إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الى أصحاب الأعلام والشعارات... اليكم التأصيل الشرعي للألوية والرايات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الى أصحاب الأعلام والشعارات... اليكم التأصيل الشرعي للألوية والرايات

    الألوية والرايات
    كتبه الشيخ فارس الزهراني فك الله أسره

    تعريف الألوية والرايات: اللواءُ اسمٌ لِما يكونُ للإمام وكان يُعقدُ في طرف الرمح ويلوى عليه ومن ثمَّ سُمي باللواء، والرَّايةُ اسمٌ لِمَا يكونُ لقَواد الجيوش والحروب وهي تُعقدُ في طرف الرمح وتُترك من غير لَوَيٍ لتصفقها الرياح.

    يقول السرخسي رحمه الله في شرح السير الكبير: ”اللِّواءُ اسمٌ لِمَا يكونُ للسّلطانِ، والرَّايةُ اسمٌ لِمَا يكونُ لِكلِّ قائدٍ تجتمعُ جماعةٌ تحْتَ رايتهِ“، ويقول أبو بكر ابن العربي‏ رحمه الله:‏ ”اللواءُ غيرُ الرايةِ فاللواءُ ما يُعقدُ في طرفِ الرمحِ ويُلوى عليه والرايةُ ما يُعقدُ فيه ويُترك حتى تصفقه الرياح وقيل اللواءُ دونَ الرايةِ وقيل اللواءُ العَلمُ الضخمُ والعَلمُ علامةٌ لمحلِّ الأميرِ يدورُ معهُ حيثُ دار والرايةُ يتولاها صاحبُ الحربِ“.

    ألوانها: يُستحبُّ أن تحمل الألويةُ اللونَ الأبيض والراياتُ اللونَ الأسود ويجوز غيرها من الألوان قال ابنُ عباس رضي الله عنه: ”كانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم سوداء، ولواؤه أبيض“ رواه الترمذي، وعن جابر رضي الله عنه أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ”دخَل مكَّةَ ولِواؤهُ أَبيضُ“ رواه أَبو داود، يقول السرخسي رحمه الله في شرح السير الكبير: (وإنّما اُستُحِبَّ في الراياتِ السوادُ لِأنَّهُ عَلَمٌ لأَصحابِ القتال، وكلُّ قومٍ يُقَاتلون عندَ رايتهمْ، وإذا تفرَّقوا في حالِ القتال يتمكَّنُون مِنْ الرُّجوع إلى رايَتهمْ، والسَّوادُ في ضوْء النَّهار أَبْيَنُ وأَشْهَرُ مِنْ غَيْرِهِ خُصُوصًا في الْغُبَارِ. فلهذا اُسْتُحِبَّ ذلك. فأَمَّا مِنْ حَيثُ الشَّرعُ فلا بأْس بِأَنْ تُجْعَلَ الراياتُ بِيضًا أَو صفرًا أَو حُمْرًا، وإِنَّما يُخْتَارُ الْأبيَضُ في اللِّوَاءِ لقوله صلى الله عليه وسلم: ”إنَّ أَحبَّ الثِّيابِ عِنْدَ اللَّه تعالى الْبِيضُ، فَلْيَلْبَسْهَا أَحْياؤُكُمْ وَكَفِّنُوا فيها موْتاكُمْ“. واللِّواءُ لا يكونُ إلَّا واحدًا في كُلِّ جيْشٍ، ورُجوعُهُمْ إليهِ عنْدَ حاجَتهمْ إلى رَفْعِ أُمورهِمْ إلى السُّلْطَانِ. فَيُخْتَارُ الأَبيَضُ لذلكَ ليَكُونَ مُمَيَّزًا مِنْ الرَّاياتِ السُّودِ الَّتي هيَ للْقُوَّادِ).

    وقال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد: ”وكانت له راية سوداء يقال لها: العُقاب، وفي سنن أبي داود عن رجل من الصحابة قال: رأيتُ راية رسول اللّه صلى الله عليه وسلم صفراء، وكانت له ألوية بيضاء، وربما جعل فجها الأسود“.

    الأحاديث الواردة فيها: يقول ابن القيم رحمه الله: (وكان يرتِّبُ الجيش والمقاتلة، ويجعلُ في كل جنبةٍ كُفْئاً لها، وكان يُبارَزُ بين يديه بأمرِهِ، وكانَ يَلُبَسُ لِلحرب عُدَّتَه، ورُبَّمَا ظاهر بين دِرْعَيْنِ، وكان له الألويةُ والرايات.. وكان يرتب الصفوف ويُعَبِّئُهُم عند القتال بيده، ويقول: ”تقدَّم يا فلان، تأخَّر يا فلان“ وكان يستحب للرجُلِ منهم أن يُقاتل تحت راية قومِه).

    أخرج البخاري رحمه الله في صحيحه: باب ما قيل في لواء النبي صلى الله عليه وسلم أن قيس بن سعد الأنصاري رضي الله عنه وكان صاحب لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد الحج فرجل.

    وتحت باب ”أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح“ قال: ”عن هشام عن أبيه قال: لما سار النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح فبلغ ذلك قريشاً؛ خرج أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يلتمسون الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبلوا يسيرون حتى أتوا مر الظهران، فإذا هم بنيران كأنها نيران عرفة، فقال أبو سفيان: ما هذه، لكأنها نيران عرفة ؟ فقال بديل بن ورقاء: نيران بني عمرو، فقال أبو سفيان: عمرو أقل من ذلك، فرآهم ناس من حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدركوهم فأخذوهم، فأتوا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم أبو سفيان، فلما سار قال للعباس: ”احبس أبا سفيان عند خطم الجبل، حتى ينظر إلى المسلمين“. فحبسه العباس، فجعلت القبائل تمر مع النبي صلى الله عليه وسلم، تمر كتيبة كتيبة على أبي سفيان، فمرت كتيبة، قال: يا عباس من هذه؟ قال: هذه غفار، قال: مالي ولغفار، ثم مرت جهينة فقال مثل ذلك، ثم مرت سعد بن هذيم فقال مثل ذلك، ومرت سليم فقال مثل ذلك، حتى أقبلت كتيبة لم ير مثلها، قال: من هذه ؟ قال: هؤلاء الأنصار عليهم سعد بن عبادة معه الراية، فقال سعد بن عبادة: يا أبا سفيان.. اليوم يوم الملحمة.. اليوم تستحل الكعبة. فقال أبو سفيان: يا عباس حبذا يوم الدمار. ثم جاءت كتيبة وهي أقل الكتائب، فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وراية النبي صلى الله عليه وسلم مع الزبير بن العوام، فلما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي سفيان قال: ألم تعلم ما قال سعد بن عبادة؟ قال: ”ما قال“ ؟ قال: كذا وكذا، فقال: ”كذب سعد، ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة، يوم تكسى فيه الكعبة“. قال: وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تركز رايته بالحجون، قال عروة: وأخبرني نافع بن جبير بن مطعم قال: سمعت العباس يقول للزبير بن العوام: يا أبا عبد الله، ها هنا أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تركز الراية ؟.

    وأخرج البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ”أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب - وإن عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم لتذرفان - ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح له“ وفي لفظ: ”حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم“، يقول ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد: ”فدنا العدوُّ، وانحاز المسلمون إلى مؤتة، فالتقى الناس عندها، فتعبَّأ المسلمون ثم اقتتلوا والرايةُ في يد زيدِ بن حارثة، فلم يزل يُقاتل بها حتى شَاطَ في رماح القوم وخرَّ صرِيعاً، وأخذها جعفرٌ، فقاتل بها حتى إذا أرهقه القتالُ اقتحم عن فرسه فعقرَها ثم قاتَل حتَّى قُتِلَ، فكان جعفر أوَّل مَن عَقَرَ فرسَه في الإسلامِ عند القتال، فقُطِعَتْ يمينُه فأخذ الراية بيساره، فَقُطِعَتْ يسارُه فاحتضن الراية حتى قُتِلَ وله ثلاث وثلاثون سنة، ثم أخذها عبدُ الله بن رَوَاحةَ وتقدَّم بها وهو على فرسه، فجعل يستنزِلُ نفسه ويتردد بعض التردد ثم نزل، فأتاه ابنُ عم له بعَرق من لحم فقال: شُدّ بها صُلْبَك، فإنك قد لقيتَ في أيَّامِكَ هذِهِ ما لقيت، فأخذها مِن يده، فانتهس منها نهسة، ثم سمع الحَطْمَةَ في ناحية الناس، فقال: وأنت في الدنيا، ثم ألقاه مِن يده، ثم أخذ سيفه وتقدَّم، فقاتل حتَّى قُتِلَ، ثم أخذ الراية ثابتُ بن أقْرَم أخو بني عَجلان، فقال: يا معشر المسلمين؛ اصطلحُوا على رجل منكم، قالوا: أنتَ، قال: ما أنا بفاعلٍ، فاصطلح الناسُ على خالد بن الوليد، فلما أخذ الرايةَ دافع القومَ وحاش بهم، ثم انحاز بالمسلمين وانصرف بالناس“، وأخرج البخاري ومسلم عن أبي حازم قال: أخبرني سهل بن سعد رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: ”لأعطين هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله“. قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيّهم يُعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها، فقال: ”أين علي ابن أبي طالب“. فقيل: هو يا رسول الله يشتكي عينيه، قال: ”فأرسلوا إليه“. فأُتي به فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول الله، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ فقال: ”أنفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحد خير لك من أن يكون لك حمر النعم“.

    وفي زاد المعاد أن النبي صلى الله عليه وسلم ”حين انصرف من خيبر إلى وادي القُرَى وكان بها جماعةٌ من اليهود، وقد انضاف إليهم جماعةٌ من العرب، فلما نزلوا استقبلهم يهودُ بالرمي، وهم على غير تعبئةٍ فعبَّأ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أصحابه لِلقتال وصفَّهم، ودفع لواءه إلى سعدِ بْنِ عُبادة ورايةً إلى الحُباب بن المنذر، ورايةً إلى سَهل بن حُنيف، ورايةً إلى عبَّاد بن بشر، ثم دعاهم إلى الإسلام وأخبرهم أنهم إن أسلموا أحرزوا أموالهم وحقنوا دماءَهم وحسابهم على الله، فبرز رجل منهم فبرز إليه الزبيرُ بن العوَّام فقتله، ثم برز آخرُ فقتله، ثم برز آخر فبرز إليه عليُّ بن أبى طالب رضي الله عنه فقتله، حتى قُتِلَ منهم أحد عشرَ رجلاً، كلما قُتِلَ منهم رجلٌ دعا مَن بقي إلى الإسلامِ، وكانت الصلاة تحضُر ذلك اليومَ، فيُصلِّي بأصحابه، ثم يعودُ فيدعوهم إلى الإسلام وإلى الله ورسوله، فقاتلهم حتى أَمْسوا، وغدا عليهم فلم ترتفع الشمس قيد رمح حتى أعطَوْا ما بأيديهم، وفتحها عَنوة، وغنّمه اللهُ أموالهم، وأصابُوا أثاثاً ومتاعاً كثيراً“.

    وفيه أيضاً أنه حين قَدِمَ عليه صلى الله عليه وسلم وفد صُداء لما انصرف من الجِعْرَانَةِ؛ بعث بعوثاً وهيأ بعثاً استعمل عليه قيسَ بنَ سعدِ بن عبادة، وعقد له لواءً أبيض ودفع إليه رايةً سوداء، وعسكر بناحية قناة في أربعمائةٍ مِن المسلمين.

    الفوائد والأحكام المستفادة: قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري: ”وفي هذه الأحاديث استحباب اتخاذ الألوية في الحروب، وأن اللواء يكون مع الأمير أو من يقيمه لذلك عند الحرب“، وقد تقدم حديث أنس: ”أخذ الراية زيد بن حارثة فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب..“ الحديث.

    وقال الشافعي رحمه الله في كتاب الأم: ”وجعل النبي صلى الله عليه وسلم للمهاجرين شعاراً وللأوس شعاراً وللخزرج شعاراً وعقد النبي صلى الله عليه وسلم الألوية عام الفتح فعقد للقبائل قبيلةً قبيلة حتى جعل في القبيلة ألوية كلُّ لواء لأهله وكلُّ هذا ليتعارف الناس في الحرب وغيرها وتخفُّ المؤنة عليهم باجتماعهم وعلى الوالي كذلك؛ لأن في تفريقهم إذا أريد والأمرُ مؤنةٌ عليهم وعلى واليهم وهكذا أحبُّ للوالي أن يضع ديوانه على القبائل ويستظهر على من غاب عنه ومن جهل ممن يحضره من أهل الفضل من قبائلهم“.

    وقال الشوكاني رحمه الله عن القتال تحت راية قومه في كتاب نيل الأوطار: ”إنما كان ذلك مشروعًا لما يتكلفه الإنسان من إظهاره القوة والجلادة إذا كان بمرأى من قومه ومسمع بخلاف ما إذا كان في غير قومه فإنه لا يفعل كفعله بين قومه لما جبلت عليه النفوس من محبة ظهور المحاسن بين العشيرة وكراهة ظهور المساوئ بينهم ولهذا أفرد صلى اللّه عليه وآله وسلم كل قبيلة من القبائل التي غزت معه غزوة الفتح بأميرها ورايتها كما يحكي ذلك كتب الحديث والسير“.‏

    ويقول ابن القيم رحمه الله عن فقه قصة وفد صُداء: ”فيها استحبابُ عقد الألوية والرايات للجيش، واستحبابُ كـونِ اللِّواء أبيض، وجواز كونِ الراية سوداء مِن غير كراهة“.

    مما تقدم يتبين لنا أهمية الرايات وحرص النبي صلى الله عليه وسلم عليها بل وتضحية جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه بنفسه من أجل ألا تسقط راية الإسلام كما مر أنه قاتل بها حتى قُطِعَتْ يمينُه، فأخذ الراية بيساره، فَقُطِعَتْ يسارُه، فاحتضن الراية حتى قُتِلَ ولذا سُمّي جعفر الطيار وأيضاً تنافس الصحابة أيهم يعطى الراية – يومَ خيبر - دليلٌ على أهميتها وشرفها ومنزلتها في النفوس وإعطاء الرسول صلى الله عليه وسلم الراية لأحد أصحابه دليلٌ على محبة الله ورسوله له ومحبته لله ورسوله، والراية لها جانبان: الجانب الحسي وهو ماسبق في التعريف، والجانب المعنوي وهو المنهج الذي تحمله والهدف والغاية الذي تريد الوصول إليه من نشرٍ للإسلام ورفعٍ للظلم ومدافعةٍ للكافرين الأصليين منهم والمرتدين، وهي عنوان وشارة لأي دعوة فبها تتبين الدعوات وتتمايز الصفوف وقد حرص الإسلام على وضوح المنهج وصفاء الراية من أيِّ شائبة أو اعوجاج فعن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيسيرون إليكم على ثمانين غاية. قلت: وما الغاية؟. قال: الراية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفا، وفسطاط المسلمين يومئذ في أرض يقال لها دمشق“ رواه أحمد.

    قال ابن حجر رحمه الله في فتح الباري: ”غاية أي راية، وسميت بذلك لأنها غاية المتبع إذا وقفت وقف“.

    فالراية غاية للمتبعين يقفون حيث وقفت فالقتال مربوطٌ بالراية التي يُقاتلُ تحتها فهي تحدد المقصد لأن السائر تحتها سيتحرك حيث تحركت ويقف حيث وقفت ويمتثل أوامرها بالصدور والورود لا يتعداها ولا يخالفها في صغير ولا كبير فنحن نستطيع الحكم على الراية بمعرفة الغاية ونعرف الغاية بمعرفة الراية لأن الراية الظاهرة هي مظهر المقصد الخفي، والغاية المعلنة باللفظ والتصريح هي التي تحدد لنا الراية التي يقاتل المرء تحتها فلابد أن تكون الراية خالية من الجاهلية والعصبية وأن تكون واضحة غير عمّية فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ”من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت راية عمية، يغضب للعصبية، أو يدعوا إلى عصبية أو ينصر عصبية، فقتل، فَقِتْلَةٌ جاهلية“ رواه مسلم والمقصود بالعمية كما قال النووي رحمه الله: ”قالوا هي الأمر الأعمى لا يستبين وجهه، كذا قاله أحمد بن حنبل والجمهور، قال إسحاق بن راهويه، كتقاتل القوم للعصبية“ أ.هـ

    يقول أبو قتادة الفلسطيني فك الله أسره في مقالات بين منهجين: ”العمية من العمى وهي الغواية والضلال كالقتال في العصبية والأهواء، وحكى بعضهم فيها ضم العين ”عُمية“، وسئل أحمد بن حنبل رحمه الله عمن قتل في عمية؟. قال: الأمر الأعمى للعصبية لا تستبين ما وجهه قال أبو إسحاق: إنما معنى هذا في تحارب القوم وقتل بعضهم بعضا يقول: من قتل فيها كان هالكاً قال أبو زيد: العمية: الدعوة العمياء فقتيلها في النار وقيل: العمية: الفتنة، وقيل الضلالة، فالراية العمية إذاً على معنيين، المعنى الأول: الراية التي لا وضوح فيها فهي غير بينة ولا واضحة، وإنما انساق المرء فيها كالدابة لا يدري فيما يتقاتل الناس عليه، ولا على أي شأن يتقاتلون، ولذلك هي راية لم يستبن المرء أمرها، ولم يتحقق من أهدافها، المعنى الثاني: الراية البينة الضلالة، التي لا تقاتل على الإسلام ولكنها تنتصر لمعاني الجاهلية، كالتعصب للقبلية أو العصبة أو الوجهة دون هدي من كتاب أو سنة، ويلتحق بهذه الراية الرايات البدعية لأنها رايات غواية وضلال ليس عليها نور الهدي النبوي، ولا الحق مسفر بوجهه علينا.

    فمن قتل تحت هاتين الرايتين فهو على سبيل هلكة وفي النار، والحديث إنما هو تحذير للمسلمين أن لا يقاتلوا إلا من أجل إسلامهم ودينهم، وأن لا يفرطوا بأرواحهم في سبيل الهوى والشهوة والحزبية والعشائرية والقطرية، وليس في الحديث بيان حال من قاتل تحت راية كفرية شركية فإن من قاتل تحت راية الشرك مشرك، ومن قاتل تحت راية الكفر كافر..“ أ.هـ، ولذا لا يجوز الوقوف تحت رايات وألوية وأنظمة الكفر والردة وإن حملت اسم الله، وذلك لمعرفتنا بمنهجها وكفرها وخيانتها وعمالتها.

    ويقول سيد قطب رحمه الله: ”لقد ضمن الإسلام للبشرية أعلى أفق في التصور وأقوم منهج في الحياة فهو يدعو البشرية كلها أن تفيء إليه وما كان تعصباً أن يطلب الإسلام وحدة البشرية على أساسه هو لا على أي أساس آخر; وعلى منهجه هو لا على أي منهج آخر، وتحت رايته هو لا تحت أية راية أخرى فالذي يدعوك إلى الوحدة في الله والوحدة في الأرفع من التصور والوحدة في الأفضل من النظام ويأبى أن يشتري الوحدة بالحيدة عن منهج الله والتردي في مهاوي الجاهلية ليس متعصباً أو هو متعصب ولكن للخير والحق والصلاح والجماعة المسلمة التي تتجه إلى قبلة مميزة يجب أن تدرك معنى هذا الاتجاه إن القبلة ليست مجرد مكان أو جهة تتجه إليها الجماعة في الصلاة فالمكان أو الجهة ليس سوى رمز؛ رمزٌ للتميز والاختصاص تميزُ التصور وتميز الشخصية وتميز الهدف وتميز الاهتمامات وتميز الكيان والأمة المسلمة اليوم بين شتى التصورات الجاهلية التي تعج بها الأرض جميعاً وبين شتى الأهداف الجاهلية التي تستهدفها الأرض جميعاً وبين شتى الاهتمامات الجاهلية التي تشغل بال الناس جميعا وبين شتى الرايات الجاهلية التي ترفعها الأقوام جميعا الأمة المسلمة اليوم في حاجة إلى التميز بشخصية خاصة لا تتلبس بشخصيات الجاهلية السائدة; والتميز بتصور خاص للوجود والحياة لا يتلبس بتصورات الجاهلية السائدة، والتميز بأهداف واهتمامات تتفق مع تلك الشخصية وهذا التصور، والتميز براية خاصة تحمل اسم الله وحده فتعرف بأنها الأمة الوسط التي أخرجها الله للناس لتحمل أمانة العقيدة وتراثها إن هذه العقيدة منهج حياة كامل وهذا المنهج هو الذي يميز الأمة المستخلفة الوارثة لتراث العقيدة الشهيدة على الناس المكلفة بأن تقود البشرية كلها إلى الله وتحقيق هذا المنهج في حياة الأمة المسلمة هو الذي يمنحها ذلك التميز في الشخصية والكيان وفي الأهداف والاهتمامات وفي الراية والعلامة وهو الذي يمنحها مكان القيادة الذي خلقت له وأخرجت للناس من أجله وهي بغير هذا المنهج ضائعة في الغمار مبهمة الملامح مجهولة السمات مهما اتخذت لها من أزياء ودعوات وأعلام“.

    ويقول أيضاً: ”يرتفع لواء واحد يتسابق الجميع ليقفوا تحته لواء التقوى في ظل الله وهذا هو اللواء الذي رفعه الإسلام لينقذ البشرية من عقابيل العصبية للجنس والعصبية للأرض والعصبية للقبيلة والعصبية للبيت وكلها من الجاهلية وإليها تتزيا بشتى الأزياء وتسمى بشتى الأسماء وكلها جاهلية عارية من الإسلام وقد حارب الإسلام هذه العصبية الجاهلية في كل صورها وأشكالها ليقيم نظامه الإنساني العالمي في ظل راية واحدة راية الله لا راية الوطنية ولا راية القومية ولا راية البيت ولا راية الجنس فكلها رايات زائفة لا يعرفها الإسلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”كلكم بنو آدم وآدم خلق من تراب ولينتهين قوم يفخرون بآبائهم أو ليكونن أهون على الله تعالى من الجعلان“ وقال صلى الله عليه وسلم عن العصبية الجاهلية ”دعوها فإنها منتنة“ وهذه هي القاعدة التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي.

  • #2
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    صحيح أخي نضال
    فاللون الأسود المكتوب عليه بالأبيض هو الراية الاساسية للإسلام
    بارك الله فيك أخي نضال وجعلها الله في ميزان حسناتك.
    وأهلا بك عضوا جديدا في منتدانا
    اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك

      ان شاء الله تكون كل راياتنا موحدة تحت لواء الاسلام

      اما بالنسبة لراية رسول الله صلى الله عليه وسلم
      فقد قال شاعرٌ من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان يحمل الراية :
      لمن رايةٌ سوداء يخفق ظلها .. اذا قيل قدمها حصين تقدما


      وبارك الله فيك يا اخي الكريم وجعل هذا المقال في ميزان حسناتك
      إن سلاحنا هو شرفنا .. إن سلاحنا هو عرضنا وكرامتنا .. وبندقيتنا لن نقايضها الا بفلسطين المحررة



      لا تنسوا وصايا الشهداء

      تعليق


      • #4
        يقول السرخسي رحمه الله في شرح السير الكبير: ”اللِّواءُ اسمٌ لِمَا يكونُ للسّلطانِ، والرَّايةُ اسمٌ لِمَا يكونُ لِكلِّ قائدٍ تجتمعُ جماعةٌ تحْتَ رايتهِ“، ويقول أبو بكر ابن العربي‏ رحمه الله:‏ ”اللواءُ غيرُ الرايةِ فاللواءُ ما يُعقدُ في طرفِ الرمحِ ويُلوى عليه والرايةُ ما يُعقدُ فيه ويُترك حتى تصفقه الرياح وقيل اللواءُ دونَ الرايةِ وقيل اللواءُ العَلمُ الضخمُ والعَلمُ علامةٌ لمحلِّ الأميرِ يدورُ معهُ حيثُ دار والرايةُ يتولاها صاحبُ الحربِ“.
        بصراحة أجمل ما قرأة في موضوعك أخي

        مشكور اخي على المشاركة وهلا فيك
        أنـــــــــــــــــــ إبن السرايا ما هتفت لغيرها ـــــــــــــــا

        تعليق


        • #5
          يسلمه ايديك

          بارك الله فيك اخي nedal
          وحبذا ان تكون المواضيع التي تطرح في الساحة مؤصلة تأصيل شرعي
          ويا ريت الموضوع القادم حول الوحدة الوطنية في الميزان الشرعي

          تعليق


          • #6
            ان شاء الله تكون كل راياتنا موحدة تحت لواء الاسلام

            تعليق


            • #7
              بارك الله في جميع الاخوة

              تعليق


              • #8
                نسأل الله الغلي القدير أن يوفقنا لما فيه الخير والصلاح

                تعليق


                • #9
                  بارك الله فيك اخى nedal
                  ريتنا رمز عزتنا ان شاء الله

                  تعليق


                  • #10
                    بارك الله فيك اخي الكريم على هذه الكلمات ونسأل الله ان يجعلنا موحيدين تحت راية الاسلام ونكون شهداء فداء رفعها واعلاها
                    الحمدلله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه


                    " عندما سلكنا هذا الطريق كنا نعرف ان تكاليفه صعبة جدا لكن هذا هو واجبنا وخيارنا المقدس"

                    تعليق

                    يعمل...
                    X