقد اضطر وزير الخارجية الأمريكية السابق أن يصف الأمر بأنه غلطة شنيعة… فقد سبب صمود المخرجين من ديارهم وثباتهم في موقع إبعادهم حرجاً للإدارة الأمريكية التي كانت تقصف العراق بمناسبة وبغير مناسبة والتي كانت قد دخلت بقواتها تواً إلى الصومال ، وامتنعت عن مساندة البوسنيين المذبوحين بغير الكلام الأجوف.

                  أما الصهيوني البشع إسحق رابين فقد كان يصرخ إنه لا يشعر بأي رحمة أو شفقة تجاه هؤلاء المخرجين إلى العراء الموحش.

                  وحتى نفهم قرار الإبعاد هذا يجب أن نعود إلى حقيقة الفكر الصهيوني اللاهوتي التوراتي القائم على أساس من إنكار وجود الشعب الفلسطيني ، فقد قامت الحركة الصهيونية على فكرة الهجرة إلى فلسطين وتهجير الفلسطينيين من وطنهم.

                  وكان أول قانون يسنه الكنيست الصهيوني عام 1948 هو ما سمي بحق العودة أي حق هجرة اليهودي إلى فلسطين ، حتى لو كان هذا اليهودي قد تهود في أي مكان في العالم قبل عام أو عامين. ولقد صاحب سن هذا القانون ارتكاب المذابح والمجازر بحق الشعب الفلسطيني لإرهابه وإرغامه على ترك وطنه.

                  إن طرد الفلسطينيين من أرضهم فكرة صهيونية جوهرية وهي رغبة مكبوتة لدى كل يهودي وصهيوني وأن أكثرهم أعتدالاً بزعمهم يحلم أن يستيقظ من نومه فلا يرى فلسطينيا فوق أرض فلسطين.

                  وفي حين تقوم أحزاب صهيونية على أساس من هذه الفكرة وتطالب علناً بطرد الفلسطينيين صباح مساء ، وتضع ذلك على رأس برنامجها السياسي والانتخابي ، فإن الاحزاب الأخرى تحافظ على هذه الرغبة السرية وتطلقها عندما تتاح لها الفرصة والأمر لا يقتصر على أحزاب اليمين واليمين المتطرف بل ويشمل الجميع.

                  فحزب العمل الذي أصدر قرار الإبعاد الجماعي الأخير موصوم أنه من أحزاب اليسار أو الوسط.

                  أما مجموعة ميرتس الصهيونية التي دعمت قرار الإبعاد وصوتت له بحماس وثبات فهي تمثل أقصى اليسار ليتساوى الجميع في حقيقة رغبتهم المكبوتة والمفضوحة بضرورة طرد الفلسطينيين.

                  إن هذه الفكرة ستبقى محوراً أساسيا في بنية العدو وأسلوب تفكيره.

                  فهو لا يستطيع أن يستمر في الحياة بدون نفي الفلسطيني على المستوى الفلسفي وعلى المستوى الوجودي ، ففلسطين هي نقيض إسرائيل تماماً كما أن الكيان الصهيوني لا يمكن أن يستمر إلا بتمزيق المنطقة لأنه في أهم تجلياته محاولة لإلغاء الاستيعاب الحضاري الكلي الذي أقامه الإسلام لأكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان حين استوعب كافة حضارات المنطقة.

                  فالإسلام جاء في سياق توحيد خصائص المنطقة وليس لإغراقها في الخصومات الدينية والطائفية والعرقية.

                  أما الوجود الإسرائيلي فقد جاء نافياً ومضاداً لهذا الاستيعاب، بل أن إسرائيل وجدت حين فقدت المنطقة خصائصها التوحيدية وتجزأت وخضعت للاستعمار، وبالتالي ليس من خيار أمام هذا الكيان الصهيوني إضافة إلى نفي الشعب الفلسطيني وإبعاده سوى الاستمرار في تمزيق خصائص المنطقة التكوينية الجامعة وهي تمعن اليوم في التمزيق الطائفي والإقليمي والقومي ضمن فلسفة ونظرية الفسيفساء ، لأن هذا هو ضمانة وجودها واستمرارها كعنصر غير ملائم ، حتى لو جاء سلام الحدود الموهوم فلن يكون ذلك سوى مقدمة لنسف الوجود. هذه هي الخلفية التي علينا أن نفهم من خلالها عملية الإبعاد الجماعي التي خطط لها ونفذها الكيان الصهيوني. ويدهش إسحق رابين لماذا يجد هؤلاء المخرجون من يتعاطف معهم، أليسوا أصوليين والأصولية داء، على العالم المتحضر أن يتوحد للقضاء عليها، ألا يفعلون ذلك على امتداد الحوض العربي ـ الإسلامي وليست مصر وتونس أو الجزائر سوى نماذج؟!

                  والأهم .. أليس هؤلاء أعداء للسلام.. أليسوا سيفاً مسلطاً على رقاب الوفد الفلسطيني المفاوض.. بل على رقاب موجهيهم في تونس ؟ . أنا رفعت هذا السيف ـ يقول رابين ـ رفعته حتى من على رقبة م.ت.ف والتي أرفع اليوم أي حظر على اللقاء معها. لتتقدم عجلة السلام أسرع وأسرع.

                  ولكن صمود هؤلاء المجاهدين في مرج الزهور أحال دهاء رابين ومكره إلى نحره وجعله أضغاث أحلام. فهؤلاء المبعدون هم نور العين من أمتهم وهم طليعة الشعب المنتفض،ستخرج الجماهير إلى الشوارع غضباً وعنفاً وثورة حتى يعودوا إليها كما أخرجوا. وعلى أسرى مفاوضات واشنطن أن يجمدوا في مكانهم وإلا سحقتهم الجماهير الغاضبة، وعلى بالونات الاختبار التي يطلقها المهزوم في تونس باسم نبيل شعث أو بسام أبو شريف أن تتوقف عن التحليق والطيران، فالصامدون في وادي العقارب بجنوب لبنان يرون بوعيهم ونور بصيرتهم العقارب الحقيقية في تونس والقاهرة كما يرونها في تل أبيب. وسيبقون رغم الصقيع والثلوج والعراء يدقون بوابات هذا العصر بقبضاتهم لتدرك الدنيا كم يعشقون وطنهم ولا يرضون عنه بديلاً. لتسقط كل أوهام التهجير والتوطين، هل يستطيع يهودي واحد أن يتحمل هذا العراء والصقيع والثلوج في سبيل أن يعود حتى إلى السجن العذاب.

                  هل عرفت الدنيا الآن من هي الأم الحقيقية،من هم اصحاب هذا الوطن، من هم الذين يستحقون فلسطين وتستحقهم فلسطين . حتى الظلام هناك أجمل بالنسبة إليهم فهو يحتضن فلسطين.

                  بورك هذا الإصرار الفذ.. في أصعب الظروف وأقساها شغلتهم الدنيا وكنتم خبرها الاول على مدى شهرين كاملين لأنكم ملكتم الإرادة الحرة، لأنكم انتصرتم على أنفسكم فانتصرتم وأنتم المستضعفون والعزل على رابين المدجج بالسلاح ومعادلات القوة، المدجج بالاعلام وبالنفاق الدولي. لقد برهنتم أن أربعمائة مجاهد قادرون على تعطيل مسيرة السلام الأمريكي المدنس فكيف لو هبت الأمة، كل الأمة ، برهنتم لرابين وأحزاب الكيان الصهيوني إنكم دفنتم فكرة الترانسفير والتهجير الجماعي في وادي العقارب الى الابد.

                  فإبعاد أربعمائة مجاهد ليس لقمة سائغة ولكنها غصة في حلق الكيان وحكومة الكيان ستظل تؤرقهم حتى بعد أن يعود هؤلاء المجاهدون إلى وطنهم وبيوتهم وأهلهم. هنا سقطت فكرة الترانسفير وهنا كان انتصار المخرجين الأكبر.

                  هنا تكشف الوجه البشع لحكومة حزب العمل التي وصف رئيس م.ت.ف نجاحها في انتخابات الكنيست بأنه نجاح للسلام وتصويت من الإسرائيليين للسلام. ورابين السلام هذا بزعم بعضهم هو رابين المهزوم على جبهة المخرجين فاستدار إلى الشعب الأعزل في داخل الوطن المحتل لينتقم لهزيمته بتدمير البيوت والأحياء وبقتل الأطفال والصبيان بدم بارد.

                  ولكن متى كان الإرهاب والبطش طريقاً لتحقيق شرعية الاحتلال والغطرسة. إن منطق القوة الذي يحمله رابين والغرب من ورائه لن ينتصر على منطق العدالة الذي نحمله ، وها هو شعبنا وطلائعه المجاهدة ورغم الحصار يتسلح بمنطق القوة أيضا دعما لمنطق العدالة، ها نحن نتسلح بإرادة القتال حتى نبرهن لهم أن بطشهم وقوتهم لن تحافظ على استقرارهم في هذا الوطن العزيز والصغير والمقدس ـ فلسطين ، الذي لا يتسع لأكثر من شعب واحد ولا يتسع لأكثر من سلطة واحدة.

                  ولقد وعدنا الله عز وجل كما وعدنا التاريخ وكما تعدنا بنادقنا أننا نحن هذا الشعب، وعلى القيادات الهزيلة التي اعترفت بحق الكيان الصهيوني في الحياة والتي تتكلم عن حقوق اليهود في فلسطين أكثر مما تتكلم عن حقوق الشعب الفلسطيني ، على هذه القيادات المهزومة المفرطة أن تصمت أو تعود عن غيها وتفريطها وتنازلاتها المجانية، وعلى وفد مفاوضات الحكم الذاتي المطبوع أن يعود عن جهالته إلى شعبه وأمته. أيها الإخوة المجاهدون.

                  من هنا نحيي وقفة المخرجين من ديارهم ونقف من ورائهم ضد مؤامرة تجزئة القرار 799 والمحاولة الأمريكية الصهيونية للالتفاف عليه وندين كل صمت أو تواطؤ دولي أو عربي.

                  وفي نفس الوقت نحيي الموقف اللبناني الثابت والذي كأنه بصلابته إضافة جديدة في معركتنا الطويلة الممتدة ضد العدو الصهيوني.

                  نحيي حزب الله والجماعة الإسلامية والحزب التقدمي الاشتراكي وكافة القوى التي تقدم المساعدة للمبعدين في مخيمهم.

                  نحيي الجمهورية الإسلامية في إيران التي تقدم كل مساعدة ليبقى هؤلاء المخرجين صامدين في مواقعهم حتى ينتصروا في معركتهم.


                  والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


                  المصدر : كلمة في المؤتمر العالمي لدعم المبعدين المنعقد في بيروت
                  اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

                  تعليق


                  • #24
                    الثورة الإسلامية في ايران والثورة الفلسطينية .. جدل مقدس

                    التاريخ: 1413-8-30 هـ الموافق: 1993-02-22م الساعة: 00:00:00


                    الثورة الإسلامية في ايران أحد أبرز معالم وأحداث القرن العشرين الذي يكاد ينقضي والقضية الفلسطينية هي أهم وأخطر قضايا خاصة في نصفه الثاني ولازالت.

                    الثورة الإسلامية في ايران غيرت وجه المنطقة وأثرت عميقا في العالم وتركيبته ومستقبله ، وأطلقت الصحوة الإسلامية التي لازالت حديث الدنيا ، تؤتي ثمارها كل يوم على امتداد الوطن الإسلامي جهاداً ونضالاً وانتصارات.

                    لقد عاد انتصار الثورة الإسلامية للمسلم في كل مكان من العالم ثقته بعقيدته ودينه ، فها هو الإسلام الذي انبعث قبل أربعة عشر قرناً من الزمن ، لا يزال قادراً على القيام والنهوض وتحريك الجماهير ومواجهة الطواغيت وإسقاطها وتحقيق الانتصار وبناء الدولة الإسلامية كما حرر الانتصار الكبير قلوب وعقول المسلمين من رعب الدولة الكبرى ، ذلك السيف الذي استمر مسلطاً على رقابهم لعقود، فالدول الكبرى يمكن أن تنكسر ويمكن أن تتراجع إذا تحررنا من التبعية لها وتملكنا الإرادة الحرة ، المؤمنة والفاعلة والنشطة.

                    لقد جعل الإمام الخميني (رضي الله عنه) حياة المسلمين معنى وأعطاهم الأمل بأن التغيير ليس ممكنا وحسب بل وحتمي أيضاً، وهكذا انطلق مشروع الثورة الإسلامية على صدى نداءات وشعارات الإمام ليغطي مساحات واسعة من العالم وخاصة الوطن الإسلامي . ولأسباب يمكن فهمها كان صدى الثورة الإسلامية في فلسطين من أوضح وأقوى الأصداء. في فلسطين يتواجد احتلال صهيوني استيطاني اقتلاعي يسعى لإبادة الشعب الفلسطيني بقتله ونفيه وطمس هويته. ويمارس لأجل ذلك أخطر وأبشع الوسائل ثقافياً واجتماعياً وأخلاقياً وأمنياً واقتصادياً، ولقد ساهم ذلك إضافة إلى التخاذل العربي والتراخي الفلسطيني الرسمي في إشاعة أجواء الإحباط واليأس داخل فلسطين . فكان حجم الانتصار الإيراني ومعناه ودلالته كبيراً بالنسبة للفلسطينيين. إذ اصبح واضحاً أمامهم أنه بالإمكان مواجهة المعادلة الدولية الظالمة، وأنه بإمكان الشعوب أن تهزم جيشاً حديثاً وقوياً إذا تحررت إرادتها من الخوف والتبعية وأخيراً فإن قوة الإسلام لا تقاوم.

                    وهكذا جدد الإسلام قوة اندفاعه على امتداد فلسطين وتوارت شيئاً فشيئاً اليافطات العلمانية وبدأت تبرز الشعارات الإسلامية وتتعاظم التجمعات الإسلامية في المساجد والجامعات والنقابات والجمعيات.

                    وكان للخصوصية التي أولتها الثورة الإسلامية إبان قيامها لفلسطين تأثير كبير في جذب انتباه الشباب الفلسطيني نحو طهران الثائرة وإبداء أعلى درجة من التعاطف مع الثورة الإسلامية. وإن شكلت تلك الأيام الذروة فلم تكن البداية، مع بداية نهضة الإمام الخميني عام 1963م في إيران كانت فلسطين تأتي في قلب الخطاب الديني والسياسي للإمام. ورغم البعد الجغرافي إلاّ أنه تعامل معها كأنها قضية داخلية أو قضية حدودية. فطوال سنوات الصراع مع الشاه كان الإمام يربط بينه وبين (إسرائيل) وكأنهما شيئان متلاصقان ووجهان لعملة واحدة، كل واحد منهما يغطي الآخر ويمده بسبب من أسباب الحياة. وعندما كان الشاه يشترط عدم مهاجمة (إسرائيل) كان الإمام يرد بسخرية عميقة: (لماذا وهل كانت أمه يهودية). وفي منفاه 1964 كان يقول: "إن إسرائيل هي في حالة حرب مع الدول الإسلامية.. لقد حذرت من هذا الخطر مراراً" ويضيف في مكان آخر "وأنا أعلن لجميع الدول الإسلامية والى كافة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، بأن المسلمين الشيعة هم أعداء لإسرائيل وعملائها، وبريئون من الدول التي تعترف بإسرائيل" وعندما اشتعلت حرب حزيران (يونيو) عام 1967 بالعدوان الصهيوني على الدول العربية المجاورة وما تبقى من فلسطين بما في ذلك بيت المقدس، كان الإمام الخميني حاضراً بمواقفه السياسية الشجاعة وفتواه الشرعية القوية التي أدانت الغزو ودعت إلى وحدة المسلمين وحرمت التعامل مع (إسرائيل) وحرضت على القتال. ومنذ ذلك التاريخ لم ينعدم اتصال الإمام بالثورة الفلسطينية، وتعتبر فتواه بجواز صرف الحقوق الشرعية لصالح العمل الفدائي المجاهد من المواقف البارزة في مسيرة الإمام تجاه الثورة والقضية الفلسطينية ففي عام 1388هـ توجه إلى الإمام الخميني فئة من الفدائيين الفلسطينيين ليسألوه: هل يجوز صرف الحقوق الشرعية من الزكاة وغيرها لتسليح أفرادها (أي المقاومة المسلحة ضد (إسرائيل) وإعدادهم لذلك؟

                    وكان جواب الإمام كالتالي:ـ
                    بسم الله الرحمن الرحيم

                    سبق وأن نوهت بما تكنه (دولة إسرائيل) الغاصبة من النوايا الخبيثة ، وكما حذرت المسلمين من هذا الخطر العظيم المحدق بهم وببلادهم، وأهبت بهم أن لا يفسحوا المجال أمام العدو كي يتمكن من تنفيذ مخططاته الإجرامية التوسعية، وأن يغتنموا الفرص ويتلافوا الأمر قبل أن يتسع الخرق على الواقع، هذا وبما أن الخطر يهدد كيان الإسلام فعلى الدولة الإسلامية خاصة وعلى المسلمين عامة أن يتكاتفوا لدفعه وأن يتذرعوا في سبيل استئصاله بشتى الوسائل الممكنة ، وأن لا يتقاعسوا عن إمداد ومعونة المهتمين بالأمر والمدافعين عن الإسلام ويجور أن تصرف الحقوق الشرعية من الزكوات وسائر الصدقات في هذا السبيل الحيوي المهم، وأخيراً نبتهل إلى الله العلي القدير أن ينبه المسلمين من سباتهم العميق ويدفع عنهم وعن بلادهم كيد الأعداء والمعتدين والسلام على من اتبع الهدى.

                    روح الله الموسوي الخميني

                    3 ربيع الثاني 1388 هـ

                    وهكذا يتضح أن ما حدث عام 1979م ـ عام انتصار الثورة الإسلامية في إيران من تلاحم روحي وفكري ونضالي وسياسي بين إيران المسلمة الثائرة وبين فلسطين كان يمتد عميقاً في الجذور.

                    وفي ليلة الانتصار الكبير 12/2/1979 كانت الجماهير المسلمة الثائرة في طهران تحول السفارة الإسرائيلية إلى سفارة فلسطين، في إشارة لم يسبق لها مثيل في أي عاصمة عربية أو غير عربية واستقبل رئيس م.ت.ف وقادة الثورة الفلسطينية في طهران كما لم يُستقبلوا في أي مكان آخر من قبل وبدت كل إيران (حتى خراسان على حد تعبير رئيس م.ت.ف) العمق الاستراتيجي للثورة الفلسطينية.

                    وهكذا سنرى انعكاس الثورة الإسلامية على الواقع الفلسطيني يشمل مستويين مختلفين: الأول هو واقع الثورة الفلسطينية في الخارج وتوجهات قيادتها وارتباطاتها وعلاقاتها المحلية والإقليمية والدولية، هذا الواقع الذي بات مثقلاً بالفساد الإداري والبيروقراطي ، مثقلاً بالاحتراب الداخلي والاختراقات الأمنية، مثقلاً بحلم الدولة قبل أن تصلب الثورة على عودها ، واقع الثورة المقدسة التي بات المدنس ينتشر في أنحاء منها كخلايا قاتلة.

                    أما المستوى الثاني فهو الداخل الفلسطيني الشعبي شاملاً الأرض المحتلة منذ العام 1948.

                    إضافة إلى الضفة الغربية وقطاع غزه لقد عاش هذا الداخل الشعبي الإحباط والخيبة ولكنه لم يكن مثقلاً بأوزار الخارج وعلاقاته وارتباطاته أو تعقيداته، كان بريئاً وعفوياً يطوي القلب على أصالته وجذوره.

                    بقدر التفاوت في هذين المستويين كانت علاقة الثورة الإسلامية مع الخارج الفلسطيني الرسمي تدخل في سلسلة من الأزمات كان مظهرها الأساسي يتمحور حول إسلامية الثورة في إيران وضرورة ذلك في فلسطين أيضا. ولأن الثورة الفلسطينية كانت قد أوغلت بعيداً عن الإسلام كأيديولوجيا وأحكام شرعية ضابطة للمسار والسلوك السياسي، فقد أصبح من الصعب أن يقدم النهج الخميني غطاءً لمسيرة تدخل في انعدام الوزن وتضرب في التيه دون أن تحاول التوقف لمعالجة الأخطاء. وجاءت أعوام 81/82/83 وهي أعوام الصمت عن الغزو العراقي للدولة الإسلامية الوليدة قبل الاصطفاف الفج والأحمق إلى جانب الغزو، وأعوام القبول بمشروع فهد أو فاس لاحقاً حيث الإقرار الضمني بشرعية الكيان الصهيوني، هذا المشروع الذي اعتبره الإمام الخميني مخالفاً للقرآن وخائن من يقبل به. وهكذا وبقدر ما كانت الثورة الفلسطينية المعاصرة بقيادة رئيس م.ت.ف. تتعاطى أكثر مع المدنس وبقدر ما كانت تقترب أكثر من أعدائها المحليين والدوليين بقدر ما أصبحت تتعارض مع الثورة الإسلامية وتفترق عنها وتبتعد ولكن هذا لم يكن النهاية بالطبع فالصحوة الإسلامية التي أطلقتها الثورة الإسلامية كانت تنبت في فلسطين ثورة جديدة تتنامى شيئاً فشيئاً تطوي القلب على الإسلام وتنطلق من المساجد والحارات الشعبية وعلى مدى الثمانينات كان صعود حركة الجهاد الإسلامي والجهاد المسلح في فلسطين، قبل أن تتفجر الانتفاضة الإسلامية المباركة في تشرين أول (أكتوبر) 1987 كمعجزة إلهية في صحراء القحط العربي، وفي أجواء الخيبة العربية. كان الاحتلال الصهيوني بقمعه وبطشه وكان التراكم النضالي الممتد لدى الشعب الفلسطيني المجاهد، وكانت خيبة الأمل في الواقع العربي الفلسطيني الرسمي. كل هذه الأسباب اجتمعت وتوقفت أمام عنصر التفجير الأساسي الذي سيطلق الشرارة ويحافظ على ديمومتها لأكثر من خمس سنوات: الإسلام المجاهد ، تلك الروح التي أطلقتها الثورة الإسلامية لتنبت في فلسطين بعد هذه السنوات. ولتتضح معادلة الصراع ، الإسلام وحده هو النفي الكامل للمشروع الصهيوني، الإسلام وحده هو القادر على إدارة الصراع حتى النهاية دون أن يسقط في الطريق كما حدث للأطروحات العلمانية الأخرى. بدون الإسلام لن تكون لنا حقوق أو هوية أو وطن ولن نكون أكثر من جسر لبني إسرائيل إلى كافة العواصم.

                    واليوم لازال خط الثورة الإسلامية في إيران حياً متيقظا رغم كل هذا الحصار ورغم كل المؤامرات. ولا زالت الانتفاضة المباركة حية قوية مستمرة، والعالم أجمع يشهد على جدل العلاقة القائمة، بين طهران والقدس ، والمستكبرون يحاولن فصم عرى هذه العلاقة، ومعهم أدواتهم في المنطقة وإعلامهم وأجهزتهم المختلفة. ونجاح هذه المؤامرة على أي مستوى من المستويات سيضرب في الصميم رسالة الثورة الإسلامية ودور الجمهورية الإسلامية. فالقدس هي درة أي مشروع إسلامي ثوري اليوم ، ولا رسالة لأي ثورة إسلامية أو حركة إسلامية أو قوة إسلامية بدونها.

                    وإن محاولة هروب البعض من دور خارجي تاريخي بحجة البناء الداخلي ، بحجة بناء إيران قوية وحديثة أولاً ، إن هكذا محاولة لن تنجح لأن العلاقة بين الدور الرسالي العالمي للثورة الإسلامية ، وبين بناء إيران حديثة وقوية هي علاقة جدلية تبادلية ، وهذا يجب أن يكون واضحاً لأنصار كل دور على حده ، لا يريد الاستكبار لإيران بناء دولة حديثه ولا يريد لها أن تقوم بدور خارجي. فالوطن الإسلامي يجب أن يبقى تابعاً متخلفاً وبلا دور ، ولكن الدور الخارجي هو الذي سيعطي لإيران القوة كي تكون حرة وسيدة وحديثة، وإيران القوية والحديثة ستكون أقدر دائماً على القيام بدورها الرسالي. الدور الذي ستكون الثورة والجمهورية الإسلامية قادرة على تحقيقه عبر:

                    1- رفع شعار الوحدة الإسلامية والعمل المدروس والجاد لتحقيق ذلك على الأرض فالتفتيت والتفسيخ والتجزئة هدف استعماري ثابت علينا مواجهته بتجاوز المسألة العرقية والقومية باتجاه أفق الإسلام الأرحب الجامع للأمة دونما صراع كلما كانت المسألة القومية لا تصطدم مع القناعات الإسلامية، وكذلك تجاوز المسألة المذهبية عبر اللقاء والحوار والتقارب والتقريب والتأكيد على الثوابت والأصول الجامعة.

                    2- تبني القضية الفلسطينية كقضية مركزية للأمة ، إن الأبعاد القرآنية والتاريخية والواقعية كفيلة بتوحيد الأمة ـ كل الأمة حول فلسطين ، وليس هناك من قضية أخرى بقادرة على القيام بهذا الدور كفلسطين الموجودة في قلب القرآن وعلى رأس حركة التاريخ مما يجعلها مركزاً للصراع الكوني بين تمام الحق وبين تمام الباطل، ومما يجعلها مركزاً للتفجير في المنطقة وفي كل الوطن الإسلامي ومما يجعلها مركزاً لنهضة الأمة ـ ففلسطين تبقى شاهدة على نهضتنا أو تخلفنا، استقلالنا أو تبعيتنا، عزتنا أو ذلنا.. بل على إسلامنا أو انحرافنا. ولن يستطيع الحكام أن يتخلصوا منها كما يحاولون منذ سنوات لأنها ستبقى تطاردهم عبر شعوبهم المؤمنة تارة وعبر التحول الآخر للمسألة: الكيان الصهيوني الذي يمثل مع مسألة التجزئة ثنائية المشروع الاستعماري منذ الحرب العالمية الأولى وحتى الآن.

                    إن التأثير الكبير للثورة الإسلامية في إيران على الصحوة الإسلامية في فلسطين وانطلاق الانتفاضة المباركة واستمرارها بزخم إسلامي وبشعارات إسلامية يعطينا فرصة تاريخية لا يجب أن نفقدها.

                    في هذه المرحلة فإن الوحدة وفلسطين يمثلان ثنائية المشروع الإسلامي الذي على الجمهورية الإسلامية أن تتبناه مقابل التجزئة.. والكيان الصهيوني ثنائية المشروع الاستعماري.

                    وهكذا نحفظ الجدل المقدس على امتداد محور طهران القدس.



                    المصدر: ألقيت يوم 22/2/1993 بدمشق .
                    اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

                    تعليق


                    • #25
                      كلمة إلى جماهير الشعب الفلسطيني

                      التاريخ: 1413-9-7 هـ الموافق: 1993-03-00م الساعة: 00:00:00

                      «والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين»



                      الحمد لله الذي أعزنا بالجهاد وأذلنا بالقعود عنه الحمد لله الذي فتح أبواب الجنة للمجاهدين، وجعل النار مثوى المنافقين والمتخلفين. الحمد لله الذي شرفنا بالانتساب لهذا الركب الطاهر، ركب الأنبياء والرسل ركب المجاهدين الأخيار. الحمد لله الذي جعل لنا في كل عمل صالح نعمله سبيلاً إلى الجنة ، وجعل لنا في نكبات الدنيا الفانية خيراً وثواباً لدن وجهة الكريم.

                      نجتمع اليوم لنتذكر معاً أخوات لنا يقبعن في السجن، يكدن يذهبن ضحية النسيان،والانشغال بالوهم الذي يروجون له بكل ما ملكت أيديهم. ففي اللحظات التي تكاد تصم فيها الآذان اداعاءات إطلاق سراح السجناء ، ما يزال السجناء الصابرون الذين يرفضون مقايضة الحرية بالمبادئ ، ما يزالون صابرين في السجون على البلوى حتى يمن الله عليهم بالفرج . إنهم يعلمون أن الحرية التي ثمنها التوقيع على تعهد بالتخلي عن الجهاد هي عبودية في سجن أقسى وأشد ، هو سجن النفس، وسجن خسارة الضمير. إن ما يريده اليوم المنادون بجنات الحكم الذاتي هو أن يدين المجاهد نفسه وأن يتنكر لتاريخه،وأن يعتذر عن المجد والتضحية التي أوصلته إلى عتمة الزنزانة. ولكن هيهات، فالذي رفض الذل والاستسلام ، لن يرضخ اليوم، ويذهب ضحية الخداع والوهم.

                      أيتها الأخوات المجاهدات ، أيها الإخوة المجاهدون

                      إن أخواتنا السجينات هن الفلسطينيات اللواتي علينا أن نتذكرهن ،وأن نناضل من أجل إطلاق سراحهن، بدون قيد أو شرط. فأولئك الرائدات بين النساء حريات أن يكن همنا الذي لا يريم، بما قدمن من أمثولة للأجيال، وبما صنعت لنا تاريخاً مشرقا بنفوسهن المؤمنة. لنتذكر معا ، عطاف عليان وفاطمة صبري عطاينة، وأخواتهما المناضلات المجاهدات السجينات. أنهن نجمات على جبين الأمة ، نجمات تصعد مع حركة تصعد في زمن يصعد. إنهن نساء ينتزعن الفرحة من كبد القهر، فيلدن ما هو أغلى من الرجال.. يلدن المثال والقدوة والتاريخ الذي يتعلم فيه الرجال كيف يصيرون. ونحن جميعاً ، نتشرب السمو والشفافية من صمودهن، ومن عطائهن الذي لا ينتهي .ونتعلم منهن ماكنا نفتقده في الحركة الإسلامية . لقد قدمن عناوين جديدة للمرأة ، وملأن الساحات الفاغرة بمضمون جديد قبلهن، كان عنوان الحركة النسائية هو المرأة وبعدهن صار عنوانها هو الإنسان..الإنسان الذي يتساوى فيه المجاهد في الفصل لا في الشكل، وفي تفاصيل أداء الرسالة أمام الله ، وفي حمل التكليف الشرعي بالعبادة وبالجهاد ، في وقت كادت فيه العبادة تكون شكلاً ،والجهاد بأضعفه ، بالقلب .ولكن المجاهدات الرائدات اصبحن الحالة العلنية للحركة النسائية المسلمة ، وواجهن بالقدوة الحسنة حركات الصالونات والمؤتمرات، التي لا تصنع سوى تجمعات ثرثارة لها شكل وزينات. ولكن المجاهدات السجينات أمثال عطاف وفاطمة فهمن التكليف الشرعي حق الفهم، وخرجن من جدل لا وقت له ولا مكان، حول دور المرأة وزينتها و«بيتوتاتها»، ونحن نواجه عدواً لديه المرأة التي تقود الدبابة ، وتغير بالطائرة، وتقف في المختبر، وتحصد في الحقل . وما زال بعضنا يجادل حول السماح للمرأة بدخول المسجد . ولكن المجاهدات يؤصلن ، اليوم بفعلهن الجهادي ، لمنهج الحركة النسائية المسلمة.

                      أيتها الأخوات أيها الإخوة

                      السجين شهيد حي في بلواء السجن تبرعم في روحه المأساة وحرارة الإيمان ، والأمل المفتوح على أفق لا ينتهي . يعيش سجناً داخله سجن آخر. سجن الأسوار المغلقة ، وسجن الجسد الذي يعاني المرض وإرهاق التعذيب، وقسوة الجوع، والانحسار البطيء عن لذة الحياة. ولكن الأمل المفتوح يرفعه إلى حالة وجدانية، ويرد الطبيعة الوجدانية إلى مفهوم مجرد. هنا الإنسان يستعيد كامل إنسانيته بدون عناصر إضافية . لا توجد في السجن أطماع، ولا شغف بالماديات ولا تهافت على المتاع. كل شيء مفقود داخل السجن. وأعظم الأشياء هو أعظمها حضوراً.. النفس البشرية العارية إلا من الإرادة القوية، والإيمان الطافح بشروق داخلي يضيء المساحة المعتمة.

                      أيتها الأخوات ،أيها الإخوة

                      لنتذكر معا، المؤمنات اللواتي كن حول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لنتذكر نسيبة بنت كعب ، التي قال عنها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم أحد «كلما تلفت حولي رأيتها تقاتل دوني». ولنتذكر الربيع بنت معوذ التي قالت: «كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم فنسقي القوم، ونرد الجرحى والقتلى».

                      ولنتذكر يوم شقت حجب الصمت صرخة امرأة مسلمة، على خليفة مسلم «وا معتصماه» ومازالت الصرخة تتردد في مسامع التاريخ.. ما زالت النساء المؤمنات يصرخن في مسامع المسلمين «وا رباه .. وا رباه .. وا إسلاماه.. وا غوثاه» فهل من ينتصر لزهرات الجهاد الإسلامي ، لزهرات فلسطين اللواتي يقضين أيامهن صابرات محتسبات في سجون الاحتلال؟!

                      يا سيدي يا رسول الله . ما زالت في فلسطين حفيدات لنسيبة وللربيع ، يقاتلن دونك، في حياض بيت المقدس ، وقد حق القتال اليوم، بنفس الضرورة التي حق بها القتال حينك ، نحن على يقين يا سيد المرسلين ، أن الله لن يضيع عملنا ، ولن ينسى عبادة المؤمنين من رحمته ، وستنال أخواتنا السجينات الثواب الذي وعدهن الله به ، وسينلن المجد الذي استحققنه بصمودهن وتضحياتهن، وسيبقين نجوما على جبيننا، وشموعاً في نفوسنا، تضيء لنا عتمة الطريق، وسيبقين ينابيع من الحكمة والقدوة نتعلم منهن كيف يكون الصمود وكيف تكون المرأة المسلمة.

                      فلنتكاتف معا ولنرفع الصوت عاليا من اجل حريتهن

                      « والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون »

                      صدق الله العظيم

                      المصدر : من أرشيف حركة الجهاد الإسلامي بفلسطين ـ القيت في مارس 1993
                      اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

                      تعليق


                      • #26
                        كلمة في يوم القدس العالمي

                        التاريخ: 1413-9-7 هـ الموافق: 1993-03-00م الساعة: 00:00:00

                        بسم الله الرحمن الرحيم


                        الحمد لله الذي كرمنا بعبادته وبوجوب طاعته، ووهبنا شهر رمضان العظيم، نجدد فيه البيعة مع الله والولاء ونسمو فوق اثقال الدنيا تحلق أرواحنا بلا قيد سوى حب الله وطاعته، فتتحرر من كل خوف ونحن نتيقن أن الله أكبر وأن الله أعظم وليس بمقدر الإنسان والجن إن اجتمعا أن يطالا من ذلك شيئا.

                        شهر رمضان هو شهر لتجديد الروح وانبعاث المؤمن من جديد، ولذا كان دوماً شهر الانتصارات. مما يؤكد أن النصر لا يكون إلا بانبعاث الروح وتجددها وتحررها.

                        وكم كان ملهما وموفقاً الإمام الخميني رضوان الله عليه وهو يجعل من جمعة رمضان الأخيرة يوماً للقدس ، فبعد شهر من الصيام والقيام والتطهر من أدران الدنيا وأوساخها وفيما المسلمون في ذروة العبادة، عليهم أن يتذكروا القدس، الجرح الدامي والنازف بلا توقف ، وأن يجعلوا القدس في مركز اهتماهم وان يرسموا بوصلة من الوعي والفكر والممارسة الجادة الملتزمة باتجاهها، عليهم أن يهبوا هذا اليوم المقدس في هذا الشهر المقدس للمدينة المقدسة التي تئن تحت الأسر والحصار، فيما المسلمون يتحررون بالجوع والصيام من طغيان المادة، ووطأة الجسد، عليهم أن يتوجهوا لتحرير القدس من طغيان بني إسرائيل ووطأة الاحتلال الصهيوني البشع.

                        في التوقيت الذي ألهمه الله للخميني العظيم ـ رضوان الله عليه ـ يلتقي الزمان بالمكان. الزمان واحد في أيام الله العظيمة. واحد من ليالي القدر وفتح مكة وانتصار بدر الخالد.. الزمان سبب من أسباب النصر والمكان بيت المقدس الأرض التي باركها الله. ولكنها تصرخ اليوم من وجع الهزيمة والتفريط والتخاذل.

                        وهكذا يلتقي الزمان وهو يحمل سببا من أسباب النصر. بالمكان الموجوع، المقهور والمتألم ولكنه أيضاً يتهيأ للوعد. وعد الله للمؤمنين بدخول بيت المقدس ظافرين منتصرين ليسؤوا وجوه بني إسرائيل وليتبروا ما علو تتببيرا.

                        قبل أكثر من عشر سنوات أطلق الإمام الخميني رضوان الله عليه يوم القدس معلنا أن على كل مسلم أن يستعد لقتال «إسرائيل» وأن «إسرائيل » يجب أن تمحى من الوجود ومؤكداً على وحدة الأمة من حول فلسطين التي ليست مجرد قضية فلسطينية أو عربية فقط ولكنها إسلامية أيضا والإسلام هو الذي يعطي الهوية الشاملة للصراع من حولها.

                        وهذا مغزى أن تنطلق دعوة أحياء هذا اليوم من طهران، أن يوم القدس يوم أحياء للإسلام والشريعة الاسلامية لأن القدس أرث للإسلام والمسلمين وجزء من عقيدتهم ، ولا يجوز لأحد التفريط بها.

                        واليوم إذ نحتفل بهذا اليوم العزيز والمجيد لا بد أن نلحظ هذه الحالة من الانحطاط والانهيار والتفتت والجاهلية والسقوط في الهاوية لم يسبق لها مثيل في تاريخنا، استسلام رسمي كامل لمشيئة الإمبريالية الأمريكية واعتراف بمصالحها على حساب مصالح أمتنا وشعوبنا، وتمرير لسلامها المدنس الذي يأخذ بالاعتبار المصالح والمواقف والأهداف الصهيونية ويجعل من الشعب الفلسطيني كبش فداء.

                        إن ما يحدث على مدى ساحتنا العربية يجعلنا نتساءل إن بقيت كلمة عرب تحمل مدلولا حضارياً وسياسياً واقتصادياً، أم أنها مجرد لفظة تدل على جنس بشري ، وأي جنس بشري هو اليوم. كما يجعلنا نتساءل إن كان هناك عرب فعلاً أم باتوا مجرد سراب.

                        ولكن وسط هذه العتمة التي يريدها السيد الأمريكي ، تتقدم شعلة الانتفاضة الباسلة تلتم بمد المقاومة الإسلامية لتؤكدا معاً أن امتنا اقوى مما نتصور وأن هذا العدو أضعف مما نتصور ، إن مزاج أمتنا العنيد لا زال حياً ومستعداً للجهاد والمقاومة. بل وفي الوقت الذي ظن الغرب الأطلسي إنه يسير نحو إحراز نصره النهائي والكبير على مستوى العالم الإسلامي وعلى مستوى العالم، في هذا الوقت قامت الأمة لتحقيق أكبر مشاريعها على الإطلاق في هذا القرن: مشروع إعادة الإسلام إلى سدة الحكم وإيصال ملحمة النضال من أجل الاستقلال إلى نهايتها الظافرة ، انتصر الإسلام في ايران . وأقيمت الحكومة الإسلامية بعد أربعة عشر قرناً على ظهور الإسلام تأكيداً على استمرار حيويته واستعداده للانبعاث والتجدد.

                        كما أصبح النهوض الإسلامي في مصر والجزائر ولبنان وفلسطين والسودان هو الخبر الأول في أعمدة الصحف ونشرات الأخبار. تأكيداً أن الإسلام سيحقق انتصاره الحاسم إن أجلاً او عاجلاً فليس بإمكان الجيش، آخر المؤسسات المتماسكة في بنية دولة التجزئة ـ القطرية . ليس بإمكانه أن يطعم الناس سياطا أو رصاصاً أو دماً . ليس بإمكانه أن يحل مشكلة واحدة من مشاكل المجتمع وإن لم يكن وصل بعد إلى طريق مسدود . فهو بالتأكيد يسير إليه. ولن يبقى للامة غير عقيدتها ودينها وطليعتها المجاهدة.. لن يبقى للأمة عاجلاً أم أجلاً غير نصر الله. ويومئذ يفرح المؤمنون ويظنونه بعيداً ونراه قريباً.

                        وليس أدل على حيوية هذه الأمة من هذا الصمود الذي يمثله المخرجون من ديارهم الى صقيع الجنوب اللبناني. لقد استطاع أربعمائة مجاهد أن يوقفوا مسيرة الاستسلام. بعد أن تحررت إرادتهم حرروا إرادة الأمة.

                        المصدر: من أرشيف حركة الجهاد الإسلامي (مارس /1993) غير محدد اليوم
                        اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

                        تعليق


                        • #27
                          كلمة في ذكرى وفاة الإمام الخميني

                          التاريخ: 1413-12-10 هـ الموافق: 1993-06-00م الساعة: 00:00:00

                          بسم الله الرحمن الرحيم

                          الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه


                          قبل اربعة اعوام من الان، هوى صرح من صروح الاسلام العظيم، غربت عن دنيانا شمس فجرت في حياتنا ينابيع النور عندما كان الليل يشتد حلكة وسواداً، واعطتنا الأمل بعد خيبة ويأس وجعلت لحياتنا معنى في عالم تسوده قيم المادة والافساد.

                          قبل اربعة اعوام فقدنا الخميني العظيم رضوان الله عليه فقدنا الرجل الذي اعاد للاسلام مجده بعد قرون من الانحطاط واعطاه وجهه ومعناه المحمدي الأصيل، اسلام الجهاد والشهادة والنهوض والعمل، فقدنا الرجل الذي اعاد الشعوب المسلمة الى اصالتها وهويتها لتواجه شياطين العصر، الذي اكد بثورته التاريخية الفذة قدرة الاسلام على الفصل والتأثير وتحريك الجماهير، قدرة الاسلام ولو بعد اربعة عشر قرنا على ظهوره على الحشد والتعبئة والاعداد والتنظيم واسقاط أحد اكبر طواغيت العصر، قدرته على اقامة دولته ونظامه في القرن العشرين، وقدرته على مواجهة كل هذا الحجم من المؤامرات التي تنهد أمامها اعظم الجبال.

                          لقد كان الامام رضوان الله عليه خلاصة العدل المضطهد في التاريخ البشري، كما كان ابناً للانبياء والائمة الكرام ولذا جاءت نهضته وثورته متميزة وفريدة بين الثورات، قائد سياسي قل أن يجود الزمان بمثله، واحد من كبار العارفين في التاريخ الاسلامي، ثائر لا يعرف المساومة او المهادنة، يملك اصراراً على تحقيق الهدف قلَّ نظيره، جاء وعاش في عصر المؤامرات الدولية ولكنه لم يكذب قط، بل هزم لغو وثرثرة وزيف العالم بصمته وحكمته وصدقه، وهزم ترف الدنيا وفتنتها بفقره وزهده، إنه الرجل الذي قهر نفسه فقهر العالم.

                          لقد حرر الامة والمستضعفين من رعب الدول الكبرى الذي إستمر لعقود من الزمن، فها هي الدول الكبرى يمكن أن تنكسر ويمكن أن تتراجع إذا تحررنا من التبعية لها وتملكنا الارادة المؤمنة الفاعلة والنشطة.

                          لقد اطلق الأمام الراحل موجات الصحوة الاسلامية في المنطقة وفي العالم، هذه الصحوة التي افرزت قيماً جديدة وأنشأت واقعاً جديداً، ولا زالت تتفاعل عبر التنامي المتزايد لحركات النهوض الاسلامي.

                          ولندرك أهمية ومعنى ومغزى كل ذلك دعونا نتخيل المنطقة والعالم بدون الامام الخميني وثورته الاسلامية، هل كانت الصحوة الاسلامية تصل الى اطراف الدنيا وتصبح حديث المراقبين والمحللين في العواصم الكبرى والصغرى؟، هل كانت تتجلى وتنكشف الانظمة الخبيثة التي زرعها أو يحميها الاستعمار في المنطقة؟ وتتحول القوى الاسلامية الناهضة كقوى وحيدة في مواجهة هذه الانظمة ومعارضتها؟.

                          هل كان بالامكان ان ينطلق مجاهد فرد ليقتل مئات الامريكيين في بيروت دافعاً الدولة العظمى للهروب والفرار، هل كان بالامكان طرد اليهود من بيروت ومن ساحل لبنان، والجبل وان تستمر مطاردته باسم المقاومة الاسلامية حتى الان موقعة في صفوفه اكبر الخسائر.

                          هل كان بالامكان إنطلاق الانتفاضة المباركة في فلسطين بروح اسلامية وثابة وبفعل إسلامي متميز، وان تستمر بهذا الزخم والدم الاسلامي هل وهل وهل... إن عالماً بدون الخميني

                          كان سيختلف كثيراً وكثيراً بلا شك.

                          ولكن ياحسرة على العباد... ياحسرة على من عاشوا زمن الخميني ولم يعرفوه ياحسرة على من اضاعوا عصره حين حاربوه وحين لم يصطفوا وراءه ولو فعلوا ذلك لتخلصوا من هيمنة الغرب وهيمنة امريكا، لقد كانت السنوات العشر التي عاشها الامام قائداً للثورة والجمهورية الاسلامية كافية أن يتحول كل الحوض العربي الاسلامي الى كتلة واحدة توازن التكتلات الكبرى، تتعامل معها الند بالند، مستقلة وحره تملك قرارها وارادتها وثروتها وتؤثر بفعالية في معادلة القوة الدولية وتوازناتها. ولكن المؤامرة حاصرت الثورة والامام منذ اليوم الاول عبر الحصار السياسي والاقتصادي وعبر الحرب المفروضة المدعومة من كل الغرب، وعبر اثارة الاقليات القومية تارة ودعم مجموعات المنافقين تارة أخرى وكذلك اثارة الفتنة بين جناحي الامة السنة والشيعة تلك المؤامراة الخطرة التي تروجها ايدي وادوات قذرة ليست من السنة ولا من الشيعة في شيء.

                          اربعة اعوام مضت حتى الان على رحيل الامام، تبدلت الدنيا غير الدنيا.. الشيطان الاكبر لا يزال يُفسد في الارض، بل ويزداد غطرسة وهيمنةî وافساداً وهو اليوم يقف على كل ثغورنا، زاعما أنه يريد ان يعيد صياغة العالم من جديد، ولكن مزاج امتنا العنيد يقف له بالمرصاد، ها هو الاسلام المقاوم يتصدر نشرات الاخبار واعمدة الصحف كل يوم، يلون مستقبل الطغاة بالسواد، ويهيئ لفجر تنهض فيه الشعوب، كل الشعوب المسلمة في كافة العواصم التي سرقها الاستعمار.

                          ها هي المقاومة الاسلامية في لبنان تؤكد كل يوم على الخيار الحقيقي للامة في مواجهة العدو وتؤكد ان الارادة الحية تزيل اكبر العقبات والتحديات وتؤكد أن العدو كيان هش قابل للجرح وللكسر اكثر مما يتصور كثيرون واننا اقوى مما يتصور كثيرون.

                          ها هي الانتفاضة العملاقة.. ثأر الله.. بلا صديق وبلا رفيق تمضي كأنها الطوفان وكأنها الحياة لأمة توهموا أنهم يشيعونها الى الموت.

                          رغم كل مشاعر الاحباط التي يسوقونها ورغم شعارات الهزيمة التي يرفعونها فإن افقنا الالهي الارحب يتحرك أبعد من قيد اللحظة الراهنة التي يريدون ان يسجنونا فيها وهم يمارسون دعايتهم المنافقة لا فائدة.. البحر من أمامكم.. من ورائكم.. من تحتكم.. من فوقكم.. ولا جدوى من المقاومة ، لا.. المؤمن ينظر بنور الله ويتجاوز قيد اللحظة الى حركة التاريخ الواسعة، فيرى انتصارات الأمة الكبرى.. ورسالتها الخالدة الى البشرية، ويرى كيف كانت تنهض بعد كل انكسار كالمعجزة، مؤكدة على حيويتها وعلى مزاجها العنيد.

                          ولذا ستبقى الانتفاضة عنوانا لمعركتنا الصعبة في الزمن الاصعب لا نلين ولا نستكين مهما تراجع أو استسلم المطبوعون والمهزومون، إن النُخب المهزومة لا يمكن ان تقرر مستقبل الارض والهوية ولا مستقبل الشعب والامة لا في قاعات التفاوض العلنية ولا السرية، ان حركة الجماهير الحية ستلفظ كل هذا الصغار الرسمي فلسطينيا كان ام عربياً.

                          ايها الاخوة ونحن نحيي الذكرى الرابعة لرحيل الامام العظيم نؤكد ان الجهاد هو خيارنا الحقيقي وطريقنا لانتزاع حقنا بفلسطين واننا نرفض كل المؤامرات التي تسعى لتصفية قضيتنا المقدسة والالتفاف على حقنا بوطننا.

                          اربعة اعوام مضت فطب ميتا يا أمام كما طبت حيا.. قر عينا فنحن على الدرب سائرون، مهما اشتد جبروت وطغيان المستكبرين، سلام عى اهل بيتك الطيبين المظلومين، سلام على اصحابك وتلاميذك سلام على خليفتك الايمن السيد الخامنئي وكل ابنائك المخلصين «الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله، والله ذو فضل عظيم، إنما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه، فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين» صدق الله العظيم

                          والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                          المصدر : من ارشيف حركة الجهاد الإسلامي (6/1993) غير محدد تاريخ اليوم
                          اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

                          تعليق


                          • #28
                            كلمة في المؤتمر الإسلامي الثاني

                            التاريخ: 1414-3-29 هـ الموافق: 1993-09-16م الساعة: 00:00:00

                            بسم الله الرحمن الرحيم

                            « يا أيها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول ولا تبطلوا اعمالكم. ان الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم. فلا تهنوا وتدعوا الى السلم وانتم الاعلون والله معكم ولن يتركم اعمالكم».

                            صدق الله العظيم

                            الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله وصحبه

                            الاخوة المجاهدون


                            ما من شك ان ما حدث خلال الايام الماضية من اعتراف متبادل بين الكيان الصهيوني ومنظمة التحرير الفلسطينية وما تلاه من توقيع ما سمي بالاتفاق الاسرائيلي الفلسطيني ما من شك ان هذا يعتبر من اهم واخطر ما حدث في تاريخنا على امتداد هذا القرن. فهو لا يمس فقط حياة ومستقبل نحو مليون فلسطيني في غزة واريحا ولا حياة ومستقبل 6 مليون فلسطيني على امتداد فلسطين المحتلة والشتات، انه ايضاً يمس حياة ومستقبل كل عربي وكل مسلم من المليار مسلم على امتداد العالم، وقبل ان اقول لاهلنا وشعبنا في غزة ما هي مخاطر هذا الاتفاق واثاره التدميرية عليهم مباشرة.. اقول حتى لو تحولت غزة الى الجنة الموعودة كما يتوهم المنومون مغناطيسياً والمطبوعون والمهزومون، حتى لو حدث ذلك فسيكون الثمن اكبر كارثة تحيق بالمليار عربي ومسلم في تاريخهم، وسنقول بحق الان انتهت الحروب الصليبية وليس يوم دخول اللنبي الى بيت المقدس وبلاد الشام قبل ثلاثة ارباع القرن، الان انتهت الحروب الصليبية لاننا على مدى ثلاثة ارباع القرن كنا نناضل ونجاهد ونقاوم ونرفض الاحتلال والاستعمار، والان وقعنا على صك الهزيمة والاستسلام بكافة شروط العدو، بل بشروط لم يحلم العدو ان بالامكان قبولها، او تحقيقها.

                            بهذا الاتفاق بات من الاوهام الحديث عن امة عربية واحدة، او امة اسلامية واحدة، وعلى الدول العربية والاسلامية سواء التابعة تماماً او التابعة جزئياً، بات عليها ان تسقط من جديد وبشروط جديدة لم تكن تخطر ببال احد، ولا تتصوروا انه سيكون هناك قومية او وطنية مصرية او يمنية او سعودية او اردنية او عراقية او افغانية او تركية او سورية...

                            فهذا ما هو حاصل بالفعل منذ سنوات ويتعمق ويتجذر اليوم تمهيداً لتفتيت كل بلد من هذه البلدان الى اطياف متعددة من الطوائف والمذاهب والقوميات والعصبيات، وسيبرز الكيان الصهيوني ومنذ الان، كياناً مركزياً مهيمناً في شرق اوسط جديد، يدخله من يطيع الشروط والاوامر الامريكية والصهيونية، ويخرج منه كل من سيرفض ويقاوم ويرفع صوته معترضاً. من طنجة الى جاكرتا سيركعون ويعترفون بالسيد الجديد.. سيد حياتهم ومصائرهم ومستقبلهم. وليس مفاجئاً ان يذهب قادة العدو فوراً وبعد توقيع الاتفاق الى المغرب اي الى طنجة، ويتحدثون عن اعتراف ماليزيا واندونيسيا اي جاكرتا بالعدو وفتح السفارات واقامة العلاقات الدبلوماسية، من طنجة الى جاكرتا سيسقطون دولة فدولة ببركة الاتفاق الاسرائيلي الفلسطيني،. نعرف ان كثيراً من هذه الدول كانت سقطت منذ عقود، ولكننا اليوم امام السقوط الثاني بما يعنيه من تدمير جديد واختراق شامل وبشاعة يعلمها الراسخون في العلم.

                            هذا الوطن الاسلامي سيتحول الى سوق للغرب وللكيان الصهيوني وسيوزعون علينا مياهنا ونفطنا بالجالون. هذا ان اطعناهم، هذا الوطن الاسلامي سيتحول الى ماخور ببركة توقيع محمود عباس وعرفات، سيمنعوننا من النهضة.. من التسلح، من بناء مصنع او شراء جهاز متطور، سيمنعوننا من اختيار نمط لباسنا كما يشاؤون او نُنبذ في العالمين.

                            هذا الاتفاق ليس سوى تحالف بين الدولة العبرية والحركة الصهيونية من جهة وبين حفنة فلسطينية صغيرة وقليلة حقاً، تحالف ضد فلسطين وضد الامة العربية والاسلامية لترتيب المنطقة تحت نعال بني اسرائيل. وشعبنا سيكون الجسر والمعبر.. وغزة العظيمة الباسلة.. غزة الشاهدة والشهيدة ستكون ببركة توقيع هذا النكره محمود عباس ستكون الحزام الامني واول الماخور.

                            اليوم مطلوب ان نلغي من ذاكرتنا ان الصهيونية حركة عنصرية توسعية احتلت ارض فلسطين. ويجب ان نثبت في ذاكرتنا من جديد ما يقوله اليهود عن الصهيونية من انها حركة تحرر وطني قاومت الاستعمار البريطاني وحصلت على الاستقلال لشعبها اليهودي اليوم مطلوب ان نعتذر عن عشرات الآلاف من الشهداء فلسطينيين وعرباً ومسلمين.. ان نأسف لمليارات ومليارات من الاموال ضاعت تحت عنوان فلسطين دون ان ندري ان فلسطين لدى ثوار وقادة منظمة التحرير لم تكن سوى وهمٍ كبيرٍ جاء أوان التخلص منه ، نبيل شعث احد مهندسي اتفاق العار قال يوم التوقيع المشؤوم رداً على سؤال حول ما هو اكثر ما اثر به ذلك اليوم قال تأكدي اليوم ان 80% من فلسطين ضاعت الى الابد. في نفس الوقت لا استطيع ان اعد اطفالي ان بالامكان قيام دولة فلسطينية على الجزء المتبقي .

                            يا شعبنا العظيم يا أهل غزة البواسل..

                            يامن اجترحتم معجزة الانتفاضة في عصر الانكسارات فأضأتم ليل العرب الطويل.. هذا ليس سلاماً وليس استقلالاً، وليس مقدمة لسلام او استقلال، انهم يبيعون 98% من ارض فلسطين بما في ذلك القدس مقابل حكومة ذاتية او بلدية على 2% من ارض فلسطين، منذ عام والاسرائيليون مستعدون للهروب من قطاع غزة. وفي مطلع هذا العام يناير (كانون الثاني) 1993 اظهر استطلاع للرأي العام الاسرائيلي ان 44% من الصهاينة مستعدون وموافقون للخروج من غزة من طرف واحد، ويقول احد الاستراتيجيين الصهاينة وهو شلومو غازيت من رؤساء الاستخبارات السابقين لو جرى هذا الاستطلاع بعد ذلك بشهور قليلة لازدادت النسبة، وهكذا فالانسحاب الاسرائيلي من غزة وتحت ضغط مقاومة وجهاد شعبنا كان مسألة واردة. ولكن حفنة مهزومة ومتساقطة دفعت ثمناً غالياً غالياً مقابل انسحاب موهوم يسمح بعودة حفنة وتسلمها لمقاليد الامور في غزة بدلاً عن الشعب الذي كان سيستمر في جهاده ومقاومته، حفنة تعود لاجل قمع الانتفاضة وقمع الناس وقمع طموح الشعب بكامل ارضه ووطنه، ولابد انكم سمعتم تصريح وزير داخلية غزة القادم حكم بلعاوي الذي قال ان مهمتي هي قمع المعارضةî. العدو لن ينسحب وسيعيد انتشار جيشه باذكى واخبث من السابق، المستوطنات حتى تلك التي لاقيمة استراتيجية او دينية لها في قطاع غزة باقية، الحدود ستبقى بيد العدو، ما يعجز عنه جهاز الامن والقمع الفلسطيني يعالجه جهاز امن العدو. وما يعجز عنه جهاز أمن العدو يعالجه الجهاز الفلسطيني، مع الاخذ في الاعتبار تصريحات رابين وبيرس ان الجهاز الفلسطيني سيكون اقدر على القمع واكثر نجاعة.

                            هذا ليس استقلالاً وليس سلاماً وإلا لماذا غيبوكم عن المفاوضات السرية.. غيبوكم حتى لا تضعوا شروطكم وحتى تصبحوا فجأة مذهولين امام اتفاق مدعوم من كل الشياطين الكبار والصغار، ومن آلة الغرب الاعلامية التي تصنع الاوهام والاحلام كما تشاء ولا يجد الناس منها فكاكاً.

                            صدقونا لسنا ضد انسحاب العدو من اي شبر من ارض الوطن، ولكن هذا ليس انسحاباً، انه اعادة تحكم استراتيجي بقطاع غزة، بضربة واحدة استطاعت حفنة فلسطينية ان تجلب المشروع الاسرائيلي الذي رفضه حيدر عبد الشافي على مدى عشرين شهراً الى قلب الساحة ليتخلص اليهود من ثورة حقيقية وتمرد حقيقي وعلى هذه الحفنة ان تعالجه بطريقتها الخاصة.

                            وهكذا حولوا انتصار الشعب الذي كان يؤذن برحيل اليهود الى هزيمة نكراء.

                            صدقونا ان دمنا فداؤكم وأننا نألم اشد الالم لآلامكم ونحلم ونناضل لأجل اليوم الذي تتوقف فيه معاناتكم، ولكننا نرى في الاتفاق تكريساً للاحتلال والمعاناة معاً. فليس من منطق سليم يقول بزوال المعاناة والاحتلال قائم بشكل او بآخر. وليس من شعب كريم من يرى في هكذا اتفاق اي شكل من اشكال الاستقلال.

                            أما الضفة فستكون شروط دخولها اصعب واصعب حتى لو برهنت هذه الحفنة الفلسطينية انها قادرة على حماية امن الكيان الصهيوني والذود عنه، حتى لو نجحت في ذلك بامتياز، والكل يعرف السبب. فقطاع غزة بالنسبة لليهود يفقد اهميتة الاستراتيجية والدينية، وهو ساقط عسكرياً في كل حين، أما الضفة فلها اهميتها الاستراتيجية والدينية وبها اكثر من مئة وعشرين الف مستوطن قد يصلون في جو الاستقرار الى نصف مليون، لن يكون لغير الحكومة الصهيونية اي سلطة عليهم.

                            أما القدس فبالله عليكم من نصدق.. الاقوى الذي نفذ كل شروطه حتى الان ويرفض اي مساومة ام من يتنازل كل يوم ويكذب علينا كل يوم؟ .

                            العدو يعتبرها عاصمته الابدية ويخرجها من دائرة التفاوض والتكتيك ويسخر من تأويلنا لتأجيل موضوعها والسيد عرفات يطوف على بعض الحكام العرب داعياً اياهم للصلاة معه في القدس المستقلة، وهو يعرف انه لايستطيع دعوتهم للصلاة في غزة.

                            أما ما يسمى بنصر الاعتراف الاسرائيلي بمنظمة التحرير فانظروا جيداً ترونه جاء محمولاً كالنعش فوق الاكف. فأي نصر لميت انتحر بيده بعد ان الغى جوهره وثوابته وكل مبررات وجوده، وبعد ان طعن الانتفاضة ووقع على دفنها، وتعهد بقمع من يعود اليها.

                            اي معنى لنصر الاعتراف الموهوم المزعوم هذا ان كان على منظمة التحرير ان تتحول الى حكومة صغيرة او جهاز امن يسهل مسيرة الحركة الصهيونية في فلسطين وكل المنطقة.

                            إن الاعتراف يكون بين الدول، ولاقيمة للاعتراف بمنظمة ليست اكثر من هيئة او حزب خاص وقد فقدت أي مضمون يشير اليها.

                            يا شعبنا العظيم


                            بأي حق كنا نجاهد ونناضل، كنا نطلب دعم العرب والمسلمين، واليوم وتحت عنوان السلام تأتي حفنة صغيرة لتأخذ لنفسها الحق بالتنازل عن القدس التي لم تكن ملكاً لابى مازن او غيره بل ملكاً لجميع المسلمين، وكيف نذهب للعرب والمسلمين غداً طالبين مساندتهم ودعمهم لجهادنا، سيقولون أي جهاد هذا الذي تبقى وقد وقع الممثل الشرعي الوحيد على وقف الجهاد ومنعه بالقوة وعلى تسليم فلسطين لليهود.

                            على مدى نصف قرن الصق بنا كثيرون ظلماً تهمة التفريط بوطننا وبيع ارضنا، فماذا نقول لهم اليوم، والصفقة تمت أمام انظار العالم.. كل العالم، وعلى فلسطين.. كل فلسطين.. واخجلتاه.. أي عار سيلحق بنا بين الامم وامام التاريخ وبين يدي الله.

                            بأي حق يتم الغاء ميثاق وطني اجمع عليه الشعب منذ مؤتمر غزة بقيادة الحاج امين الحسيني عام 1948 م الى المؤتمر الوطني عام 1964 م بقيادة احمد الشقيري.. الى اجماع وطني شعبي مستمر. كيف يلغى هذا الميثاق ويشطب هذا الاجماع بدون استشارة الشعب وبدون استشارة حتى المجلس الوطني الذي اشرف عرفات نفسه على تعيينه. بل باصوات اقل من عشرة اشخاص خرج كل منهم من اجتماع اللجنة التنفيذية ليروي رواية مختلفة؟ .

                            هل اختزل شعبنا العظيم الجبار المبدع في ثمانية اشخاص مجهولين لا يعرف شعبنا اغلب اسمائهم.

                            اي مؤامرة تحاك واي مذبحة نساق اليها؟ .

                            أما وعود الرخاء والتنمية التي يخدعون الشعب بها، نقول لكم انظروا الى مصر ان تحققت فيها هذه الوعود بعد كامب ديفيد فتوقعوها في غزة ايضاً، لا تتجاوز هذه الوعود كونها مصيدة تجلب لشعبنا العار فهذا الجهاز الخرب الفاسد والمفسد الذي دمر م»ت»ف قادر على تدمير وتخريب اقتصاد الضفة والقطاع اكثر مما خربه الاحتلال.. لا تتوقعوا من هكذا جهاز سوى مزيد من التخريب، أما بناء سنغافورة في غزة كما يعدنا شمعون بيريس فأوهام نتركها له، يحلم بتحقيقها عى باقي فلسطين. فمهندس الاتفاق بيريس يعلم ان الاتفاق يرهن اقتصاد غزة كاملاً للاقتصاد الصهيوني ويجعله تابعاً له على حساب العرب وعلى حساب اي تكامل اقتصادي عربي.

                            وبعد يا أهلنا وياشعبنا


                            هذا السلام المذل سيترككم حفنة من غبار فانهضوا واستفيقوا، ولا تبتهجوا وأمكم أمامكم تُغتصب، الاغتصاب والاحتلال كان قائماً، ولكننا نرفضه ونقاومه ونكرهه ولا يأخذ اي شرعية أما اليوم فأي ابتهاج يعني الرضا بالاغتصاب والاحتلال واضفاء الشرعية... يا اهلنا انتفضوا من جديد.. وارفعوا اصواتكم بالرفض نعم انتهت مرحلة سقطت فيها منظمة التحرير التي يتزعمها عرفات وتلك الحفنة القليلة وعلينا ان نبدأ مرحلة جديدة من جهادنا ونضالنا بجبهة جديدة ومنظمة جديدة برنامجها السياسي تحرير كامل فلسطين.

                            فنحن لم نصل الى خيار غزة» اريحا الا يوم تنازلنا عن حقنا بكامل فلسطين، لا تفرطوا في نعمة الجهاد ونعمة الاستشهاد كي لا تتحول غزة الباسلة الى ملهى. واعلموا ان هذه ارض الرباط الى يوم القيامة... الجهاد فيها قائم مستمر بقدر الله ووعده لا يوقفه لا رابين ولا عرفات. وليعلم كل المهزومين والخونة أن فلسطين ليست الاندلس، والمسجد الاقصى لن يكون قصر الحمراء بغرناطة. فلسطين في قلب القرآن ولا تموت لان القرآن لايموت، فلسطين في قلب التاريخ الاسلامي، وستبقى في قلب الواقع والحركة عنواناً على ضعفنا او قوتنا، على تخلفنا او نهضتنا، على عبوديتنا او حريتنا، على تبعيتنا او استقلالنا، على تفوقنا او وحدتنا، بل عناوناً على كفرنا او ايماننا. من فرط فيها مرتد خائن.

                            يا شعبنا العظيم


                            هذا الاتفاق لا يسير بنا الى الاستقلال بل يسوقنا ومعنا الامة العربية والاسلامية الى مذبحة، وليس من خيار سوى الوحدة ورص الصفوف والمقاومة واستمرار الجهاد.. هذا هو برنامجنا، ونحن على قناعة راسخة ان الآفاق التي تبدو مظلمة ومغلقة الان ستتفتح أمامنا وامام برنامجنا، فقدر فلسطين مع عباد الله المؤمنين وليس بيد بني اسرائيل.

                            {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }آل عمران200

                            والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                            المصدر : القيت مسجلة في المؤتمر الإسلامي الثاني المنعقد في مسجد عز الدين القسام في شمال قطاع غزة بتاريخ 16/9/1993
                            اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

                            تعليق


                            • #29
                              تأبين الشهيد مهدي بسيسو : فلسطين لن تموت لأنها في قلب القرآن الذي لا يموت

                              التاريخ: 1414-5-13 هـ الموافق: 1993-10-29م


                              *يوم جديد في عمر ابو علي مهدي بسيسو الرجل الذي وقف أمام الجلاد طويلا تحمل آلام التعذيب وانتصر عليها وعلى الجلاد. أبو علي توزع على سجون فلسطين ، قبله كان السجن مرحلة من الفوضى وبعده كان شيئاً مختلفاً روحاً وممارسة. سجون الاحتلال مع أبي علي تحولت ألى جامعات دون قاماتها الجامعات.

                              إن هذا الاتفاق أيها الإخوة ليس على أربعمائة كيلومتر مربع هي كل مساحة غزة وأريحا ولكنه اتفاق على كل المنطقة حيث تتحالف حفنة فلسطينية مؤدلجة بالأصل ضد إسلامها وعروبتها ضد اسلام شعبنا وعروبته، تتحالف مع العدو الصهيوني الذي سيمتطيها وهو يبني الشرق الأوسط الجديد.

                              اليوم مطلوب أن نلغي من ذاكرتنا أن الصهيونية حركة عنصرية توسعية احتلت أرض فلسطين ويجب أن نثبت في ذاكرتنا من جديد ما يقوله اليهود عن الصهيونية من إنها حركة تحرر وطني قاومت الاستعمار البريطاني وحصلت على الاستقلال لشعبها اليهودي. اليوم مطلوب أن نعتذر من عشرات الآلاف من الشهداء فلسطينيين وعرب ومسلمين، أن نأسف لمليارات ومليارات من الأموال ضاعت تحت عنوان فلسطين دون أن ندري أن فلسطين كانت بالنسبة لقيادة م.ت.ف التي باعت وهماً كبيراً جاء أوان التخلص منه وهكذا فقد بات شعبنا يدرك أن هذا ليس سلاما وليس استقلالا، ليس مقدمة لسلام أو استقلال إنهم يبيعون 98% من أرض فلسطين بما في ذلك القدس مقابل حكومة ذاتية على 2% من أرض فلسطين منذ أكثر من عام والإسرائيليون مستعدون للهروب من قطاع غزة من هذا الجحيم الذي اسموه ثقبا في الرأس. ولكن حفنة مهزومة ومتساقطة دفعت ثمنا غالياً غالياً مقابل انسحاب موهوم يسمح بعودة هذه الحفنة ويسلمها مقاليد الأمور في غزة بدلا عن الشعب المقاوم والمجاهد ، حفنة تعود لأجل قمع الانتفاضة وقمع الناس وقمع حلم الشعب وطموحه بكامل أرضه ووطنه. العدو لن ينسحب وسيعيد انتشار جيشه بأذكى وأخبث من السابق وإن كانت كلمة انسحاب ترد في ما يخص غزة وأريحا فالاتفاق لا يأتي على ذكرها أبداً في الضفة طوال مرحلة الخمس سنوات الانتقالية وحتى غزة الصغيرة التي لا أهمية استراتيجية لها ولا موروث دينيا يهودياً يزعمونه فيها حتى غزة ستبقى كل حدودها بأيديهم وسيدخلونها متى شاؤوا سواء لحماية المستوطنين أو لمطاردة المجاهدين والمناضلين. أما المستوطنات فحتى التي لا قيمة استراتيجية أو دينية لها مثل مستوطنات غزة فباقية ومستوطنات الضفة التي تضم الآن 120 ألف مستوطن إضافة إلى مثلهم في القدس هذه المستوطنات باقية ولا يمنع أي اتفاق من توسيعها إن لم يقوموا بزيادة عددها وليس غريباً إن نجحت السلطة الجديدة في تحقيق الاستقرار لها إن يزداد عدد المستوطنين الى نصف مليون وزيادة هذا إذن ليس استقلالا وليس سلاماً وإلا لماذا غيبوا الناس عن مفاوضاتهم السرية بل حاصروهم ودقوا عظامهم وحرموهم من أدنى الحقوق الانسانية حتى لا يضعوا شروطهم وحتى يصبحوا فجأة مذهولين أمام اتفاق مدعوم من كل الشياطين الكبار والصغار. نحن لسنا ضد انسحاب العدو من أي شبر من ارض الوطن ولكن هذا ليس انسحاباً إنه إعادة تحكم استراتيجي بالأرض ، وهكذا بضربة واحدة استطاعت حفنة فلسطينية أن تجلب المشروع الإسرائيلي الذي رفضه حتى حيدر عبدالشافي ووفده الهزيل على مدى عشرين شهرا، استطاعت هذه الحفنة أن تجلب هذا المشروع ألى قلب الساحة لتخليص الصهاينة من ثورة حقيقية وتمرد حقيقي وعلى هذه الحفنة أن تعالجه بطريقتها الخاصة. وهكذا حولوا انتصار الشعب الذي كان يؤذن برحيل جيش الاحتلال الى هزيمة نكراء . أيها الإخوة بأي حق عندما كنا نجاهد ونناضل كنا نطلب دعم العرب والمسلمين والأصدقاء واليوم وتحت عنوان السلام تأتي حفنة صغيرة لتأخذ لنفسها حق التنازل عن القدس التي لم تكن ملكاً لعرفات أو محمود عباس أو غيرهم بل هي ملك لجميع المسلمين. على مدى نصف قرن الصق بنا كثيرون تهمة التفريط بوطننا وبيع أرضنا فماذا نقول لهم اليوم والصفقة تمت أمام انظار العالم كل العالم وعلى فلسطين كل فلسطين أي عار سيلحق بنا بين الأمم وأمام التاريخ وبين يدي الله بأي حق يتم إلغاء ميثاق وطني أجمع عليه الشعب منذ مؤتمر غزة بقيادة الحاج امين الحسيني عام 1948 الى المؤتمر الوطني عام 1964م بقيادة أحمد الشقيري إلى إجماع وطني شعبي مستمر . كيف يلغي هذا الميثاق ويشطب هذا الإجماع بدون استشارة الشعب وبدون استشارة حتى المجلس الوطني الذي أشرف عرفات نفسه على تعيين الغالبية العظمى من أعضائه. أيها الإخوة هذا هو السلام المذل الذي سيتركنا حفنة من غبار إن لم ننهض ونستفيق ونرفع أصواتنا بالرفض.

                              نعم انتهت مرحلة سقطت فيها م.ت.ف التي يقودها ياسر عرفات وتلك الحفنة القليلة وعلينا أن نبدأ مرحلة جديدة من جهادنا ونضالنا بعد أن نغسل عن م.ت.ف الأدران والأوساخ لتنطلق بقيادة جديدة وبرنامج نضالي صلب يؤكد على تحرير كامل فلسطين . فنحن لم نصل إلى خيار غزة ـ أريحا إلا يوم تنازلنا عن حقنا بكامل فلسطين . لا يجب أيها الإخوة أن نفرط اليوم في نعمة الجهاد ونعمة الاستشهاد حتى لا تتحول غزة الباسلة إلى ملهى ولنعلم إن هذه أرض الرباط الى يوم القيامة. الجهاد فيها قائم مستمر بقدر الله وأمره ووعده لا يوقفه لا رابين ولا عرفات وليعلم كل المهزومين والخونة إن فلسطين ليست الأندلس والمسجد الأقصى ليس قصر الحمراء بغرناطة. فلسطين في قلب القرآن والقرآن لا يموت فلسطين في قلب التاريخ الإسلامي وستبقى في قلب الواقع والحركة عنوانا على ضعفنا أو قوتنا على تخلفنا أو نهضتنا، على عبوديتنا او حريتنا على تبعيتنا أو استقلالنا، على تفرقنا أو وحدتنا بل عنوان على كفرنا أو إيماننا من فرط فيها مرتد خائن.

                              برنامجنا أيها الإخوة يجب أن يستمر في رص الصفوف والوحدة والمقاومة ضمن إطار صلب وبرنامج أصلب ونحن على قناعة راسخة أن الآفاق التي تبدو مظلمة ومغلقة ليست كذلك إن ساحات جديدة تضاف إلى ساحة المعركة اليوم. حتى لو استطاع اليهود أن ينفذوا عبر بوابة غزة ـ أريحا إلى المنطقة فسوف يستمر الجهاد في كل فلسطين وفي ساحات جديدة المعركة اليوم لن تكون بين جيش الاحتلال وبين الحكام. المعركة ستكون مباشرة مع كل الشعوب العربية والمسلمة مع كل الأمة. في هذا اليوم يوم جديد من عمر أبي علي مهدي بسيسو رحمة الله عليك يا أبا علي وعلى كل شهداء فلسطين خائن من يتنكر لدمهم خائن من يخونهم ويفرط في الوطن الذي ذهبوا وقاتلوا واستشهدوا لأجله.

                              والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

                              المصدر : من أرشيف حركة الجهاد الإسلامي ـ بتاريخ 29/10/1993
                              اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

                              تعليق


                              • #30
                                كلمة في المؤتمر الشعبي الثاني بالسودان

                                التاريخ: 1414-6-19 هـ الموافق: 1993-12-03م الساعة: 00:00:00

                                ايها الاخوة المجاهدون


                                اعرف ان همومكم تنهد أمامها الجبال، وان مشاغلكم في بلدانكم واوطانكم تتعاظم بلا توقف. ولكنكم ستعذرونني بالتأكيد عندما اقول لكم ان الهم الفلسطيني سيبقى عنوان كل همومكم وأس كل مشاغلكم... وان هذه الهموم والمشاغل بعد اليوم ستزداد، وان حصاركم سيشتد خاصة بعد توقيع اتفاق اوسلو المسمى اتفاق غزة ـ اريحا، الاسم الحركي لمشروع تصفية الصراع مع العدو الصهيوني وانهاء مرحلة كاملة عاشتها المنطقة منذ بدايات هذا القرن، الاسم الحركي للنظام الشرق اوسطي الجديد حيث يفرض الحكم الذاتي ليس فقط على غزة واريحا وانما على كل المنطقة التي لن يجرؤ حكامها على تجاوز كونهم ولاة معينين من قبل الباب العالي في واشنطن او نائب ووكيل الباب العالي في تل ابيب.

                                غزة ـ اريحا ايها الاخوة هي كلمة السر التي يحملها بنو اسرائيل ليمروا عبر هذا الليل العربي الطويل الى كل العواصم في سهولة ويسر، ولذا فهذا ليس اتفاقاً على 400 كم2 هي مساحة غزة واريحا ولكنه اتفاق على كل المنطقة بنفطها ومياهها وطرق مواصلاتها. انه مشروع لاعادة انتاج وتجديد الالتحاق وليس مشروعاً للاستقلال، لم يوقعه الشعب الفلسطيني بل وقعته نخبة متغربة مؤدلجة بالعداوة لامتها، ادارت ظهرها ويممت وجهها شطر شمال المتوسط.

                                ايها الاخوة لقد قاوم الشعب الفلسطيني وقاومت الامة وعلى امتداد هذا القرن كل محاولات الاستعمار لفرض التجزئة وتكريسها في المنطقة، وقاومت ببسالة مشروع اقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، ولم تقبل فرض نظام من القيم والثقافة والتقاليد الغربية كما لم تقبل عملية الحاقها الاستراتيجي وانتهاكها الاقتصادي غير ان اتفاق غزة ـ اريحا يريد ان يعلن شيئاً مختلفاً، يريد ان يعلن ان اصحاب الشأن الرئيسيين في الصراع على فلسطين ـ أي الفلسطينيين ـ قد قبلوا الامر الواقع بكل تفاصيله، قبلوا بوجود دولة اسرائيلî على كل وطنهم بما في ذلك القدس، وقبلوا التعايش السلمي مع هذه الدولة، وشراكتها في نظام المنطقة العربية والاسلامية او بالأحرى هيمنتها على هذا النظام، ويريد ان يعلن ان دول المنطقة ستتبع هي الاخرى الفلسطينيين في هذا الطريق، ويريد ان يعلن ان حالة انهيار التضامن العربي التي كرست في حرب الخليج الثانية قد اصبحت هي القاعدة لا الاستثناء، وان هذه المنطقة اصبحت دولا متفرقة، كل منها يتمتع بهوية قومية خاصة لا تلزمه عربيا واسلاميا بأية التزامات ذات معنى او جدوى تجاه الدول الاخرى، وان اسرائيلî مجرد دولة جوار مختلفة قليلا عن بقية دول المنطقة، ويريد ان يعلن ان مصير هذا الجزء من العالم قد استقر والى الابد في ايدي القوى الاجنبية، او في ايدي قوة اجنبية واحدة هي امريكا. بايجاز بالغ، يمكن القول ان هذا الاتفاق ـ ان تم تمريره لاقدر الله ـ سيكون بداية لحقبة تاريخية جديدة مضمونها ان مقاومة العرب والمسلمين لمشروع الوطن القومي اليهودي في فلسطين ولتجزئة الوطن ولسياسة الحاقه والسيطرة على ثرواته وتدمير ثقافته العقائدية التاريخية كانت خطأ، وان الشهداء الذين سقطوا طوال الخمسة وسبعين عاماً الماضية قد ضحوا بارواحهم من اجل اوهام كبار ليس الا، وان ما صنعته الامبريالية في الحرب العالمية الاولى كان صحيحاً وشرعياً في حين كانت الامة بملايينها منذ ذلك الوقت على خطأ وكان نضالها وجهادها غير شرعي.

                                ان هذا الاتفاق يقسم فلسطين الى اربعة مناطق.

                                1 ـ المنطقة المحتلة منذ العام 1948م وبها زهاء ثلاثة ارباع مليون فلسطيني وقد تجاهلها وتجاهلهم الاتفاق تماماً. كما تجاهل حق العودة اليها.

                                2 ـ منطقة القدس الكبرى والتي يوسع العدو حدودها باستمرار. وقد تركها الاتفاق لمرحلة التفاوض حول الوضع النهائي، في حين يؤكد قادة العدو انها ليست محل تفاوض وانها عاصمة دولتهم الابدية. ويصل عدد المستوطنين بها الى اكثر من 140الف مستوطن اي اكثر من عدد الفلسطينيين فيها.

                                3 ـ قطاع غزة ومنطقة اريحا وهي التي ستشهد انسحابا ملموسا حسب نص الاتفاق مع بقاء المستوطنات، والتي لاينص الاتفاق على تفكيكها ولا عدم توسيعها. ومع ذلك يفاوض العدو الان على اعادة الانتشار في غزة وليس الانسحاب، حيث سيبقى الجيش لحماية الحدود والمعابر وحماية المستوطنين حول مستوطناتهم وعلى الشوارع الرئيسية، وسيكون من حق الجيش الاسرائيلي مطاردة المجاهدين في حين لن يكون من حق الشرطة الفلسطينية مساءلة او توقيف اي مستوطن دهس فلسطينياً او اطلق النار على فلسطيني. فأي معنى للانسحاب يبقى بعد كل هذا.

                                4 ـ المنطقة المتبقية من الضفة الغربية والتي ينص الاتفاق على اعادة انتشار الجيش فيها كلمة الانسحاب لم ترد بالنسبة للضفة وسيتم فقط تسليم الفلسطينيين شؤون التعليم والصحة والسياحة والضرائب والشرطة. والذي يعلم ان في الضفة الغربية 120 مستوطنة بعضها مدن حقيقية تضم صناعات متطورة، ويسكنها جميعها اكثر من 130 الف مستوطن مطلوب ان يتحركوا بحرية وامان على كافة طرق الضفة الغربية. الذي يعرف ذلك سيسخر بالتأكيد من فكرة ان الاحتلال قد انتهى لان هذا هو تكريس الاحتلال بعينه بعد ان يتخلص من الاعباء التي كانت تزعجه.

                                وهكذا ينقسم الشعب الفلسطيني الى ثلاث كتل رئيسية من هم في ارض 1948، ومن هم في الضفة والقطاع، ومن هم في الخارجî ستختفي اثنتان منها من مجال التعريف الفلسطيني خلال اقل من عقد من الزمان في حين ستتمتع كتلة واحدة بحكم ذاتي محدد على اجزاء محدودة من الضفة والقطاع في حالة سلام مع العدو، وسيجعل هذا السلام من حالة الاحتلال المكلفة وذات الطابع الصراعي حاليا، حالة من الاحتلال المقنع تتجلى فيه سلسلة من ارتباط الثنائيات ـ الضعيف بالقوي، الاقلية بالاكثرية، التابع بالسيد، العامل بصاحب العمل، الوكيل بالمهيمن وصاحب المشروع.

                                ايها المسلمون

                                ان العدو يمر اليوم من بوابة غزة ـ اريحا الى عواصمكم وهذا يعني بالنسبة لنا ان ساحات الجهاد تتسع، المعركة لم تنته بل تدخل مرحلة جديدة وافاقاً جديدة، فاستعدوا وانتبهوا وقفوا على حدودكم وابواب عواصمكم لتدفعوا الغزو الجديد الذي اكتوينا به نصف قرن.

                                ليعلم الصهاينة وحلفاؤهم ان مزاج امتنا العنيد لن ينكسر. نعم لقد خسرنا معركة ومعركة ولكننا لم ولن نخسر الحرب.. لقد مروا علينا جميعا من نابليون الى شوارتسكوف وبقيت الامة حية ناهضة وها انتم الدليل الحي.

                                ايها المجاهدون

                                ونحن ننشد اليوم دعمكم ومساندتكم وتأييدكم لنا في فلسطين فإننا نؤكد دعم شعبنا لنضالات العرب والمسلمين في كل مكان نقف مع البوسنة الذبيحة المعذبة ضد مجرمي الصرب وضد بشاعة الغرب نقف مع وحدة الشعب الصومالي وضد الغزو الاجنبي مع وحدة اليمن التي نأمل ان تستمر صلبة شامخة

                                مع المقاومة الاسلامية في لبنان التي تخوض اليوم اشرف معارك الامة ضد العدو الصهيوني

                                مع الشعب العراقي والشعب الليبي ضد الحصار الامريكي الغربي.


                                المصدر : المؤتمر الشعبي العربي ـ الإسلامي بالسودان بتاريخ 3/12/1993
                                اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

                                تعليق

                                يعمل...
                                X