إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مكتبة الحديث. أرجوا التثبيت.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مكتبة الحديث. أرجوا التثبيت.

    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وإن اجتمع الناس كلهم لهدايته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كتب الرحمة للمتقين الذين يتبعون الرسول النبي الأمي، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أنقذ الله به البشرية من الجهالات والضلالات، وأخرجهم به إلى النور بعد الظلمات والخرافات، فصلوات الله وسلامه ورحمته وبركاته عليه وعلى آله وصحبه المتبعين لنهجه، المقتدين بسنته، وعلى من سار على نهجهم واقتفى واقتصر على طريقتهم إلى يوم الدين.

    حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ".

    الـكـلـمــة: مـعـنـاهـا

    َ يَدَعْ: يترك

    قَوْلَ الزُّورِ: الزور في الأصل الشهادة بغير الحق، فهي كذب على القاضي و على صاحب الحق، و لعل المراد به هنا الكذب مطلقا بدلالة قوله.

    وَالْعَمَلَ بِهِ: أي بقول الزور، أي بمقتضاه و بما يدل عليه، و في رواية"و الجهل" بعد "و العمل به" و في رواية: "من لم يدع قول الزور و الجهل و العمل به" و الضمير حينئذ يعود على الجهل لأنه أقرب مذكور، أو على الزور ليوافق الرواية الأخرى، أو عليهما معا على تأويل كل منهما.

    فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ: مفهومه أن لله –تعالى عن ذلك- حاجة إلى الصوم إذا كان خاليا عن ذلك،و الله لا يحتاج إلى شيء؛ إذ هو الغني عن العالمين؛ و لهذا أول بعضهم الحاجة بعدم القبول و الرضا: أي لا يقبل الله صيام من لم ينزه صومه عما ذكر؛ فيكون من باب نفي السبب و إرادة المسبب، لأن من كان به حاجة إلى شيء قبله في العادة و رضي به.

    الشرح و الإيضاح:
    إذا كان الصوم جنة و وقاية من الفسوق، و العصيان، و حاجزا دون السفه و الصخب و العدوان، فأول شيء يجب على الصائم أن ينزه صومه عنه –هو قول الزور و العمل به؛ لأن به تضيق الحقوق على أربابها، و ينتشر الفساد في الأرض، و لا خير في القيام بحق الله تعالى لا يترتب عليه حفظ حقوق عباده، فإن الله غني عن العباد و طاعاتهم، و عباده فقراء محتاجون إليه.

    على أن قول الزور هنا لا يراد به شهادة الزور فقط، بل يعم كل كذب، فالكذب أصلا كل بلاء، و سبب كل عداوة و بغضاء، بل جعله بعضهم عاما في كل معصية و ذنب يغضب الرب عزوجل ليوائم هذا الحديث الأحاديث الأخرى التي تنهي الصائمين عن الإثم، و الفسوق، و السفه.
    و إنما قلنا إنه يعم كل كذب؛ بدلالة قوله –صلى الله عليه و سلم- " وَالْعَمَلَ بِهِ " أي بقول الزور (يعني بمقتضاه و موجبه). إذ لا شك أن الكلام موجه إلى كل صائم لا إلى الشهود و الحكام وحدهم، و على ذلك فالمراد بالزور كل كذب و باطل.

    " فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ " فالله تعالى غني عن مثل هذا الصوم المتلبس بالإثم و غمط الحق و نصر الباطل؛ فهو صوم مردود على صاحبه، و لا يقبله الله و لا يزكيه، و لا يثيب صاحبه عليه و يرضيه.

    و ليس معنى الحديث الإذن للصائم في الفطر حينئذ، بل المعنى على التحذير و تنزيه الصوم عما ذكر، فهو على حد قوله –صلى الله عليه و سلم-: "إذا لم تستح فاصنع ما شئت" على معنى أن الحياء إذا ما ذهب أصبح سهلا على المرء أن يصنع ما يشاء، كذلك هذا الصائم الذي يغضب ربه بالإثم في صومه، من السهل عليه أن يغضبه بترك الصوم نفسه.

    و الجمهور على أن الإثم لا يبطل الصوم و لكن إثم الزور و الكذب قد يذهب صواب الصائم فيعرى عن الفائدة فيكون وجوده كعدمه، و قد تمسك بعضهم بظاهر الحديث فأبطل الصوم بقول الزور و الكذب و بالغيبة أيضا لورود النهي عنها في الحديث.

    و صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم.
    قال الله تعالى: "وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ".
    قال رسول الله: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله".

  • #2
    الله يجزيك كل خير اخوي لواء السنة علي الموضوع الرائع والقيم والمميز الله يتقبل منك ويجعله في ميزان حسناتك

    في رعاية الله وحفظه

    وهاي تثبيت
    إن لله عباداً فطنا .. طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
    نظروا فيها فلما علموا .. أنها ليست لحييٍ وطنا
    جعلوها لجةً واتخذوا .. صالح الأعمال فيها سفنا

    تعليق


    • #3
      بسم الله الرحمن الرحيم
      الحمد لله و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده، و بعد:
      السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

      أولا: أشكرك أخي [أبو انس] على ردك الجميل و تنفيذ الطلب.

      ثانيا: نسيت ان أضع بعض الفوائد المستخلصة من الحديث:

      هذا هو الحديث الأول و يأتي بعده إن شاء الله أحاديث أخرى.

      أ)- لا يقبل الله من العمل إلا ما كان طيبا.

      ب)- البعد عن قول الزور و العمل به، لاسيما في حال التلبس بالصوم.

      ج)- ينبغي للمرء أن يتثبت من صحة الأنباء قبل العمل بمقتضاها، و إلا كان هو قائل الزور بمنزلة سواء.

      أرجوا من جميع الإخوة الذين سيردون ان يضعوا فائدة استفادها من الحديث و جزاكم الله خيرا.

      و صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم.
      قال الله تعالى: "وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ".
      قال رسول الله: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله".

      تعليق


      • #4
        الله يجزيك كل خير اخوي لواء السنة علي الموضوع الرائع

        تعليق


        • #5
          الله يجزيك كل خير اخوي لواء السنة علي الموضوع الرائع
          أيها العضو الصديق لا بأس أن تؤيد رأيك بالحجة و البرهان .....

          كما لا بأس أن تنقض أدلتي ، وتزييف مما تعتقد أنك مبطل له
          .....

          لكن هناك أمر لا أرضاه لك أبدا ما حييت ، ولا أعتقد أنه ينفعك
          ؟

          الشتم و السباب

          تعليق


          • #6
            بارك الله فيك

            تعليق


            • #7
              جزاك الله كل خير اخي لواء السنه على هذا العمل الطيب
              وجعله الله في ميزان حسناتك

              في حفظ الله وتوفيقه

              تعليق


              • #8
                جزاك الله خير



                اباطارق دمك الوصيه

                تعليق


                • #9
                  بارك الله فيك وجزاك الله كل خير

                  تعليق


                  • #10
                    بسم الله الرحمن الرحيم
                    الحمد لله و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده، و بعد:
                    السلام عليكم ورحمة الله و بركاته.

                    الحديث الثاني . في
                    كتاب الصيام.

                    حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
                    أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا" [رواه البخاري].


                    معاني بعض المفردات:
                    الكلمة معناها
                    جنة: أي وقاية من النار، أو من الشهوات.
                    يرفث: فسر الرفث بالجماع، و فسر بالقول الفاحش
                    و لا يجهل: من الجهل و هو السفه، أي و لا يفعل فعل أهل السفه و ساقطي المروءة من الصياح، و التطاول على الناس، و السخرية منه.
                    و إن امرؤ: إن للشرط و فعل الشرط محذوف يفسره ما بعده.

                    الآن مع الشرح و الإيضاح :
                    لكل عبادة مفروضة شرعا فائدة و مزية لا توجد في عبادة أخرى مفروضة، و هي الحكمة التي من أجلها شرعت هذه العبادة، و فائدة الصوم المقصودة منه، كسر شهوتي البطن و الفرج، إذ هما الحاملان للإنسان على الإكثار من السعي في طلب المال لسد حاجاتهما. و على اقتحام المصاعب في سبيل تسكين فورة حرارتهما، و هو من أجل ذلك قد يكتسب المال من حله و حرمته و يضيع حقوق ربه عزوجل و يعتدي على حقوق غيره. و لهذا ورد في الخير "حفت الجنة بالمكاره، و حفت النار بالشهوات".

                    فشرع الصوم كاسرا لهذه الشهوة، و حاجزا من الوقوع في الحرام، و طهرة للصائم من الفسق و الآثام، و تعويدا للنفس على الصبر، و حاملا لها على فعل الخير و البر. و لذلك قال الرسول –صلى الله عليه و سلم-:
                    "الصيام جنة" أي وقاية و سترة من النار؛ لأنه يحول بين الصائم و بين الشهوات و يزكي نفسه، و يصفي روحه.

                    ثم قال –صلى الله عليه و سلم- "فلا يرفث و لا يجهل" و إلا كان فعله هذا مناقضا لحكمة الصوم؛ فإن المنع من الأكل و الشرب و الجماع ليس مقصودا لذاته، بل من حيث هو وصلة إلى تطهير النفس و حمايتها من الإثم و الرجس، فإذا لم تترتب عليه غايته، فقد أتعب الصائم نفسه و أضنى جسمه فيما لا طائل تحته.
                    و كم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع و العطش، و من أجل هذا ذهب بعض العلماء إلى أن من ارتكب إثما و هو صائم فقد بطل صومهن و الجمهور على أن صومه صحيح و إن كان قد جعله بمعصيته عرضة لعدم القبول.
                    و المعاصي و إن كان اجتنابها مطلوبا في كل وقت فإنه في الصوم آكد؛ إذ به يتم الصوم و يكمل، و يزهر و يثمر و يؤتى أكله أضعافا مضاعفة.

                    ثم قال –صلى الله عليه و سلم- "و إن امرؤ قاتله أو شاتمه" كامن "قاتله: و "شاتمه" من المفاعلة، و هي تقتضي الفعل من الجانبين، و الصائم مأمور بالكف عن إجابة من يسبه و يقاتله، و لذا قيل إن المفاعلة هنا للدلالة على أن اللائق بالصائم هو الكف و لو كان فعل من يقاتله و يسبه من شأنه أن يستدعي الإجابة في العادة، و مقابلة الإساءة بالإساءة.

                    ثم إن المقاتلة هنا محمولة على غير ظاهرها: فأما أن يراد منها التهيؤ للقتال أو يراد منها اللعن و السب، فتكون في معنى ما بعدها، و ذلك لأن المقتول لا يتأتى منه القول المذكور.

                    ثم قال –صلى الله عليه و سلم- "قاتله أو شاتمه" أي تهيأ لقتاله و شتمه، و الشتم هو السب و إن أريد من القتال اللعن، فالمعنى لعنه، و سبه بالفعل.

                    "مرتين" أي مرة بعد مرة.

                    ثم قال –صلى الله عليه و سلم-: "و الذي نفسي بيده" القسم للتأكيد، لاسيما و المقسم عليه غريب يتعجب منه.

                    ثم قال –عليه الصلاة و السلام-: "َخُلُوفُ" بضم الخاء، تغير ائحة الفم من الصوم.

                    ثم قال –عليه الصلاة والسلام-: "أطيب عند الله" أزكى و أحب، و المراد لازم ذلك و هو قرب الله عزوجل من الصائم، و رضاه عنه.

                    ثم قال عليه الصلاة و السلام: "و شهوته" الشهوة تطلق على شهوة البطن و شهوة الفرج، و المراد الأخيرة لذكر الطعام و الشراب من قبل.

                    ثم قال –صلى الله عليه و سلم-: "الصيام لي" جملة مستأنفة جيء لبيان الموجب للحكم المذكور قبل ذلك.

                    ثم قال –صلى الله عليه و سلم-: "و انا أجزي به" أي المتكفل بالجزاء عليه وحدي، و المراد لازم القول المذكور و هو عطاء الصائم، و مكافأته بغير حساب.

                    " َالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ" الأمثال جمع مثل و هو مذكر، فكان الظاهر أن يؤنث لع العدد فيقال بعشرة أمثالها، و لكن لما كان مثل الحسنة حسنة تكافئها كان المثل من حيث المعنى حسنة و هي مؤنثة فذكر العدد مراعاة للمعنى.

                    " فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ" هذا جواب الشرط، أي إن شتمه أحد فلا يشتمه بل يكف عنه و ليجبه بقوله: " إِنِّي صَائِمٌ" ليكون ذلك أعون على كف نفسه، و أدعى إلى كف خصمه عنه، فإن لهذا القول مفعول السحر في الجانبين، هو تذكير للصائم بصومه الذي ينبغي أن يخلو من الرفث و السفه، و تعريض بالساب أنه قد خدش صومه، و بيان لسبب عدم مجاراته في تسفهه، و هل يقول هذا القول بلسانه أو بقلبه؟
                    ظاهر الحديث القول باللسان لأنه هو الذي يسمى قولا، و لا ينافي هذا قوله –صلى الله عليه وسلم-: "ليس في الصوم رياء" لأنه لا يقول إلا عند الضرورة لاسيما إذا كان الصوم صوم رمضان، حيث الناس كلهم صائمون؛ و من اجل هذا استحسن بعض العلماء،للصائم أن يقول هذا القول بقلبه في غير صوم رمضان، و هو قول حسن.

                    و إنما طلب من الصائم أن يكرر هذا القول مرتين ليكون أدعى إلى الكف له و لخصمه، ثم يقسم الرسول –صلى الله عليه و سلم- مبينا فضل الصوم، ومنزلة الصائم عند الله عزوجل فيقول:

                    " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ " أي لتغيير رائحة فم الصائم من أثر الصوم – أطيب و أزكى عند الله من رائحة صاحب المسك عندكم. و المراد أن الله تعالى يقربه منه أكثر مما تتقربون إلى صاحب المسك، أي أنه تحت عين الله تعالى ورعايته، أو المراد أنه يبعثه يوم القيامة وريح فمه أطيب من ريح المسك. كما يبعث الشهيد وريح دمه ريح المسك، فلا يقال كيف يستطيب الله تعالى الروائح واستطابتها من أمارات الحدوث و الإحتياج؟ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

                    و قد استنبط الشافعية من الحديث كراهة السواك للصائم بعد الزوال، و هو وقت تغير رائحة الفم لطيب هذه الرائحة عند الله تعالى، ولا دلالة للحديث على ذلك فإن هذا الحب من أجل الصوم صحبه تغير أو لم يصحبه.

                    "يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي" أي يقول الله تعالى ذلكن لأن ما قبله من كلام الرسول –صلى الله عليه و سلم-، و هذا من كلام الله عزوجل. و المراد يترك هذه الأشياء ابتغاء وجهي و طلبا لمرضاتي، وامتثالا لأمري، و هذا بيان لعلة الحكم المذكور من قبل.

                    ثم يقول الله عزوجل مبينا جزائم الصائم:
                    " الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ" العبادات التي شرعها الله تعالى لعباده لا يقبلها إلا إذا كانت خالصة له وحده؛ فما معنى كون الصيام له؟ معناه أنه لا يدخله رياء و لا مباهاة كما يدخل سائر العبادات؛ لأنها أعمال بدنية ظاهرة من الممكن أن يرائي بها المتلبس بها، بخلاف الصوم فإنه بالنية التي تخفى على الناس.

                    و من أجل أن حقيقة الإخلاص فيه متوفرة عن غيره من العبادات اختصه الله تعالى لنفسه، و تولى الجزاء عنه بنفسه، و الله تعالى هو المجازي على الأعمال كلها خيرها و شرها؛ و إنما أضاف الجزاء هنا إلى نفسه للدلالة على أن يوفى الصائم أجره بغير حساب، كما يوفى الصابرون أجرهم كذلك، فإن الصوم نصف الصبر كما ورد في الأثر، و هذا كما يقول الأمير: أما فلان فأنا الذي أتولى إعطائه بنفسي لا يقول ذلك إلا عندما يريد إكرامه و الإغداق عليه.

                    " وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا" أي و الحسنة غير الصوم يجازي الله تعالى عليها بعشر أمثالها، أو يجعل الجزاء عليها جزاء عشر حسنات مثلها تفضيلا منه ورحمة و في بعض الروايات "و الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمئة ضعف" فانظروا ما مقدار جزاء الصائمين المخلصين؟ لا شك أنه جزاء عظيم لا يعلم مقداره إلا الله رب العالمين.

                    ما يستفاد من هذا الحديث الشريف:
                    أولا: الله طيب لا يقبل إلا طيبا، و هو تعالى يكافئ المحسن بإحسانه أضعافا مضاعفة.
                    ثانيا: ينبغي للصائم أن ينزه صومه عن اللغو و المهاترة، و الفسوق و العصيان حتى يكون مقبولا من الله عزوجل.
                    ثالثا: الصوم من أفضل العبادات و أعظمها شأنا عند الله تعالى.
                    رابعا: ينبغي للمرء أن لا يرائي بعبادته، و أن يقصد بها وجه الله تعالى.
                    خامسا: الله رحيم بعباده لا يعامل أهل طاعته بالقسطاس و العدل، و لكن بمحض الفضل و الرحمة.
                    سادسا: ينبغي للصائم إذا مر على أهل اللغو و الباطل، مر كريما.

                    و صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم.
                    قال الله تعالى: "وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ".
                    قال رسول الله: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله".

                    تعليق


                    • #11
                      الله يجزيك كل خير اخوي لواء السنة علي الموضوع الرائع

                      تعليق


                      • #12
                        جزاك الله كل خير أشيخنا الفاضل لواء السنة وربنا يجعل عملك في ميزان حسناتك يوم القيامة

                        تعليق


                        • #13
                          بسم الله الرحمن الرحيم
                          الحمد لله و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده، و بعد:
                          السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

                          اللهم رب جبرائيل و ميكائيل و إسرافيل‘ فاطر السماوات و الأرض أنت تحمن بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا اهدنا اهدنا إللاى الحق الذي اختلف فيه فإنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

                          الحديث الثالث
                          في كتاب:
                          الصيام.

                          حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ وَأَحْيَا لَيْلَهُ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ". [رواه البخاري].

                          الكلمة معناها
                          و كان إذا دخل العشر: العشر الأواخر من رمضان، كما صرح به في حديث آخر
                          شد مئزره: المئزر و الإزار: ما يتزر به الرجل من أسفله، و هو كناية عن اعتزال النساء للتفرغ للعبادة، أو عن الجد و التشمير في العبادة.
                          أحيا ليله: استغرقه بالسهر في الصلاة، و غيرها، أو أحيا معظمه.
                          و أيقظ أهله: من يطيق منهم للصلاة، و العبادة.

                          الشرح و الإيضاح:

                          كان رسول الله –صلى الله عليه و سلم- يقوم الليل كما أمره ربه، و يحرص عليه، لأن الليل سكن، و فيه يغفل الكثير عن ذكر الله و عبادته و مناجاته، و كان –صلى الله عليه و سلم- أشد حرصا على ذلك في رمضان التماسا لليلة القدر، لأن العمل فيها يفضل العمل في غيرها، لما لها من القدر و المنزلة لنزول القرآن الكريم فيها، و تنزل الملائكة، و رحمة الله بعباده، فقام العشر الأول ثم الوسطى من رمضان و معه أصحابه لمظنة أن فيها هذه الليلة، ثم جاءه جبريل –عليه السلام- فقال: إن الذي تطلب أمامك في العشر الأخيرة من رمضان، فقامها، و أمر أصحابه بقيامه، واعتاد النبي –صلى الله عليه و سلم- قيام هذه الليالي بعد ذلك.

                          و في هذا روت عائشة أم المؤمنين –رضي الله عنها- هذا الحديث.
                          " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ". أي اعتزل النساء للتفرغ للعبادة. و بذلك جزم المتقدمون، واستشهدوا بقول الشاعر:
                          قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم عن النساء و لو باتت بأطهار

                          و يحتمل أن يكون المراد: الجد و الاجتهاد في العبادة زيادة عما كان عليه –صلى الله عليه و سلم- في غير هذه الليالي، فقد جاء في رواية عاصم بن ضمره: " شد مئزره، واعتزل النساء" و لما كان العطف يقتضي المغايرة رجح بعض العلماء أن يكون المراد بقولها " شَدَّ مِئْزَرَهُ" الاجتهاد في العبادة، كما يقال شددت لهذا الأمر مئزري. أي تشمرت له.

                          " وَأَحْيَا لَيْلَهُ" بالطاعة، و أحيا نفسه لسهره فيه، لأن النوم أخو الموت، و إضافة الإحياء إلى الليل لأن القائم إذا حيي باليقظة أحيا ليله بحيلته، فهو مثل قوله –صلى الله عليه و سلم- " لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ" و المراد: لا تناموا فتكونوا أمواتا و تكون بيوتكم كالقبور، و ليس المعنى أن نقوم الليل كله بل نجعل فيه شيئا من الصلاة، كالنافلة و السنة.

                          " وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ" أي من يطيق القيام للصلاة و العبادة، فقد روى الترمذي من حديث زينب بنت أم سلمه: "لم يكن النبي صلى الله عليه و سلم إذا بقي من رمضان عشرة أيام يدع أحدا من أهله يطيق القيام إلا أقامه".

                          و ظاهر الحديث يفيد أنه –صلى الله عليه و سلم- كان يقوم الليل كله. و ذهب البعض إلى أن المراد بقولها: "أَحْيَا لَيْلَهُ" معظمه لقوا عائشة –رضي الله عنها- في الصحيح : "ما علمته قام ليلة حتى الصباح".

                          ما يستفاد من الحديث الشريف:
                          أولا: حرص الرسول –صلى الله عليه و سلم- عل التماس ليلة القدر، و إحيائها بالعبادة شكرا لله سبحانه. كما دلت عليه الأحاديث الأخرى.
                          ثانيا: حرصه عليه الصلاة و السلام على إحياء العشر الأواخر من رمضان و مداومته على ذلك.
                          ثالثا: من السنة إشراك الرجل أهله في العبادات المستحبة، و منها إحياء الليل.
                          رابعا: أن إحياء الليل بالعبادة أحب، لما فيه من تفرغ القلب عن شواغل الدنيا.

                          صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم.
                          قال الله تعالى: "وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ".
                          قال رسول الله: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله".

                          تعليق


                          • #14
                            ماشاء الله عليك أخي
                            مواضيعك مفيدة وقيمة جدا
                            بارك الله فيك وشكرا لك وللأمام
                            الاعلام الحربي لواء رفح

                            تعليق


                            • #15
                              بسم الله الرحمن الرحيم
                              الحمد لله و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده، و بعد:
                              السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

                              اللهم رب جبرائيل و ميكائيل و إسرافيل، فاطر السماوات و الأرض أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا اهدنا اهدنا إلى الحق الذي اختلف فيه فإنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

                              أولا: أشكر كلا من إخواني [حمزة و محمد الجهادي و جمعية] على ردودهما الطيبة، و أسأل الله لهم التوفيق في الدنيا و الآخرة.

                              ثانيا: أرجوا منكم يا إخوة أن تحاولوا استخلاص بعض الفوائد من الحديث و وضعها حتى نستفيد جميعا.

                              و صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم.
                              قال الله تعالى: "وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ".
                              قال رسول الله: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله".

                              تعليق

                              يعمل...
                              X