إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

النص الكامل لبرنامج "حوار مفتوح" على قناة "الجزيرة" مع الأمين العام لحركة الجهاد الإس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • النص الكامل لبرنامج "حوار مفتوح" على قناة "الجزيرة" مع الأمين العام لحركة الجهاد الإس

    غسان بن جدو:
    مشاهدينا المحترمين سلام الله عليكم
    في كتاب مذكراته ينقل الرئيس الأمريكي السابق "بل كلينتون" قولاً عن نفسه واجه به الرئيس الراحل ياسر عرفات، "لقد جعلت مني رئيساً فاشلاً"، كان ذلك بعد مفاوضات كامب ديفيد عام 2000، ورفض عرفات التاريخي لتقديم تنازلات تاريخية. والحقيقة أن قول كلينتون نفسه هو تاريخي؛ تصوروا معنا رئيس الدولة الأعظم في هذا العالم يجعل مقياس نجاحه من إخفاقه القضية الفلسطينية، هذا يعني ببساطة أن هذه القضية تبقى لب الصراع الحقيقي في منطقتنا، كي لا نقول أنها باتت تختصر لب الصراعات كلها، هذا يعني أيضا ببساطة أن الملفات المعقدة وحتى المتفجرة هي بعلاقة عضوية مترابطة مع هذا الملف المركزي، هذا يعني أيضاً وببساطة ربما بأن الأمر يتعلق بإسرائيل.
    من هنا يبدو طبيعياً ومنطقياً أن نراجع هذه الملفات المعقدة والمتفجرة بالعين الفلسطينية، طالما أننا أمام قضايا تاريخية في منعطف تاريخي يحتاج قرارات تاريخية أي رجالاً تاريخيين.
    قبل أيام كانت الذكرى التسعون لوعد بلفور، واليوم نعيش ويلاته أكثر، واقع اليوم يحكي وضعاً شاذاً غريباً في فلسطين بين الفلسطينيين أنفسهم، يحكي انقساماً عربياً رسمياً ونخبوياً حول الخيارات ومن له من هؤلاء استراتيجيات، يحكي عودة لتجاذب لا بل لتنافر إيراني مع جزء عربي، واستمرار لاحتراب الإسرائيلي مع جزء عربي آخر، وهي مفارقة عجيبة لكنها قائمة.
    أمريكا هنا، نعم هنا، في كل ثنايا حالنا العربي والإسلامي، في التفصيل قبل العام، هي على أرضنا في اقتصادنا وقوتنا وسياستنا وأعلامنا وقرارنا وهي الخير كله لدى بعضنا وهي الشر كله لدى بعضنا الأخر.
    واقعنا يحكي تعقيدات لبنانية هي من طينة مغارة علي بابا وأولئك الأربعين الذين تعرفونهم، واقعنا يحكي استنفاراً سورياً، وألغاماً عراقية، وتأهباً إيرانياً، وقلقاً عربياً، ودوراً سعودياً، وخوفاً خليجياً، وتشدداً أمريكياً، وعناداً عربياً إسلامياً يعشق عنوان الممانعة والمقاومة. من رموز هؤلاء البارزين الذين نجحوا بالفعل في تعزيز موقعه، وتثبيت رؤاه، وحفظ حركته، والتنظير لخيارات تياره الإسلامي، العام قبل الفلسطيني الجهادي الخاص، أحد المطلوبين بامتياز للموساد الإسرائيلي، فلسطيني حتى العظم، غزاوي الميلاد والنشأة، بريطاني أمريكي في الدراسة والبحث والأكاديميا، وطني التربية السياسية، إسلامي الهوية والخيار، راديكالي الموقف ومعتدل الثقافة كما يقول، مساره العام الذي يدفع نحو الجهاد ويرفض منطق التسوية يعجب أنصاراً ورأياً عاماً، كما يعارضه خصوم ونخب وأصحاب قرار.
    نتحدث عن الدكتور رمضان عبد الله شلح، الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.
    مرحبا بك سيدي العزيز
    د. رمضان: أهلا بك أخي غسان...

    غسان: هذه الحلقة في مكان ما، طبيعة حوار مفتوح أن يكون معنا ضيوف أعزاء، لاعتبارات أمنية نحن مضطرون أن نستضيفك بمفردك، وهذا مفيد لنا ومفيد ربما للمشاهدين.
    دكتور رمضان، أنا قلت أن كل القضايا تقريبا متشابكة ومعقدة، هناك سباق الآن بين التسوية والمواجهة في المنطقة، بعينك الفلسطينية ماذا تقول؟
    ـ د. رمضان:
    بسم الله الرحمن الرحيم
    في البداية أتوجه لك بالشكر أستاذ غسان، ولقناة الجزيرة وللمشاهدين الأعزاء، ودعني أبدأ بالتأكيد على أننا بهذه اللوحة المخيفة التي رسمتها في المقدمة.

    غسان: مخيفة أم واقعية ؟
    د. رمضان: مخيفة واقعية، حقيقة أنا أشكرك عليها، لأنها توصف بالضبط حقيقة يجري، لكن نحن بحاجة إلى إطار تحليلي يساعد على فهم هذه اللوحة أكثر من تثبيت موقف سياسي لهذا الطرف أو ذاك، وأيضا أستعير في توصيف الواقع الإقليمي والمرحلة إلى أين تتجه بما بدأت به أنت.
    الحديث عن سباق بين التسوية والمواجهة، أقول ليس هناك سباق بين التسوية والمواجهة، لأني أبدأ بالتأكيد بأن ليس هناك تسوية؛ هناك سباق بين الحرب التي تشاع أجواؤها في المنطقة وبين من يحاول أن يمنع الحرب. إذن السباق في المنطقة بين الحرب التي يريدها الآخرون من خارج هذه المنطقة وبين منع الحرب التي يبدو الآن خيار أهل المنطقة على اختلاف مواقعهم وتوجهاتهم. المنطقة اليوم مازالت تتعرض لهجوم كاسح، قيل عنه أنه مخاض لولادة شرق أوسط جديد.. هجوم أمريكي بدأ في العراق، يطال فلسطين، يهدد سوريا، يهدد لبنان، يهدد إيران، هذا الشرق الأوسط الجديد، وهذه الخريطة الجديدة التي يراد رسمها بالمدافع في المنطقة مازال أهلها يتمسك بالمقاومة أو الممانعة فتبدو المنطقة عصية عليه.

    غسان: يعني أنت تقول لا تسوية، هناك سباق الآن بين حرب ومن يريد أن يوقف هذه الحرب؟
    ـ د. رمضان: نعم، بين الحرب ومنع الحرب، وليس بين الحرب والسلام أو التسوية.

    غسان: طيب، من يريد هذه الحرب؟ تقول أنتم في المنطقة أبناء المنطقة الذين تريدون منع هذه الحرب، من يريد هذه الحرب؟ والحرب على من؟ عليكم، على إيران، على سوريا، على السعودية، على الخليج، على مصر، على الشيعة على السنة؟ على من؟
    ـ د. رمضان: من يريد هذه الحرب؟ كلمة السر في المنطقة إذا أردت أن تفهم ما يدور فيها، كلمة السر هي إسرائيل، المحور الأمريكي الإسرائيلي أو الجبهة الأمريكية الإسرائيلية هي التي ترسم مسار هذه الحرب القادمة، إذا قدر لها أن تقع وهي التي تحدد ذلك، لماذا؟ أنا لا أريد أن أصف المنطقة بما أراها أنا، فقد لا يعجب البعض، ولكن دعني أشير إلى كيف يرى العدو هذه المنطقة، ثم نعود لنقول كيف نراها نحن. مثلا هنا أنا أشير إلى توصيف لأحد المستشرقين الإسرائيليين المعروفين، أمريكي إسرائيلي، يحمل جنسية مزدوجة، المستشرق الكبير مارتن كريمر، الذي هو موجود الآن في هارفرد وتلميذ برنارد لويس الشهير، هذا المستشرق يقول فيما يتعلق بعلاقة إسرائيل بالمنطقة، الصراع مع إسرائيل مر بثلاث مراحل، المرحلة الأولى أسماها مرحلة الصراع العربي الإسرائيلي عندما قاومت المنطقة ورفضت وجود إسرائيل وقاتلت، وقال مُني العرب فيها بهزائم، ثم انتهت هذه المرحلة، من وجهة نظره، في عام 1979 عندما خرجت مصر من الصراع العربي الإسرائيلي، ثم يبدأ بعد ذلك، من وجهة نظر هذا المستشرق، ما سمي بالصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي. يقول كريمر، الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي انتهي برحيل ياسر عرفات، ليبدأ من وجهة نظره ما هو معروف بالصراع الإسلامي ـ الإسرائيلي. أمريكا تعتبره صراعاً إسلامياً غربياً وتدير حرباً ماكينتها في كل مكان في العالم على ما يسمى "الإرهاب الإسلامي".
    كريمر يقول إن الحرب التي وقعت في لبنان في العام 2006، لم تكن حرباً عربية إسرائيلية سادسة، بل كانت حرباً إسلامية إسرائيلية أولى، إذن المنطقة من وجهة نظر أميركا وإسرائيل الذين يريدون الحرب، أن إسرائيل تواجه خطراً وجودياً اليوم بما تسميه الحلف الإسلامي وبما فيه حركات المقاومة وتؤيده سوريا وتؤيده كثير من الحركات والتجمعات القومية والإسلامية والعربية، أي ما يسمى بجبهة المقاومة والممانعة.
    في مؤتمر هرتسيليا الذي عقد في بداية هذا العام، إذا تفحصت أكثر من ست دراسات إستراتيجية كلها تتحدث عن الخطر الوجودي الذي يواجه إسرائيل. إسرائيل اليوم تقول إنها تواجه خطراً يريد أن يستأصلها من الخريطة، وهي رفعت شعار استئصال كل من يرفض إسرائيل في المنطقة، هذه هي طبيعة الحراك في المنطقة.

    غسان: دكتور رمضان، نائب رئيس الوزراء شاؤول موفاز يقول التالي: كل الخيارات مطروحة لوقف برنامج إيران النووي بما في ذلك اللجوء للقوة العسكرية.. هل تعتقد أن هذا الكلام جدي؟
    ـ د. رمضان: طبعاً جدي، لأننا إذا أردنا الآن أن نقترب من التفاصيل والملفات المطروحة في هذه الصورة الكبيرة للمنطقة، ففيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، التحريض على ضرب إيران هو تحريض إسرائيلي، وإسرائيل منذ سنوات وهي تحاول إقناع الإدارة الأمريكية بممارسة هذه الضربة ضد إيران، ولو ترك ضرب إيران إلى إسرائيل فالقرار لدى إسرائيل متخذ، لا يكاد يوجد صوت معارض في إسرائيل لا يريد ضرب إيران، طبعاً هم الآن يسلموا بأن يتركوا الأمر لما يسمى المجتمع الدولي، وأن يمارسوا العقوبات، ولكن خيار الحرب قائم، وخيار الحرب مفتوح، عندما يهدد، لماذا؟ لأنهم دخلوا في سباق مع الزمن. في الإدارة الأميركية، ما زال الرئيس بوش متردد، من حوله وزير الدفاع ووزيرة الخارجية لا يحبذون الحرب، ديك تشيني والمحافظين الجدد يريدون الحرب على إيران باعتبارها قاعدة المشروع الإسلامي الذي يواجه إسرائيل، حزب الله لما طالته المعركة كانت إيران في الصورة لديهم، بأن يتم تكسير هذا الذراع بحيث يستفرد بإيران لاحقاً ولا تجد إيران من يدافع عنها بضرب إسرائيل. لذلك يأتي اليوم هذا التحريض لأنهم دخلوا في سباق مع الزمن، والهجوم على البرادعي مرتبط بهذه المسألة، هم يريدون أن يجمعوا أدلة يبيعونها لجورج بوش على طريقة العراق، ولكن البرادعي لا يقوم بهذا الدور، إسرائيليا أصبح البرادعي هدفاً لأنهم يحاولون أن يصلوا إلى وقت الضربة لإيران قبل ذهاب بوش.

    غسان: عفوا... إذا أردت إجابة مباشرة ومكثفة، هل إن هذا القول بمعنى إسرائيل قد اتخذت قرارا بضرب إيران، هل هي مستعدة لهذا الأمر؟ وأنت تتحدث الآن عن ضربة عسكرية؟
    ـ د. رمضان: أنا أتحدث عن الرغبة الإسرائيلية ولا أتحدث عن القدرة الإسرائيلية، قلت لو ترك الأمر لإسرائيل وحدها القرار متخذ فيها، أما هل تستطيع إسرائيل أن تضرب إيران وأن تحقق أهدافها، هذه مسألة أخرى، هذه مسألة أعقد من ذلك، وإسرائيل ما زالت تدرس ذلك، حتى أمريكا مازالت تدرس هذه المسألة، والذي يؤخر الضربة بنظري هو عدم معرفة أميركا ماذا يكون رد الفعل الإيراني، لم يستطع الأمريكان حتى الآن أن يكوّنوا صورة كاملة لطبيعة الضرر الذي يمكن أن يحدثه هذا الاستهداف لإيران.
    وبالمناسبة قبل أيام يوم 3 من هذا الشهر، مارتن كريفيلد أحد أكبر المؤرخين العسكريين في العالم، وهو إسرائيلي، يبدو أنه استفتي في ضرب إيران، حاول أن يقول بأن الضرر الذي يمكن أن يترتب على إسرائيل أو أميركا أقل مما يتصور العالم، بمعنى أنه يمكن استيعاب آثار الرد الإيراني، لكنه لا ينصح بضرب إيران، لأنه في حقيقة نفسه يدرك أن المنطقة كلها يمكن أن تذهب إلى حريق شامل، أحد السيناريوهات التي تهدد بها إيران يمكن أن تقود إلى حرب عالمية، وضع المنطقة الإقليمي، النفط، العلاقات الدولية المتشابكة مع هذه المنطقة، كما قال بعضهم كأن المنطقة تتحول إلى فاخورة يعني فخّار، وإذا جاءت أميركا فالحرب ستكون مثل ثور هائج سينطلق حتى يكسر كل شيء..

    غسان: لكن هناك من يقول أن الضربة القادمة ستكون لسوريا وليست لإيران باعتبار أن هناك من يصف سوريا بأنها الحلقة الأضعف؟
    ـ د. رمضان: عندما تحدثت عن مارتن كريمر فهو يقول الحلف الذي يواجهه هو هذا الخطر، وهو الحلف الإسلامي الذي قاعدته الأساسية إيران وحزب الله، وهو بالمناسبة يقول إن هؤلاء شيعة لديهم مشكلة في المنطقة لا تسمح بأن يتحدوا مع السنة وأن يتحدوا مع العرب، الموضوع الفارسي العربي، والموضوع السني الشيعي، بناء على ذلك هم يخططون لإحداث فتنة وحرب إسلامية- إسلامية. لكن هذا التوصيف يبنى عليه إستراتيجية في إدارة هذا الصراع من قبل الإسرائيليين والأميركان، رفع شعارها الإسرائيليون أكثر من الأميركان، وهي كلما قلصنا دائرة الهدف وحصرناها في إيران في المنطقة أفضل، تفكيرهم يقول لا نريد أن نحرج بضرب العرب ممثلين بسوريا لأن ضرب إيران أسهل إذا أثرنا العداء العربي والسني ضد الشيعة وضد الصفويين كما يشاع الآن. إذاً هم يحاولون فك الارتباط بين سوريا وإيران والسياسة المستخدمة بتقديري الآن تجاه سوريا هي سياسة الترغيب والترهيب كما يقولون، الفزاعة المطلقة بشأن الحرب على سوريا هي من باب ترهيب سوريا، لكن سوريا تدرك ذلك، يعني هذه ليست جديدة في السياسة، ولا في إدارة الصراع مع إسرائيل. سوريا تدرك أهداف هذه المسألة، لأن الحرب على سوريا أيضا ليست نزهة. وإذا أردنا أن نستدل كيف يفكر الإسرائيلي بالحرب في المنطقة، هم قالوا لنا منذ خروج مصر من الصف العربي، هناك قاعدة "لا حرب في المنطقة بدون مصر"، حرب تموز كسرت هذه القاعدة.. قالت إن تنظيماً أو جماعة مسلحة بحجم حزب الله يمكن أن تخوض حرباً شبه نظامية فيها طابع فدائي وحرب عصابات من جهة ثم الحرب النظامية من جهة، وقدرة الردع الصاروخية التي طالت العمق الإسرائيلي ونزح حوالي ثلاثة أرباع مليون إسرائيلي بين نازح وتحت الأرض، إذا كان حزب الله استطاع فعل ذلك، ماذا يمكن أن تفعل سوريا؟! يعني هذا العدو مهدد، وليس هو السوبر الذي يستطيع أن يضرب وهو مرتاح. أن يضرب سوريا بينما الإسرائيليون لا يقع بهم أي أذى! هذا لن يحدث، لأن سوريا تملك مقومات حقيقية للدفاع عن نفسها. الطيران الإسرائيلي عندما يضرب لبنان على مدار أسابيع ثم يُضرب العمق الإسرائيلي بالصواريخ، إسرائيل فهمت الدرس الذي لم تفهمه في العراق بأن الضرب من الجو لا يستطيع أن يحسم معركة بهذا النوع. إذاً سوريا لن تكون لقمة سائغة حتى يقولوا الحرب اليوم أو غداً أو بعد غد. هذه الحرب لن تكون نزهه مطلقاً، وهم مازالوا في سياسة المراوحة والترهيب الترغيب، وحتى يصلوا إلى الهدف وهو فك التحالف بين سوريا وإيران.

    غسان: أين أنتم إذا حصل هذا الأمر، بمعنى أردت أن ألخص معك، أنت تنظر بجدية بالغة للتهديدات الإسرائيلية بأنها يمكن أن تضرب إيران، أنت تجزم الآن بأن قرار الحرب هو متخذ ولكنهم يختارون التوقيت أو أنهم ربما لا يعلمون رد الفعل الإيراني على الأقل، هذه رغبة جدية لدى الإدارة الأمريكية هناك إمكانية لسوريا ولكن إيران هي في البدء، إذا حصل هذا الأمر أين أنتم كقوى فلسطينية؟ أنتم قوة أساسية موجودة في الداخل وأيضاً لكم حضور ووجود في الخارج، إذاً بوضوح دكتور رمضان عبد الله، الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، إذا حصلت حربٌ في خارج الساحة الفلسطينية هل أنتم جزء من هذه الحرب أم لا؟
    ـ د. رمضان: أولاً أنا أطمئنك وأريحك أنا لا أعترف بحدود سايكس بيكو. أنا فلسطيني في بطاقة السفر أو الهوية أو جواز السفر أو وثيقة السفر لأني ما عندي جواز سفر بل وثيقة سفر لاجئ فلسطيني.. أنا أقيم في بلد اسمه سوريا التي آوتنا وفتحت لنا قلبها وصدرها عندما أغلقت كل الدنيا أبوابها. عندما تتعرض سوريا أو أي بلد عربي، لو كنا موجودين في مصر، أو لو كنا موجودين في السعودية، أو حتى في أي مكان في العالم ثم يستهدف هذا البلد الذي هو مكان إقامتنا وهو في الأصل جزء من الأرض العربية والإسلامية، أنا الحكم الشرعي عندي إذا تعرضت أرض العرب والمسلمين إلى غزو أجنبي فأنا مكلف شرعاً أن أدافع عن هذا البلد. فقط إذا البلد قالت لي ليس لك مكان في هذه المعادلة ودخولك يوقع ضرراً أو يعني يعكر إدارة هذا الصراع، أما أنا تكليفي الشرعي والوطني والقومي والإسلامي والأخلاقي والإنساني عندما يحدث عدوان على أي بلد عربي مسلم وأستطيع أن أشارك في الدفاع عنه، خاصة إذا أنا موجود فيه، فأنا مكلف بالدفاع عنه.

    غسان: خلينا نتحدث بأكثر وضوح وأكثر عملية، نحن نتحدث الآن عن حرب محتملة في هذه المنطقة، أنتم كحركة الجهاد الإسلامي سواء كنتم في داخل الأراضي الفلسطينية أو في الخارج قل لي من فضلك ستشاركون وكيف يمكن أن تشاركون؟
    ـ د. رمضان: أولاً في الداخل حربنا مع العدو الإسرائيلي مفتوحة على مدار الوقت، ونحن نخوض في فلسطيني حرب الدفاع عن النفس وحرب تثبت..

    غسان: (مقاطعاً) دكتور رمضان كلنا نتمنى أن لا تقع هذه الحرب مطلقاً، لكن هب معي الآن أن هذه الحرب حصلت غداً بعد غد ماذا ستفعلون عملياً؟
    ـ د. رمضان: بعد غد.. مثلاً حدثت حرب في العام الماضي في لبنان، ونحن موجدون في لبنان، من الذي يقود هذه المعركة في الدفاع عن لبنان؟ حزب الله. دخولنا في المعركة أو عدم دخولنا هذا يتطلب التنسيق مع قيادة هذه المعركة، أنا لأستطيع أن أقول لك إننا سنفعل كذا وكذا إلا إذا وقعت حرب أو تعرض البلد الذي نحن فيه لعدوان، وكان من الضروري ومن اللازم أن نشارك، فنحن مستعدون للدفاع عن كل ذرة تراب من الأرض العربية الإسلامية بأرواحنا، وكما نقاتل في فلسطين سنقاتل دفاعاً عن أرض العرب المسلمين خارج فلسطين.

    غسان: كلام واضح أنت كررت أكثر من مرة حرب تموز ونحن نعرف جيداً أنكم تعتبرون بأن ما حصل في حرب تموز هو انتصار كبير، وأنه يدفع بمعنوياتكم وحتى أسقط "تابو" كما سميته. بعد حرب تموز العام الماضي، في العشرين من أكتوبر/ تشرين الأول 2006 في مهرجان للجهاد الإسلامي في الشجاعية تحدثت وقت ذلك عبر الهاتف، وقلت مسألتين أساسيتين " إن إسرائيل إلى زوال ولا تسوية، بل هناك سلاح حتى قلت إسرائيل هي لزوال ولن نعترف بها بأي ثمن، وقلت أيضاً علينا ألا نسمح لأنفسنا بالاعتقاد ولو للحظة أن المعركة قد انتهت، أو أن الصراع في طريقة للحل بالتسوية وفق الطريق الفاشلة وألاعيب السياسة.. فلسطين سلبت منا بقوة السلاح والنار ولن نستعيد ذرة من ترابها بغير السلاح والمقاومة". أنا سؤالي هنا دكتور رمضان هو" لماذا تقول لا يمكن أن نسمح لأنفسنا بالاعتقاد ولا تقول علينا ألا نعتقد؟ كأنك الآن تريد أن تقهر ذاتك، وتقهر الشعب الفلسطيني، وتقهر أنصارك، وتقهر الرأي العام العربي، وتقول إياكم أن تفكروا أصلاً في إمكانية التسوية مع إسرائيل، أي أنت حتى إخوانك الفلسطينيين الذين يذهبون إلى التسوية، تقول لهم لا تفكروا أصلاً في التسوية دعهم يخوضوا التجربة؟
    ـ د. رمضان: أولا أنا لا أقهر ذاتي، أنا منسجم جداً مع ذاتي ومع نفسي، ومقتنع بكل كلمة قلتها، أنا إذا اعتقدت كرمضان وكجهاد إسلامي بعدم زوال إسرائيل من الوجود، أنا أشك بإيماني بالله سبحانه وتعالى، وهذا أمر يخصني، لأن الأمر مرتبط بالعقيدة الإسلامية، فلسطين بالنسبة لي آية من القرآن الكريم، هذه مقدسة بنص القرآن، مذكورة ثمان مرات، إذا في واحد يقدر أن يشطب من القرآن آيات الصلاة والصيام والزكاة والحج يتفضل يشطب آية فلسطين من القرآن وليحضر كل الأساطيل ليفعل ذلك.. لا يقدر! أما فيما يتعلق بإخواني الذين اختاروا التسوية فهم جربوا. وأنا أطالب الآخرين ولا أقهرهم، أنا أنصحهم ولا أقهرهم، أنا أطالبهم بأن يكفوا عن هذا الغي بتجريب المجرب، وكما يقولون عندكم بلبنان "اللي بيجرب المجرب عقلو مخرب"، إلى متى نحن مستمرون في هذه التجربة؟!
    المطروح علينا أخ غسان، أقول لك بكل صراحة، إذا أردت أن تحل قضية فلسطين وتجرب، عندك أكثر من سيناريو: إما أن يكون لديك حل فلسطيني، أو حل إسرائيلي، أو حل عربي وإسلامي، أو حل دولي. المعروض علينا بعد انتصار أميركا في الحرب الباردة وبعد حرب الخليج وانهيار الاتحاد السوفيتي، هو حل إسرائيلي دشنته إسرائيل بدعم النظام الدولي، حل إسرائيلي لماذا أو لأي شيء؟ حل إسرائيلي للمسألة الإسرائيلية، حل إسرائيلي للمسألة اليهودية، التي اقترح هتلر يوماً ما حلاً لها بالإبادة النازية. الغرب وقف في وجهه لكنه لم يقف في وجه المشروع الصهيوني، ووعد بلفور الذي أنتج المسألة اليهودية. الآن هم أجابوا على "المسألة اليهودية" بخلق "المسألة الفلسطينية" على أنقاض شعب فلسطيني كامل، 5 مليون لاجئ، لقد أجابوا على السؤال بسؤال. نماماً كما هو في النكتة الإنجليزيةwhy Jews answer a question with a question- why not? والمعنى، سألوا لماذا يجيب اليهود عن السؤال بسؤال فأجاب: لم لا؟! يتفضلوا في أنابولس أو غيره يقدموا لنا جواباً.. أنا أقول لك بصراحة، المنطقة منذ وعد بلفور إلى قيام إسرائيل في النكبة الأولى، إلى 1979 كما يقول مارتن كريمر وآخرين من اليهود، عاشت مرحلة الرفض التام لإسرائيل، وكان الموقف لا نريدهم، غريبين عن المنطقة يا أخي، جاءوا ليزرعوا بقوة النار والحديد كياناً على أنقاض شعب آخر، ما هي هذه الإنسانية والبشرية والديمقراطية التي تسمح بهذا الظلم وهذه الوحشية؟! المرحلة الثانية القبول القسري بإسرائيل، مرغم أخاك لا بطل، بعد كامب ديفيد، وبدأت المسبحة تكر ليومنا هذا. في المتخيل الإسرائيلي هناك مرحلة ثالثة هي القبول الطوعي والمطلق بإسرائيل، أن تصير إسرائيل حبيبتنا وجارتنا التي تحب لنا الخير ويصير أعداؤنا هم سوريا وإيران وحزب الله وحماس والجهاد، أن نخترع أعداءً وهميين من داخل جسدنا وجسمنا الحضاري والإسلامي والعقائدي.
    الصراع الآن بين رؤيتين، هم يقولون أنتم جريمتكم، حزب الله وحماس والجهاد والمقاومة، أنكم تريدون أن تدفعوا المنطقة ليس للصراع العربي الإسرائيلي فقط، بل للصراع الإسلامي الذي يريد أن يحضر الاندونيسي والإيراني والتركي كلهم، لأن العروبة جزء من الإسلام وليس نقيضاً له. الآن الشعوب تطالب بالعودة للصراع من بداياته وترفض هذا الجسم الغريب وتقاوم وتحقق نجاحات، حزب الله قاوم وحقق نجاحات. طيب، الآخرون، إسرائيل وأميركا، يريدون أن يسحبوا المنطقة إلى القبول المطلق، بمعنى أن تكون إسرائيل جزءاً من معادلة سايكس بيكو، مثلها مثل الكويت إذا كان صدام حسين يغزو الكويت يأتي العرب والأمريكان والعالم كله، ومن يغزو إسرائيل، فلسطيني، عربي مسلم، يتكسر دولياً وإقليمياً من أجل حماية وتحرير "أرض إسرائيل" في قلب هذه المنطقة، وهذا يحدث برأيهم عندما يعترف بالكيان في حقه بالوجود كجزء أصيل من هذه المنطقة.

    غسان: بمشاركة عربية؟
    ـ د. رمضان: بمشاركة عربية طبعاً، ولذلك أنا أقول عبر الجزيرة، عندما قيل عن لبنان "مغامرة غير محسوبة"، أحد التفسيرات كانت أن العرب يريدون أن يضعوا أقدامهم على طريق القبول الطوعي بإسرائيل. لكن إسرائيل في الأصل لم تقدم شيئاً، لذلك تم استدراك هذا الأمر وأخذ خطوة إلى الخلف. لماذا إسرائيل ترفض المبادرة العربية؟ لأنها تعرف أن كل هؤلاء العرب الذين قدموا هذه المبادرة يعدونها بالتطبيع، ولكن التطبيع، بما هو تعايش اجتماعي، و تبادل اقتصادي، هو مع الشعوب. شارون عندما قال عن المبادرة هذه لا تستحق الحبر الذي كتبت به، لأنه أدرك أن الأنظمة تريد أن تبيع له ورقة لا تملكها. الشعوب إما جزء يقاتل إسرائيل وأميركا في فلسطين ولبنان والعراق وإما جزء يدعمهم ويدعوا لهم ليل نهار، فمع من يوقع هؤلاء، ما في توقيع، ما في حل نهائي مطلقاً، إسرائيل لا يمكن أبداً أن تسلم بأن تعطي دولة فلسطينية أو الحلم الذي قيل عنه في المبادرة هو ثمن للتطبيع، لأنه ليس بأيدي الأنظمة هو بيد الشعوب.

    غسان: هل تعلم دكتور رمضان عندما يسمعك الإسرائيلي والأمريكي وبعض العرب أيضا عندما يسمعونك تتحدث بهذه الطريقة، يقولون هذا كلام خطير وخطير جداً، لأنك تقول أنا أعلن هذا الموقف وأجسد إعلاني بالعمل، عندما سألتك إذا نشبت حرب في هذه المنطقة قلت سنشارك إما بتكليف شرعي أو لاعتبارات سياسية، وعندما سألتك هل ما زلت متمسكاً بزوال إسرائيل بالسلاح، قلت نعم، سؤالي الآن في الأوضاع الفلسطينية والعربية الراهنة، وسؤال مباشر قبل الفاصل من فضلك؟ الآن داخل الساحة الفلسطينية وأنت تتمسك بالمقاومة وغيرها من الشعارات والعناوين هل أنت متمسك بالسلاح الآن من أجل ضرب إسرائيل أم لا؟ بما فيها الصواريخ؟
    ـ د. رمضان: أصلا إذا تنازلنا عن حقنا في المقاومة بكل وسائلها، بكل ما نكملك من وسائل بسيطة متاحة لنا نحن نفقد مبرر وجودنا.

    غسان: أنا سؤالي واضح ، هل أنت متمسك بالمقاومة واستخدام السلاح الآن في هذه المرحلة؟
    ـ د. رمضان: نحن متمسكون بخيار المقاومة في كل الأحوال، ولكن شكل المقاومة، توقيتها، إدارة الصراع باستخدام أدوات المقاومة، هذه مسألة ليست اعتباطية، بل تخضع لظروف واعتبارات ميدانية وظروف المجاهدين، وأحوال شعبنا، علاقاتنا الداخلية، كلها تتحكم في كيفية إداراتنا لهذا الصراع.

    غسان: ربما لتفادي أو حتى لا تقدموا الحجة لإسرائيل وتعاود احتلال غزة ؟
    ـ د. رمضان: إسرائيل لا تحتاج حجة، إسرائيل عندما احتلت فلسطين ورمتنا في الشتات مثلي الآن أنا لاجئ، وأنت ربما تحمل بدل جواز السفر جوازين، أستاذ غسان، إسرائيل لا تريد حجة، أوروبا فشلت في حل المشكلة اليهودية بالإبادة، إسرائيل أخذت الدرس لتطبقه علينا بأن تحل المسألة اليهودية بإبادة الشعب الفلسطيني ولكن بالتقسيط، قتلنا أصبح مشهداً مألوفاً، عادياً، حتى رئيس السلطة الفلسطينية أنت تسمع أن هناك خمسة شهداء، عشرة شهداء، هذا لا يمنع أن يزور أبو مازن أولمرت ويطمئن على سلامته من البروستات، أما الذين تهرسهم جرافات أولمرت لا أحد يسأل عنهم ويقول لهم عظم الله أجركم.

    غسان: حول أنابولس وقضايا أخرى، نناقشها مع دكتور رمضان بعد الفاصل، أرجوا أن تتفضلوا بالبقاء معنا.
    غسان: مشاهدينا الكرام، أهلاً بكم من جديد، السباق بين المواجهة والتسوية في المنطقة بعين فلسطينية، مع ضيفنا الأمين لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الدكتور رمضان عبدالله، طبعاً هذا كان عنواناً لكن الدكتور رمضان بدأ بالقول لا سباق بين التسوية والمواجهة، بل هو سباق بين حرب ومن يريد أن يمنع الحرب، نحن على مشارف، نظرياً، مؤتمر أنابولس، هل هو مؤتمر؟ هل هو لقاء أو اجتماع؟ هناك عدة مصطلحات تراكمت في المدة الأخيرة، دكتور رمضان، لماذا ترفضون هذا الاجتماع هل أنه لمجرد أنه سيطرح إمكانية التسوية، أم لأنه محطة مفصلية تاريخية في مسار مخالف لإستراتيجيتكم، أم ببساطة وكل صراحة قد يسحبوا البساط من تحت أقدامكم، لأن هناك طرفاً يدعو إلى التسوية والمفاوضات، وهناك مؤتمر ولقاء دولي يسمح له.
    ـ د. رمضان: أولاً نحن لسنا منزعجين من هذا المؤتمر كثيراً بالمناسبة، لأنه فيما تفضلت به، بالإشارة إلي موقف كلينتون، عندما قال للرئيس الراحل ياسر عرفات بأنك جعلت مني فاشلاً، على الأقل نحن متأكدون أن هذه محطة فشل جديد للرئيس الأمريكي بوش، حاول أن يجني منها نجاحاً ليغطي على فشله في العراق. نحن ضد هذا المؤتمر لأنه لم يأت بمبادرة فلسطينية ولا عربية ولا إسلامية تتلمس مصلحة لنا نحن كفلسطينيين أو عرب أو مسلمين، المبادرة أمريكية لأن المؤتمر مصلحة أميركية إسرائيلية بالدرجة الأولى.

    غسان: ما هي أهدافها؟
    ـ د.رمضان: أهدافها أولاً أن بوش يريد أن يقول للعالم إن ما أطلقته من حديث "رؤية الدوليتين" أنا جاد، وتعالوا نتحدث في هذا الموضوع، لكن هو يدرك أن كل المقومات على الأرض والظروف الميدانية لن تسمح له بذلك، عنده أهداف أخرى أهم من هذا، هو يريد الآن في موضوع المنطقة أن يحشد رأياً عاماً أو يعزز جبهة الاعتدال أو ما يسمى بالاعتدال.

    غسان: (مقاطعاً) الاعتدال العربي؟
    ـ د.رمضان: "الاعتدال العربي" لتأمين غطاء استعداداً لضرب إيران في المستقبل. هو يريد أن يغطي على فشله في العراق، ويريد أن يعزز وضع أولمرت ويغطي على فشله وهزيمته في حرب لبنان، وهو يريد أن يعزز وضع أبو مازن ويرفع معنوياته بعد ما حدث في غزة، كل هذه الأمور أيضاً يريدون منها التغطية على فشل بوش وسقوطه في مستنقعات كثيرة في المنطقة ليقول للشعب الأمريكي أنه ما زال يمسك بزمام المبادرة، وهو مازال سيد العالم ومازال يفتح آفاقاً للسلام، هذه هي القصة. فيما يتعلق بفلسطين، يُراد تبريد الساحة الفلسطينية استعدادا للدخول إلى جبهات جديدة في المنطقة التي تعيش على صفيح ساخن الآن وكأنها رمال متحركة اليوم.

    غسان: يعني تنظر بسلبية بالغة لهذا المؤتمر؟
    ـ د.رمضان: أنظر من وجهة النظر الأميركية، طبعاً إسرائيلياً الوضع أسوء. الإسرائيليون يريدون تعزيز حالة الانقسام باحتضان أبو مازن والتأكيد على الشراكة معه، التأكيد على الشراكة مع أبو مازن وتعزيز حاله الانقسام يعني أن الصراع اليوم لم يعد فلسطينياً إسرائيلياً بل أصبح صراعاً فلسطينياً فلسطينياً. يردون أن يثبتوا تنازلات جديدة وخطيرة من أبو مازن فيما يتعلق حتى ببرنامج منظمة التحرير والدولة في حدود 67، وإذا أردت أن نحكي في التفاصيل، التفاصيل خطيرة وكثيرة، يردون أيضاً...

    غسان: (مقاطعاً) يعني التفاصيل معك؟
    ـ د.رمضان: أتحدث عنها يريدون أيضاً أن تعود السلطة إلى وظيفتها التي اخترعتها لها أوسلو.. أن تعود إلى خارطة الطريق ويصبح مهمة السلطة حفظ أمن إسرائيل ومطاردة وملاحقة المقاومة في الضفة الغربية وضربها واجتثاثها بالمعلومات والتنسيق الأمني، جنباً إلى جنب مع قوات الاحتلال التي تطارد المقاومة على مدار الوقت. إذن هذا كله يصب في مصلحتهم. جماعتنا "رايحين" وفي ذهنهم أن هذا المؤتمر يمكن أن يؤسس مفاوضات تعود علينا بدولة. وبعد ما سيطرت حماس على غزة، نحن نعزز وضعنا في القطاع والضفة الغربية، نؤكد على شرعيه أبو مازن والسلطة الفلسطينية في رام الله ونعزل حماس، هكذا يفكرون. إذن المسألة فعلاً مسألة داخلية، أما الخطير هو ما يمكن أن ينتج في التفاصيل عن هذا المؤتمر، إذا تم الاتفاق على انطلاق المفاوضات بناء على أسس يضعها الإسرائيلي ولا يضعها الطرف الفلسطيني.

    غسان: من قال إنه يضعها الإسرائيلي الآن في عدة مباحثات وجلسات مراثون، يعني إخوانك الفلسطينيين في الداخل والسلطة يناضلون، أكثر من لقاء، أكثر من اجتماع، أكثر من تصريح، كلهم من أجل أن يحصلوا على مكاسب جديه؟
    ـ د.رمضان: "شوف" أولاً هذا ليس الوقت المناسب للحصول على أي مكسب، أنا ضد المفاوضات ولا أؤمن بها كخيار لاسترداد الحقوق، ولكن إذا كان أولمرت يقال عنه الآن، بالفشل وهزيمته في لبنان، والملاحقة القضائية لأمر الفساد، وبوضع الائتلاف الهش الذي يعاني منه، يقال عنه "بطه عرجاء". أولمرت ليس في وضع يقدم فيه أي تنازل لأبو مازن. وبعض الإسرائيليين قال إذا كان أولمرت "بطة عرجاء" فأبو مازن "بطة مكسورة" للأسف، بعد ما حدث في غزة، ماذا يفعل البط الأعرج والبط المكسور بهذه المناسبة؟ أبو مازن لا يدري أنه نصب له فخ في أنابولس، لماذا؟ لأن الإسرائيلي الذي معنوياً يجامله ويحترمه ويستقبله سيقول له عند لحظة الاستحقاق، أنت تمثل من يا أبو مازن؟! وسنعود إلى مربع منظمة التحرير والأردن في الصراع على التمثيل. اليوم الوضع أخطر، سيقال بأن الصراع على التمثيل الفلسطيني والشرعية الفلسطينية، موجود داخل البيت، بعد ما حدث في غزة. إذن ليس هناك فرصة.
    في التفاصيل، أنا أقول لك، أبو مازن ذاهب يريد دولة في حدود 67 .. سجّل إذا أنت "مسجل شو أنا حكيت في الشجاعية" سجل علىّ في مقابلتك اليوم، يا أستاذ غسان، في الجزيرة، أن أبو مازن يريد دولة في حدود 67، وكل الأمة العربية تسمع الآن، ليس هناك دولة في حدود 67، حدود 67 لهم شهور إخواننا يفاوضون عليها، وسيتم مبادلة الأراضي، سيأخذون أراضي الضفة الغربية ويعطونا في صحراء النقب شرق غزة بعض الأمتار. يقولون لنا تفكيك المستوطنات، لن تفكك المستوطنات! كما هي فلسطين التاريخية فيها ثلاث كتل بشرية في تل أبيب وحيفا والقدس، تتجمع إسرائيل الثانية في المستوطنات، فيها نصف مليون مستوطن في القدس والضفة الغربية، والقدس جزء من الضفة، هؤلاء سيجمعون في ثلاث كتل استيطانية وتبقى المستوطنات تقطع أوصال الضفة الغربية، التي ستكون في كانتونات تحت الأرض، وفوق الأرض، وأنفاق، يعني كأنك تحضر فيلماً من هوليوود. هذه هي الدولة الفلسطينية. يقولون اللاجئين، سجل وحط تحتها مئة خط "فش عودة لاجئين" في كذب عربي وفلسطيني رسمي علينا، في مئة ألف فلسطيني، إسرائيل ستسمح بهم على مدار سنوات لا يعلم بها إلا الله، ستحدد إسرائيل أعمارهم وانتماءهم ووزنهم وطولهم "وشو يأكلوا وشو بشربوا".. مشكلة اللاجئين حرروا منها إسرائيل والتزامها الأخلاقي بها وستحل خارج حدود بما يسمى بإسرائيل، ماذا بقي بند القدس؟ الكنيست الإسرائيلي الآن مزمع على اتخاذ قرار ليصوتوا على مبدأ لا قسمة للقدس وأنها عاصمة إسرائيل الموحدة.. قصة القدس صارت حارات وأحياء، تعالوا نتفاوض على الأمور الدينية، ثم إن اتفاق وادي عربة ربط القدس بالأردن في موضوع السيادة الدينية، وهذا يؤشر أن كل الحل القادم سيراقب أبو مازن يصمد أمام الانقسام في غزة، أو يصمد مع حماس. في كل الأحوال، الأردن لها دور.. الكلام الخطير الذي أشرت له وما أحببت أن أفصل عندما يقول مارتن كريمر انتهى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بموت ياسر عرفات أي أن أي شبهة فلسطينية ومصلحة فلسطينية كانت موجودة للفلسطينيين بهذا الحل ذهبت مع هذا الرجل، والآن نحن نشتغل تفاصيل ومفاوضين..

    غسان: (مقاطعاً) وأين الخطورة ؟
    ـ د.رمضان: الخطورة، بالأمس داني روبنشتاين يوم الثلاثاء كتب مقالاً في هآرتس، إقرأ هذا المقال أستاذ غسان، ليقرأوه الناس، قال: "انتهت الحركة الوطنية الفلسطينية" يعني التي قادتها منظمة التحرير، وهذا المطل على ما يجري في المقاطعة برام الله، وما يجري عند الإسرائيليين والأميركان، يقول كله الآن يغادر ويقفز من السفينة! من يملأ الفراغ؟ قال الحركات الإسلامية ومصر والأردن. أنا أقول لك الأردن، وسجل علي هذا، لها دور في أي حل قادم، إن كان في حل نهائي، في تصفية قضية فلسطين، أو حل مؤقت بأن يكون لها تقاسم وظيفي أمني مع إسرائيل وبقايا السلطة الفلسطينية الموجودة في رام الله، سلطة أبو مازن وسلام فياض.. هذا وضع خطير جداً القضية الفلسطينية في عقلهم الآن.

    غسان: (مقاطعاً) صراحة هذا كله معلومات دكتور رمضان؟
    ـ د.رمضان: معلومات..

    غسان: بس هذا كلام خطير، نتحدث نحن عن الأردن نتحدث هنا عن حدود 67؟
    ـ د.رمضان: ما في حدود 67 يكفي كذب على الأمة.

    غسان: يعني القيادة الفلسطينية الآن التي تفاوض لا تفاوض على حدود 67 ولا على الجانب العربي أيضاً.
    ـ د.رمضان: لا تفاوض على حدود67، وإسرائيل لا تسمح أبداً بأن لا يكون نهر الأردن ظهرها.

    غسان: والجانب العربي موافق على هذه المسألة؟
    ـ د.رمضان: الجانب العربي يتحمل مسؤوليته هذا الكلام إذا يوافق عليه.

    غسان: الذي يذهب إلى أنابولس هو الذي سيوافق عليه؟
    ـ د.رمضان: سيوضع في أنابولس خطوط الوصول إلى هذا الحل، وإن شاء الله يمكن لا نصل، لأننا لا نقبل بهذا الحل، الشعب الفلسطيني لن يقبل بهذا الحل، حركة فتح ينبغي ألا تقبل بهذا الحل، وأنا هنا أقوال بأن خيار حل الدولتين انتهى، حل الدولتين كما يقال الآن في واشنطن يخدم مصلحة أمريكا ويخدم إسرائيل، شمعون بيرس ماذا قال؟ قال إذا أردنا أن نعيش "دولة يهودية" ديمغرافياً يجب أن يكون بجوارنا "دولة فلسطينية" حتى تحمي إسرائيل كدولة يهودية.

    غسان: بالمناسبة في نشرة فوكس الأخيرة نشرت تقرير أعد بتكليف من منتدى السياسة الإسرائيلية يعني عدد من السياسيين أداروه "روبرت بلليترو ـ صامويل لوس كان سفير أمريكي سابق في إسرائيل إلى آخره، كل هؤلاء يقولون نقترح أن يكون الاجتماع لقاء في أنا بولس إذا كان سينجح عليه أن يصدر مذكرة تفاهم تشمل ستة عناصر للنجاح: التأكيد أن يتم تبني عملية بقيام دولتين، اعتماد حدود 67 مع التعديلات، حل عادل للاجئين يتفق عليه، عاصمتان في القدس، طرف إسرائيل تسيطر على الأماكن اليهودية، والفلسطينيون يسيطرون على الأراضي العربية، ويتم ترتيبات للحوض المقدس يكون مفتوحاً لجميع الديانات والترتيبات الأمنية بما فيها دولة فلسطينية منزوعة السلاح.
    هنا في كل هذا الإطار، في هذا المشهد الخطير، التي تتفضل بذكره الآن، هناك لدينا مشهد أخر موجود في غزة، وأنتم طرف موجود في غزة أنتم طرف إسلامي، أنتم طرف مقاوم، أنت طرف موجود في غزة، أين تتجه الأوضاع الموجود في غزة الدكتور رمضان؟
    ـ د.رمضان: أولاً اسمح لي أن أشير إلى هذا التقرير الذي أشرت له هذا التقرير الخطير الذي صدر بعنوان "دليل عمل لمؤتمر ناجح".

    غسان: صحيح
    ـ د.رمضان: والمجموعة الأمريكية التي أعدته بما فيهم بلليترو وصامويل لوس الذي أشرت إليهم وآخرين قالوا إن هذا سيكون محطة أولي.

    غسان: حتي فردريك سي هوف الذي أعد تقرير متشل.
    ـ د.رمضان شلح: نعم، أنا قرأت هذا التقرير بالكامل مبكراً.

    غسان: جميل..
    ـ د.رمضان: وأعرف تفاصليهم، وأعرف شروطهم الستة وغيرها، هم في هذه الشروط يعترفون بتعديل الحدود، ويعترفون بأن اللاجئين "العوض بسلامتك ما في لاجئين" أما إشارة العاصمتين، روحوا اخترعوا في أبو ديس عاصمة، روحوا سموا أي مترين عاصمة. لن يكون هناك أبداً حل. في موضوع الأردن، أنا أشير لشيء مهم جداً، جولياني المرشح الأمريكي الجمهوري، بوش خجل من حجم التدخل في المنطقة وأراد أن يقدم هذه الكلمة (الدولة الفلسطينية) حتى يسكت بها العرب. إقرأ في عدد مجلة الفورين أفيرز، العدد ما قبل الأخير، في أكتوبر سبتمبر، يقول جولياني "ما بدنا دولة فلسطينية".
    عندما يرفض الجمهوريون خيار الدولة الفلسطينية، يأخذنا هذا الجمهوري إلى مبادرة ريغان الجمهوري، التي لم يقترح فيها دوله فلسطينية، وقال إن الحل بدور للأردن وكونفدرالية للأردن. إذن هذا المؤتمر هو محطة.. لا يمكن أن يخرج بحل أو تصفية الصراع. إسرائيل تعتبر أن هناك مئة سبب بأن المنطقة في نظر إسرائيل مقبلة على حروب. وإسرائيل لها دور كبير فيها هي لا تريد أن تحل الصراع، هي تدير هذا الصراع ولكن تريدنا أن ندفع الفاتورة.

    غسان: كيف يمكن أن تديروا صراعكم داخل غزة في أقل من دقيقة من فضلك؟
    ـ د.رمضان: ندير صراعنا داخل غزة؟ لابد أن نخرج من حالة الانقسام وأي تعطيل وأي مماطلة في عودة الصف الفلسطيني إلى الوحدة والالتئام يزيد الخسارة.. نحن نريد أن نقلل الخسائر ما أحد يتوهم أو يكن لديه وهم أنهُ سيجني مكاسب. الأطراف كلها، نحن في زمن تقليل الخسائر، وليس في زمن حصد المكاسب، لذلك لابد من دور عربي داعم لوحدة صف فلسطيني بدلاً من أن يجمع العرب أبو مازن مع الإسرائيليين، ويرعون اتفاقات من هذا النوع، عليهم أن يجمعوا فتح بحماس، وأن يجمعوا كل الصف الفلسطيني، وأن نتفق على صيغة لضبط هذا الوضع الفلسطيني حتى لا نعود إلى مربع الاقتتال. إذا بقينا في دائرة الصراع الفلسطيني ـ الفلسطيني ضاعت فلسطين، ونحن نتحمل المسؤولية هذه المرة أكثر من عدونا.

    غسان: شكراً لك دكتور رمضان عبد الله شلح، الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، شكراً لكل من ساهم في إنجاز هذه الحلقة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يعمل...
X