إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

القربان ..!من روائع محمود درويش !

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القربان ..!من روائع محمود درويش !

    القربان ..
    ..

    هيّا.. تقدّمْ أنتَ وَحْدَكَ، أنتَ وَحدَكَ
    حولكَ الكُهّانُ ينتظرون أمرَ اللهِ، فاصعَدْ
    أيُّها القربانُ نحو المذبحِ الحجري، يا كبشَ
    الفداء – فدائنا… واصعَدْ قويّا

    لَكَ حُبُّنا، وغناؤنا المبحوحُ في
    الصحراء: هاتِ الماءَ من غبش السراب
    وأيقظ الموتى ! ففي دمكَ الجوابُ، ونحن
    لم نقتلْكَ… لم نقْتُلْ نبيّا

    إلا لنمتحن القيامة، فامتحنا أنتَ
    في هذا الهباءِ المعدني، ومت لنعرفَ
    كم نُحبك.. كم نُحبك! مُت لنعرفَ
    كيف يسقطُ قلبُكَ الملآن، فوق دعائنا
    رُطباَ جنيّا


    لكَ صورةُ المعنى. فلا ترجع إلى
    أعضاء جسمك، واترك اسمكَ في الصدى
    صفة لشيء ما، وكُن أيقونةَ للحائرين
    وزينةً للساهرين، وكُنْ شهيداً شاهداً
    طلق المُحيّا


    فبأيّ آلاء نكذّب؟ من يُطَهّرُنا
    سواك؟ ومن يحررنا سواك؟ وقد
    ولُدتَ نيابة عنا هناك. ولُدْت من نور
    ومن نار.
    وكنا نحن نجّارين مَوْهوبينَ في
    صُنْع الصليبِ، فَخُذْ صليبَكَ وارتفعْ
    فوق الثُريّا

    سنقولُ: لم تُخطئْ، ولم نُخطئْ، إذا
    لم يهطِل المَطَرُ انتظرناهُ، وضحينا بجسمكَ
    مرةً أخرى فلا قربانَ غيرك، يا حبيب
    الله، يا ابن شقائق النعمان، كمْ منْ
    مرّةٍ ستعودُ حيّا!

    هيّا، تقدّمْ أنت وَحدَك، يا استعارتَنا
    الوحيدة فوق هاوية الغنائييّن، نحن الفارغين
    النائمين على ظهور الخيل.. نسألكَ الوفاء،
    فكُنْ وفيّاً للسلالة والرسالة، كُنْ وفيّا
    للأساطير الجميلة، كُن وفيّا‍‍!


    وبأي آلاء نكذّب؟ والكواكبُ في
    يديك، فكن إشارتنا الأخيرة، كُنْ عبارتنا
    الأخيرةَ في حُطام الأبجدية "لم نزَلْ
    نحيا، ولَوْ موتى"
    على دَمكَ اتكلنا
    دلّنا، وأضئ لنا دَمَك الزكيَا‍!

    لم يعتذر أحدٌ لجرحِك، كُلُّنا قُلْنا
    لروما "لم نكن مَعَهُ" وأسْلمناك للجلاّد،
    فاصفح عن خيانتنا الصغيرة، يا أخانا
    في الرضاعة، لم نكن ندري بما يجري،
    فكُنْ سمحاً رضيّا.

    سنُصدّقُ الرؤيا ونؤمنُ بالزواجِ الفذّ
    بين الروح والجسدَ المقدّس كلّ ورد
    الأرض لا يكفي لعرشك، حفّت الأرضُ،
    استدارتْ، ثم طارتْ، كالحمامة في سمائكَ،
    يا ذبيحتنا الأنيقة، فاحترقْ، لتضيئنا، ولتنبثقْ
    نجماً قصياً

    أعلى وأعلى. لَسْتَ منا إن نزلتَ
    وقُلتَ: "لي جَسدٌ يُعذّبني على خشب
    الصليب" فإن نَطقتَ… أفقْتَ، وانكشفَتْ
    حقيقتُنا، فكُنْ حُلُماً، لا تكنْ بشراً
    ولا شجراً، وكُنْ لُغزاً عصيّا

    كُنْ هَمْزةَ الوَصْلِ الخفيفة بين آلهة
    السماء وبيننا، قد تمطر السُحُبُ العقيمةُ
    مَنْ نوافذِ حَرْفك العالي، وكن نور البشارة،
    واكتبْ الرؤيا على باب المغارةِ. وأهْدِنا
    درباً سويّا


    وليحتفلْ بكَ كُلُ ما يَخْضرُّ، مِنْ
    شجر وَمِنْ حَجَر، ومن أشياء تنساها
    الفراشة فوق قارعة الزمان قصيدةً…
    وليحتفلْ بكَ كُلُّ مَنْ لم يمتلكْ ذكرى،
    ولا قمراً بهيّا

    ولا تنكسرْ! لا تنتصرْ، كُنْ بَينَ،
    بيْنَ معلقاً، فإذا انكسَرْتَ كُسَرْتَناَ، وإذا
    انتصَرْتَ كَسَرْتَنا، وَهَدَمْتَ هَيكلنا، إذًا،
    كن مَيّتاً – حيّاً – وحيّا – ميتا، ليواصِلَ
    الكُهّانُ مهنتهُمْ، وكُنْ طيفاً خَفيّا

    ولتْبقَ وَحْدَك عالياً، لا يلمسُ الزّمنُ
    الثقيلُ مجالكَ الحيويَّ، فاصعَدْ ما استطعتَ،
    فأنت أجمَلُنا شهيداً، كن بعيداً ما استطعْتَ
    لكي نرى في الوحي ظلكَ أرْجوانيَّ الخريطة،

    فالسلامُ عليك يَوْمَ وُلِدْتُ في بلد السلام،
    ويَوْمَ مُتَّ، ويَومَ تُبعثُ من ظلام الموت
    حيّاً! ..

    محمود درويش
    التعديل الأخير تم بواسطة خالد عمر; الساعة 24-10-2011, 12:50 AM.

    هيك فلّ من عنّا اخر مرة حدا فكر يسحب سلاح المقاومة ! << يقول لبنانيون ..

  • #2
    رد: القربان ..!من روائع محمود درويش !

    http://www.youtube.com/watch?v=EwZ2FiRkHoQ

    القصيدة بصوت الرائع درويش ..

    هيك فلّ من عنّا اخر مرة حدا فكر يسحب سلاح المقاومة ! << يقول لبنانيون ..

    تعليق


    • #3
      رد: القربان ..!من روائع محمود درويش !

      إن كلمات الشكر والثناء تقف عاجزة ومحتارة أمام المعجزة التي تذهلنا وتسوقنا إليها
      لست من الذين يعيدون القراءة لكن بين يدي هذه القصيدة لا أستطيع أن أطوي صفحتها!

      تركت فيكم حروفاَ، أعيدوا بها رسم الحكاية، ولا تذكروني

      تعليق


      • #4
        رد: القربان ..!من روائع محمود درويش !

        ياااااه ما اروعها ..
        وانا اقرأ حروفها أستشعر بمدى الكم الهائل من التراث الغائب لشعرائنا العظام

        مشكور اخ خالد ..
        { يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ }


        تعليق

        يعمل...
        X