إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحل الفلسطيني: الحسم الدستوري لنزاع رأسَي السلطة التنفيذية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحل الفلسطيني: الحسم الدستوري لنزاع رأسَي السلطة التنفيذية

    هل الوضع الداخلي الفلسطيني حقاً على شفير انفجار أو حرب أهلية؟

    الجواب هو قطعاً: لا.



    فالشعوب التي اختبرت الحروب الأهلية، او قامت على تعددية، هي الأكثر تحصينا ضد حمامات الدم الداخلية. لدينا امثلة واضحة: مهما احتدمت الأزمة اللبنانية، لا تصل الى الاقتتال، بعدما خبر اللبنانيون ويلات حرب اهلية كانت الأكثر وحشية في تاريخ المنطقة. كذلك الأمر بالنسبة للفلسطينيين الذين تفتّح وعيهم السياسي الأول على «ديمقراطية غابة البنادق»، اي ما يمكن وصفه ب«التعددية المسلحة»، وهو ما رسم عبر عشرات السنوات وبضع شهداء، خطوطا حمراء واضحة للمدى الذي يمكن ان تصل إليه الصراعات الداخلية.



    الآن يعيش الفلسطينيون احلك تناقضاتهم الداخلية، ابرزها في تصنيفين: الأول: خلل هيكلي داخلي. والثاني: يرتبط بمجمل ميزان القوى الجديد في المنطقة، والتحالفات الناشئة على وفقه. في ماخص الخلل الداخلي، فإن الضغوط الخارجية على الرئيس الراحل ياسر عرفات، طيلة سنوات حصاره الثلاث، فرضت خرق مسلمات علم السياسة: ارغمته على تعيين رئيس وزراء(هو نفسه محمود عباس)، بصلاحيات واسعة، الى جانب رئيس السلطة الوطنية، الذي هو ايضا يتمتع بصلاحيات واسعة، لتهتز السلطة الوطنية بتنازع وتقاسم الصلاحيات، اللذين وصلا حتى الى الأجهزة الأمنية.



    اعتادت حتى النظم الديمقراطية الغربية على تعدد وتنافس السلطات، على أساس الفصل بينها: سلطة تنفيذية في صراع مع السلطة التشريعية، والأخرى القضائية. لكن لم يشهد اي نظام تعددية السلطات داخل السلطة التنفيذية نفسها، وهو ما كان قاومه عرفات في البداية، باقتراح نظام شبيه بالأميركي، اي تعيين نائب للرئيس وليس رئيسا للوزراء، قبل ان يرغم على قبوله.



    هذا الخلل افرز الوضع الداخلي المتوتر، والذي لا بد ان يحسم دستوريا. فإما رئيس فلسطيني بصلاحيات شرفية(كما في اسرائيل)، او إلغاء منصب رئيس الوزراء لمصلحة تعيين نائب للرئيس، يمثلان معا السلطة التنفيذية في مواجهة السلطة التشريعية(كما في الولايات المتحدة).



    اما الوضع الخارجي، الذي يرفع من حدة التنازع الفلسطيني، فلا يختلف من حيث التعقيد عن المأزق الداخلي: هناك معسكران داخل فلسطين، واحد يقوده محمود عباس الذي حسم خياراته باتجاه التحالف مع الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي و«معسكر المعتدلين» من الدول العربية، على اساس اعتراف العالم اجمع بأن واشنطن تظل هي اللاعب الرئيس في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.



    المعسكر الثاني، الذي تقوده حركة«حماس»، بدا كما ظهر جليا في زيارة رئيس الوزراء اسماعيل هنية الى كل من دمشق وطهران والخرطوم، وعدم تعريجه على السعودية، ان الحركة حسمت خياراتها هي ايضا باتجاه المعسكر الإيراني، استنادا الى وعود الرئيس احمدي نجاد لهنية، بالانتظار الى شهر ابريل المقبل، حين تعلن ايران نفسها قوة نووية، ما يستتبع تغيير موازين القوى في المنطقة يرجح كفة «حماس» و «حزب الله» اللبناني، المتحالفين مع سوريا ايضا.



    اذن الصراع وصل الى نقطة الحسم، وهو ما دفع محمود عباس الى اختيار حل الانتخابات المبكرة، مؤملا بفشل «حماس»، بعدما فاقمت تجربة توليها مقاليد الحكم من الأزمة الفلسطينية على كل الصعد المعيشية والسياسية، وهو ما تدركه الحركة جيدا، ولا سيما ان الناخب الفلسطيني وضع مجبرا امام المقارنة بين حقبة «فتح» على سوءاتها، وبين حقبة «حماس». «حماس» ترفض ما وصفه عباس ب«خيار الشعب»، وتصر على اطالة امد الأزمة الى حين اشهار حليفها النووي الجديد في طهران. و«فتح» ترى الفرصة مناسبة لإعادة «حماس» الى حجمها عبر صناديق الاقتراع، بعدما خسرت نصيبا وافرا من جماهيريتها بفعل الحصار الاقتصادي، وهو ما يفسر دائما إعلاءها شعار الاعتراف بإسرائيل كمبرر للدفاع عن موقفها، بدل مواجهة الضائقة المتعددة الجوانب التي تعصف بمستقبل الفلسطينيين.



    الحل الديمقراطي المتاح حاليا، هو اللجوء الى المحكمة الفلسطينية العليا، التي تقوم بمهام المحكمة الدستورية لغيابها، وذلك لحسم موضوع تسلح عباس بصلاحيات قانونية تؤهله للدعوة الى الانتخابات المبكرة. لكن المعضلة هنا ايضا ان السلطة القضائية الفلسطينية معطلة منذ العام 1999، وكذلك المحكمة العليا التي لاتجد من ينفذ قراراتها، كما حدث في حقبة عرفات.



    اذن الأزمة الى تصاعد، لكنها لن تصل الى الحرب الأهلية، فالفلسطينيون معتادون على الصراخ في وجوه بعضهم البعض والأصابع على الزناد، من دون الضغط عليه، إلا ما ندر. وعليه، سيسقط بعض القتلى وبعض الجرحى في مواجهات هامشية، على الأغلب ستنسب الى «مسلحين مجهولين»، قبل ان يضطر المتخاصمون الى الجلوس على مائدة الحوار الداخلي، بعد تدخل عربي، والاتفاق على حكومة وحدة وطنية، قد لا تدوم طويلا مع قدوم النزاع الداخلي التالي.



    لا بديل لعباس حاليا، سوى الدعوة الى استفتاء لتعديل القانون الأساسي(الدستور) لحسم نزاع رأسَي السلطة التنفيذية، الذي عرقل مسيرة العمل الوطني حتى ابان حقبة عرفات ـ عباس.

  • #2
    وساطة مصر في فلسطين بين الاعتبارات الوطنية و الخطوط الحمراء الأمريكية

    كعادتها سارعت مصر امس الي ارسال وفد امني الي قطاع غزة للعمل علي احتواء التوتر الذي يتحول بالفعل الي بوادر مفزعة لحرب اهلية. اما علي الصعيد السياسي فكان ملفتا ان وزارة الخارجية المصرية اصدرت بيانا ادانت فيه اطلاق النار علي موكب رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية، رغم ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس نفسه قد تجاهل ذلك الحادث ولم يذكره في خطابه الذي دعا فيه الي اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية.
    ويبعث بيان الخارجية المصرية باشارة هامة تفيد بأن الدعم المصري الكامل لمؤسسة الرئاسة الفلسطينية لا يمكن ان يشمل اعمالا من شأنها دفع الوضع الامني الهش اصلا الي حافة الهاوية، وان دعم ابو مازن يأتي اصلا في اطار دعم اوسع للاستقرار، ولا يمتد تلقائيا الي كل مغامرات حركة فتح سواء علي الصعيد الامني او السياسي، وخاصة تلك التي تبدو مصممة خصيصا لإطاحة حكومة حماس بأي وسيلة ومهما كان الثمن مثل محاولة اغتيال اسماعيل هنية.
    ولعل هذا يفسر احجام مصر، في العلن علي الاقل، عن التدخل في قضية اجراء الانتخابات المبكرة من عدمها. الا ان الاحداث المؤسفة والمتلاحقة التي تشهدها الاراضي الفلسطينية هذه المرة تجعل محتما ان يعيد النظام المصري حساباته وبسرعة قبل ان تصل المواجهات الامنية والسياسية والغليان في الشارع الفلسطيني الي نقطة اللاعودة

    وكان ابو مازن اشار في خطابه الي ان الاتصالات مع مصر ساهمت في ان يخرج رئيس الوزراء الفلسطيني من معبر رفح كريما وان يعود عبره كريما ، متجاهلا فترة الانتظار المهينة لساعات طويلة التي جلس خلالها علي مصطبة حجرية في الجانب المصري، وهو ما اعتبره مراقبون اهانة للحكومة المصرية وليس الفلسطينية باعتبار ان هنية كان ضيفها وما زال من الناحية التقنية موجودا علي اراضيها عندما رفضت اسرائيل عودته.
    صحيح ان اللواء عمر سليمان اجري اتصالات سمحت اخيرا بحل مشكلة الاموال التي كانت بحوزة هنية، ووصفها ابو مازن في سقطة رئاسية جديدة بـ المهربة ، الا ان التجربة برمتها اثبتت بما لا يدع مجالا للشك ان قطاع غزة ما زال واقعا تحت الاحتلال، رغم ما اسماه ابو مازن انسحابا اسرائيليا كاملا منه في مغالطة وتبن للمنطق الاسرائيلي.
    ويبدو الموقف المصري خاضعا لمحددات سياسية وامنية تتطلب الحفاظ علي توازنات دقيقة تفرضها الحقائق علي الارض من جهة، وعدم تجاوز خطوط حمراء رسمتها الولايات المتحدة لضمان تحييد الثقل المصري في المواجهة الاقليمية مع ايران من جهة اخري.
    وهكذا كان استقبال رئيس الوزراء المصري الدكتور احمد نظيف لنظيره الفلسطيني حلا وسطا يعفي الحكومة من الحرج البروتوكولي دون ان يخل بالموقف السياسي الالزامي ، الا ان هذا قد تطور من التهرب من لقاء وزير الخارجية محمود الزهار لشهور بعد تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة.

    ويري مراقبون ان الرئيس مبارك فوت فرصة نادرة عندما لم يستقبل هنية بينما سمح وقته باستقبل عضو في الكونغرس ونائب وزير الدفاع السعودي.

    ويعتبرون ان حماس سواء الحركة او الحكومة، استطاعت فرض نفسها سياسيا وامنيا علي الاجندة المصرية بعد اصبحت رفاهية تجاهلها غير متاحة في ظل معطيات جديدة لا يفهمها بالضرورة من جعلوا التعامل مع حماس خطا احمر .

    ومن هذا المنطلق تبدو مصر اكثر الاطراف العربية تأهلا للقيام بوساطة سياسية هذه المرة بين الرئيس الفلسطيني ورئيس وزرائه، بل انها الوسيط الطبيعي الوحيد القادر علي احتواء هذا الوضع المتفجر خاصة وان الاردن رفض استقبال هنية اصلا، بينما لاتستطيع السعودية التلاعب في خريطة المعتدلين والمتطرفين التي اعلنتها رايس للمنطقة.

    وحيث ان الامن القومي المصري سيدفع الثمن الاكبر من تحول غزة الي عراق او جزائر فان المطلوب هذه المرة وساطة علي اسس وطنية وقومية بغض النظر عن ما يمكن ان تثيره من استياء لدي الولايات المتحدة واسرائيل والدول العربية المتحالفة معهما في مواجهة ما يعرف بـ المشروع الايراني في المنطقة.
    ولعل هكذا وساطة ستكون الرد العملي علي اتهامات بأن زيارة وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس الاخيرة للمنطقة قد اعطت الضوء الاخضر لاطاحة حكومة حماس والتصعيد مع جماعة الاخوان الذين تعرضوا مؤخرا لاكبر حملة اعتقالات منذ زمن.
    واذا كانت الولايات المتحدة نفسها مستعدة لاقامة حوار مشروط مع ايران، واذا كانت رايس عقدت مباحثات علنية مع وزير الخارجية اللبناني فوزي صلوخ وهو ينتمي لحزب الله الذي تعتبره واشنطن تنظيما ارهابيا، فهل يتحمل الوضع استمرار الهواجس السياسية التي تعوق اعادة النظر في حسابات القاهرة الاقليمية.
    وحتي اذا كان النظام في مصر يحتاج لاسباب كثيرة ومعقدة الي ان يدعم شعبيته في الداخل فقد كان من الصعب تفهم تقديم التلفزيون الرسمي امس خبر التهنئة التي بعث بها الرئيس مبارك الي النادي الاهلي بمناسبة فوزه في بطولة لكرة القدم علي الاحداث الفلسطينية التي تمس صميم امن مصر القومي، ناهيك عن مكانتها التاريخية في هذا الملف الذي هو اهم الاوراق المصرية الاقليمية ، فهل ستدرك القيادة المصرية خطورة هذا الشرر الفلسطيني المتطاير الذي ينذر بحريق كبير يتجاوز الحدود والخطوط بكل الوانها؟

    تعليق

    يعمل...
    X