عجِبتُ لأمر هذا المجاهد .. هو يُجاهِد ـ في سبيل الله ـ دون أمته .. يذود عنها بنفسه وماله .. وبكل ما يملك من غالٍ ونفيس .. وهي تكشف ظهرَه .. وتُسلِمه لعدوها .. وعدو الله!
يحرسها .. ويحميها .. بدمه .. وهي تخونه .. وتغدر به .. وتتخلى عنه .. وعن عائلته وأطفاله .. فتخلفه فيهم بالقطيعة والشح والظلم!
هو يركب المخاطر، والصعاب، ويقتحم الخطوب .. من أجلها وأجل سلامتها .. وسلامة حرماتها .. وهي تتخلى عنه .. وتتبرأ منه .. ومن جهاده .. وتستكثر عليه كلمة شكر وتقدير وعرفان!
هو يقلق لأجلها .. لا همَّ له إلا كيف يحمي بيضتها .. وحرماتها .. ويسترد ما قد سُلِب منها .. لا يهنأ بعيش من دونها .. دائم الأحزان والتفكر بها وبمصالحها .. بينما هي تقلق من أجل عدوه وعدوها .. وتهتم لسلامة العدو من دون سلامته .. ولمصاب العدو من دون مصابه!
يفترشُ الجبالَ والكهوفَ والوديان، وكل ما هو شاق وصعب .. من أجلها وأجل مستقبلها الواعد المأمول .. وهي تفترش فراش اللهو واللعب والتَّرف .. ساهيةً لاهية عنه، لا تأبه له في شيء!
لذا لا غرابة ولا عجب مما أصاب الأمة ـ في هذا الزمان ـ ولا يزال يُصيبها من وهن .. وذلٍّ وضَعف .. وتخلف .. وحبٍّ للدنيا .. وكراهية للموت في سبيل الله .. حتى أصبحت كالقصعة المكشوفة الغطاء .. يتكالب عليها الأكلة من كل حدبٍ وصوب .. سهلة المنال .. يمتطي أسوارها كل من عنَّ له الامتطاء!
أما أنت أيها المجاهد البطل .. لكَ الله .. لكَ الله .. ومن كان الله له .. فلا خوف ولا ضَيعة عليه.
تعليق