إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

جميع مقالات وكلمات وتصريحات الدكتور فتحي الشقاقي رحمه الله تجدها ونجمعها هنا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جميع مقالات وكلمات وتصريحات الدكتور فتحي الشقاقي رحمه الله تجدها ونجمعها هنا

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    كلمات الدكتور فتحي الشقاقي
    تصريحات الدكتور فتحي الشقاقي
    مقالات الدكتور فتحي الشقاقي


    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الانبياء وقائد سرايا المجاهدين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

    لانه صاحب الكلمة الكريمة، لانه صاحب الفكر السليم، لانه صاحب اول بندقية اسلامية في فلسطين، نجمع كلماته هنا لكي يستفيد منها الجميع بإذن الله، وسوف يكون في كل رد كلمة في موقف معين.


    بسم الله نبدأ
    اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

  • #2
    كلمة في يوم التضامن مع الشعب المسلم في البوسنة

    التاريخ: 1389-10-23 هجري

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه

    السادة العلماء

    الإخوة المجاهدون


    مأساة البوسنة عنوانٌ جديد واضح على الحقد الصليبي الذي لم يبرح صدر الغرب ساعة . عنوانٌ على همجية الغرب ودمويته ولا مبالاته بالإنسان ، ودم الإنسان ، وحقوق الإنسان والأمم والشعوب . عنوانٌ على تواطؤ الغرب وليس مجرد تخاذله كما يتوهم البعض.

    بعد الحرب العالمية الثانية، كما بعد الحرب العالمية الأولى جلس المستكبرون على المائدة تناولوا خارطة العالم بالشوكة والسكين. هكذا عنوان حضارتهم، القائمة على منطق الصراع والحقد والقصاص والعقاب والمنفعة . كان نصيب البوسنة في البداية الانسلاخ عن محيطها العثماني والإسلامي ، وعندما انهارت الشيوعية حاول الغرب الرأسمالي أن يبيع شعوب الدول المتساقطة في المزاد العلني ، وكانت يوغسلافيا مجرد نموذج لهذا السقوط والتفكك الذي لم ينته إلى الآن ، بل أصبح مشكلة عالمية كبيرة. لم يسع المسلمون للانفصال ، بل إن علي عزت بيغوفيتش ، الذي كان الرئيس بعد انفصال كرواتيا، حاول أن يطرح صيغة تحافظ على وحدة يوغسلافيا ، ولكن الصرب كانوا يتحركون نحو مخططهم المختزن في ذاكرتهم وتكوينهم منذ القرن الماضي ، وهو أن تصبح صربيا إمبراطورية في وسط أوروبا. وجاء اعتراف البعض بالبوسنة والهرسك كدولة لتصبح أكثر وضوحا في مرمى الأنياب الصربية المتوحشة.

    وهكذا بدأت الحملة التي دُقت طبولها في بلغراد، وليس على أيدي صرب البوسنة (فقط)، وكان عنوانها إبادة المسلمين لأن موقعهم نشاز في أوروبا، وبدأ العالم يتفرج على المذبحة. أمريكا رأت فيما يجري إضعافاً لأوروبا، وإثارة لجرح لن يسمح للوحدة الأوروبية أن تتم بشكل قوي وفعال بحيث يواجه المهيمنة الأمريكية، فكانت السياسة الأمريكية ، ومازالت ، هي المحافظة على المعركة مستمرة دون حسم نهائي.

    أما أوروبا فهي تخاف من اتساع المعركة وترى أن استمرارها في البوسنة أفضل كي لا تنتقل الحرب إلى مقدونيا وكوسوفو واليونان وبلغاريا. والحديث عن تمايز في المواقف الغربية ليس أكثر من لغو ، طالما أن ترجمة هذا التمايز بالفعل ، مرهون بموقف مجلس الأمن وبمجمل حلف الأطلسي.

    الموقف الدولي بشكل عام قائم على النفاق والكذب ، وجنود الأمم المتحدة شاركوا في الاغتصاب وفي السرقة والنهب. هم تجار الخبز والبنزين في سراييفو ،وهم الذين يبيعون ما ينهبه الصرب، أي يقومون بغسل البضائع المهربة، ووظيفة الأمم المتحدة سياسياً أن تكتفي بالبيانات عندما ترى المسلمين يموتون وتتدخل لفرض الهدنة إذا ما حقق المسلمون أي انتصار. وقد أصدرت هذه الأمم المتحدة 28 قراراً بشأن البوسنة لم ينفذ منها إلا قرار 713 الذي يحظر إمداد السلاح لأطراف النزاع، والذي عمليا لم يفرض إلا على المسلمين والحكومة البوسنية ، أما العصابات الصربية المتمردة فتمد بكل السلاح من صربيا وروسيا واليونان ومما في أيدي جنود الأمم المتحدة.

    وهكذا ورغم أن المسلمين البوسنيين هم أوربيون وطنا وعرفاً ، فإن هذا لم يشفع لهم. وطالما أنهم مسلمون فليذبح أبناؤهم، ولتسبي وتغتصب نساؤهم ، وتدمر قراهم ومدنهم، وتسوى بالأرض مساجدهم، في حملة صليبية جديدة تسمى في الغرب المتحضر وعلى أبواب القرن الحادي والعشرين «التطهير العرقي».

    أي عار على جبين الإنسانية التي تسلم قيادها اليوم لحضارة العنف وفقدان الضمير ، تلك التي تمارس مثل هذا التطهير العرقي والعقيدي بقلب متوحش بارد.

    أيها الإخوة

    إن أهم دلالات ما يري في البوسنة هو مدى الحقد البشع على الإسلام ، ليس فقط من قبل الصرب ، ولكن من قبل كل الغرب ، وهو يعطي تفسيراً أكثر وضوحا لما يجري في فلسطين ، إحدى مواقع تجليات هذا الحقد . فإنكان الغرب يتعامل هكذا مع من هم أوروبيون وطناً وعرقاً ولونا، فكيف ستعامل معنا في فلسطين ، حيث وطن باكمله ينزع من أيدي أهله وأصحابه وشعبه ويسلم إلى اليهود القادمين من أربعة جهات الكون ومن وراء البحار، وحيث جرى ولا زال تطهير عرقي وديني؟ بل إن اتفاق أوسلو الذي رعاه الغرب ويحاول فرضه هو ذروة التطهير العرقي والديني وتكريس لجريمة الغرب في فلسطين والمستمرة لثلاثة أرباع القرن.

    إن تمرير مجازر الصرب ضد المسلمين في البوسنة يعني أيضاً تمريرها من جديد في فلسطين وفي غير فلسطين . إن سمحوا بها في قلب أوروبا، فلماذا لا يسمحون بها خارج أوروبا، وحيث تقتضي مصالحهم الاستراتيجية؟ ألم يقل سكرتير الحلف الأطلسي مطلع هذا العام إن الإسلام هو عدونا الاول؟

    ولكن أين يقف أكثر من مليار مسلم مما يجري لإخوانهم في البوسنة؟ أغلب الحكام متواطئون بصمتهم ، متواطئون بانشغالهم بإعلان الحرب على الأصوليين الاسلاميين وهي نفس التهمة التي يرمي بها الغرب مسلمي البوسنة أيضاً . أغلب الحكام متواطئون رغم البيانات الخجولة وحفلات التبرعات الرمزية التي يسمح بها هنا وهناك.

    إنهم وكما يشاركون في إقامة «إسرائيل الكبرى أو العظمى» بفتح عواصمهم وأحضانهم للصهاينة ، فإنهم يفسحون المجال لإقامة «صربيا الكبرى» بتولية أدبارهم لإخوانهم من مسلمي البوسنة الذين قتلوا وزلزلوا وأخرجوا من ديارهم لأنهم مسلمون.

    إن ما يجري في البوسنة فرصة نادرة لتحقيق نوع من الإجماع الإسلامي والقوة الإسلامية ، فأن كان المسلمون غير قادرين على الاجتماع لأجل فلسطين ، ذلك الذي بات محرماً ، شديد التحريم عليهم فإنهم بشأن البوسنة ليسوا في موضع الملامة أو المحاسبة لأن أي سلوك للدولة الإسلامية سيكون مبرراً دوليا وشعبيا.

    إن قطع التبعية مع الغرب فكرياً وسياسياً واقتصادياً ، وبحث سبل التعاون والتضامن الإسلامي الجاد والحقيقي والعمل لأجل وحدة الأمة هو السبيل لمواجهة هجوم الصرب في البوسنة وهجوم الغرب في البوسنة وفلسطين بل على امتداد هذا الوطن العربي والإسلامي المستباح.


    المصدر: من أرشيف حركة الجهاد الإسلامي : (1995)
    اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

    تعليق


    • #3
      الانتفاضة

      التاريخ: 1409-1-13 هـ الموافق: 1988-08-26م الساعة: 00:00:00

      جاءت في سياق الصراع التاريخي ضد المشروع الصليبي الصهيوني بدعوة من الجماعة الإسلامية في صيدا، بتاريخ 26/8/1988 حول الثورة الشعبية الفلسطينية : جذورها وآفاقها المستقبلية. والمنشور مقتطفات منها:

      بسم الله الرحمن الرحيم "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا" وإن الله لمع المسلمين"

      أيها الأخوة المسلمون:


      الانتفاضة الإسلامية المباركة، في أحد أهم جوانبها ومعانيها ، عملية فوق العادة، وفعل استثنائي لاكتشاف الذات وتحقيق الهوية، تلك الذات وتلك الهوية التي حاولوا تغييبها وحاولوا طمسها، كما حاولوا سحق الجماهير التي تحملها وتطوي القلب عليها ، تلك الجماهير التي حاولوا طرق أصابعها فوق السندان ودفعها وظهرها إلى الحائط.

      الانتفاضة كانت إزالة للطلاء وتعرية للزيف وتفجيرا لمخزون الطاقة المؤمنة تحت جلد شعبنا الفلسطيني المسلم وفي شرايين دمه، واندفاعاً من الحائط الذي دفعونا إليه وألصقونا به ، اندفاعاً إلى بوابات الأقصى وإلى وعد الآخرة. ولكن أية ذات وأية هوية، هل هي تلك الذات التي حاولوا تشكيلها بعد تقسيم وحدود سايكس ـ بيكو ، وفي ظل أطروحة الدولة اللقيطة التي كانت إفرازاً للمشروع الاستعماري الصليبي الصهيوني؟

      نعم، أيها الاخوة.. من هنا نبدأ، حتى أضع الانتفاضة في سياقها التاريخي الصحيح ، فلا نبدأ أيها الإخوة.. بعملية مبتورة عن جذورها وعن تاريخها الحقيقي.

      إذاً ، مسيرة حضارتنا التي ننتمي إليها..

      على مدى هذا القرن وقبل سقوط بيت المقدس في أيديهم، كانت الهجمة الصليبية ـ الصهيونية تمتد وتمتد حتى تشمل الوطن الإسلامي ، كانت الهجمة الصليبية تنتقل من محور إلى محور عبر التغريب وعبر التجزئة وعبر إقامة الدول اللقيطة، إفراز المشروع الاستعماري ، كانت الهجمة الغربية تتجسد أخيراً في إقامة الكيان العبري الغاصب فوق أعز بقعة في هذا الوطن…

      الشموع البسيطة التي اتقدت هنا وهناك على طول الوطن المحتل بدأت تتحول إلى مشاعل ، بدأت تتحول إلى جذوة كبيرة من النار لا يستطيع أحد إطفائها، وبدأ العمل الإسلامي الفعال، بدأت البطولات الإسلامية تتشكل وترسم ملامح مرحلة جديدة، نمت والنضال في أي مرحلة من المراحل.. كان شعبنا يناضل في كل المراحل ولكننا اليوم ندخل مرحلة جديدة ويحتل الإسلامي المجاهد دوره فوق الساحة الفلسطينية.

      الأسباب كامنة فيما كان مخبوءاً تحت جلد شعبنا وفي أدق خلايا دمه من قوة ومن طاقة لم يستطع أحد وحتى الآن لا يستطيع أحد فهمها أو تفسيرها ، ولذلك يعتقدون أنها قد تُطفأ بعد غد.

      الانتفاضة حسب التاريخ الرسمي بدأت في 9 ديسمبر كانون أول 1987، ولكن كل مراقب يفهم الساحة الفلسطينية جيداً ويتابعها جيداً يدرك أنها بدأت في السادس من أكتوبر /تشرين أول 1987 أي قبل شهرين من هذا التاريخ الرسمي الذي تعارفنا عليه. في هذا اليوم ، قامت مجموعة من الشباب المجاهد، وكانت العملية الإستشهادية الجريئة في غزة في حي الشجاعية بالذات . هذه العملية الإستشهادية التي جاءت تتويجاً لعدة عمليات عسكرية جهادية بطولية ، استيقظت الأمة على هذا الدم المجاهد الجديد وهو يخضب ثرى الوطن، استيقظت الأمة لترى هذا الفعل الكبير يوقظ في داخلها طاقة لم تكن في حسبان أحد. ومنذ ذلك اليوم وحتى ديسمبر/ كانون أول 1987 كانت تتفجر في قطاع غزة بالتحديد انتفاضة محدودة أو انتفاضة تمهيدية ، مظاهرات هنا وهناك ، وإضرابات هنا وهناك.

      هكذا أدرك العدو بعد أيام ماذا يعني ما أسموه شغباً وأنها انتفاضة حقيقية.. المظاهرات العارمة، المظاهرات التي أمسكت بالحجارة المقدسة التي باركها الله ولذلك كانت على رؤوسهم كحجارة من سجيل ، لأنها حجارة مقدسة ، حجارة مقدسة باركها الله سبحانه وتعالى عندما بارك أرض هذا الوطن أكثر من ست مرات في القرآن الكريم..

      لقد قذف شعبنا الفلسطيني المسلم حجراً ضخماً في مياه العالم الراكدة ولا زال هذا الحجر يفعل فعله العجيب منذ تسعة شهور وحتى الآن، ومن مرحلة إلى مرحلة كانت تمضي الانتفاضة..

      إنني أؤمن إيمانا كاملاً أنه ليس بإمكان أحد أن يوقف المسيرة، أؤمن إيماناً تاماً أنه ليس بمقدور أي قوة أرضية أن توقف مسيرة الانتفاضة حتى تحقق ما يصبو إليه شعبنا وما يصبو إليه شعبنا هو تحرير وطنه.. وأن ترتفع راياتنا فوق كل الوطن من النهر إلى البحر.

      نعم.. نحن نعرف أن ذلك ليس حلماً سهلاً وليس أمنية سهلة ، وندرك أن الانتفاضة وحدها ليست بقادرة على تحقيق كل أحلامنا وكل طموحاتنا، وإن كان هناك من يعتقد ذلك مخطئ بدون شك ، لقد وضعت الانتفاضة أقدامنا على الطريق الصحيح ، الذي بدأناه وانطلقنا باتجاهه ولن نتوقف ، ولكن شعبنا الفلسطيني المنتفض، هذا العنصر الحيوي في معادلة المنطقة لازال حتى الآن هو العنصر الوحيد الذي يتغير ، لا زال هو العنصر الوحيد الذي يعمل ضد توازن القوى ، ومن الظلم أن نقول لعنصر بهذا الحجم إنك لا تستطيع أن تفعل كل شيء ونحن نتفرج ونحن نلهو ونحن "نفرفح".. خاصة، إذا كانت هناك من داخلنا ، أصوات عربية، أصوات المؤسسات الرسمية وأصوات دول وأصوات حكام، تتمنى كل يوم أن تنتهي هذه الانتفاضة ، لأنها تعتقد أنها ليست موجهة فقط إلى "إسرائيل" ولكن موجهة إلى طبيعة الهجمة الاستعمارية الصليبية ، وهذه الهجمة هي التي أفرزت هؤلاء الحكام ، كما أفرزت "إسرائيل".

      إن الأمة الإسلامية والأمة العربية اليوم ، أمام تحد خطير ، وأمام فرصة نادرة ، عليها أن تضيع هذه الفرصة إن كانت جادة في التخلص من الاستعمار ومشروعه ليس فقط في فلسطين ، ولكن في كل مكان من الوطن العربي والوطن الإسلامي ، ويجب على كل مخلص أن لا يفوت هذه الفرصة ، إذا فوتم هذه الفرصة فليل طويل آخر ينتظركم.. نحن نعلم وندرك في داخل الوطن المحتل كم هي قاسية سطوة الحكام، وكم هي مجرمة قبضة الحكام، وندرك أن شعوباً إسلامية عديدة حاولت أن تنتفض وتقف معنا ولكن حكامهم ولكن طواغيتهم، ولكن المستكبرين حاولوا أن يقمعوا انتفاضاتهم. في مكانين فقط لم يتم قمع التأييد والتعاطف .. في طهران خرجت المظاهرات المليونية لتؤيد انتفاضة شعبنا، وخرج المسؤولون هناك على رأس المظاهرات المليونية يعلنون تأييدهم لانتفاضة شعبنا. وفي لبنان أيضا خرجت المظاهرات لتأييد انتفاضة شعبنا. وشعبنا في الداخل يدرك ذلك، ويعي ذلك ، ويفهم ماذا يعني ، وأبعاده ومراميه ، يفهمه في الوقت الذي كان يرى فيه قوات القمع المصرية تضرب شعبنا الفلسطيني على الشريط الآخر من مدينة رفح ، عندما انتفض أهلنا في مدينة رفح في الجانب المصري منها على بعد 20 متراً فقط منا، كان شعبنا مطارداً من سلطات القمع الصهيونية يرى جزئه الآخر مطارد من سلطات القمع المصرية.

      كما انتفضنا أمام أعتى قوة عسكرية في المنطقة، وكما استطعنا أن نمرغ أنوفهم في التراب ، تستطيع الشعوب في غير مكان أن تفعل نفس الشيء. إذا عادت إلى ربها وإذا استلهمت فلسفة الشهادة، واستلهمت التقدم إلى الأمام وهي تحرق خلفها كل المراكب ولن نخسر سوى القيود.

      إن آفاق الانتفاضة، وآفاق المستقبل هي الاستمرار مهما كلفنا هذا من عناء، آلام يوم وآلام شهر وآلام سنة، ولا عذابات عشرات السنين.. بقي أن نقول إن هناك من يتحدث عمن يشارك في الانتفاضة ، وأود أن أذكر إن الجميع يشارك في الانتفاضة، كل الفصائل الفلسطينية تشارك في الانتفاضة، كل أبناء الشعب الفلسطيني يشاركون في الانتفاضة، الشيوخ والشباب والأطفال يشاركون في الانتفاضة حتى الذين تساقطوا في فترة سابقة حتى العملاء الذين باعوا أنفسهم وضمائرهم للمحتل كثيرون منهم يعودون اليوم إلى صفوف شعبهم.

      قبل حضورنا بأيام اكتشفت أجهزة المخابرات شاباً مؤمناً خائفاً من الله عمره أقل من عشرين عاماً، اكتشفوا أنه لوحده قام بعشرين حريقاً ، كلفت العدو الصهيوني الملايين والملايين من الدولارات، مزارع ضخمة ومصانع كبيرة أحرقها، وقبضوا عليه بعد عشرين حريقاً ، وعندما عُرض على الصحفيين وفي الصفحات الأولى من صفحاتهم قال لهم: لست نادماً ، إنني أؤمن أنه بعد عشرين عاماً لن تكون هناك دولة "إسرائيل" ، بعد عشرين عاماً لن تكونوا هنا.. سنكون بإذن الله قد حررنا الوطن، كل الوطن من البحر إلى النهر ، ومن رفح إلى رأس الناقورة ،حيث تكون راياتنا الخفاقة قد ارتفعت على كل مكان من أنحاء الوطن العزيز.

      وبعد انتهاء كلمته أجاب المجاهد الدكتور فتحي الشقاقي على بعض أسئلة الحضور ، ورداً على سؤال حول اجراءات نظام شرقي الاردن الأخيرة قائلاً:

      ما أريد تأكيده هو رغم المقاصد السيئة من وراء هذا القرار، إلاّ إن شعبنا استمر في انتفاضته ولم يلتفت إليه وكأنه لم يحدث شيئاً.. النظام الأردني في تصوري كان يعتقد بقراره أنه يستطيع عزلنا ويستطيع تسليم الانتفاضة إلى العدو الصهيوني، فلم يستطع التأثير علينا.. ولكن من خلال أحاديث الناس، من خلال مسيرة الناس ، من خلال تصعيد الانتفاضة، كان هناك شعور حقيقي من خلال ذلك بأنه المقصود من خلال الخطة الأردنية أو المشاريع الأردنية لن تحقق أهدافها ولن تحقق نتيجتها، فالانتفاضة بيد شعبنا، ولن تستطيع أي قوة لا الملك ولا أصدقاءه في "إسرائيل" أن يوقفوا مسيرتها. ولذلك فإن القرار ضد العدو قياساً بالأيام السابقة على صدور هذا القرار ، ولذلك هم أرادوا تسليمنا للعدو ولكن نحن لهم بالمرصاد.

      كما أجاب المجاهد الشقاقي حول إمكانية تحول الثورة الشعبية في فلسطين إلى استخدام السلاح في مواجهتها مع العدو فقال:

      تحول الانتفاضة إلى انتفاضة مسلحة هذا أمر ليس صعباً وليس مستحيلاً، الانتفاضة الآن تأخذ دورها وتأخذ مسيرتها والعامل المسلح سيبرز في وقته الطبيعي والمخطط له والمرسوم له ، وأنا على يقين بأن تكونوا مطمئنين إنه إذا كانت هناك نسبة محدودة كانت مستعدة قبل الانتفاضة لكي تحمل السلاح وتستشهد الآن، فالجميع متشوقون لحمل السلاح لمواجهة العدو الصهيوني. ولكن الانتفاضة في هذه المرحلة تحقق أهدافاً عظيمة ولا يمكن التقليل من أهدافها.. ورغم أهمية السلاح الذي سيتوفر عاجلاً إن شاء الله.

      يقول د. فتحي الشقاقي:

      عندما اندلعت شرارة الانتفاضة ـ الثورة مع نهايات العام 1987 لم يكن بوسع أحد يومها أن يتصور أننا أمام حدث كبير سيقلب الموازين ويعيد ترتيب أشياء عديدة في المنطقة، بل أن تسميتها بالانتفاضة يشير إلى ظن الكثيرين أن ما حدث لن يستمر طويلاً ولن يكون شاملاً وأنه ليس أكثر من رد فعل مؤقت.

      العدو الصهيوني الذي أربكه ما حدث اعتبره أحداث شغب عابرة لن تعمر أكثر من أيام معدودة وعندما قال سياسي صهيوني في ندوة تليفزيونية ـ وبعد أسبوعين من تفجير واندلاع الانتفاضة ـ إن هذا تمرد مدني وعصيان رد عليه مشارك صهيوني أكثر تطرفا: إن التمرد في رأسك فقط هذا ليس أكثر من شغب بل إن وزير حرب العدو إسحق رابين والقادم من أمريكا وقتها صرح بأنه سيسحق هذا الشغب في أيام قليلة ولكن بعد شهرين كان شامير يقول إن هذه حرب حقيقية هؤلاء لا يريدون غزه والخليل فقط ، هؤلاء يريدون يافا وحيفا أيضاً وبعد عدة شهور كان رئيس أركان العدو دان شومرون يقول: إن معجزة لن توقف الانتفاضة أما رابين نفسه فقد صرح مرات عديدة أن القوة وحدها لا يمكن أن توقف الانتفاضة. القيادة الفلسطينية الرسمية في تونس فوجئت بما حدث ، بل وصل بها الأمر أن تظن من البداية وكأن هناك مؤامرة تستهدفها أو تستهدف شرعيتها المهتزة، وخاصة وأن يوم 1/1/1988 قد مر بدون أحداث تُذكر رغم النداءات المتكررة الداعية إلى تميز هذا اليوم ، بل وصل الأمر برئيس قسم الشؤون العربية في صحيفة "يدعوت أحرونوت" أن يكتب في نفس اليوم قائلاً: لا نفوذ لعرفات في قطاع غزة وأن قبضته في الضفة الغربية مهتزة.

      ولكن (م.ت.ف) تحركت بعد ذلك في كل اتجاه مسكونة بالأماني أن تستمر الانتفاضة ولو لأيام ترد بها اعتبارها بعد أن تم تجاهلها في مؤتمر عمان نوفمبر/ تشرين ثاني 1987.

      النظام العربي والذي كان متورطاً في الحرب العراقية الإيرانية ، لم يكن يتوقع أن يرى نار الحرب المقدسة تشتعل في بيت المقدس، فبعد أن كان قد نفض يديه من فلسطين التي لم يعد يطرحها ـ حتى في إعلامه ـ كأولوية كما تعود أن يفعل في العقود الماضية ، هذا النظام شعر بإرباك شديد وخشية من أن يمتد الطوفان من بيت المقدس إلى بقية العواصم.

      كل هؤلاء فوجئوا أما شعبنا في فلسطين فقد كان كمن يصعد سلماً كلما تجاوز درجة من السلم احترقت وأصبح من غير الممكن العودة إلى الوراء، لم يبق أمامه من خيار سوى الصعود والاستمرار وتصعيد الثورة، وهنا علينا أن نقر أننا أمام ثورة حقيقية بكل معنى الكلمة وأننا أمام تغيير نوعي ومتميز في مسار الصراع مع المشروع الصهيوني… إنه مفترق الطرق الأصعب أمام الحركة الصهيونية فهذا الشعب الفلسطيني الذي كان يتم دائماً تناسيه عند صياغة البرامج الصهيونية منذ نهاية القرن التاسع عشر إلى الآن يؤكد أنه أكثر الظواهر حيوية في المنطقة وأنه ليس بالإمكان تجاوزه، ليس بالإمكان نفيه وليس بالإمكان تحوله إلى شعب من العبيد لأنه حي وحر وسيد ، كانت الحركة الصهيونية توهم العالم وحتى اليهود بأن فلسطين بلا شعب وأنها فقط بانتظارهم وذلك حتى لا تقع في إشكالية الإجابة على سؤال: ماذا ستفعلون بالشعب الفلسطيني الذي يعيش فوق أرض فلسطين ؟ أو إشكالية طرد أو إبادة أهل هذه البلاد.

      كانت جولدا مائير إحدى رواد الحركة الصهيونية ورئيسة وزراء سابقة للعدو الصهيوني تقول . ليس هناك شعب اسمه الشعب الفلسطيني ، بل إن ميلاد طفل فلسطيني كان خنجراً في خاصرتها كما حاولت أن تقول مرة.

      ورغم القوة والفعالية التي تميزت بها الحركة الصهيونية إلا أنها بخصوص وجود الشعب الفلسطيني كانت تتبع تكتيك النعامة المشهور الذي يظن أن عدم رؤية المشكلة أو التغافل عنها يعني زوال هذه المشكلة أو حلها.

      ولكن بعد قرابة قرن على نشأة الحركة الصهيونية وأقل من نصف قرن على قيام الكيان الصهيوني تتكشف شيئا فشيئاً نقطة الضعف هذه في المشروع الصهيوني ، ويتأكد كم كانت النعامة مخطئة بل وبلهاء أيضاً وأن ساعة الحقيقة قد دقت وأنها اليوم أقوى من أي وقت مضى وأنها المواجهة لا مفر ، إنه مأزق حضاري وتاريخي وسياسي كبير هذا الذي يعيشه الكيان الصهيوني اليوم إضافة إلى مأزق الرعب الأمني الدائم، المشكلة ليست مجرد القنبلة الديمغرافية المرتقبة ، ولكن أيضاً ما يحدث اليوم من كحت للطلاء عن الهوية الفلسطينية ذات المضمون العربي الإسلامي.

      وهكذا فنحن من جديد أمام ثورة حقيقية وصفها رابين وضمن سياق تصريحاته المرتبكة والمتناقضة بأنها "حرب أهلية" فرد عليه أحد العسكريين الصهاينة (لا.. إنها حرب عصابات من نمط جديد).

      ووصفها المعلق العسكري الصهيوني يورام بري بأنها حرب ثورية على غرار الحرب الفيتنامية والجزائرية ،وكتب في دافار تحت عنوان (الحرب السابعة): "إن صعوبة تصنيف هذه الحرب وفهمها ليس أمراً عفوياً ، فهذه حرب تختلف عن كل الحروب الست السابقة لها"، إنها حرب من نوع جديد ، لم يعرفه الجيش الإسرائيلي من ذي قبل ، فهي تختلف عن الحروب التي خاضها الجيش ضد الجيوش النظامية للدول العربية .. كما أن أوجه الشبه بينها وبين أحداث 1936 ضعيفة جداً.

      أمام المعلق العسكري زئيف شيف فيقول بعد شهرين من الانتفاضة في 12/2/1988 إن ما يحدث إنما هو حرب استنزاف جديدة، إنها حرب استنزاف من نوع آخر لم نعهده من قبل خلال جميع حروبنا، إنها مثل كل حرب موجهة بالدرجة الأولى ضد القوات المسلحة للدولة، ولكن ليست ضد الجيش "الإسرائيلي" وحده فالمستهدف إنما هو الجيش "الإسرائيلي" والجمهور بأسره الشعب، وكما واجهنا حرب الاستنزاف في بداية السبعينات في جبهة قناة السويس وفي مرتفعات الجولان وغور الأردن فإن هذه الحرب تنطوي على قدر كبير من التدمير بل إن عنصر المفاجأة هنا أكبر مما في حرب أكتوبر ـ تشرين أول 1973، وذلك كما يرى زئيف شيف نفسه الذي سبق وسمي حرب تشرين بالزلزال يقول: إن المفاجأة الأخيرة (الانتفاضة) كانت مذهلة أكثر فلم تنجح "إسرائيل" في العام 1973 في فهم ما كان يجري في القاهرة ودمشق وفي سنة 1987 لم تنجح "إسرائيل" في ملاحظة ما يحدث في بيتها في حجرة نومها. هآرتس 5/3/1988.


      يتبع ...
      اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

      تعليق


      • #4
        وهكذا وبعد أربعة عقود من الزمن على النكبة الأولى بضياع فلسطين عام 1948 وبعد عقدين على النكبة الثانية بسقوط بيت المقدس عام 1967 وبعد سلسلة من التحولات التي عاشتها المنطقة تحت الهيمنة الأمريكية حتى كاد أن ينطفئ بريق القضية أو يطويها النسيان في المحافل الدولية، في ظل هذا ، جاءت الانتفاضة ـ الثورة لتتميز بين ثورات الشعوب المعاصرة وعن غيرها من الأساليب التي واجهنا بها العدو سابقاً ولكنها ليست نبتاً غريباً أو طارئاً بل تأتي من تاريخنا الفلسطيني تتويجاً لتاريخ طويل من النضال والجهاد الذي مارسه شعبنا ولا زال منذ انتفاضة العشرين والحادي والعشرين من هذا القرن إلى هبة وثورة البراق العام 1929 إلى ثورة القسام وخروجه إلى أحراش يعبد وإعلانه الجهاد والثورة إلى الإضراب الكبير وثورة 1936 إلى ملاحم 1948 التي سطرها الثوار والمجاهدون من فلسطين وغيرها، إلى تجارب العمل الفدائي والمقاومة منذ منتصف الستينات إلى انتفاضة مارس /آذار 1979 ضد توقيع الصلح بين النظام المصري والكيان الصهيوني فيما عُرف باتفاق "كامب ديفيد" إلى انتفاضة أبريل / نيسان 1982 إثر الهجوم الذي شنه الجندي الصهيوني جودمان على المسجد الأقصى إلى انتفاضة ديسمبر / كانون أول 1986 إثر مقتل صهيوني في القدس واستشهاد طالبين في بيرزيت إلى انتفاضة فبراير / شباط 1987 وغيرها وغيرها من الانتفاضات والمواجهات ضد العدو الصهيوني، في زمن الاشتباك المستمر منذ الحرب العالمية الأولى وحتى الآن. وهكذا تؤكد الانتفاضة أنها جاءت في سياق نضال وجهاد شعبنا المتواصل وهي في نفس الوقت تأتي في سياق جهاد الأمة العربية والإسلامية ضد المشروع الاستعماري منذ مطلع القرن التاسع عشر وإلى الآن.

        ولسنا هنا في مجال مقارنة الانتفاضة ـ الثورة بتلك الثورات المعاصرة فهي تلتقي مع بعضها في مزايا وتختلف عنها في مزايا.. وفي الحالين تشكل نسيجاً خاصاً بها يجعلها لا تشبه إلا نفسها.. إنها تتميز في طبيعة كونها مركز الصراع الكوني بين تمام الحق وبين تمام الباطل، بين الإسلام ومشروعه الناهض القائم على الحق والكرامة والسلام وبين المشروع الغربي الصهيوني القائم على الصراع والتفسيخ والعدوان.

        كما تتميز بشموليتها، إذ شملت كل الوطن بتفاوت مُبرر بين الضفة والقطاع من ناحية وبين المناطق المحتلة منذ 1948، ونكاد نجزم أن من أهم أسباب التفاوت هذا ما كررته م.ت.ف في سياساتها وإعلامها في أن الانتفاضة يجب أن تنحصر في الضفة الغربية وقطاع غزة مع ما سببه ذلك من آثار سلبية على شعبنا في الأرض المحتلة منذ 1948 والذي قدم من الدعم والإسناد وأيضاً المشاركة الفاعلة من وقت لآخر مفخرة له.

        كما شملت الانتفاضة الثورة مختلف الفئات والطبقات من عمال وفلاحين وطلاب ومثقفين وتجار وبمشاركة المخيمات والمدن والقرى والرجال والنساء والفتيان والأطفال إضافة إلى أن المسيحي وقف بجانب المسلم تحت نفس الراية.

        والانتفاضة أيضاً تتميز بصلابتها واستمرارها.. إذ مضى عليها عامان قوية شامخة وكأنها تفجرت بالأمس بالرغم من كل أساليب الإرهاب والبطش والتنكيل التي مارسها العدو ضد شعبنا والذي كان دائما يبتكر وسائلا جديدة ومبدعة لمواجهة أساليب العدو.

        كما لا يجب أن ننسى إن الثورة ـ الانتفاضة تشتعل فوق أرض يشكل شعبنا فيها أقلية عددية مقارنة باليهود في حين أن العدو إضافة إلى تفوقه العددي فإنه يتمترس خلف كل أنواع السلاح في دولة عصرية وحديثة.
        الشعب والعدو وجهاً لوجه

        في المراحل الأولى للانتفاضة كانت مراهنة قيادة الكيان الصهيوني على أن الحركة الجماهيرية لن تخرج عن الهبَّات السابقة لشعبنا التي تكررت بين وقت وآخر منذ بداية الاحتلال، وأن نارها سرعان ما تخبو ليعود واقع الإلحاق الاقتصادي والإحباط السياسي والقهر السياسي ليسيطر على شعبنا في الوطن المحتل بل إن وزير حرب العدو إسحق رابين تجرأ وأعطى وعداً بإخماد الثورة الجماهيرية خلال أيام قليلة، ولكن ما أن تيقن العدو من أن الانتفاضة ـ الثورة قد ضربت جذورها في الحياة الفلسطينية حتى تواصلت واتسعت إجراءاته القمعية واحدة تلو الأخرى.

        استخدم العدو في مرحلة مبكرة حرب البيانات حيث قام ضباط أمن العدو وعملاؤه بإلقاء آلاف النسخ من البيانات وبأسماء تنظيمات فلسطينية إسلامية ووطنية محاولاً أن يخلق بذلك حالة من الانقسام والاضطراب بين صفوف شعبنا فيما يخص فعاليات الانتفاضة أو علاقات القوى السياسية ببعضها البعض ولكن شعبنا ميز بوعي عميق وبحدس لا يخطئ لغة العدو وخطابه في البيانات المصطنعة، ولقد ساعدت حالة التسييس العالية لشعبنا مساعدة كبيرة في عملية التبيين والتمييز.

        وكان العدو المجرم قد استطاع منذ بداية السبعينات في ظل ما زرعه من فقدان الثقة العام وما أشاعه من تدهور أخلاقي أن يشكل شبكات من العملاء من ضعاف النفوس الذين رضوا لأنفسهم خيانة شعبهم وبيع أرواحهم بثمن بخس ومع اندلاع الانتفاضة أطلق العدو شبكات عملائه كأداة حيوية لمخططاته العميقة في مواجهة الجماهير.

        وقد اتسمت المرحلة الأولى من الانتفاضة بقيام أعداد متزايدة من العملاء تحت ضغط الحالة الجماهيرية المتصاعدة والروح الإسلامية البارزة للانتفاضة ـ الثورة بإعلان نوبتهم علانية في المساجد وعودتهم إلى صفوف الأمة. ولكن مع استمرار ما تبقى من فئة العملاء على غيّها اضطرت قوى شعبنا إلى تسديد ضرباتها إلى ثغور العملاء وكان التوجه الجماهيري الثائر إلى منزل العميل محمد عياد في قباطية بمنطقة جنين 24/2/1988 وإعدامه أمام العالم نقطة تحول بارزة جعلت كثيراً من العملاء المترددين يسلمون أسلحتهم إلى سلطات العدو ويسارعون كمن سبقوهم إلى التوبة، وقد فشلت حتى الآن كل محاولات العدو لتشكيل طابور خامس من العملاء وإعادة تجربة الانقسام الفلسطيني الداخلي في سنوات ثورة 1936 ـ 1939.

        ولكن مراهنة العدو على شق الصف الفلسطيني في الداخل كانت على الدوام جزءاً أساسياً من مخططاته لإجهاض الانتفاضة ـ الثورة فحاولها مرة عبر تشجيعه لبعض الشخصيات والقيادات المحلية الهامشية على أحد مواقع ومواقف لا تنطبق بالضرورة مع الإجماع الشعبي العام، وحاولها مرة ثانية بالتركيز على بعض الانقسامات والصدامات العابرة بين القوى السياسية الفاعلة خاصة بين بعض الإسلاميين من جهة وقوى وطنية من جهة أخرى، ولكن شعبنا المجاهد وقواه السياسية الفاعلة كانت تفوت الفرصة على العدو المجرم، فقد التزمت معظم القيادات في النهاية بالإجماع الشعبي عندما رأت تصميم شعبنا على مواصلة انتفاضته بلا تراجع كما استطاعت القوى السياسية وأمام النبع الأخلاقي الهائل للانتفاضة أن تجد حلاً أو آخر لخلافاتها.

        مارس العدو أيضاً متجاهلاً الرأي العام وكل الأعراف الإنسانية حرباً مباشرة وبشعة ضد شعبنا فقد أطلق النار على الأطفال والنساء والشيوخ حتى وصل عدد شهداء الانتفاضة مع نهاية عامها الثاني أكثر من سبعمائة شهيد وعشرات الآلاف من الجرحى والآلاف العديدة من المعتقلين الذين يعيشون ظروف اعتقال لا تقل وحشية عن تلك التي شهدتها معسكرات الاعتقال النازي وذلك في ثلاثة معسكرات جماعية كبيرة موزعة بين صحراء النقب وهضاب الخليل وشاطئ غزة إضافة إلى معتقلات فرعية أصغر.

        وواصل العدو سياسة الإبعاد التي كرسها قبل سنوات الانتفاضة ـ الثورة بإبعاد حوالي ستين من قيادات وفعاليات الانتفاضة إلى خارج فلسطين . كما صعَّد العدو من استخدامه لقوانين الاحتلال المتعسفة واللاشرعية وأصبح أمراً عادياً أن يحكم على من يقذف حجراً على جنود الاحتلال بالسجن لمدة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات وغرامات مالية فادحة على ذويه. وفي ذلك الوقت الذي استمرت سلطات الاحتلال بهدم منازل المتهمين بأقل التهم الأمنية أثراً. وعلى مستوى آخر وفي محاولة لتفتيت تماسك القوة الشعبية في الداخل لجأ العدو إلى فصل كامل للضفة عن القطاع ومنع الانتقال الحر بينهما كما لجأ في حالات عديدة إلى عزل وتطويق مناطق بأكملها لعدة أيام إما بقصد التجويع والقهر النفسي أو بقصد منع الاتصال بالخارج، وقد رد شعبنا بإبداع وصمود مذهلين على كل أساليب العدو القمعية وحافظ على قنوات الاتصال بين الضفة والقطاع وبين الداخل والخارج مفتوحة ومستمرة وبقنوات مبتكرة ومتعددة على أن من أهم المعارك التي خاضها شعبنا في عامي الانتفاضة كانتا في مجالي التعليم والاقتصاد. على المستوى الأول بادر العدو منذ الشهور الأولى للانتفاضة ـ الثورة إلى إغلاق الجامعات نهائياً ثم تبع ذلك إغلاق المدارس لشهور طويلة ولكن أهداف العدو في هذا المجال ردت إلى نحره فقد تحول ألـ480 ألفاً من الضفة والقطاع إلى رصيد جديد لفعاليات الانتفاضة ـ الثورة كما انتقلت مراكز التجمع والتخطيط والانطلاق الجماهيرية من المدارس والجامعات إلى المساجد. وعلى المستوى الاقتصادي حاول العدو ومازال قهر الانتفاضة ومحاصرتها اقتصادياً ومالياً عبر سلسلة متزايدة من الإجراءات منها:

        ـ منع بيع المنتجات الزراعية للضفة في القطاع أو العكس أو تصديرها للخارج عدم زيادة حصص المياه المقررة للمناطق المحتلة وقطع المياه والتيار الكهربائي لأيام عددية مما ساهم في تعطيل العديد من المعامل والمصانع والورش الصغيرة.. مصادرة مزيد من الأراضي وتسليمها للمستوطنين.. منع دخول الأموال من الخارج.. فرض الضرائب وتحصيلها بطريقة تعسفية حيث وصل عدد الضرائب التي يفرضها العدو على شعبنا في الوطن المحتل 14 نوعاً. حصيلة الضريبة التي يجنيها الاحتلال من أهلنا في الضفة والقطاع قدرت عام 1986 بمبلغ 745 مليون دولار.. قيام المستوطنين بتخريب وتسميم الزراعات الفلسطينية في الضفة والقطاع.. تقييد حركة صيادي الأسماك.. ربط فرص العمل المتاحة للعمال وأصحاب الورش والصناعات الصغيرة بوجهة نظر سلطات العدو الأمنية والسياسية في الأشخاص والعمال.. قمع العدو لكل محاولات التكافل بين شعبنا في الضفة والقطاع وأهلنا في مناطق 1948. وقد ساهم في إكمال حلقات الحصار الاقتصادي لشعبنا ما قامت به السلطات الأردنية في نهاية يوليو/ تموز 1988 من قطع سلطاتها القانونية والإدارية وما أدى إليه ذلك من انخفاض حاد في دخل قطاع واسع من الموظفين وإلى انخفاض أكبر في قيمة الدينار الأردني بكل ما زاد به ذلك من آثار مدمرة على قيمة المدخرات والقدرة الشرائية لشعبنا.

        وفي مواجهة هذه المعركة برهن شعبنا وبصلابة وبعد عامين من الانتفاضة أنه قادر على الصمود والمواصلة.

        لقد طور شعبنا أساليب المواجهة المباشرة مع العدو في ساحة الانتفاضة ـ الثورة من مرحلة لأخرى طبقاً لقدراته، وضمن إطار مواصلة الانتفاضة.

        فبعد المسيرات الحاشدة التي تميزت بها الانتفاضة في الأيام والأسابيع الأولى وبعد المواجهات الشاملة مع قوات العدو التي حدثت في نفس الفترة انتقلت الجماهير تحت ضغط أساليب العدو الجديدة في البطش والتنكيل إلى مرحلة أخرى استمرت فيها المواجهات والإضرابات ولكن مع تناوب في أدوار المدن والقرى والمخيمات من دون تظاهرات حاشدة عدا جنازات الشهداء وبعض المناسبات واستخدمت الزجاجات الحارقة بكثافة أشد.

        هذا وقد كان قد روج أثناء شهور الانتفاضة الأولى لأطروحة مفادها استبعاد العمل العسكري لما يسببه ذلك من رد فعل صهيوني شديد باتجاه المزيد من القوة والقمع، إلا أن طابع الانتفاضة المميز عن كل الحركات الجماهيرية المشابهة في تاريخ العالم الحديث وتواصلها بلا نهاية لأكثر من عامين ، وحرص العدو على استخدام سياسة القتل بلا حساب وضمن خطته للردع والقهر النفسي جعلت من الضروري أن يأخذ الكفاح والجهاد المسلح دوره في المعركة هذا الكفاح والجهاد الذي يجب أن لا يتوقف في أي مرحلة كانت من مراحل النضال ضد العدو الذي قام أصلاً على العنف والإرهاب.

        (دور حركة الجهاد الإسلامي)

        وعلى مستوى آخر طاردت جماهيرنا العدو في داخل المنطقة المحتلة منذ 1948 وشنت عليه حرباً نفسية واقتصادية شملت خطف وقتل جنوده وإخفاء جثثهم مع ما في ذلك من دلالة مثبطة على المستوى الديني اليهودي.

        كما شنت حرب حرائق واسعة النطاق بلغت أكثر من 150,000 دونم مما جعل العدو يصرخ: إن هؤلاء لا يريدون غزة والخليل بل يافا وحيفا والناصرة أيضاً.

        وهكذا لأول مرة منذ أربعين عاماً يقف العدو الصهيوني أمام هكذا مأزق حضاري وسياسي وتاريخي ، التأزم والتفسخ الاجتماعي يصل إلى مداه داخل المجتمع الصهيوني.
        المنجزات

        * يبقى استمرار الانتفاضة ـ الثورة لعامين كاملين في مواجهة دولة حديثة وعصرية وجيش حديث وقوي وجهاز أمن من الأخطر في العالم ، يبقى استمرارها ضربا من المعجزة خاصة إذا ما لاحظنا الحصار الدولي والعربي من حولها ، فهذا الاستمرار والانتشار والتصاعد يشير إلى حيرة العدو وارتباكه وهذا ما لم يحدث من قبل كما يشير إلى قوة الإرادة الشعبية وقوة المخزون الروحي والإيماني الذي يطلق كل هذا الفعل ويحافظ على استمراريته وصموده، أخيراً اكتشف الشعب الفلسطيني المجاهد موطن القوة فيه في نفس الوقت الذي اكتشف موطن الضعف في العدو، فضرب ضعف العدو بقوته، وقتل داود جالوت….

        *أعادت الانتفاضة ـ الثورة بناء قيم النهضة الروحية بين جماهير شعبنا وقضت على السلبية واليأس والقعود مطلقة قوى هائلة في عمق الجماهير وبرز الاستشهاد كقيمة عظيمة فارشاً ظلاله الإسلامية العميقة على حياة الناس واستعدادهم للمزيد من الاستشهاد الذي أصبح عادة يذهبون إليها كما يذهبون إلى أعمالهم ومدارسهم أو كما يأكلون طعامهم.

        *وعلى المستوى الأخلاقي هزم الشعب هجمة العدو اللاأخلاقية التي وصلت ذروتها في نهاية السبعينات، اختفت الجنح والجرائم المحلية وساد الأمن والأمان بين الناس واندحرت هجمة العدو لإغراق المجتمع الفلسطيني بالفساد والمخدرات وأصبحت المرأة جزءاً لا يتجزأ من نضالات الشعب وتضحياته، تقاتل في الشوارع وتعيد بناء دورها في المنزل كإدارية ومنتجة ومدبرة وأم تستشهد وتُطارد لأسابيع وشهور، تُعتقل وتُذب ويُفرج عنها لتعاود العمل والنضال من جديد.

        *أما العمال الذين حاول العدو خلال عشرين عاماً أن يربطهم بعجلة اقتصاده ودفعهم لنمط حياة استهلاكي فقد أصبحوا أداة الانتفاضة الضاربة في شوارع الوطن وفي ضرب اقتصاد العدو بعد أن تخلصوا كغيرهم من نوازع الاستهلاك التي زرعها العدو في المجتمع.

        وفي إطار استنهاض الجماعة والمجتمع عاد للمسجد دوره التاريخي في حياة الناس كمركز للتجمع والتعليم والمشاورة والتعبئة، وتخلى الناس تدريجياً عن اللجوء إلى مؤسسات الحكم والسلطة التي يهيمن عليها العدو وعادوا في مشاكلهم ونزعاتهم الداخلية ـ التي أصبحت نادرة وقليلة على أية حال ـ إلى العلماء والقيادات الإسلامية والوطنية والشخصيات العائلية والجهوية المخلصة والمعتبرة جماهيرياً. كما خاض شعبنا معركة ذات أبعاد نهضوية كبرى في مجال التعليم.. ففي حين أغلق العدو المدارس والجامعات أقيمت الفصول الدراسية في المساجد والمنازل وتحت الأشجار، بل تم تخريج كل طلاب السنوات الأخيرة في الجامعات ولازالت هناك أقسام في بعض الجامعات تعمل بسرية حتى الآن، بل أنه جرى تطوير لمناهج التعليم بما يتفق مع المرحلة الجديدة ولولا تراجع العدو في معركة التعليم وإقدامه على فتح المدارس من جديد لبرزت تجربة تعليمية نهضوية في الوطن المحتل تستحق التأمل والدراسة.

        وأما في مجالات الاقتصاد والزراعة والصناعة برزت قوى النهوض كما لم تبرز في مكان آخر ، ولعل التجربة الفلسطينية في عامي الانتفاضة في هذا النطاق تعتبر إسهاماً واقعياً وفعلياً في الجدل العربي الإسلامي الطويل حول إشكالية النهضة والاستقلال.

        *كما جسدت الانتفاضة ـ الثورة وحدة الشعب وقواه الفاعلة على الأرض فرغم الخلافات الفكرية والسياسية بين أطراف عدة إلا أن الجميع وجه جهده وضرباته باتجاه العدو مما نزع فتائل تلك الخلافات ليعطيها حجمها الحقيقي أمام عدو شرس يسعى للقضاء على الجميع.

        * كسرت الانتفاضة / الثورة ما سمي بالخط الخضر أي الحد بين شعبنا في الأرض المحتلة منذ 1948 وبين الضفة والقطاع المحتلين منذ عام 1967، وأكدت على وحدة هذا الشعب ووحدة مصيره من خلال الدعم والإسناد والمشاركة القوية لأهلنا في الجزء المحتل منذ 1948.

        * أعادت الانتفاضة ـ الثورة القضية الفلسطينية إلى مركز الأحداث في العالم وجعلتها من جديد القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية.



        المصدر : ألقيت هذه الكلمة بدعوة من الجماعة الإسلامية في صيدا ، بتاريخ 26/8/1988م
        اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

        تعليق


        • #5
          كلمة عن الشهداء

          التاريخ: 1409-1-19 هـ الموافق: 1988-09-01م

          بسم الله الرحمن الرحيم


          كم هو شرف عظيم أن أف بينكم اليوم للمشاركة في تكريم الأخوة الشهداء.. هؤلاء المجاهدين المخلصين الذين يعبدون بدمهم الطاهر لدينهم ولأمتهم ولوطنهم طريق المجد والانتصار.. إن دم الشهداء أغلى وأعز وأعلى مرتبة من كل دم لأن شجرة الحرية لا تنمو بدونه (ولن شعاراتنا وأفكارنا تبقى عرائس من الشمع حتى إذا سال دم الشهادة في سبيلها دبت فيها الحياة وأينعت وأثمرت وأعطت بلا حد ). إن فلسفة الشهادة التي ما توقفت عن المضاء والفعل طيلة أربعة عشر قرنا من الزمان هي التي جمعت هذا الدين وصانت مبادئه وتقدمت به مع كل يوم إلى آفاق جديدة على طريق تحرير الأرض والإنسان وتحطيم الأصنام والطواغيت والمستكبرين.

          إن فلسفة الشهادة هي التي صنعت حضارتنا ومجدنا وصعودنا وأن فلسفة البدعة والركون إلى الدنيا والالتصاق بالطين فلسفة المتفرجين أو حتى بقاتلي نصف الطريق هي التي صنعت هزائمنا وانكسارنا..ويوم تخلفت الأمة عن الجهاد لم يكن إلا الذل والمهانة والعار ومع كل فعل جهادي نكتشف ذاتنا وتعلو هاماتنا وتقترب من وعد الله بالتمكين والنصر وبأنهم تراث الأرض.

          الإخوة الشهداء..يا من نستحضر في هذه الساعات جهادكم وبطولاتكم.. أيها الذاهبون إلى الموت الجميل أيها الكربلائيون على درب الحسين.. على دربكم نمضي بعد أن رسمتم لنا بموتكم واستشهادكم ملامح المرحلة الجديدة لقد كان نهج العمليات الاستشهادية فوق الأرض اللبنانية وعلى حدود فلسطين الشمالية هو الرد الإسلامي الفذ والمعجز على تكنولوجيا المستعمر وآلته الجهنمية. أذكر أحد مستشاري الشيطان الأمريكي وهو يرد على سؤال إن كان مقتل 300 أمريكي سببا

          كافيا لخروجهم من لبنان بتلك الطرقة فأجاب هذا المستشار قائلا لم يكن مجرد قتل 300 هو السبب وإنما أيضا والأهم الطريقة التي قتلوا بها..نعم لقد كان من كرامات فلسفة الشهادة..مجاهد فرد يقتحم بيت الشيطان فيقتله بضربة واحدة ويدمر آلته.. ومع استمرار العمليات الاستشهادية عنوانا لجهاد المسلمين ومع اشتعال نار الجهاد تحرق أعداء الله وتتفجر الأرض من تحت أقدامهم كان الأمل يستيقظ من نفوس المسلمين من جديد ويحي ذكريات الانتصارات التاريخية الإسلامية العظيمة. وفي فلسطين المحتلة كانت صحافة العدو وكانت مراكز أبحاثه تحذر كل يوم من انتقال عدوى هذه الحالة الإسلامية المجاهدة إلى داخل الوطن المحتل وتطالب جيشها بالانسحاب العاجل من لبنان قبل أن تستفحل هذه الظاهرة وتلتحم بالداخل وقبل أن يضطرون للانسحاب في ظروف أشد صعوبة وأكثر سوء.

          ولكن الاشتعال الإسلامي كان بلا حدود وكان صداه في الوطن المحتل أكبر من كل ترديد..نعم كنا ندرك إمكانيات العدو الهائلة وكنا ندرك أن إمكانيات النصر صعبة وشاقة ولكننا كنا أو أصبحنا ندرك أكثر وجوب الثورة فانتصر الواجب على الإمكان كما علمنا دم الحسين في كربلاء وكما علمنا دم القسام في يعبد وكما علمتنا المقاومة الإسلامية في لبنان.

          وسرعان ما أصبح كل هذا ملهما لسلسلة من العمليات الجهادية البطولية والتي جاءت ذروتها العملية الاستشهادية التي نفذتها مجموعة من سرايا الجهاد الإسلامي في حي الشجاعية بغزة والتي يمكن أن تؤخر بها بداية وتباشير الانتفاضة الإسلامية المباركة غذ ان حركة شعبنا وخروجه الجماهيري وتظاهراته لم تكن تهدأ إلا لتعود من جديد طيلة الشهرين التي سبقت التفجير الشامل في 9/12 والذي نعتبره اليومتاريخا رسميا لبدء الانتفاضة لقد كان دم أبطال وشهداء المقاومة الإسلامية أحد أهم المشاعل التي أضاءت الطريق لشعبنا وأشعلت جذوة الانتفاضة، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على وحدة الدم الإسلامي وتواصله باتجاه مركز الصراع الكوني اليوم .. باتجاه بيت المقدس وأكناف بيت المقدس.

          أيها الإخوة قبل أربعين عاما وأثر نكبتنا الأولى لفلسطين خرجت دراسات وتحليلات وأصوات تنذر أن ما حدث في فلسطين سيكون عامل تفجير في طول وعرض المنطقة.. لكن المستعمر الذي أدرك طبيعية الإشكالية جاء بعسكره إلى السلطة بدلا من ساسته ومفكريه المتغربين.. جاء بهم لمزيد من قمع الجماهير وسحق انتمائها الحقيقي وعقيدتها ولاستمرار تغييب الإسلام عن ساحة الوجود والفعل والتأثير فكانت الهزيمة تلو الهزيمة والتراجع تلو التراجع وباتت السجون والمعتقلات سياسة رسمية وأولوية لا تعلو فوقها أولوية حتى دخلت جيوش اليهود إلى بيت المقدس.

          والمسجد الاقصى.. حتىوصلوا إلى قناة السويس وإلى نهر الأردن ويومها ورغم الوجه القاسي والمؤلم «للجنة» تحطمت الأصنام وسقطت البدائل التي أفرزها المشروع الغربي في المنطقة فقد أدركت ألأمة أن الإسلام والاسلام فقط هو النفي الكامل للمشروع الاستعماري الصهيوني وهو وحده القادر على تحقيق الاستقلال والحرية والنهضة وإنه هو وحده يملك الإجابة على كل التحديات.. فكانت هذه البداية، أما اليوم وبعد أن أصبح للإسلام دولية ولله حزبه القوي المتين وللإسلاميين مقاومتهم الباسلة وبعد أن تعملقت حركة الجهاد الإسلامي في المنطقة وفي فلسطين فإن الصراع يأخذ شكله الحقيقي والطبيعي.. معسكر الإسلام والحق في مواجهة معسكر الشرك والباطل.. ومساحة الفعل والمواجهة رغم أنها تمتد إلى كل مكان إلا أنها تتجسد بكامل أصعدتها ومستوياتها في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس ، اليوم تتضح الصورة لتؤكد خصوصية ومركزية القضية الفلسطينية للحركة الإسلامية هذه الخصوصية التي نبه إليها القرآن حين خص أرض فلسطين بالبركة وحين تحدث عنها الرسول الأعظم كأرض للرباط إلى يوم القيامة.

          إن القرآن الكريم في مطلع سورة الإسراء يؤكد على طبيعة المعركة بيننا وبين بني إسرائيل كما يؤكد على دخول المسجد…

          المصدر : القيت يوم 1/9/1988 (تقريباً) بيروت
          اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

          تعليق


          • #6
            نداء الانتفاضة

            التاريخ: 1410-2-14 هـ الموافق: 1989-09-15م

            بسم الله الرحمن الرحيم

            الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه.

            ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ).


            يا جماهير شعبنا الفلسطيني العظيم.. يامن تشرفتم بالرباط فوق الأرض المقدسة، يامن كتب عليكم أن تكونوا أول النشيد وآخر القتال. أول الحرب وذروة الحرب.

            أيها الخارجون بالانتفاضة من القوة الكامنة إلى الفعل المعجز ومن القوة إلى الحرية لتسجلوا بسلاح الإرادة والحجر والاستشهاد، التاريخ الشعبي الحقيقي ضد التاريخ المزيف يامن برق الحجر في ايديكم حين صدأ السلاح في المستودعات. لم يصدأ الحجر حين لم تصدأ الإرادة وصدأ السلاح حين صدأت الروح والقلوب.

            أيها المجاهدون في أقدس الساحات.. منذ بدء الانتفاضة/ الثورة مرر البعض مناخاً يدعو لإيقاف الكفاح والجهاد المسلح بحجة أن الحجر يكفي سقفاً للانتفاضة حتى تستقطب الرأي العام وبحجة الخوف عليها وكي لا نعطي العدو فرصة قمعها بالقوة ولكن يعلم الله، يعلم شعبنا وتعلم طلائعه المجاهدة أن هذا الموقف أو القرار بعدم إطلاق النار لا يعكس تخوفاً على الانتفاضة بقدر مايعكس نهجاً سياسياً نفض يديه من إمكانية حسم الصراع بالقوة، هذا الصراع والذي من دون صراعات العالم اليوم لا يمكن حسمه إلا بالقوة وبالقوة فقط. إن الموقف والقرار يعكس رغبة ما في كيفية التعامل مع الانتفاضة. رغبة يرى اصحابها في تصعيد الانتفاضة عبئاً عليهم وتجاوزاً لسقفهم يمنعهم من استثمارها عاجلاً وسريعاً كما أرادوا منذ الشهر الأول ولا زالوا فلماذا يطلب من الانتفاضة ـ الثورة ألا تخترق هذا السقف المكسور والمشرف على الانهيار لماذا يطلب منها أن تبقى تحت العين وتحت قبضة اليد وهي التي تملك من السحر الكامن من القوة والفطنة أن تكون الطوفان.. الطوفان الواعد والمقدس في زمن القحط والعجز لماذا يُطلب من هذا الطوفان أن يتمهل.. أن يتعقل أن يتبعثر قبل أن تبتل العروق التي أعياها الظمأ، لماذا يُطلب منا وقف النار فيما السارق والقاتل والمغتصب المحتل يُمعن في القتل.. الأجل أن نكسب عطف الرأي العام عامان قد مرا حتى الآن. اثنان وعشرون.. واحد واربعون ماذا فعل الرأي العام. ماذا يُجدي الرأي العام؟ هل يحيي مقتولاً! هل يُعطى صاحب حق حقه؟ هل يرفع عن المظلومين الظلم؟ هذا الرأي العام الذي يمكن لبعض منه أن يشفق حيناً وهو يشهد تكسير عظامنا.. لا يزال أسير الوعد المشؤوم وعد اللورد البريطاني بلفور حيث لنا المواطنية الثانية أو الثالثة أو العاشرة ولليهود حق الوطن وحق الأمان..

            لقد استنفذت الانتفاضة منذ شهورها الأولى أهدافها الاعلامية والدعائية وبقي الطريق إلى الوطن وهذا الرأي العام لا يعيد للضعفاء وطناً ولكنه يحترم من يزد عن حوضه بسلاح فأشهروا سلاحكم أيها المظلومون وانتظروهم على قارعة الطرقات ولا تخافوا جوعاً ولا تركنوا إلى الأرض (يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاعُ الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل) التوبة: 38 .

            إشهروا سلاحكم ولا تخافوا موتاً وقولوا (قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنين) {التوبة: 52} ورددوا (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون) { آل عمران :169} .

            واستمعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ألا أخبركم بخير الناس.. رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله) . ويقول : (أفضل الجهاد أن يعقر جوادك ويراق دمك ) فأشهروا السلاح وطاردوهم في كل أزقة الوطن (ولا تهنوا في ابتغاء القوم فإن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تالمون وترجون من الله مالا يرجون) {النساء:104} .

            أما الذين يقولون لكم لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة فليعلموا أن ما هم فيه من قعود هو التهلكة وهو الذل وأن موتنا في سبيل الله هو الحياة.

            يقول فقهاء المسلمين: (إذا حضر العدو المكان أو البلد الذي يقيم فيه المسلمون فإنه يجب على أهل البلد جميعاً أن يخرجوا لقتاله ولا يحل لأحد أن يتخلى عن القيام بواجبه نحو مقاتلته إذا كان لا يمكن دفعه إلا بتكتلهم عامة ومناجزتهم إياه).

            ومن ناحية أخرى فقد احتل اليهود فلسطيننا مستنفرين كافة القوى الدولية إلى جانبهم ومعتمدين سياسة العنف والبطش والارهاب المستمر ضد شعبنا المظلوم وبدون العنف وبدون الارهاب اليومي ما كان ممكناً أن تستمر الدولة اليهودية حتى الآن ومن هنا فإن دفاعنا عن وطننا بالقوة والعنف هو حق شرعي وقانوني ضد الارهاب الصهيوني والدولي فوق كونه واجباً مقدساً، كما أنه يعمق أيضاً أزمة الكيان الصهيوني، هذا الذي بدا جلياً واضحاً منذ بداية الانتفاضة. إن استعمال السلاح ضد العدو الغاصب حق شرعي وواجب شرعي ويجب أن ننبذ جميعاً الفكرة المزعومة القائلة أن الجهاد المسلح يؤثر سلباً على مسيرة الانتفاضة فتكريس الجهاد المسلح يعطي الثقة لشعبنا بنفسه وبطلائعه المجاهدة التي تنتقم لشهدائه ويدفعه إلى مزيد من التضحية والعطاء وهو يرى الكيان الصهيوني يدفع الثمن مثلما يدفع هو ويألمون مثلما يألم، ألم تطلق معركة الشجاعية الباسلة شرارة الانتفاضة.. ألم تعط عملية قبية البطولية لشعبنا الثقة بالنفس وتدفعه للتقدم والتجاوز.. ألم تشف عملية القسطل التي نفذها المجاهد عبد الهادي صدور المؤمنين والمستضعفين الذين اشتعلوا على امتداد الوطن وصعدوا انتفاضتهم وشددوا ضرباتهم.


            يا جماهير شعبنا المجاهد الصابر.

            لتشتعل نار الجهاد والمقاومة وليوجه كل منا سلاحه إلى قلب المشروع الصهيوني حتى يتم اقتلاعه وحتى تحرير كل فلسطين العربية المسلمة.

            المجد لكم يامن تشحذون الآن سلاحكم.

            المجد للسيوف المشرعة.

            المجد للطلقة

            المجد والخلود لشهدائنا الأبرار والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
            المصدر: بثته إذاعة القدس يوم الجمعة 15/9/1989
            اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

            تعليق


            • #7
              نداء إلى المرابطين

              التاريخ: 1410-2-21 هـ الموافق: 1989-09-22م

              بسم الله الرحمن الرحيم

              الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله وصحبه

              والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين


              يا جماهير شعبنا الفلسطيني العظيم، يا من جاءت انتفاضتكم على قدر ـ جئت على قدر يا موسى ـ تحملون قبس الانتفاضة على أكفكم تضيئون ليل العرب لتنقذوهم من سبي ااستعمار الجديد، تخترقون نهج الرتابة العربي ونهج العجز والتراخي وعدم الاحساس بالمسؤولية، نهج البلاغات والخطب والوعود الكاذبة والهزائم المتكررة.. تشقون أمامهم البحر إلى الأمان وإلى حياة العزة والكرامة . وبدلاً من أن يتبعوكم يقولون لكم ما قالته بنو اسرائيل لموسى عليه السلام .فاذهب انت وربك فقاتلا، إنا هنا قاعدون، وهكذا فإن المشكلة الانتفاضة: إنهم لا يريدون أن يقاتلوا معها يريدونها وحيدة يتيمة، وأن تستمر وحيدة يتيمة، إلا تذكرون جولات رسول الشيطان الاكبر شولتز المكوكية منذ بداية الانتفاضة تلك الجولات المذعورة التي حاول من خلالها تحصين المنطقة ضد الانتفاضة/ الثورة فإن لم يستطع القضاء عليها فلا أقل من محاصرتها ومنعها من التفشي والانتشار في المنطقة.. حتى الاشقاء كثيرون منهم نظر إليها كحالة مزعجة عليهم أن يحصنوا انفسهم ضدها قبل أن تصل عدواها إلى شعوبهم وعليهم ان يحاصروها بالصمت عنها حيناً وبالرصاص المضاد حيناً إذا اقتضت الحاجة.

              إن مشكلة الانتفاضة أنها تواجه معادلة قوى دولية ظالمة وبشعة مهيمنة على المنطقة منذ الحرب الكونية الأولى وإلى الآن.

              معادلة قوى دولية ليس لها من دليل ومرشد للتعامل مع شعبنا المظلوم سوى وعد بلفور الذي منح اليهود الذين كانوا يشكلون أقل من 10% من سكان فلسطين حقاً في إقامة وطناً قومي لهم، أما البقية والذين كانوا يشكلون أكثر من 90%من السكان فهم حسب نص الوعد المشؤوم طوائف أخرى لا تزيد عن حقوقهم المدنية..

              أليس هذا جوهر المشاريع الامريكية؟ أليس هذا جوهر خطة شامير ومبارك المرفوضة؟.

              لقد انتفضتم لأجل كسر هذه المعادلة وكل يوم تحاولون وكل يوم يبدد الآخرون الاشقاء وغير الأشقاء جهودكم كي لا تنجحوا أن جهادكم واستمرار تصعيد انتفاضتكم هو الرد الحاسم كي تنطلق الاتتفاضة من حالة الوحدة إلى مشروع للبعث والنهضة والاستقلال الحقيقي.

              مشكلة الانتفاضة ليست فقط في هؤلاء الذين يريدون الهيمنة عليها واستثمارها عاجلاً وسريعاً في أي مشروع سياسي هزيل ولكن المشكلة أيضاً أن هناك من المخلصين والشرفاء من يصدق دعاواهم وانهم قادرون على ذلك فيتركوهم وهم يائسون ولو أننا دققنا النظر وشددنا ضربتانا لاكتشفنا الوهم وكسرنا هذا الحصار ولانطلقنا إلى آفاق النصر والتحرير فشعبنا المجاهد لم يأتمن على انتفاضته إلا من يحفظها ولا يفرط فيها.

              مشكل الانتفاضة أن المشروع الرسمي المطروح للتعامل معها أقصر من قامتها وأقصر من قامة شعبنا، فهل كان علينا أن نقدم كل هذا العدد من التضحيات حتى يقول مسؤول فلسطيني لوزير خارجية العدو الأسبق ابا إيبان في واشنطن: .منذ صباي كنت أتمنى أن ألقاك وأن أتحدث إليك ، ويقول مسؤول فلسطيني أكبر منه: إنني أشهد الآن أننا كنا مخطئين عندما أعتقدنا أن هذه الأرض لنا وحدنا والآن نكتشف أننا شركاء نحن وانتم.

              كل هذه الحروب وعامان من الانتفاضة والثورة الشعبية هذا الاعتراف لا ندري إلى أي حد يبدو الأمر غريباً أو منطقياً إنه في الوقت الذي ينهض شعبنا ويحقق حلمنا التاريخي في الثورة الشعبية هو نفس الوقت الذي تتراجع فيه قيادات رسمية إلى دهاليز سياسات لا تعيد حقاً ولا ترجع وطناً. ألم تكن الانتفاضة/ الثورة تمرداً على الواقع العربي.. على كامب ديفيد وذيول كامب ديفيد.. فلماذا يقبل البعض أن نحاصر بسقف كامب ديفيد اللعين.

              مشكلة الانتفاضة أنهم يريدونها معزولة عن بعدها العربي والإسلامي فلا تبعث الأمة ولاتفجر طاقتها باتجاه بيت المقدس.. وفي نفس الوقت تبقى العراقيل والعقبات التي يأملون أن تقود شعبنا ـ خاب فألهم ـ إلى اليأس والاحباط وهو لا يرى بجانبه أحدا ظهره إلى الحائط وليس أمامه إلا الاستسلام. اليس هذا ما يدفع وزير حرب العدو أن يقول: لا فائدة... إن اصراركم على المعاناة قولوا له.. إننا أدرى منك بمستقبل هذا الصراع.. وإننا موعودون من الله بالنصر وبدخول المسجد الأقصى وأنهم هم المحكومون بالهزيمة وبالخروج من بيت المقدس ومن كل ساحل المتوسط.

              مشكلة الانتفاضة أن دعم هذا المشروع التاريخي الذي لو انفق العرب كل أموالهم ما تملكوا مستقبلاً له.. هذا الدعم لا يتجاوز فتات الموائد ولا يتجاوز ثمن بضع يخوت من تلك التي تمخر عباب البحر محملة ببنات الروم. والأشد ألماً أن ما يقدم من هذا الفتات يضل الطريق إلى مستحقيه الصغار المستضعفين والمحتاجين والمظلومين والمكلومين.

              إننا نصيح بكل العرب والمسلمين صقورهم وحمائمهم ونقول لهم ها هي الفرصة التاريخية أمامكم.. تضعكم على المحك.. تختبر نواياكم وخطاباتكم واذاعاتكم فماذا انتم فاعلون

              يا جماهير شعبنا الفلسطيني العظيم.

              رغم كل هذا فإن قوة الانتفاضة أكبر من كل هذه المشاكل فهي ربانية المنبع.. على قدر تجيء في سياق تاريخ الأمة الحقيقي.. ومن عذابات الجماهير وآلامها وطموحاتها ولا يمكن أن تعود إلى الوراء ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين إننا نعلم أن الطريق إلى بيت المقدس طويل وشاق ولكن ها نحن بانتفاضتنا العملاقة نضع أقدامنا على الطريق الصحيح.


              عاشت فلسطين عربية مسلمة محررة من البحر إلى النهر

              عاشت انتفاضتكم شوكة في حلق العدو ومتراساً للأمة

              المجد والخلود لشهدائنا الأبرار

              والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              المصدر : بثته اذاعة القدس يوم الجمعة 22/9/89
              اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

              تعليق


              • #8
                الانتفاضة ثورة شعب فجر فيه الإسلام مخزون الطاقة المؤمنة

                التاريخ: 1411-3-27 هـ الموافق: 1990-10-17م


                الدكتور فتحي ابراهيم الشقاقي الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي بفلسطين حضر إلى الجزائر ليحاضر عن الانتفاضة الفلسطينية المباركة وهي تدخل عامها الثالث وذلك في المنتدى الذي نظمته جمعية الإصلاح الاجتماعي والتربوي بمدينة «باتنه».

                «العقيدة » استغلت فرصة وجود الدكتور الشقاقي وأجرت معه حوارا حول الانتفاضة وتطورات القضية الفلسطينية في ضوء الصراع الدائر في الخليج وهذا نص الحوار:

                *في بداية الحديث ، نود معرفة من الدكتور فتحي إبراهيم الشقاقي؟

                ـ فتحي إبراهيم الشقاقي من مواليد 1951 بغزة بفلسطين ، درس بفلسطين والقاهرة، واشتغل مدرسا للرياضيات ثم طبيبا بمدينة القدس ، سجن في عهد السادات في عام 1979، كما سجن في فلسطين عدة مرات، سنة 1983، 1986 ، ثم أبعد في عام 1988 ليعيش متنقلا بين الأقطار العربية والإسلامية.

                وهو الآن الناطق الرسمي لحركة الجهاد الإسلامي بفلسطين.

                * القارئ بالجزائر يود أن يعرف أشياء عن تنظيم حركة الجهاد الإسلامي بفلسطين ظروف إنشائها ومن يقف وراءها؟

                ـ حركة الجهاد الإسلامي حركة إسلامية فلسطينية مقاتلة تبلورت على أرض فلسطين في مطلع الثمانينات ، وجذورها تمتد إلى حوار فكري وسياسي دار بين مجموعة من الشباب الفلسطيني المثقف متوسط السبعينات أثناء دراستهم في مصر.

                وشمل هذا الحوار قضايا إسلامية متعددة محاولا الوصول إلى منهج علمي في فهم الإسلام والتاريخ الإسلامي وحركة التاريخ والعالم والواقع، وكانت القضية الفلسطينية من أبرز المحاور التي دار حولها الحوار، حيث خلص هؤلاء الشباب المسلم، وبناء على مبررات وأسباب قرآنية وتاريخية وواقعية إلى أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للحركة الإسلامية، وأقلامه الإسلامية في هذه المرحلة من صراعنا مع الغرب.

                هذا الحوار الفكري تحول إلى مناخ سياسي خرجت منه حركة الجهاد الإسلامي كتنظيم مقاتل لأجل تحرير فلسطين ، لا يغني ذلك أن حركة الجهاد مجرد حركة عسكرية ولكنها حركة إسلامية شاملة تجعل من القتال ضد العدو الصهيوني أهم أهدافها، في هذه المرحلة الإسلامية العالمية ترفدها وتستفيد منها.

                وتتحسس انتصاراتها في أي مكان وتعمل جاهدة لأجل وحدتها كطريق للانتصار النهائي والحاسم، وحركتنا حركة مستقلة ليست تابعة لأي قوة أخرى بحكم موقفنا من الجميع موقفهم من الإسلام ومن الجهاد ومن فلسطين.

                * لقد تعددت الأطراف التي تدعي أنها تقف وراء الانتفاضة في رأيكم أنتم، ما هو المحرك الحقيقي للجماهير الفلسطينية لمواجهة العدو الإسرائيلي بالحجارة؟

                ـ الانتفاضة الثورة ليست من صنع طرف وهي أكبر من كل الأطراف والأحزاب ، إنها ثورة شعب بأكمله ، شعب استلهم الإسلام، وفجر مخزون الطاقة المؤمنة تحت جلده وانطلق باسم الإسلام ، وبكلمة الإسلام يصرخ وبسيف الإسلام يحارب، أما الأطراف فدورها يتلو ذلك ،وكل له نصيب وإن كنا في حركة الجهاد الإسلامي نؤكد أنه في الأسابيع الأولي كنا أول الحاضرين بجانب الأمة وبعد ذلك نهض الجميع.

                * الانتفاضة الفلسطينية دخلت عامها الثالث هل هناك إمكانية لكي يتحول هذا الانفجار الشعبي إلى ثورة عسكرية منظمة؟

                ـ إن شعبنا المجاهد في فلسطين يحلم كل يوم أن تتحول هذه الانتفاضة الشعبية إلى ثورة مسلحة، ولكن شروط تحقيق ذلك تحتاج إلى أن يفك الحصار العربي الذي يحفظ أمن الكيان الصهيوني، ونحتاج أن تغير بعض القيادات الفلسطينية الرسمية موقفها المتمثل بدعم الخيار الديبلوماسي والسياسي كطريق وحيد، خلال ذلك فإن القوى الثورية الصادقة وعلى رأسها حركة الجهاد الإسلامي ستبذل ما تستطيع من جهد لتحقيق هذه الشروط وهي لم تتوقف يوما عن استخدام السلاح كلما أتيحت لها الفرصة.

                الانتفاضة يجب أن تستمر بالحجر كما يجب أن تبرز الطلقة لتسعر الانتفاضة، ولتعطي الثقة لجماهيرنا بنفسها وبطلائعها المجاهدة ، ولأنه يبقى كفاح الجهاد المسلح هو الطريق الوحيد لحسم هذا الصراع والذي من دون صراعات الأرض لا يمكن أن يحسم إلا بالقوة والقوة فقط.

                * هل يمكن اعتبار أحداث الخليج على أنها مؤامرة مدبرة لإلهاء المسلمين عن القضية الأم أم أن هذه الأحداث تكون قد خدمت الانتفاضة؟

                ـ لا أظن أن أحداث الخليج مؤامرة بمعنى أنها كلها مرتبة سلفا بالاتفاق بين العراق والغرب ، إما إن كان المقصود أنها مؤامرة صليبية للهيمنة على المنطقة ، فهذا حقيقي من دون شك الغرب استغل بعض التطورات التي حدثت ـ دخول العراق إلى الكويت ـ ليجئ بجيوشه وأساطيله لنهب ثروات المسلمين والسيطرة على القرار في المنطقة ولمواجهة النهوض الإسلامي ، هذه هي المؤامرة الواضحة الأبعاد على المسرح ولا أؤمن بمؤامرة تدور من وراء الكواليس لا نراها، هناك مؤامرات في التاريخ ، لكن التاريخ نفسه ليس كله مؤامرة فيستحيل أن يتم التواطؤ على حدث بمثل هذا الحجم من خلال أدوار مسرحية.

                * في ضوء المعطيات الجديدة كيف تنظرون إلى مستقبل الانتفاضة الفلسطينية ، وقد أكدت أحداث الخليج أن هناك من الأنظمة العربية من تريد الإبقاء على الأمر الواقع؟

                ـ ما يجب أن يكون واضحا أن الانتفاضة «الثورة» كانت طوال 3 سنوات تواجه العدو الصهيوني وحدها معزولة ومحاصرة من الأشقاء كما الأعداء وما يقال اليوم عن خسارة الانتفاضة للتأييد العالمي والعربي ليس له معني حقيقي، لقد كان هذا التأييد العالمي والعربي هو محاولة من وجهة نظرنا لتصفية القضية الفلسطينية وليس لدعم الجهاد الفلسطيني وبالتالي فنحن خسرنا القيد، كما أن الأحداث الأخيرة عطلت ووافقت المشاريع الأمريكية والصهيونية المطروحة لتصفية القضية الفلسطينية أما حجب أخبار الانتفاضة فهو إلى حين رغم أن الحصار الإعلامي كان مفروضا مسبقا، فلم يكن يتسرب من أخبار الانتفاضة إلا ما يسمح به الغرب لا أحد يستطيع التنبؤ الآن بما ستسفر عنه أزمة الخليج وسواء وجهت ضربة إلى العراق ومن ورائها قوى النهوض أم لم توجه فعلى المدى الاستراتيجي النهوض الإسلامي سيستمر ويتصاعد وفي هذا مصلحة القضية الفلسطينية التي لا حل لها إلا في إطار وحدة الأمة والجهاد المستمر .

                * أطراف فلسطينية لها طرح ، وهو أن الدعوة إلى الجهاد الإسلامي يعني إبعاد فصائل من المقاومة وهذا لا يخدم القضية ماذا تقولون؟

                ـ حركة الجهاد الإسلامي قامت لحل الإشكالية التي كانت قائمة وهي عبارة عن وجود طرح وطني علماني يتحدث عن تحرير فلسطين دون أن يستلهم عقيدة الأمة ودينها وتراثها، وهي بالتالي كانت تسير في طريق مسدود، الطريق الذي وصلوا إليه ، وكان هناك بعض الإسلاميين التقليديين الذين يدعون إلى الإسلام ويديرون ظهرهم للسؤال الفلسطيني ، وفي هذا كان إضعافا لدور الإسلام وإضعافا للدعوة الإسلامية ، نحن أخذنا على عاتقنا تحرير فلسطين بالجهاد انطلاقا من الإسلام عقيدة الأمة وخيارها الأمل ونحن بهذا نوحد ولا نفرق، ونجمع كل المخلصين على الطريق الجاد للتحرير . ونحن مستعدون انطلاقا من هذا للتعاون مع كل القوى الثورية المعادية للكيان الصهيوني والساعية لتحرير فلسطين.

                إن الإسلام يجمع ويمثل الجميع حتى النصارى (العرب) الذين هم أحرار في اختيار عقيدتهم ليس أمامهم من طريق لتحرير فلسطين إلا طريق الإسلام الذي عاشوا في ظله لمئات الأعوام في عزة وكرامة. ولم يعرفوا الذل مثلنا إلا حين سقط الإسلام.

                نحن قبل أن نطرح أنفسنا بديلا عن أحد نطرح الإسلام قائدا ورائدا لمسيرتنا ومن يخالف ذلك فقد خالف إجماع الأمة وهو الذي يكرس التفرقة ويكرس الهزيمة.

                * «إسرائيل» وحتى الآن لم تحشر نفسها في أحداث الخليج ، في رأيكم لماذا أحجمت عن ذلك؟

                ـ «إسرائيل» أحجمت عن الدخول في الخليج بطلب من أمريكا حتى تغطي دور وكلائها لأن في حالة دخول «إسرائيل» على الخط لن يبقى للنظام العربي المتحالف مع أمريكا أي مبرر ولو كان واهيا، لينفي أن المعركة هي معركة صليبية يهودية ضد المسلمين فهم لا يريدون لإسرائيل تتدخل حتى لا تبدو المعركة بين الغرب من ناحية والعرب والمسلمين من ناحية، بل يريدون أن نتصوره تدخل أمريكي لحماية الضعيف والدخول الإسرائيلي يفسد أوراق اللعبة جميعا.

                *سؤال أخير لو سمحتم: لقد تعددت الحركات الإسلامية العاملة بفلسطين ، فهل هناك جهود لتوحيدها؟

                ـ بالنسبة لحركة الجهاد الإسلامي فالوحدة الإسلامية هم من الهموم الكبيرة لأنها واجب شرعي ولأنها طريق انتظارنا وقد حاولنا على مدى سنوات تواجدنا منذ مطلع الثمانينات أن نلتقي مع كافة القوى الإسلامية أن نحاورها وندعوها للتعاون والتنسيق والوحدة صحيح أن المحاولات تبوء كثيرا بالإخفاق ولكن هذا لن يثنينا أبدا عن دعوة المسلمين والحركات الإسلامية إلى اللقاء والتعاون ونستطيع أن نجزم إنا لم نكن في يوم من الأيام في فشل أي لقاء من أجل الوحدة مستعدين للاتفاق مع أي طرف إسلامي في فلسطين بدون شروط وعلى برنامج نطلب أن يكون الجهاد في جوهره.
                المصدر : صحيفة العقيدة ـ الجزائر ـ 17/10/1990
                اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

                تعليق


                • #9
                  الانتفاضة بعد حرب الخليج 1991

                  التاريخ: 1412-1-19 هـ الموافق: 1991-08-00م الساعة: 00:00:00

                  بسم الله الرحمن الرحيم


                  يواجه شعبنا الفلسطيني المسلم وانتفاضته الباسلة منذ نهاية حرب الخليج الثانية وضعا صعبا على كل المستويات. وقد تسارعت حركة الحوار بين القوى الفلسطينية الداخلية باتجاه توحيد الصف الفلسطيني. ورغم أن هذا الحوار يجري على عدة مستويات ويشمل العديد من القضايا سواء فيما يخص البرنامج السياسي أو المسائل الادارية والتنظيمية الا أن من الممكن تلخيص قضايا الحوار الاساسية في المقولات التالية:

                  1 ـ مقولة أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الاطار الجامع لقوى شعبنا السياسية، بيد أن قوة "م.ت.ف" وقدرتها على الصمود لا يمكن تحقيقها بدون وحدة القوى الفلسطينية السياسية داخل اطارها.

                  2 ـ مقولة أن تمزق الساحة السياسية الفلسطينية، واضعاف المنظمة بالتالي، سيكشف شعبنا وانتفاضته وحقه التاريخي والعقائدي امام الهجوم الشامل الذي يشن الان عربيا ودوليا ضد شعبنا المجاهد وانتفاضته ومستقبل قضيته.

                  3 ـ وعلى هذه الخلفية يتعرض الاسلاميون الفلسطينيون بشكل خاص لضغوط سياسية واخلاقية هائلة باتجاه دفعهم إلى داخل اطار "م.ت.ف" ويشير الداعون إلى ذلك من القيادات والزعامات الفلسطينية داخل وخارج "م.ت.ف" إلى أن وحدة الساحة الفلسطينية وتقوية "م.ت.ف" غير ممكنة التحقق بدون دخول القوى الاسلامية الفلسطينية "م.ت.ف" وخاصة مجلسها الوطني، بعد أن اصبح التيار الاسلامي الفلسطيني قوة رئيسية يعتد بها في الساحة.

                  ولسنا هنا في معرض الاعتراض على أي من المقولات السابقة الا أننا نعتقد أن هناك عدة مسائل لابد من توضيحها لقوى شعبنا وأبنائه بخصوص مسألة الحوار ووحدة القوى السياسية ومستقبل "م.ت.ف".

                  أولا: أن من الواضح أن "م.ت.ف" تمر بأزمة ضعف وحصار بالغة قد تتجاوز كل الازمات التي مرت بها منذ تأسيسها، ولكننا نعتقد أن جذور ضعف "م.ت.ف" تعود إلى لحظة قيامها الأولى في منتصف الستينات. لقد ولدت المنظمة لتلبي طموحات شعبنا في التمثيل والصمود والنضال ولكن ولادتها كانت على يد قابلة النظام العربي الرسمي ذاته. وأدى ذلك إلى أن تبقى "م.ت.ف" في جزء كبير من قرارها السياسي اسيرة للمعادلات الاقليمية العربية. بل وأن تعطي للمعادلات العربية الرسمية وللضغوط الدولية من ورائها الأولوية على طموحات الشعب وحالته الجهادية والنضالية وهنا مكمن الخطر.

                  اننا نذكر بأن برنامج السلطة الوطنية الذي أقر في منتصف السبعينات كان تراجعا عن الميثاق الوطني الفلسطيني وعن الاجماع الشعبي التاريخي وتم تبنيه في ظل الضغوط العربية والسوفياتية في مرحلة ما بعد حرب اكتوبر (تشرين أول) كما نذكر بالمفارقة غير المسبوقة في تاريخ جهاد شعبنا كله عندما أقر المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر في أكتوبر( تشرين اول 1988) بيانا سياسيا حقق الاعتراف بدولة العدو وسجل تراجعا واسعا عن الميثاق الوطني في الوقت الذي كانت فيه انتفاضة شعبنا تصل لذروتها وحالة جماهيرنا الجهادية والنضالية في افضل حالاته. وكانت تلك الخطوة أيضا استجابة للضغوط العربية والدولية وليس مطلبا لانتفاضة شعبنا.

                  لقد جاء ضعف المنظمة من هذا الاضطراب لاعتبارات صنع القرار ولابد ان يجري تصويب جذري في هذا المجال ويعاد القرار الفلسطيني في كليته إلى شعبنا وقواه المجاهدة والناهضة أولا قبل أية اعتبارات أخرى.

                  إن قوة ومصداقية وشرعية "م.ت.ف" كاطار سياسي جامع لقوى الشعب الفلسطيني لا تتأتى من عدد من سفاراتها أو من تواجدها في المحافل الدبلوماسية، بل تكمن في تصعيد الكفاح المسلح، واستنفار الامة وتجسيد وحدتها وتعبئة طاقاتها وقواها المجاهدة كشرط لازم لكسر وتجاوز توازن القوى الظالم والمستند على التجزئة والهيمنة الاستعمارية، وصولا إلى اعادة بناء توازن قوى في صالح قضيتنا العادلة والذي هو أيضا شرط لازم لأي انجاز على المستوى الدولي.

                  ثانيا: إن الخطر الأكبر على شعبنا وانتفاضته في هذه المرحلة هو في تمزيق برنامج وتوجهات نضالنا وجهادنا قبل أن يكون في ضعف بنيان "م.ت.ف" وهيكلها. إن وحدة الخط النضالي وصلابته أسبق من وحدة الاطار. والا فكيف يمكن أن تترك قوى وزعامات فلسطينية للمساومة مع الاميركيين حول الحقوق الثابتة لشعبنا فيما نطالب بوحدة القوى داخل اطار "م.ت.ف" لاعطائها الصلابة والقوة في وجه الهجمة الاميركية؟

                  إن شعبنا يعرف جبهة اعدائه الحقيقيين، ولكنه يرى الان ـ بل منذ فترة طويلة ـ قواه الوطنية ترتمي على عتبة هؤلاء الاعداء، وشعبنا يعرف وسائله وحقوقه وأهدافه، ولكنه لم يعد يعرف ما اذا كانت قواه الوطنية تريد دولة فلسطينية أو حكماً ذاتياً أو فيدرالية، تريد فلسطين أو جزءا منها، تريد الضفة والقطاع أو شبكة المستوطنات الهائلة معها، وتريد نضالا وجهادا طويلا وانتفاضة مستمرة أو هي تلعب بأوراق مجبولة بدماء الشهداء والجرحى والاسرى. وهنا أيضا لابد من التذكير بأن وحدة الاطار لابد أن تأتي نتاجا طبيعيا لوحدة البرنامج والتوجهات والاتفاق حول الوسائل وليس قبل ذلك.

                  ثالثا: اننا نقولها بوضوح أن الاسلاميين يرون اليوم أن ليس من المصلحة وليس من العملي البحث عن اطار بديل وان الاسلاميين الفلسطينيين يدركون في مجموعهم أن محاولات دولية وعربية لشطب المنظمة اليوم انما تستهدف شعبنا وانتفاضته وحقوقه وليس هياكل ومؤسسات المنظمة بشكل خاص. ولكن على الذين يدعون ويمارسون الضغط على الاسلاميين الان أن يدركوا أن الاسلام هو عقيدة شعبنا وهويته وتاريخه وهو صخرة شعبنا وجدار صموده الاخير. وأن دفع الاسلاميين إلى اطار "م.ت.ف" في ظل برنامج وخط سياسي تفريطي ومضطرب لن تكون نتائجه الا اهتزاز شعبنا الاخير واضعاف قوى صموده الاساسية.

                  إن المسألة ليست في عدد المقاعد والضمانات التنظيمية والادارية ولكنها في صلابة الخط الجهادي وبرنامج النضال. وهذا الشعب الذي فجر الانتفاضة الباسلة ولا زال مستمرا بها بسيل من الشهداء والجرحى والاسرى قادر على حمل الاهداف الكبرى.

                  اننا ندعو ان يتواصل الحوار بين قوى النضال الفلسطيني حول الاسباب اللازمة لتعزيز مرتكزات القوة الاساسية في المسيرة الفلسطينية، والوسائل الكفيلة بدعم انتفاضة الشعب ومقاومته كأساس لبرنامج وطني يتجاوز أزمات التشرذم العربي ويواصل السير بالقضية في طريقها الصحيح.

                  كما نطالب بضرورة اعادة الاعتبار للاسلام ـ داخل م.ت.ف ـ كاطار لصراعنا الحضاري ضد الهجمة الصهيونية والاعلان بوضوح عن رفض الاعتراف بالكيان الصهيوني وبشرعيته على أي جزء من فلسطين وتصعيد الكفاح والجهاد المسلح كطريق وحيد لتحرير فلسطين.


                  المصدر : (غير محدد من أرشف حركة الجهاد الإسلامي بتاريخ / أغسطس 1991)
                  اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

                  تعليق


                  • #10
                    إلى الانتفاضة في الذكرى السنوية الرابعة

                    التاريخ: 1412-3-27 هـ الموافق: 1991-10-06م الساعة: 00:00:00

                    بسم الله الرحمن الرحيم

                    يا جماهير شعبنا العظيم


                    ايها المرابطون فوق ارض الرباط حين عز الرباط وعز القتال وعز السلاح، ايها القابضون

                    على جمرة الدين وجمرة الوطن ايها الصاعدون والدنيا من حولكم في هبوط، ايها لمشتعلون بالفرح والامل والدم فيما الآخرون من حولكم ينطفئون وينكفئون، ايها المحزونون قرب مسرى الرسول (ص)في بيت المقدس وقرب خليل الرحمن وفي ساحة مسجد القسام في غزة.

                    ايها الذاهبون الى الشهادة فداء الامة وفداء الوطن فيما قادتكم السادرون في غيهم، وهم كثير قد شربوا حتى الثمالة كأس الوطن الاخير في مجلس الوطن الاخير

                    يا جماهير شعبنا العظيم

                    في مثل هذا اليوم قبل اربعة اعوام كان موعدكم مع التاريخ وكانت الامة على موعد مع انتفاضتكم التي ولدت عملاقة وكانت الشجاعية على ابواب غزة هي الملتقى.

                    هناك التقى محمد وسامي وأحمد وزهدي وجهاً لوجه مع جنود العدو ورجال مخابراته.. حدقوا وحدقوا ثم اطلقوا رصاصهم قبل ان يسقطوا شهداء ليتوزع دمهم على جداول وانهار

                    فلسطين ليبدأ الفيضان والطوفان، كان الشهداء الاربعة وكان سبقهم مصباح قبل ايام، يختزنون في دمهم الطاهر، ويطوون على القلب احزان الامة وفرحها وطموحها وحبها للموت والحياة، كانوا يختزنون في دمهم الطاهر تلك الانتفاضة المعجزة التي انبثقت نجمة حمراء على جبين الشعب والوطن والامة.

                    اربع سنوات تمر اليوم على ذلك المشهد التاريخي الفذ والذي استمر ينبض بالحياة مع كل فجر حتى بات نمط حياة وطريقة للاكل والشرب والانتاج والعمل والدراسة والتفكير طريقة للنهوض والاستشهاد.

                    وحتى بات شعبنا اكثر الظواهر حيوية في المنطقة، لا ينكسر ولا ينحني رغم الجوع ورغم العذاب ولكن الانتفاضة الباسلة وبفضل مؤامرة دولية واقليمية بقيت يتيمة ومحاصرة ومعزولة دولياً وعربياً حتى في الاطار الفلسطيني الرسمي تم التعامل معها كمشروع للاستثمار العاجل والسريع وليس كمشروع استراتيجي للنهضة والتحرير.

                    وبقيت المشاريع الفلسطينية الرسمية دون قامة هذه الانتفاضة العملاقة، حتى تحولت السنوات الاربع المجيدة غطاء لأخطر المواقف والقرارات في تاريخ شعبنا والتي كان آخرها هذه النعم الملعونة للمشاركة في المؤتمر الجنازة لدفن شعبنا وقضيته، المؤتمر الذي يراكم سادته اقلية قومية

                    عليها ان تعيش في ظل اكثرية يهودية على أمل ان تأتي اللحظة المناسبة لطردكم وتهجيركم من وطنكم ومن قدس الاقداس.

                    والنعم التي ستجعلكم جسراً لبني اسرائيل الى كل العواصم العربية

                    ايها المجاهدون البواسل

                    هل عرفتم كيف جاءت هذه النعم؟ وهل تمثلكم حقاً وكيف لها ذلك وانتم تعلمون انها أقرت في غياب كافة القوى الاسلامية المجاهدة في فلسطين وغياب قوى وطنية مناضلة اخرى كذلك في غياب اكثر من مئة من الممثلين المعنيين في المجلس الوطني نفسه ورفض عدد لابأس به من الحاضرين فعلاً واعلانهم هذا الرفض على رؤوس الاشهاد بل ورفض نصف من تبقى على الاقل دون ان يستطيعوا إعلان ذلك بسبب الابتزاز والتهديد والاغراء كما كان واضحاً لكل من حضر المجلس.

                    فمن قال بعد ذلك أن هذه النعم تعبر عن ارادتكم، من قال ان مجلساً كهذا يمكن ان يمثلكم او ان قراراته تلزمكم ان حجة رفع المعاناة عنكم فاسدة إذ كيف سترفع المعاناة وجميعنا يعلم ما هي مهمة وهدف الحركة الصهيونية في فلسطين وفي المنطقة أليست نعم المجلس والممثلين المعنيين تعني تسهيلاً لهذه المهمة ولهذا الهدف وبالتالي تكريس المعاناة لارفعها.

                    إن حجة ان الظرف الموضوعي صعب وبالتالي علينا انقاذ ما يمكن انقاذه اليوم، فاذا تغير

                    الظرف الموضوعي في زماننا او في حياة جيل آخر نحاول من جديدايضاً هذه حجة باطلة

                    فالظرف الموضوعي سيتغير على اية حال وقد علمنا القرآن والتاريخ ذلك ولكن علينا ان نقدر ونحن نعلم خيارنا اليوم ما هو الافضل لشعبنا وامتنا حاضراً ومستقبلاً ان يشهدا تغيير الظروف الموضوعية في حالة من التسليم والتبعية والخضوع او ان يعيشا هذا التغيير ضمن حالة من القيام او النهوض والمقاومة تكون في حد ذاتها اولاً احد عوامل التغيير.

                    وفوق ذلك فليدلونا على هذا الشيء الذي يمكن إنقاذه في ظل مشروع الحكم الاداري الذاتي وفي ظل استيطان غطى فعلاً الضفة والقطاع وليس واضحاً انه سيتوقف عند حد.

                    ايها المجاهدون لا نخفيكم ولا نكذبكم القول انكم حقاً امام نارين وعليكم أن تختاروا نار الذل

                    والهوان وابده أو نار الجهاد والمقاومة والاستشهاد، نار تقود الى النقمة ونار تقود الى النعمة والرضوان.

                    فلتحملوا قرآنكم في قلوبكم كما حمله شهداء السادس من تشرين آية آية وسورة سورة

                    ولتمضوا به في شوارع الوطن قبضاتكم مشرعة وايديكم على الزناد، فلا مجد ولا عزة إلا لمن يشحذون الان اسلحتهم لامجد ولاعزة الا للسيوف المشرعة، لامجد اليوم إلا للطلقة لا مجد الا مجد الشهداء شهداء السادس من تشرين وكل شهداء الوطن.

                    اما انتم ياتوائم الشهداء ونظائرهم في سجون العدو الصهيوني أيها الاسرى البواسل.

                    في الذكرى الرابعة للانتفاضة نجدد العهد معكم كما معهم أن نستمر على نفس الدرب، ان

                    نحفظكم ونذكركم كل يوم ولا نألو جهداً لاجل تحريركم

                    ياجماهير شعبنا العظيم

                    إنه والله لصبر ساعة، شددوا ضرباتكم (ولاتهنوا في ابتغاء القوم فإن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون).

                    شددوا ضرباتكم وإن فجركم لقريب بعون الله ومشيئته

                    عاشت فلسطين عربية مسلمة

                    عاشت انتفاضتكم شوكة في حلق العدو

                    ومتراساً للامة

                    المجد والخلود للشهداء الابرار


                    المصدر : من أرشيف حركة الجهاد الإسلامي ـبتاريخ 6/10/1991 في الذكرى السنوية الرابعة للانتفاضة
                    اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

                    تعليق


                    • #11
                      كلمة الشقاقي في المؤتمر الدولي لدعم القضية الفلسطينية وثورتها الذي عقد في طهران في 20/10/1991

                      التاريخ: 1412-4-12 هـ الموافق: 1991-10-20م

                      لا مجد اليوم الا للطلقة ولا طريق الا طريق الشهداء



                      "الذين قال لهم الناس أن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم"
                      بسم الله الرحمن الرحيم

                      الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله وصحبه

                      الحمد لله ان وجد جمعكم الحاشد ـ في ظروف دولية واقليمية تزداد تعقيدا ـ ان وجد بقعة من ارض الاسلام ليقف عليها، ويصرخ في وجه الاستكبار الدولي ان امة الاسلام لا تركع ولا ينبغي لها ذلك ابدا.

                      الحمد لله أن الانتفاضة/ الثورة تتجاوز اليوم عامها الرابع مستمرة وقوية وحية تضيء ليل الامة الطويل، شاهدة على العصر، تكشف بغي المعادلة الدولية، تكشف ضعف وتبعية النظام العربي، كما تكشف كم هو هش هذا الكيان العبري والذي رغم كل طغيانه وحداثته وجبروته لم يستطع ان يوقف شلال الانتفاضة، اننا ندرك وعلى رغم كل التوازنات انه قابل للكسر، محكومة بالهزيمة محاصر بقوانينها.

                      الحمد لله ان عرس الدم الفلسطيني المستمر لاربعة اعوام لا زال ينجب اطفالا ومقاتلين يؤكدون كل يوم ان الحرب لا تحتاج لاكثر من الارادة وان الحجر الذي يبرق في اليد امضى من السلاح الذي يبرق يصدأ في المستودعات وان ارادة الشعوب اقوى من ارادة الطواغيت وان عصر الامبريالية الذي نعيشه هو ايضا عصر الشعوب المقهورة تخرج من قهرها وقيدها إلى الظفر والانتصار.

                      الحمد لله الذي اعطى الانتفاضة من سره وقوته فتجاوزت رغم وحدتها وعزلتها ويتمها، تجاوزت صحراء الزمن العربي الخائب التابع العقيم إلى الامل والثقة من العطاء والخصب والوحدة الجديدة.

                      ايها الاخوة المجاهدون... دعوني في البداية ان اتوجه باسمكم ـ باسم المليار مسلم إلى اطفال وفتيان الحجارة لاقول لهم سلاما... يا من تقفون في الزمن الاصعب في المكان الاصعب لتدافعوا عن جدار الأمة الاخير لا يضركم من خالفكم... سلاما.... جميعا ننحني امام روعة انبعاثكم وعظمة صمودكم وجلال موتكم واستشهادكم الذي يهبنا الحياة.

                      لا اعرف شعبا اسمه الشعب الفلسطيني هكذا قالت جوالدا مائير... رائدة الحركة الصهيونية ورئيسة وزراء سابقة للعدو، ومن قبل كانت الفلسفة الصهيونية والبرامج الصهيونية تتغافل كما النعامة عن وجود شعب فوق هذه الارض ولكن هذا الشعب أكد أنه أكثر الظواهر حيوية في المنطقة، وان ليس بالامكان تجاوزه او نفيه، ليس بالامكان تحوله إلى شعب من العبيد، انه حي وحر وسيد وهذا هو معنى الانتفاضة التي جاءت ردا على الاحتلال وظلمه وقهره وعلى تراكم وخبرة من النضال الوطني الممتد لعشرات السنين، وفي اجواء من خيبة الامل في الواقع العربي الرسمي والاهم هو بزوغ دور الاسلام الرائد والقائد فبكلمة الاسلام تصرخ الانتفاضة وبسيفه تقاتل.

                      انها واحدة من اشد مشاهد التاريخ العربي والاسلام الحديث جلالا، ولكنا ظلمناها واهدرنا هذا المشهد بلا ثمن تماما كما اهدرنا فرصة المقاومة الاسلامية في لبنان التي هزمت العدو الصهيوني واخرجته من الارض لاول مرة وبقوة السلاح وتماما كما اهدرنا عشرية الامام الخميني "رض" التي عاشها بيننا ولكنا تركناه يقاتل الاستكبار وحده بل منا من قاتله واشهر الحرب عليه.

                      ايها الاخوة لقد تمت محاصرة الانتفاضة دوليا واقليميا وتم قمع الشعوب العربية التي خرجت لتؤكد تضامنها معها فامتنع تعميمها وبقي الموقف الشعبي المظلوم نشيدا وبعض الاحزان اما على المستوى الفلسطيني ؟؟؟؟؟؟؟؟ فقد تم التعامل معها كمشروع للاستثمار العاجل والسريع وليس كمشروع استراتيجي للنهضة والتحرير، وبقيت المشاريع الفلسطينية الرسمية دون قامة هذه الانتفاضة العملاقة، بل تحولت السنوات الاربع المجيدة غطاء لاخطر المواقف والقرارات في تاريخ شعبنا ففي اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988 تم الاعتراف بشرعية العدو الصهيوني على الجزء الأكبر من فلسطين وتم اعلان الدولة الفلسطينية المستقلة في اجواء مهرجانية خادعة ومتفائلة بلا أي حسابات تاريخية أو سياسية.

                      وفي اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني الاخير تم القفز على كافة الثوابت الوطنية الفلسطينية بل والقفز على ما اعلن عام 1988 بالجزائر وتم اقرار المشاركة الفلسطينية في مؤتمر التسوية المزمع عقده نهاية هذا الشهر، المؤتمر/ الجنازة لدفن شعبنا وقضيته، المؤتمر الذي يرانا سادته اليهود والامريكان مجرد اقلية قومية عليها ان تعيش في ظل أكثرية يهودية، على أمل أن تأتي اللحظة المناسبة لطرد شعبنا وتهجيره، إن الحل الذي يحمله لنا مؤتمر التسوية والذي اقر المجلس الوطني الفلسطيني المشاركة فيه يحمل مخاطر كبيرة منها:

                      1 ـ التفريط ببيت المقدس حيث يقع اجماع شعبنا وامتنا الاسلامية كلها وحيث الحقوق المقدسة التي لا تتعلق بقيادة الشعب الفلسطيني أو حتى بكل الشعب بل بمئات الملايين من المسلمين الاحياء منهم ومن لم يولد بعد.

                      2 ـ تعطيل امكانات حشد الامة حول فلسطين بعد تراجع وتنازل جانب من الفلسطينيين سيفك تعبئة الجماهير فلسطينيا وعربيا واسلاميا.

                      3 ـ ان التسوية المطروحة ستؤدي إلى انقسام عميق في الساحة الفلسطينية، يمتد من القوى السياسية إلى القواعد الشعبية وإلى نقل المعركة من ساحة المواجهة مع العدو إلى الساحة الفلسطينية ذاتها.

                      4 ـ ان هذه التسوية تحمل معها التخلي عن الحق في كل فلسطين، بل عن الحق الكامل في أرض الضفة والقطاع، والتخلي عن الشعب الفلسطيني في المنطقة المحتلة منذ العام 1948، كما سيبقى مستقبل فلسطيني الشتات غامضا ومجهولا إن لم يكن مأساويا فعلا.

                      5 ـ وستكون الكارثة الكبرى أن يتحول شعبنا في ظل هذه التسوية جسرا لبني اسرائيل ولتوسع المشروع الصهيوني إلى كل العواصم ليكتمل المشروع الصهيوني/ الغربي ويفرض كامل هيمنته على المنطقة وعلى الأمة.

                      وهكذا يتبيّن لنا أن قرار المجلس الوطني الفلسطيني بالمشاركة في هكذا مؤتمر تسوية هو قرار بالانتحار الجماعي اتخذ باغلبية 52 من اعضاء مجلس وطني معينين، وفي غياب كافة القوى الاسلامية المجاهدة في فلسطين وغياب قوى وطنية مناضلة أخرى.

                      فهل يحق لـ 52 من اعضاء مجلس معين أن يقرورا مصير شعب لا يمكنهم تمثيله وأن يتصرفوا يما هو ارث لكل الأمة الاسلامية، أي مهزلة كشفت عنها هذه النعم المشؤومة الصادرة عن المجلس الوطني الفلسطيني. الذي اكد بقراره ان المشروع الوطني الفلسطيني الذي تقوده منظمة التحرير الفلسطينية قد وصل فعلا وبقرار من هيئاته الرئاسية إلى نهاياته فلم يعد قادرا على تحقيق وحدة الشعب ولا على انجاز مشروع التحرير، لم يعد يمثل الشعب الفلسطيني ولم يعد قادرا على قيادة حالة نهوض عربي ولا قادرا على تحقيق تواصل مع الأمة الاسلامية ومن هنا فقد اصبح لزاما على كافة القوى المجاهدة الرافضة لهذا الهوان وهذا الانتحار اصبح لزاما عليها إن تلتقي لتوحد جهدها وتحشد قواها وتواجه المؤامرة معا.

                      إن قوة ومصداقية وشرعية م.ت.ف كاطار سياسي جامع للشعب لا يتأتى من عدد سفاراتها أو من تواجدها في المحافل الدبلوماسية بل تكمن في تصعيد الكفاح واستنفار الأمة وتجسيد وحدتها وتعبئة طاقاتها وقواها المجاهدة كشرط لازم لكسر وتجاوز توازن القوى الظالم والمستند على التجزئة والهيمنة الاستعمارية.

                      اننا ندرك صعوبات الوضع الدولي والاقليمي المرافقة لحالة الانهيار في المنطقة من انهيار الاتحاد السوفيتي والتفرد الامريكي الواضح بالقرار الدولي إلى انهيار الوضع العربي بعد حرب الخليج والخلل الاستراتيجي الذي ازداد لصالح العدو الصهيوني إلى الحصار المفروض على الانتفاضة الباسلة في الوطن المحتل على كافة الاصعدة اقتصاديا وسياسيا واستيطانيا ولكن كل هذا لا يجعلنا نقبل بما هو مطروح ولا يفرض علينا التعلق بقطار التسوية بحجة انقاذ ما يمكن انقاذه وعلى أمل تغيير الظرف الموضوعي الصعب سواء في حياتنا أو في حياة جيل آخر فهذه حجة باطلة لأن الظرف الموضوعي سيتغير على أية حال وقد علمنا القرآن والتاريخ ذلك ولكن علينا أن نقدر ونحن نعلم خيارنا اليوم ما هو الافضل لشعبنا وأمتنا حاضرا ومستقبلا أن يشهدا تغيير الظروف الموضوعية في حالة من التسليم والتبعية والخضوع أو أن يعيشا هذا التغيير ضمن حالة من القيام والنهوض والمقاومة. تكون في حد ذاتها احد عوامل التغيير، كما نتساءل ما هو هذا الشيء الذي يمكن انقاذه في ظل مشروع الحكم الاداري الذاتي وفي ظل استيطان غطى الضفة والقطاع وليس واضحا انه سيتوقف عند حد. كذلك فاننا نعتبر حجة رفع المعاناة عن شعبنا كمبرر للقبول نراها حجة فاسدة اذ كيف سترفع المعاناة في ظل الهيمنة الصهيونية، كيف سترفع المعاناة وجميعنا يعلم ما هي مهمة وهدف الحركة الصهيونية في فلسطين وفي المنطقة، اليس قبولنا تسهيلا لهذه المهمة ولهذا الهدف بل تكريسا للاحتلال والمعاناة لا رفعها.

                      واقول هنا لسماحة الشيخ السائح والاخ أبو الاديب..... ليس بيننا وبينكم لا من عداوة ولا حساسية سخصية لا معكم ولا مع رئيس م.ت.ف ولكن اليس من حقنا أن نصرخ ونحذر اذا كانت فلسطين في خطر. اذا ما جدوى حياة الاشخاص وما جدوى م.ت.ف اذ كانت القضية والشعب في خطر.

                      لقد اسستم م.ت.ف لأجل تحرير فلسطين فاذا كان المعروض عليكم والذي تقبلونه اليوم يعني تكريس اسرائيل محل فلسطين فما جدوى م.ت.ف اذا.

                      اذا كنتم تخافون تهديدات بيكر العشراوي بان الشعب الفلسطيني سيواجه عواقب وخيمة إن رفض المشاركة ـ فاعلموا انكم وشعبنا جميعه سنواجه عواقب أكثر سوءا بالمشاركة... فرفضنا يعني استمرار الحياة عبر المقاومة والمشاركة تعني الانتحار فهل نسمح لـ52 من نواب معينين أن يقودونا لهذا المصير بل يقرروا مصير الاجيال القادمة في هذا الوقت العصيب علينا أن نتأمل ما اذا كنا في النهاية نريد مواجهة الله عز وجل وبنادقنا في ايدينا ودماؤنا تقطر من جراحنا أو أن نواجه المولى وفي ايدينا ورقة التسليم للطغيان الاطلسي العبري.

                      من المؤكد أيها الاخوة ان شعبنا يقف بين نارين نار الذل والهوان ونار الجهاد والمقاومة والاستشهاد، نار تقود إلى النقمة ونار تقود إلى النعمة والرضوان وعلينا أن نختار.

                      ونحن لسنا في موقع اليأس بأي حال من الاحوال فنحن نقرأ القرآن ونرى وعد الله بالنصر وفي فلسطين بالذات حيث يدخل المسلمون المسجد الاقصى كما دخلوه اول مرة ونقرأ التاريخ ونرى انكسار الصليبيين بل ونرى كيف كانت ايران هنا مرتعا لامريكا والشركات الاحتكارية متعددة الجنسية واول من اقام علاقات حميمة مع الكيان الصهيوني فمن كان يظن ان تتحول اليوم إلى المكان الوحيد في العالم الذي نستطيع أن نصرخ فيه ضد امريكا وضد الاستكبار، وبموت اسرائيل، من كان يظن ان تتفكك دولة عظمى نووية ومترامية الاطراف كالاتحاد السوفييتي في هذه الزمن القياسي.

                      "انه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون" حتى اذا استيئس الرسل، وظنوا انهم قد كذبوا جاءهم نصرنا، كما يجب أن ندرك أننا اقوى مما نتصور وان الغرب اضعف مما نتصور وعلينا أن نشحذ اسلحتنا في كل آن فلا مجد الا للسيوف المشرعة ولا مجد اليوم الا للطلقة ولا طريق الا طريق الشهداء. ووحدهم الرافضون للاستضعاف يرثون الارض.

                      ايها الاخوة الكرام ـ من اتون المعركة نصرخ بصرخة ابي عبد الله الحسين: هل من ناصر ينصرنا ونأمل من حشدكم العظيم كنواب عن الامة ان تعلنوا مناصرتكم لشعبنا وقضيته العادلة بتأكيد حقنا الكامل بفلسطين ورفض الاعتراف بشرعية العدو الصهيوني على أي جزء من وطننا وتأكيد الجهاد كطريق وحيد لتحرير فلسطين، واعتبار القدس عاصمتنا المقدسة كعاصمة رمزية لكل الأمة الاسلامية.

                      كما نأمل من حشدكم بما يمثل من هيئات شعبية ورسمية ان يشكل جبهة واسعة وعريضة تدعم جهاد شعبنا سياسيا وماديا وأن تشكل كل هيئة او حركة أو حزب لجنة ولو من فرد أو افراد قلائل تسمى لجنة فلسطين تختص فقط بالشأن الفلسطيني ونصرة فلسطين على أن تنسق هذه اللجان فيما بينها بشكل مستمر اعلاميا وسياسيا وماديا أيضا عبر انشاء صندوق فلسطين لدى كل حركة وفي كل بلد وعلى أن يصار في النهاية إلى مشروع شعبي تحت عنوان "بنك فلسطين" لدعم المجاهدين ودعم صمود الشعب الفلسطيني فوق أرضه والمحافظة على هويته.

                      نأمل أن تدرسوا بجدية مسألة الهجرة اليهودية إلى فلسطين وتبحثوا كل السبل الكفيلة لوقفها من دراسة التأثير على المسلمين في الاتحاد السوفييتي وتشكيل لوبي اسلامي يناصر قضايانا بشكل عام وتتصدى لمسألة الهجرة بشكل خاص. إلى محاولة ارباك تحرك الهجرة عبر كافة مراحله داخل الاتحاد السوفييتي من الطريق إلى فلسطين وفي فلسطين نفسها وذلك بالوسائل المادية وعبر الضغط السياسي والاقتصادي أيضا.

                      * أيها الاخوة أننا ندعوكم إلى موقف واضح يدين هذا الاضطهاد الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني في اماكن الشتات خاصة في دولة الخليج والكويت حيث جرت وتجري اكبر عملية تهجير للشعب الفلسطيني دونما ضجيج على مستوى هذه المؤامرة الخطيرة.

                      * كما اننا نقترح ان تنبثق عن هذا المؤتمر امانة عامة دائمة تتابع ما يصدر عن مؤتمرنا من قرارات برصد ما يدور في فلسطين وتعنى بدعم الانتفاضة على كافة المستويات.

                      ايها الاخوة... لتتأكدوا أن شعبنا المجاهد في فلسطين لا زال حيا وقويا ومستعدا للمقاومة اجعلوا من قراراتكم حاسمة وقوية سياسيا واقتصاديا وانتظروا انطلاقة جديدة واقترح عليكم ان نوجه هذه الليلة برقية باسمكم جميعا إلى المجاهدين والمناضلين داخل فلسطين نعلن فيها تأييدنا ودعمنا لهم. وبعد فعلى درب ذات الشوكة وحتى يحق الله الحق ويبطل الباطل هذا عهدنا بكم... عهد حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين تصرخ في اتون المعركة بسم الله الرحمن الرحيم "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا"، لقد قضى منا نحبه من قضى... وما زلنا ننتظر.. لن نبدل.. لن نبدل.. لن نبدل.
                      اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

                      تعليق


                      • #12
                        نداء مع بدء العام الخامس للانتفاضة

                        التاريخ: 1412-6-2 هـ الموافق: 1991-12-08م الساعة: 00:00:00

                        بسم الله الرحمن الرحيم

                        يا جماهير شعبنا العظيم


                        نحو عامها الخامس تمضي انتفاضتكم وثورتكم، في الزمن لاصعب تمضي وفي المكان الأصعب تنهض وتستمر ،وأنتم بلا يأس ولا كلل ، تدافعون عن جدار الأمة الأخير ، مؤكدين إنكم شعب حي وحر وسيد ليس بالإمكان نفيه أو تجاوزه، رغم طغيان العدو، ورغم بشاعة النظام الدولي ،ورغم تبعية النظام الإقليمي وهشاشته ورغم الحصار والتجويع والمؤامرة.

                        انتفاضتكم وثورتكم وجهادكم هي الطريق الوحيد لرفع الظلم عنكم، ولاحقاق الذي لكم، فهذا العدو كما وصفه رب العزلة (أم لهم نصيب من الملك إذا لا يؤتون الناس نقيرا) ورئيس وزراء العدو يقول «نحن نصف الشرق الاوسط» أي أنه بقى لهم في ذمتنا وذمة المنطقة أرض وسماء ومياه، نفط ونفوذ، ومع ذلك ندفن رؤوسنا في الرمال، نقر بشرعية الغاصب والمحتل،نندم على ما فات من سني القتال إلى طاولة المفاوضات، يعلمون أن العدو لن يؤتي نقيرا ولكنهم يتوهمون ويتأملون من كرم السيد الأمريكي أن يضغط قليلا لاجل حقوقنا، مع أن السيد الأمريكي يصرح صباح مساء أنه لن يضغط ليعطي لنا أكثر مما يريد العدو وبمحض رغبته الذاتية، وجميعنا يعلم أن سقف هذه الرغبة لا يتجاوز الحكم الإداري الذاتي الذي يقول:

                        1- لا دولة فلسطينية أو سيادة فلسطينية فوق أي شبر من فلسطين.

                        2- لا لحق تقرير المصير

                        3- لا لعودة أي فلسطيني

                        4- لا لفلسطيني الخارج

                        5- لا لفلسطيني الأراضي المحتلة منذ العام 1948.

                        6- لا للقدس ولا لفلسطيني القدس.

                        7- لا للأرض

                        8- لا للمياه

                        9- لا لانسحاب الجيش الإسرائيلي

                        10- لا لوقف بناء المستوطنات

                        باختصار لا لهوية تؤكد أن هناك شعبا وفوق ذلك علينا أن نعترف بشرعية العدو على كامل أرضنا أن نطأطيء لنصبح جسرا (لبني إسرائيل ) يعبرون فوقه إلى كل المنطقة. وهكذا نهرب إلى عش الدبابير كل نتجنب اللسعات وندخلهم إلى وطننا من بوابة التاريخ كي لا يحطموا علينا النوافذ ونسلمهم مفاتيح البيوت لنحمي انفسنا منهم.

                        أي ثقافة للعار تتفشى إذا ، وأي هزيمة هذه التي تتسرب إلى الأرواح لتكسرها وتفتتها بحجج ومبررات فاسدة. أن بيع البلاد ورهن العباد للنظام الدولي الجديد لبوش وشامير لن ينقذ ما يمكن إنقاذه، لن يرفع معاناة بل سيكرسها وسيمهد لشيء واحد وواحد فقط إقامة (إسرائيل الكبرى).

                        نحن نعلم أن خيار المقاومة والجهاد صعب وقاس وقد تخلى عنا الجميع ولكنه أفضل من نار لا هوان والذل، فلا تفرطوا في نعمتين : نعمة الجهاد ونعمة الشهادة.

                        «الذين قال لهم الناس إن الناس قد جعلوا لكم فاخشوهم، فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل ، لم يمسسهم سوء وابتغوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم».



                        يا جماهير شعبنا العظيم

                        اليوم تنكشف عورة الذين تاجروا بالقضية الفلسطينية أربعين عاما ويزيد، ويريدون اليوم أن يتخلصوا منها بأي ثمن وكأنها جمرة تلسع أيديهم ويريدون أن يلقوها بأي اتجاه، اليوم تتكشف عورة الذين فتحوا باب التنازلات المجانية وفرطوا بحقهم ويبكون اليوم ملكا لم يحافظوا عليه مثل الرجال. فلا تخرجوا لتغطوا هؤلاء بأغصان الزيتون، لا تضعوا أغصان الزيتون ـ زيتوننا الابدي المقدس. في فوهات البنادق التي سفكت دماء أطفالنا وأهلنا، اغصان الزيتون التي وضعت في فوهات البنادق هي أغصان العار، فالزيتون الفلسطيني لم يخلق لهذا بل لصنع مقلاعنا المقدس يحمل الحجر المبارك.



                        يا جماهير شعبنا العظيم:

                        أيها المحاصرون وبين قصر الأمير وبين زنازين الاحتلال، ما بين سوط الأمير وبساطير الجنود، أيها المحاصرون بين هجوم السلام وبين رصاص اليهود، أيها المحاصرون بين لحمكم فوق موائد الحكام وبين أرواحكم يحاول قبضها السجان.

                        يا قربان البحر المتوسط ـ بل يا قربان الكون … تجمعوا… توحدوا… قاوموا… فليس سوى أن ترفعوا صوتكم بالرفض لا .. هذا زمانكم ولن يمروا.. لن يمروا.

                        المجد للانتفاضة

                        المجد لشهداء

                        المجد للطلقة

                        المجد للحجر

                        المجد لكمم أيها الأسرى والمعتقلون البواسل… أيها المعذبون فداء الأمة.. نجمة أنتم فوق الجبين ولن ننساكم.. هذه آخر كلمتي لكم الحمد الله رب العالمين.


                        المصدر : اذاعة القدس ـ بتاريخ 8/12/1991 بمناسبة بدء العام الخامس للانتفاضة
                        اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

                        تعليق


                        • #13
                          كلمة في مؤتمر اليمن بعد حرب الخليج الثانية

                          التاريخ: 1412-8-27 هـ الموافق: 1992-03-02م الساعة: 00:00:00

                          بسم الله الرحمن الرحيم

                          الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه.


                          بعد عام على انتهاء حرب الخليج يعيش الوضع العربي حالة من الانحطاط والانهيار والتفتت والجاهلية والسقوط في الهاوية لم يسبق لها مثيل في تاريخنا، لقد تميز هذا العام باستسلام كامل لمشيئة الإمبريالية الأمريكية واعترف بمصالحها على حساب مصالح أمتنا وشعوبنا.

                          وربما كان فقدان الإجماع العربي حول أي شيء ذي قيمة استراتيجية عربية من أهم نتائج حرب الخليج التدميرية، فبعد عام من الحرب لا زالت المنطقة العربية والخليجية بالذات تحاول استكشاف بنيتها الأمنية والسياسية الجديدة.. فالدول العربية غير قادرة على الوثوق ببعضها ويظهر أن هنالك إجماعا خليجيا على استبعاد أي دور عربي أساسي في ترتيبات الخليج الأمنية والاكتفاء بالاعتماد على الضمانات الغربية وخاصة الأمريكية من أجل ضمان أمن واستقرار الأنظمة الخليجية.. هذا وفي حين يزداد الوضع الاقتصادي تدهورا وتزداد الفجوة بين الأغنياء والفقراء لا يبدو أن هناك أي بوادر لتعاون عربي اقتصادي . أما على صعيد الحريات العامة والديمقراطية يتعزز الاستبداد في كل المنطقة بعد أن كانت هناك إشارات إيجابية في أكثر من مكان سبقت حرب الخليج.عن فقدان الإجماع العربي حل فلسطين يعتبر أهم وأخطر تراجع على الساحة ولعل المشهد التراجيدي والتمثيلي فى آن واحد ، والذي شهدناه في مؤتمر موسكو المتعدد الأطراف قبل أكثر من شهر كان تجسيداً مأساويا مفزعا لهذه الانهيارات ويجعلنا نتساءل أن بقيت كلمة عرب تحمل مدلولا سياسيا واقتصاديا وحضاريا، أم أنها مجرد أنظمة تدل على جنس بشري وأي جنس بشري هو اليوم كما يجعلنا نتساءل إن كان لا حرب وهو فعلي ام انهم باتوا مجرد سراب، تصوروا حتى الفاظ مثل الاستعمار ـ الخضوع ـ الهيمنة يريدون أن يشطبوها من لغتنا وحتى كلمات مثل الجهاد الإسلامي .. فلسطين يريدون ان يقمعوا حريتنا وينسوا واقعنا لننخرط في النظام العالمي الجديد.

                          قبل أيام اغتال العدو الصهيوني قائدا فذا من قادة هذه الأمة ، اغتالوا السيد عباس الموسوي قائد المقاومة الإسلامية في لبنان.. المقاومة الوحيدة الحية.. ولم يذرف النظام العربي عليه دمعة واحدة رغم أن الشهيد يدافع عن عزتهم وكرامتهم، بل كان يدافع عن مخادعهم التي سيستبيحها أو استباحها اليهود في الوقت الذي كان النظام العربي يصطف في طابور المهانة والذل.. كان الموسوي الفرد عقبة في وجه النظام الدولي الجديد ولا بد أن يزاح، طائرة أمريكية كما يزعمون بل لأن الجماهيرية الليبية باتت في المنطقة العربية الذاهبة إلى مدريد وموسكو وواشنطن نشازاً.

                          إن هناك أنظمة عربية تشجع على ذلك لعزل الجماهيرية وصرفها عن الهموم الكبرى للأمة ..وفي الجزائر تتواصل الجهود الغربية والأمريكية لمنع الإسلام ، بل وتحريض النظام العربي.. في الجزائر ينكشف الغرب بلا زينة وبلا مساحق ليدعم سحق التجربة الديمقراطية التي يزعمون أولى أولويات الغرب ورسالته إلى العالم يسحقونها بلا شفقة.. صحي أن الديمقراطية جميلة كما تقول صحفهم ولكن الأصولية قبيحة كما تقول نفس الصحف ، وهذا زمن الحرب ضد الإسلام كما صرحت مارغريت تاشر رئيسة الوزراء البريطانية السابقة.

                          أما في السودان فالويل للسودان لأنه اختار الإسلام دونما مشورة من الغرب وأمريكا، ودونما رضا الشقيقة الكبرى مصر وبقية دول النفط.. الويل للسودان؛ لأنه يختار طريقاً مستقلاً إسلامياً وعربياً وأفريقياً.. الويل للسودان لأنه يحقق اليوم الاكتفاء الذاتي في السكر والخبز وفي البترول قريباً بمشيئة الله.

                          خمسة عشر ألف من الاسلاميين الجزائريين يحترقون في صحراء الجزائر الجنوبية دون أن يذرف الغرب دمعة عليهم أو على آلاف المعتقلين في مصر أو غير مصر.. أما السودان فهو بمعتقدهم وحده الذي ينتهك حقوق الإنسان ويجب حصاره وتجويع شعبه مع أن المجرمين يعرفون أنه لا يوجد في السودان سجين رأي أو سجين سياسي واحد.. وهنا في اليمن يريدون تحطيم الوحدة اليمنية ليدفع الشعب اليمني ثمن مواقفه الكبيرة إلى جانب قضايا الأمة.. انا انتهز فرصة وجودي في اليمن اليوم لأصرخ بضمير الأمة وضمير الشعب الفلسطيني وضمير حركتنا المجاهدة أن حافظوا على وحدتكم باسنانكم وأضافركم ، وليأكلوا لحمنا وليمتصوا دما فلن نفرط بوحدتنا..كم كانت وحدتكم بالنسبة لكم كبيرة وبالنسبة لنا كانت أكبر، كانت خطوة عظيمة على طريق لملمة هذه الفسيفساء وهذا الشتات وكانت ضد التجزئة لأول مرة في واقع عربي يتجزأ أكثر ويتفتت أكثر فاحموا وحدتكم وكرسوا ولتتواصل.

                          أما في فلسطين.. أما في فلسطين حيث قضية الأمة المركزية وحيث جوهر الصراع الكوني اليوم، حيث يلتقي تمام الحق في مواجهة تمام الباطل.. في فلسطين يسكت الغرب على استمرار إجراءات العدو الصهيوني لقمع الانتفاضة الباسلة..هذه الانتفاضة التي شكلت منعطفا نضاليا قويا في سياق تطور مقاومة وجهاد الشعب الفلسطيني ضد العدو الصهيوني وحلفائه، ولكنه وفي حين كان العدو يقمعها بشدة كانت أمريكا، وكان النظام العربي يتخلى عنها لتقى وحيدة ومعزولة ويتيمة، بل كان يحاصرها.. والأسوأ أنه حتى الانتفاضة نظر إليها البعض كمشروع للاستثمار العاجل ، بل كغطاء لتحرك سياسي تسووي ظالم مهين،بدل النظر إليها والتعامل معها كمشروع استراتيجي للتحرير وراس رمح لقيام ونهوض عربي وإسلامي شامل لأجل حسم الصراع مع العدو.

                          أيها الإخوة.. نكل هذا يشير ويؤكد على طبيعة الأهداف الأميركية الأساسية في المنطقة إبان وبعد أزمة حرب الخليج والتي تتجسد في التالي:

                          1- تحقيق أمر واقع مستقر يحمي الأنظمة الموالية للغرب ويكرس تبعيتها وسياساتها الموالية.

                          2- تحقيق توازن عسكري جديد يمنع بروز أي قوة عربية أو إسلامية يمكنها تهديد مصالح أمريكا والكيان الصهيوني مما يستدعي القضاء على أي طرح عربي إسلامي لبناء قاعدة صناعية ـ عملية ذات إمكانات عسكرية، والعلم لإيقاف النمو المتزايد لمخزون وتقنية الأسلحة غير التقليدية في المنطقة، بما في ذلك تحول دول عربية أو إسلامية أو اكثر إلى قوة نووية.

                          3- تأمين منابع النفط وطرق نقلها خاصة من منطقة الخليج والجزيرة العربية.

                          4- التزام سياسي وأيديولوجي ببقاء الكيان الصهيوني وتعزيز مكانة الدولة اليهودية سياسيا ودوليا وعسكريا وتحسين علاقاتها لأصدقاء أمريكا في المنقطة، وكذلك تحسين العلاقات العسكرية الأمريكية ـ الإسرائيلية لتقديم التقنية الحديثة والأسلحة الحديثة إضافة إلى انهاء المقاطعة الاقتصادية الخليجية للكيان الصهيوني.

                          5- التصدي لحركة النهوض العربي والإسلامي من محاولة امتداد هذه الحركة باعتبارها العدو الأول والاساسي لقيم الغرب ونموذجه وانهيار نظام الإسلام السياسي في مطلع هذا القرن وتبدل ميزان قوى العالم بحيث لم يعد للمسلمين كأمة قولا في مجرياته، وتدرك الأمة أن هذه مؤشرات اندحار وتراجع، بيد أن إيمانها وإحساسها التاريخي العميق واستنادها إلى مخزون هائل من القيم والعقيدة والحضارة يجعلها تعتبر ما حدث خسارة لمعركة أو سلسلة من المعارك، ولكن الحرب مازالت مستمرة وأنه رغم استباحة الأرض العربية الإسلامية من نابليون بونابرت الفرنسي الى نورمن شوارتزكوف الأمريكي، غلا أن مزاج الأمة العنيد لازال حيا ومستعدا للمقاومة،وأن المؤشرات على ذلك لاتعد ولا تحصى من مطلع القرن التاسع عشر حتى الآن . وفي الوقت الذي ظن فيه الغرب الأطلسي أنه يسير نحو إحراز نصره الكبير ليس على مستوى العالم الإسلامي فحسب بل على مستوى العالم بأكمله وذلك في العقد أو العقدين الأخيرين حين بدأت بؤر المقاومة في أمريكا اللاتينية في الخمود وانتهت حروب جنوب وشرق آسيا إلى سعود نماذج حكم اشتراكية عاجزة عن إطعام شعوبها وظهرت علامات الاجهاد في مقدرة الاتحاد السوفيتي، في هذه الحقبة بالذات قامت الأمة الإسلامية لتحقيق أكبر مشاريعها على الإطلاق في هذا القرن مشروع إعادة الإسلام إلى سدة الحكم وإيصال ملحمة النضال لأجل الاستقلال إلى نهايتها الظافرة.. انتصر الإسلام في إيران، ونهضت قواه في مصر ولبنان وتونس وفلسطين وفي سنوات قليلة كان ينتصر الإسلام في السودان ويوشك على الانتصار في الجزائر. وكان الحشد المليوني في الخليج ،وكان الركوع ثمرة العالم الأخرى لبريق الليبرالية الغربية… وشيئاً فشيئاً تصبح مقاومة الأمة أمل البشرية كلها على ظهر الأرض في بزوغ فجر نموذجا إنسانياً يعدل ولا يقهر، ويجدد ولا ينهب، ويتعارف ولا يستعمر او يهيمن ،وإن كانت الأمة التي تعرف بعناد مزاجها ورفضها تسلط آخر عليها أن تدرك أن عدم الاعتراف بالهزيمة يعني أن الحرب مستمرة وسجال فإن الغرب الاستعماري يعرف ذلك أيضاً ولا زال هدفه الأول والأساسي أن يزرع قيم الخضوع وحس الانهزام في روح الأمة، وأن يقتلع من الأمة وخلاياها خيار المقاومة،.. لهذا ولغيره فعلينا وعلى أمتنا لأجواء والمناخ الذي يراد من اجتماعات العرب بالكيان الصهيوني.. فالاختلاف مع العدو على حذو دولته وكمية المياه التي يريدها ومشاريعه لتوطين اللاجئين وغيرها من المخططات طرق ومواصلات واقتصاد وعلاقات مع العرب، أن على جدول أعمال حكومات عربية فإنها لم تكون لون تكون يوما جزأ من جدول أعمال الأمة.. لقد رفضت أمتنا الكيان الصهيوني وقاومته وقاومت سيطرة الغرب وقاومته في زمن كان جسدها فيه مسخنا بجراح هزائمه في القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين.. واليوم غذ ترتفع راية الإسلام وينهض مشروع الاستقلال في بقعة تلو الأخرى من عالم الإسلام الكبير فالاجدر أن يستمر الرفض وتستأنف المقاومة.

                          أيها الإخوة أن لقاءنا اليوم كقوى شعبية إسلامية ووطنية فرصة تؤكد فيها تضامنا مع الشعب العربي المسلم في ليبيا ورفضنا لمحاولة إخضاعه أو عزل الجماهيرية عن القيام بدور نضالي في مسيرة الأمة، إن مهزلة طائرة لوكربي لا تحمل إلا هذا المعنى، كما نؤكد على تضامننا واعتزازنا بالمقاومة الإسلامية في لبنان ومن منطلق الفخر والاعتزاز نعزيها باستشهاد قائدها المجاهد السيد عباس الموسوي، كما نذكركم أخيراً أن الانتفاضة الشعبية المباركة في فلسطين لازالت حية وقوية ومستمرة وأنها أهم الثغرات للنفاذ في عمق جبهة العدو الذي كان يحاصرنا في كل العواصم ولكنه لن يستطيع ذلك في فلسطين حيث جوهر الصراع الكوني وحيث التماس بين تمام الحق وتمام الباطل وحيث الانتفاضة ـ الثورة المعجزة نواة المشروع استراتيجي للتحرير وراس رمح لقيام ونهوض شامل، وعلى قطاعات الأمة دول ومنظمات وحركات واتجاهات شعبية أن تتحرك دعما للشعب الفلسطيني في الداخل لحماية انتفاضته وخياره في مواصلة الصراع فالتسوية المطروحة ليست سوى وهم وسراب.. والشعب الفلسطيني من منظور أمريكي وصهيوني ليس سوى أقلية قومية صغيرة تعيش في ظل دولة ذات أكثرية يهودية، وليست قضية شعب عربي مسلم اغتصب أرضه وطرد منها ليقام عليها كيان استيطاني عنصري غاصب. أن علينا أن نتخلص من أوهام السلام السراب المدنس وأن ندرك أن هذا الوطن العزيز والمقدس والصغير فلسطين لا يتسع لأكثر من شعب وسلطة واحدة وعلينا أن نختار من سيكون.

                          أيها الإخوة ونحن نقف اليوم بجانب الجماهيرية الليبية ولبنان وفلسطين علينا أن نؤكد على وحدة كل قوى الأمة على أساس:

                          1- الصراع مع التحالف الغربي ـ الصهيوني يمس كينونة الأمة ووجودها وهويتها وحقها التاريخي في وطنها وبلادها وقرارها المستقل.

                          2- إنه بدون حسم الصراع على فلسطين ، فكل محاولات الأمة للنهضة والاستقلال ستجهض أو تحاصر.

                          3- في حين يمكن أن نختلف حول طريقة إدارة الصراع على المستوى التكتيكي فلا بد من الإجماع حول اهداف وقضايا الأمة الاستراتيجية الكبرى مثل فلسطين.

                          4- كما نطلب من القوى الوطنية والإسلامية أن تعلن التزامها بأن الصراع مع الخارج له الأولوية المطلقة وأن الاختلافات الداخلية السياسية والأيديولوجية تحل بالحوار بعيدا عن أي عنف كما يجب أن ينتهي في التناقض الوهم بين العروبة والاسلام فإن القوى القومية والوطنية مطالبة بالاعتراف بدور الإسلام التاريخي والمعاصر والمستقبلي كعقدية ونمط حياة لمعظم جماهير أمتنا وأن قوة الإسلام هي القوة الرئيسية التي ما زالت واقفة ومرشحة لمواصلة الصراع مع الغرب ومشروعه في الهيمنة والسيطرة وأن هذه القوة هي المرشحة لقيادة تحالف المستضعفين والمظلومين في العالم أجمع خلال العقود القادمة من أجل عالم أكثر عدالة.


                          والسلام عليكم رحمة الله وبركاته

                          المصدر : مؤتمر اليمن في اعقاب حرب الخليج 2/3/1992
                          اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

                          تعليق


                          • #14
                            كلمة الدكتور في احتفال المستشارية الايرانية بدمشق في ذكرى يوم القدس

                            التاريخ: 1412-9-22 هـ الموافق: 1992-03-26م الساعة: 00:00:00

                            بسم الله الرحمن الرحيم
                            الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه


                            كم كان ملهماً وموفقاً الامام الخميني رضوان الله عليه وهو يجعل من جمعة رمضان الاخيرة يوماً للقدس، بعد شهر من الصيام والقيام والتطهر من أدران الدنيا وأوساخها وفيما المسلمون في ذروة العبادة عليهم ان يتذكروا القدس وأن يجعلوها في مركز اهتمامهم وأن يرسموا بوصلة من الوعي والفكر والممارسة الملتزمة باتجاهها، عليهم أن يهبوا هذا اليوم المقدس في هذا الشهر المقدس للمدينة المقدسة التي تئن تحت الاسر والحصار، فيما المسلمون يتحررون بالجوع والصيام من طغيان المادة ووطأة الجسد، عليهم أن يتوجهوا لتحرير القدس من طغيان بني اسرائيل ووطأة الاحتلال الصهيوني البشع.

                            قبل اكثر من اثنى عشر عاماً اطلق الامام الخميني ر يوم القدس معلناً أن على كل مسلم أن يستعد لقتال اسرائيل وأن اسرائيل يجب ان تمحى من الوجود ومؤكداً على وحدة الامة من حول فلسطين التي ليست مجرد قضية فلسطينية او عربية فقط ولكنها اسلامية أيضاً والاسلام هو الذي يعطي الهوية الشاملة للصراع من حولها، ويوم القدس يوم احياء للاسلام والشريعة الاسلامية لأن القدس ارث للاسلام والمسلمين وجزء من عقيدتهم،
                            لا يجوز لأحد التفريط بها.

                            واليوم نحتفل بهذا اليوم المجيد والعزيز، فيما الوضع العربي يعيش حالة من الانحطاط والانهيار والتفتت والجاهلية والسقوط في الهاوية لم يسبق لها مثيل في تاريخنا، لقد تميز عامنا الفائت منذ حرب الخليج الثانية تميز باستسلام كامل لمشيئة الامبريالية الامريكية وباعتراف بمصالحها على حساب مصالح امتنا وشعوبنا مما دفعها للتقدم بسلامها المدنس ولتحقيق مصالحة عربية» اسرائيلية تأخذ بالاعتبار المصالح والمواقف والاهداف الصهيونية وتريد أن تجعل من الشعب الفلسطيني كبش فداء.

                            لقد كان فقدان الاجماع العربي حول فلسطين أهم وأخطر تراجع على الساحة العربية بعد حرب الخليج الثانية ولعل المشهد التراجيدي والمهزلي في آن واحد والذي شهدناه في مؤتمر موسكو متعدد الاطراف قبل شهرين كان تجسيداً مأساوياً مفزعاً لهذه الانهيارات والتراجعات.

                            سمعنا من عضو في الوفد الفلسطيني أن الوفود العربية الذاهبة الى موسكو لم تكن تعرف اين هيّ ذاهبة ولماذا. هل لسياحة أم لسياسة وبعضهم ظن انه ذاهب لقمة عربية على حد تعبير العضو الفلسطيني.

                            ان هذا يجعلنا نتساءل إن بقيت كلمة عرب تحمل مدلولاً حضارياً وسياسياً واقتصاديا أم أنها مجرد لفظة تدل على جنس بشري وأي جنس بشري هو اليوم كما يجعلنا نتساءل إن كان هناك عرب فعلاً أم باتوا مجرد سراب، تصوروا أن الفاظ مثل الاستعمار، الخضوع، الهيمنة، يريدون أن يشطبوها من لغتنا لتصبح حقائق وواقع لا يجب التفكير بتغييره، حتى كلمات مثل الجهاد، فلسطين يريدون أن ننساها ونحن ندخل او كي ندخل نظامهم وعالمهم الجديد.

                            في العراق نخرب بيوتنا بايدينا وايدي الكفار بعد ان كانوا يخربون بيوتهم بايديهم وايدينا يوم كنا مؤمنين، ليبيا عليها ان تسلم ابناءها للجزار الامريكي يفعل بهم ما يشاء وسط رضا وصمت بل وتحريض اشقاء العرب.

                            وقبل أربعين يوماً كان قائداً فذاً من قادة هذه الامة هو السيد عباس الموسوي يسقط شهيداً بصواريخ العدو الصهيوني وسط رضا وتدبير الاستكبار العالمي وصلف وغرور العدو وذلك دون أن يذرف عليه النظام العربي دمعة واحدة رغم انه كان يدافع عن عزتهم وكرامتهم بل عن مخادعهم التي استباحها او سيستبيحها اليهود، كان الموسوي الفرد عقبة في وجه النظام الدولي الجديد ولابد من إزاحته.

                            هذا هو نظامهم الدولي الجديد، أن تركع الامة التي لا ينبغى لها ان تركع، أن يسقط التاريخ والمجد التليد في زوايا النسيان أن تتبدد الثروة التي وهبنا الله وان تتقطع أوصال الجغرافيا العربية والاسلامية عبر دولة التجزئة وحدود التجزئة وأن تخمد جذوة الايديولوجيا الحية الباعثة المتمثلة في الاسلام.

                            الاسلام الذي يريدون أن يذبحوه في الجزائر وان يذبحوا الديمقراطية التي دلت عليه، صحيح أن الديمقراطية جميلة كما يتغنون ولكن الاصولية قبيحة كما يزعمون وطالما أن صناديق الاقتراع شفت ودلت على خيار الامة الاسلام، فلا بد من تحطيم هذه الصناديق. حتى لو كان الثمن آلاف وربما عشرات الآلاف من ابناء الاسلام يحترقون في معتقلات جنوب الجزائر وسط غمغمة دعاة حقوق الانسان الذين يرفعون عقيرتهم بالصراخ فقط لأن السودان مثلا اختار الاسلام طريقاً للاستقلال والنهضة والبناء.

                            هذا هو نظامهم الدولي الجديد أن يصبح الامريكيون على ثغر كل بلد من بلاد المسلمين، أن يختل ميزان القوى لصالح العدو الصهيوني الذي ينهالُ عليه المال والسلاح والبنون والهجرات ليستغرق في تحقيق مشروع اسرائيل الكبرى ونستغرق نحن في اوهامنا وانكسارنا وتبعيتنا محاصرين كما لم يحدث من قبل، البحر من امامنا من خلفنا.. من فوقنا، من تحتنا وفي فمنا ماء البحر. ممنوعين، محرومين من مواجهة العدو وجهاً لوجه.

                            في وسط هذه العتمة التي يريدها العصر الامريكي لتسكن ارواحنا وتغطي بصائرنا وتحتل أرضنا يستمر نبض الانتفاضة» الثورة، تجيء هذه الوحيدة» المعذبة» اليتيمة» المحاصرة تجيء الانتفاضة قمراً يضيء ليل الامة الطويل. شاهدة على العصر، تكشف بغي وجور المعادلة الدولية، تكشف عري وقباحة وهشاشة دولة التجزئة» القطرية وتؤكد في نفس الوقت أن هذا الكيان اليهودي الزنيم قابل للجرح والكسر، وانه من منظور التاريخ والاستراتيجيا كما من منظور القرآن يبقى محكوماً بالهزيمة محاصر بقوانينها. كما نحن محكومون بالنصر باذن الله.

                            هذه المعذبة» الثاكل» المحاصرة في فلسطين» تؤكد ايها الاخوة أن الحرب لاتحتاج لاكثر من الارادة وان الحجر الذي برق في اليد اقوى من السلاح الذي يصدأ في المستودعات أو يضل الطريق وأن هذا العصر مهما كان امريكيا فهو أيضاً عصر الشعوب المقهورة المنتفضة الظافرة كما تؤكد على رفضها للكيان الصهيوني واوهام التعايش معه، وتضعه في مأزق حضاري وتاريخي وسياسي وأمني لم يشهده منذ ولادته، وترفض ان تكون مشروعاً للاستثمار العاجل والسريع كما توهم بعض الفلسطينيين الذين سبق واسقطوا دور الجماهير من حساباتهم والآن يريدون هذا الدور وهذه الانتفاضة غطاء لتحركهم السياسي وغطاء لتراجعاتهم وانهياراتهم وهم يندفعون الى مدريد وواشنطن بصورة مخجلة من الاستجداء السياسي، إن الانتفاضة ترفض هذا النهج وترفض هذا التفريط والمساومة. انها كما نراها وكما نؤمن بها نهج جهاد ونضال استراتيجي بعيد المدى، انها مشروع للقيام والنهوض ينطلق من القدس مركز الزمن الاسلامي المعاصر ومركز الجغرافيا الاسلامية اليوم ليغسل ارواحنا ويهبنا الوحدة والقوة ويدلنا على الطريق بعيداً عن اوهام السلام السراب وبعيداً عن تمارين اللاجدوى في اروقة الخارجية الامريكية فلنوقف هذه المهزلة، مهزلة بيع القدس ولننفض ايدينا من اوهام السلام الامريكي ولتتماسك الأمة باتجاه خيار الجهاد طريقنا الوحيد نحو العزة والكرامة والحرية والاستقلال والوحدة والنهضة.

                            اننا ايها الاخوة رغم المؤامرة، أقوى مما نتصور وهذا الغرب المستكبر أضعف مما نتصور. إن أمتنا الحية العظيمة تدرك أن ما حدث ويحدث هو خسارة لمعركة أو حتى سلسلة من المعارك ولكن الحرب لازالت مستمرة وانه رغم استباحة الارض العربية والاسلامية من نابليون بونابرت الفرنسي الى نورمن شوارتزكوف الامريكي إلا أن مزاج الامة العنيد لازال حياً ومستعداً للمقاومة، وأنه في الوقت الذي ظن فيه الغرب الاطلسي أنه يسير نحو احراز نصره الكبير على مستوى العالم الاسلامي وعلى مستوى العالم في هذا الوقت قامت الامة الاسلامية لتحقيق اكبر مشاريعها على الاطلاق في هذا القرن مشروع اعادة الاسلام الى سدة الحكم وإيصال ملحمة النضال لأجل الاستقلال الى نهاياتها الظافرة، انتصر الاسلام في ايران واقام حكومة وجمهورية اسلامية بعد اربعة عشر قرنا على ظهور الاسلام نهضت قواه في مصر ولبنان وتونس وفلسطين، وفي سنوات قليلة كان ينتصر في السودان ويوشك على الانتصار في الجزائر.

                            لم يرعبنا انهيار الاتحاد السوفيتي ولا الحشد المليوني في الخليج ولا ركوع بقية العالم فريسة لبريق اللبرالية الغربية وشيئاً فشيئاً تصبح مقاومة امتنا امل البشرية كلها على ظهر الارض في بزوغ فجر نموذج انساني يعدل ولا يقهر، يجدد ولا ينهب، يتعارف ولا يستعمر أو يهيمن.

                            ايها الاخوة


                            في يوم القدس نذكر ابنا باراً من ابناء القدس نذكر السيد عباس الموسوي الذي نعيش اليوم أيضاً ذكرى الاربعين على استشهاده ومن منطلق الفخر والاعتزاز نتوجه الى أمة حزب الله في كل مكان نعزي ونبارك استشهاد هذا القائد المجاهد الذي كان دمه الطاهر لعنة جديدة على بني اسرائيل وها هم يدفعون الثمن انطلاقاً من فلسطين وحتى آخر اطراف الدنيا.

                            اربعون يوماً تكتمل في يوم القدس على استشهاد سيد شهداء المقاومة ما هدأت فيهن الانتفاضة في فلسطين يوماً ولم يكف ابناء الجهاد الاسلامي عن توجيه ضربات الثأر والانتقام تأكيداً على وحدة الدم الاسلامي ووحدة المعركة والمصير.

                            ايها الاخوة


                            في يوم القدس لننذر كل ايامنا للقدس ولندرك ولنعي في هذا اليوم أن المشروع الصهيوني الذي نواجهه مشروع طاغوتي شيطاني، طاقات وامكانات الشر في العالم تحت تصرفه فلا يمكن مقاومته بنجاح وفعالية إلاّ بمشروع يعبئ طاقات الأمة كلها، طاقات الايمان والجهاد والاجتهاد والاستشهاد، يعمق التوكل والزهد والانابة والتقوى والشوق الى لقاء الله وروح الجماعة والايثار ويجدد اليقين في نصر الله للمؤمنين وهلاك اليهود ومن والاهم. ودخول المسجد كما دخلناه اول مرة. وهكذا مشروع لايمكن ان يكون مشروعاً اقليمياً او فلسطينياً انه كما اراده الامام الخميني ر باطلاقه واعلانه يوم القدس مشروعاً اسلامياً حضارياً شاملاً.

                            فاوقدوا نار الشوق والثورة والمقاومة في كل مكان. إذ لن تتحرر فلسطين حتى تغدو الارض كلها فلسطين. ساحة حرب ضد الطاغوت الدولي في كل ابعاده. والسلام عليكم

                            المصدر : من أرشيف حركة الجهاد الإسلامي ـ بتاريخ 26/3/1992
                            اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

                            تعليق


                            • #15
                              الانتفاضة بعد مدريد

                              التاريخ: 1412-10-1 هـ الموافق: 1992-04-04م


                              تشهد القضية الفلسطينية تطوراً لم تشهد له مثيلاً من قبل ، فبعد عشرات السنين من النضال والجهاد العسكري والسياسي تتوجه القيادة الفلسطينية الرسمية لتعطي التفاوض السياسي والديبلوماسي الأولوية المطلقة في العمل ، لم يكن الذهاب إلى مدريد فاتحة الطريق ، بل نتيجة حركة فلسطينية مستمرة باتجاه واحد منذ سنوات طويلة ، تحركت (م.ت.ف) كتعبير عن المشروع الوطني الفلسطيني على مدارها من النقيض إلى النقيض نظرياً وسياسياً وتنظيمياً وعسكرياً حتى بات من الصعب أن تلحظ اليوم أي ملمح من ملامحها الأساسية كحركة تحرر وطني وقومي.

                              ولا شك أن هناك أسباباً متعددة المستويات. فكرية وبنيوية، وموضوعية وذاتية تكمن وراء هذه الأزمة الخانقة، ووصولاً الى الانتفاضة المباركة لا يسعنا في هذه العجلة إلاّ المرور بمحطات سياسية رئيسية على طريق الاتجاه الواحد.

                              كان ظهور (م.ت.ف) في منتصف الستينات ثم سيطرة المقاومة الفلسطينية عليها في العام 1968. نقطة تحول هامة في مسيرة الشعب الفلسطيني ، الذي يحاول ولأول مرة منذ العام 1948 م أن يمسك قضيته بيده ، بعيداً عن هيمنة وشروط النظام العربي ، كان واضحاً أن النظام العربي وبعد هزيمة 1967م قد تخلى عن فكرة تحرير كامل فلسطين واعتبر دوره في حرب تشرين أول (أكتوبر) 1973 هو أقصى الذي يمكنه تقديمه في مثل هذه المرحلة التاريخية.

                              وقد وضعت نهاية حرب 1973 (م.ت.ف) أمام خيار خطير وهو أن تسعى ضمن إطار الشروط الدولية لتمثيل الفلسطينيين في تحرك السلام الذي تم، والتعبير عنه حينها بمؤتمر جنيف أو أن تترك ذلك للأردن. وقد حسمت (م.ت.ف) الأمر بتوجهها الاستراتيجي الجديد الذي أعلنه المجلس الوطني الثاني عشر الذي عقد في القاهرة 1974 وأقر البرنامج السياسي المرحلي ذا النقاط العشر ، لم يكن هذا البرنامج مفاجئاً، إذ كان المشروع الوطني الفلسطيني حتى تلك السنوات القليلة وبقيادة حركة (فتح) تحديداً يغادر منطلقاته الأولى الى مساحة تتعلق باعتراف عربي رسمي ووضع فلسطيني رسمي وتتعلق باعتراف دولي وبالتالي قبول مبدأ التفاوض حول هدف التحرير الكامل. كانت (فتح) تقود المشروع الوطني نحو الأزمة.

                              لقد افتتح ذلك البرنامج المرحلي ذو النقاط العشر ـ مسلسل التنازلات حين ترك هامشاً مفتوحاً لتسوية جزئية، وهو يشير الى أن (م.ت.ف) ستناضل بكافلة الوسائل وعلى رأسها الكفاح المسلح لتحرير الأرض الفلسطينية وإقامة سلطة الشعب الوطنية المستقلة المقاتلة على كل جزء من الأرض الفلسطينية التي يتم تحريرها وهذا يستدعي إحداث المزيد من التغيير في ميزان القوى لصالح شعبنا ونضاله.

                              وبعيداً عن البلاغة والصياغة فقد شكل هذا النص حجر الزاوية في التحرك السياسي الفلسطيني حتى قرارات المجلس الوطني الفلسطيني التاسع عشر الذي عقد في الجزائر 1988م (تشرين ثاني/نوفمبر). وقد تمت مكافأة م.ت.ف على ذلك الموقف عربيا ودولياً، إذ تم الاعتراف عربياً بـ(م.ت.ف) ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني، ودولياً بدعوة المنظمة بصفتها ممثلة للشعب الفلسطيني، لحضور مداولات الأمم المتحدة بصفة مراقب.

                              في مطلع الثمانينات تم عربيا إقرار (مشروع فهد) الذي عرف لاحقاً بقرار فاس (فاس الثانية) وخاصة بعد الاجتياح الإسرائيلي لبيروت وخروج المقاومة الفلسطينية منها، كان هذا القرار يشكل أول اعتراف عربي جماعي ورسمي بدولة الكيان الصهيوني ، ولو بشكل ضمني وهو يؤكد على حق دول المنطقة في العيش بسلام، وفي الدورة السادسة عشرة التي عقدها المجلس الوطني الفلسطيني بالجزائر في شباط (فبراير) 1983 تم الإقرار فلسطينيا بقرارات قمة فاس!

                              وفي عام 1985 تم توقيع "اتفاق عمان" الذي يجعل الأردن شريكا في التحرك السياسي الفلسطيني ، ولكن سرعان ما أُلغي هذا الاتفاق تحت ضغوط منها ضغط فصائل المعارضة ، كما أمام إصرار المنظمة على دورها المرفوض (كان ولايزال ) أمريكيا وإسرائيلياً.

                              وهكذا ما أن جاءت الانتفاضة حتى كانت (م.ت.ف) والمشروع الوطني الفلسطيني في وضع لا يُحسد عليه ، فالمشروع الوطني يفتقد الأرض التي يقف عليها في حين تستمر المنظمة كمؤسسة عربية رسمية تقع فريسة المحاور العربية، وتلعب لعبتها. وذلك في نفس الوقت الذي يسترد فيه النظام العربي زمام المبادرة من المشروع الوطني الفلسطيني الذي كان قوياً وفتياً. إثر هزيمة 1967. لقد كان واضحاً أن (م.ت.ف) بحاجة إلى دعم عربي رسمي، وأنها لا تستطيع الاستمرار في طريقها بغير ذلك ، (طريق الاتجاه الواحد..، العمل الديبلوماسي والسياسي). إنه موقف يستدعي الأزمة حقاً، المشروع الوطني الفلسطيني يعيش تناقضاً استراتيجياً مع الطرف الذي يفترض أن يكون سنده الاستراتيجي.

                              لقد شكلت الانتفاضة الثورة مخرجاً حيوياً لـ(م.ت.ف) وللمشروع الوطني ككل، فقد أعادت فلسطين الى قلب الاهتمامات العربية، وفتحت إمكانات جديدة للمنظمة بعد أن تيقن الأردن من صعوبة بناء دور مستقل وسارع إلى فك الارتباط الإداري والقانوني مع الضفة الغربية، وتحركت الولايات المتحدة الأمريكية ـ عبر رحلات وزير خارجيتها جورج شولتز باتجاه التسوية في المنطقة.

                              لم تنطلق الانتفاضة من نقطة الصفر بالتأكيد ،ولكنها فاجأت قيادة المنظمة بلا شك فمنذ منتصف السبعينات كان هاجس الثورة الشعبية دور الجماهير وفي الداخل تحديداً.. يتلاشى في ذهنية قيادة المنظمة، ولا يعني هذا بحال فصل الانتفاضة عن الثورة الفلسطينية وحركتها المعاصرة، لأن الانتفاضة جاءت رداً على الاحتلال وقمعه وبطشه ومحاولته طمس الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني ، وتذويبه واحتوائه بل وصهينته ،كما جاءت على تراكم من النضال الوطني المستمر منذ مطلع العشرينات ومن خلال خبرات نضالية تم اكتسابها عبر سنوات المواجهة خاصة بعد العام 1967.

                              كما جاءت الانتفاضة على خلفية خيبة الأمل في الواقع العربي الرسمي الذي بدأ يجعل من فلسطين أسفل وآخر أولوياته. كما أن دور الإسلام وحركته الثورية في المنطقة وفي داخل فلسطين على مدى الثمانينات كان له أثر رئيسي وبارز في تفجير الانتفاضة وفي ديمومتها ، وقد شكل هذا تحدياً غير مسبوق لقيادة المنظمة.

                              وهكذا كان للانتفاضة أسبابها البعيدة والقريبة ولكنها فاجأت قيادة المنظمة.

                              من هنا فلم تتصور تلك القيادة عندما قامت الانتفاضة طريقاً آخر غير الذي كانت تسير فيه منذ سنوات ـ طريق التسوية .. التسوية الجزئية ، فقد قطعت شوطاً كبيراً منذ برنامج النقاط العشر نحو القبول بمبدأ العمل على أساس ما توفره شروط الواقع الدولي والإقليمي. كانت الانتفاضة حدثاً مبدعاً ومعجزاً، ولكن العقل الفلسطيني الرسمي لم يكن قادراً على الإبداع أو على فهم المعجزة ، لقد أصبح منذ فترة أسيراً للمعادلة الدولية والإقليمية، فيطرح الانتفاضة إذا في سوق النخاسة الدولي ـ سوق التسوية ـ وعلى أساس من تحسين أي موقف فلسطيني تفاوضي مع العدو.

                              وهكذا ـ ويا للهول ـ فقد تم إغلاق الأبواب رسمياً أمام أي مسار آخر، وبدلاً من التعامل وفهم الانتفاضة كمشروع استراتيجي للنهضة والتحرير ، وكمحاولة قوية وجادة لاستنهاض الأمة وتجديد الروح لحركات النهوض العربي والإسلامي كمدخل حقيقي وجاد لتغيير موازين القوى الظالمة، بدلاً من ذلك جربوا بيعها في سوق النخاسة الأمريكي وتعاملوا كمشروع للاستثمار العاجل والسريع بل كغطاء للدخول إلى التسوية، ليجدوا أنفسهم في النهاية أمام مشروع شامير للحكم الذاتي.

                              تلك النظرة الضيقة القاصرة المستعجلة للانتفاضة دفعتهم في قيادة المنظمة أن يرسلوا أموالهم عبر رجالهم وكوادرهم وأزلامهم ليتسلموا الانتفاضة من الجماهير معينها ومنبعها الفذ، لتتحول شيئاً فشيئاً وكأنها انتفاضة الفصائل وانتفاضة مجموعات معينة أساء بعضها الى الجماهير نفسها، وسادت أحيانا حالة من التصادم بين ميليشيات جديدة وبين الناس وهيمن منطق الحرب الأهلية اللبنانية في إنشاء الزواريب والبؤر التابعة لهذا الفصيل أو ذاك، وتُركت الجماهير بلا مُعين تلعق جراحها وهي ترى أغنياء يزدادون غنى في الداخل ولهاثا محموماً من الخارج على خط التسوية.

                              ولقد جاءت قرارات المجلس الوطني الفلسطيني التاسع عشر بالجزائر تشرين ثاني 1988 وما تلاها في جنيف واستكهولم ،ليعيد الى الأذهان حديث أنور السادات القديم حول أن 99% من أوراق اللعبة هيّ بيد أمريكا، لقد تحول منطق السادات الى المنطق الفلسطيني الرسمي ، ومن هنا كان الاعتراف بالقرار 242 والاعتراف بشرعية الكيان الصهيوني والمساومة على الكفاح المسلح ، وذلك لأجل الجلوس على طاولة المفاوضات مع الطرف الأمريكي الذي قبل افتتاح الحوار مقابل الشروط السابقة. ولكنه سرعان ما أوقفه لأسباب واهية بعد أن نجح في جر (م.ت.ف) الى مزيد من التنازلات . فقد كان هدف الحوار كما جاء على لسان عضو المجلس الوطني الفلسطيني إبراهيم أبو لغد: "تفريغ (م.ت.ف) من محتواها الوطني". فقد كان هدف الحوار كما جاء على لسان عضو المجلس الفلسطيني إبراهيم أبو لغد : «تفريغ م.ت.ف من محتواها الوطني».

                              في ذلك الوقت كان التحرك الأمريكي نحو التسوية يصل الى طريق مسدود بين نقاط بيكر ، ومشروع شامير للحكم الإداري الذاتي. وكانت الهجرة اليهودية تتسع والاستقطاب داخل الوطن المحتل يزداد وخاصة نهج التسوية والمنهج المعارض له ، في ذلك الوقت أيضاً جاءت أزمة حرب الخليج لتضعف الموقف الفلسطيني ، فقد خسر الفلسطينيون اقتصادياً ، وفرضت على عشرات الآلاف منهم هجرة جديدة ، وفرض عليهم حصار سياسي عربي ودولي ،وهكذا وبعد ربع قرن من الثورة الفلسطينية المعاصرة أصبح الفلسطينيون يواجهون تهديدات وتحديات عديدة.

                              1- إنكار وتهديد وجودهم كشعب وكأمة ، فالمنطق الإسرائيلي وإلى حد كبير ، والمنطق الأمريكي أيضاً بات ينظر إليهم كأقلية قومية عليها أن تقبل العيش في ظل أكثرية يهودية.

                              2- التوسع الإسرائيلي : فعلى رغم التنازلات التي قدمها العرب والفلسطينيون فإن أهداف وأطماع الكيان الصهيوني التوسعية ازدادت شراهة واصبح الأردن نفسه مهددا وليس مجرد الضفة والقطاع.

                              3- الخشية الفلسطينية من الاستخدام الوحشي وغير المقيد وغير المتكافئ للقوة من الطرف الإسرائيلي دون مبالاة بأي قيمة أخلاقية بل بلا مبالاة بمسألة الدعم السياسي طالما أن الهدف هو إخماد المقاومة.

                              4- سياسة خلق حقائق جديدة ، وباستمرار في الأراضي المحتلة تتمثل في سياسة الاستيطان ، الاغتيالات ، السجن لمدد طويلة ، الإبعاد، حظر التجول لفترات طويلة ، تدمير البيوت ، إغلاق المدارس والجامعات ، فرض الضرائب الباهظة والغرامات ، إضافة الى تدمير الاقتصاد الفلسطيني وبنى المجتمع التحتية، كذلك إنكار الحقوق الإنسانية والسياسية.

                              5- شبح الإبعاد الجماعي (الترانفسير) ، وهي الرغبة المكتومة لدى الحركة الصهيونية عامة ، والتي تأتي ضمن البرنامج السياسي لثلاثة أحزاب مشاركة في الحكومة الحالية (تسوميت ، موليدت ، هتحيا).

                              6- الهجرة اليهودية بما تعنيه من مدد بشري ومعنوي للكيان الصهيوني.

                              7- المخاوف من صراعات داخلية عنيفة داخل الصف الفلسطيني نفسه على خلفيات سياسية وحزبية.

                              8- استمرار تدخل الدول العربية في الشأن الفلسطيني وإحداث مزيد من الانقسامات والمحاور.

                              في نفس الوقت الذي كان الفلسطينيون يعيشون هذه الهواجس والتحديات استمرت الانتفاضة قوية وحية، استمرت من خلال مبرراتها ودوافعها التي لازالت قائمة وتزداد حدة ، ولكن الولايات المتحدة من هنا كانت تخرج من حرب الخليج وترى نفسها على قمة الدنيا منفردة ، فقد انهار التوازن الدولي الموروث عن الحرب العالمية الثانية ، وانتهت الحرب الباردة لصالح الغرب الرأسمالي ،وأدت حرب الخليج نفسها الى انهيار عربي بالغ ، في مقابل تفوق إسرائيلي وهجرة يهودية واسعة. أرادت الولايات المتحدة أن تفرض سلامها الذي يكفل استمرار الهيمنة والتفرد ويكفل حماية الكيان الصهيوني ، وحماية الأنظمة التابعة ويضرب أي نوازع للمعارضة الإقليمية أو النهوض العربي والإسلامي. أصبح الأمريكيون يدركون ويخشون أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي يحمل في طياته بذور عدم الاستقرار يهدد المصالح الأمريكية والإسرائيلية بعيدة المدى. فالوضع الراهن يُولد وضعاً متقلقلاً قادراً على الانفجار على شكل عنف واسع متبادل في أي وقت ، إن مخاطر استمرار تسابق التسلح واحتمالات تصاعد الانتفاضة والخوف من تعزيز دور قوى النهوض العربي والإسلامي، جعل أمريكا تفكر أنه لا بد من التوجه نحو التسوية وهكذا تم الدخول الى مسار مدريد ، وعلى أساس من رفض مشاركة (م.ت.ف) ومن دون الخارج الفلسطيني ومن دون طرح موضوع القدس وعلى أساس أن تكون المفاوضات ثنائية بين كل طرف عربي والطرف الإسرائيلي، وبدون وسطاء، وعلى أساس أن مشاركة الدولتين الكبيرتين تقتصر على يومي الافتتاح وبلا صلاحيات لمراقب الأمم المتحدة ،وأخيراً ألا تؤدي هذه المفاوضات الى قيام دولة فلسطينية.

                              لقد كانت (م.ت.ف) تدرك طبيعة الموقف الذي تمر فيه ، وتدرك حجم القرار الذي يُطلب منها اتخاذه ، ولذا فقد حرصت ان يكون المجلس الوطني الفلسطيني هو المؤسسة التي تأخذ القرار ، وحرصت على تمثيل جميع القوى الفلسطينية وخاصة القوى الإسلامية ، ولكن عدة اجتماعات بين قيادات من (م.ت.ف) وحركة حماس واتصالات أخرى مع حركة الجهاد الإسلامي فشلت في إحضار القوتين الإسلاميتين الرئيسيتين ، كما فشلت الاتصالات التي تمت مع جبهة الإنقاذ التي رفضت في النهاية الحضور بشروط قيادة (م.ت.ف).

                              وهكذا اتخذ قرار المشاركة في مؤتمر التسوية في غياب جميع القوى الإسلامية المجاهدة والفاعلة في ساحة الانتفاضة، كما غابت فصائل وطنية مناضلة ، كما غاب عدد كبير من أعضاء المجلس الوطني والذي نعرف أنه معين بالطبع. وقد رفض عدد لا بأس به من الذين حضروا مقررات المجلس خاصة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وبعض المستقلين بل وأفراد من حركة فتح نفسها. وإذا أخذنا بالاعتبار أن بعضاً من الذين قالوا نعم قالوا تحت ضغط ما أو قالوها بشروطهم الخاصة التي انتهكت بشكل واضح بقرار المجلس المركزي اللاحق. كل هذا يؤكد على عدم مصداقية بل وعدم شرعية قرار المشاركة.

                              لقد بقيت فتح وحدها إضافة الى الحزب الشيوعي الفلسطيني على استعداد للذهاب الى آخر الطريق ، لقد قاموا بترتيبات وجهود كبيرة لإخراج عناصرهم الى الشارع الفلسطيني ولوضع أغصان الزيتون في فوهات البنادق، بنادق جنود الاحتلال ، بل تمت محاولات لكسر الإضرابات التي دعت إليها القوى المعارضة وذلك بالقوة. وهكذا لأسباب إعلامية تمت المساومة على الانتفاضة بل وتم إحداث شرخ عميق في الوجدان الفلسطيني ، أي معنى لغصن الزيتون في فوهة بندقية قتلت أطفالنا وأهلنا بالأمس وهي تفعل ذلك اليوم وغداً.

                              في اليوم الثاني من أيام مدريد استمع العالم الى خطابي الطرفين الأساسيين الإسرائيلي و الفلسطيني ـ مثلهما رجلان كل منهما في السبعينات من عمره، اكتسى خطاب الأول بمطلقات التاريخ ، التاريخ الخاص الذي كُتب على أرضية الصراع ونفي الآخر قال اسحق شامير : "شهد هذا القرن خطة إبادة نفذت على أيدي النظام النازي، كنا من دون وطن أو حماية ، ولكن الكارثة هي التي جعلت المجتمع الدولي يعترف بمطالبتنا القائمة على حقنا في أرض إسرائيل.. وفي الواقع جاءت ولادة دولة إسرائيل من جديد بعد وقت قصير جداً من الكارثة ، جعلت العالم ينسى أن مطالبتنا هي قديمة ، إننا الشعب الوحيد في أرض إسرائيل خلال أربعة آلاف سنة". كان شامير يعرف حدود مشروعه اللامحدود لذا فهو لا يتحدث باسم دولة إسرائيل وإنما باسم الشعب اليهودي.

                              أما الخطاب الثاني فقد جاء مسكوناً بأزمة المشروع الوطني الفلسطيني ، مفتقداً لعدالة التاريخ ومجللاً بنص الاستجداء السياسي قال حيدر عبد الشافي: "ليس هناك في الشرق الأوسط شعب زائد خارج حدود الزمان والمكان، بل هناك دولة أخطئها الزمان والمكان ألا وهي دولة فلسطين " وهكذا يذكر عبد الشافي حلم المشروع الوطني الطويل الذي جاء وقت التخلي عنه إذ يكمل : "دولتنا هذه وهي في مرحلة المخاض قد طال انتظارها ولابد لدولتنا أن تقوم الآن وليس غداً ، ومع ذلك فإننا على استعداد لقبول المرحلة الانتقالية شريطة ألا تتحول هذه المرحلة الانتقالية الى حل دائم".

                              لقد ذهبت القيادة الفلسطينية الى مؤتمر التسوية دونما خيارات بديلة في جعبتها فأصبحت وكأنها تساوم على ضعفها ، يقول بسام أبو شريف المستشار السياسي لرئيس (م.ت.ف) تعليقاً على مسألة الضمانات الأمريكية للطرف الفلسطيني :"إن الضمانة الأهم هي استمرار الولايات المتحدة في العملية السلمية".

                              لقد تحركت قيادة (م.ت.ف) ولأكثر من خمسة عشر عاماً باتجاه واحد وضاق هامش المناورة شيئاً فشيئاً حتى فقدته تماماً وهي تريد الانتفاضة اليوم كغطاء لخيار السلام والتسوية وليس بديلاً عنه في حالة الفشل ، فكيف يمكن لمن يضع غصن الزيتون في البندقية التي أطلقت عليه النار أمس ، كيف بإمكانه أن يعود لقذف جنود العدو بالحجارة، أي خطيئة تقدم عليها قيادة (م.ت.ف) وهي تكرس هذا الشرخ في الوجدان وهذا الانقسام في الشارع . إن علينا أن نعترف أن الانقسام تجاوز هذه المرة الأحزاب والنخب المثقفة الى الشارع بسبب عملية الإيهام التي صورت أن 45 دقيقة من الكلام لحيدر عبد الشافي مقابل 45 دقيقة من الكلام لاسحق شامير يعني أننا نجحنا في تعديل ميزان القوى لصالحنا، وبالتالي أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من الحرية والاستقلال عندما ذهبنا الى مدريد ، انهم يدركون أن الإطار الإعلامي الذي وضع فيه كل من شامير وعبد الشافي لا يغير من الأمر شيئاً، ولكنهم كانوا يغطون عورة الذهاب الى مدريد ، كان يغطون الجريمة بالجريمة والخطيئة بالخطيئة. ولكن هذا سرعان ما تبدد في ردهات الخارجية الأمريكية حيث انتظرنا الوفد الإسرائيلي قرابة أسبوع وعندما حضر رفض الجلوس المنفرد معنا.

                              إن طرفاً فلسطينياً يحاول أن يوهمنا أننا نعيش مرحلة ما بعد الانتفاضة، وهذا معنى ظاهرة أغصان الزيتون ومعنى تشكيل اللجان السياسية التي ستتحول بالتدريج الى بديل عن القيادة الوطنية الموحدة ، والتي لم تعد قائمة بالفعل منذ شهور عديدة وما يصدر عنها يعبر عن وجهة نظر فتح في تونس ، أما الجبهة الشعبية أو الديمقراطية فقد باتت تصدر بياناتها منفردة أو بالتنسيق مع بعضها أو مع أطراف أخرى.

                              اليوم اللجان السياسية وغداً الأحزاب السياسية والتي ستتوقف برامجها عند شروط العدو الصهيوني، وليس عند طموحات شعبنا المجاهد الذي أكد بانتفاضته أنه حي وحر وسيد ولا يمكن تجاوزه أو نفيه ، والذي لا يمكنه أن يقبل بوقف الانتفاضة مقابل العودة الى شروط وظروف ليست مختلفة عن تلك التي قام ونهض لأجل رفضها.

                              الانتفاضة ليست خيار فصيل بعينه ليساوم عليها أو ليتحكم بها من الخارج عبر الرموت كنترول كما تصور أحدهم مرة وهو يحتقر الجماهير ظنا منه أنه أكبر منها وبديلاً عنها!!

                              رغم ظاهرة أغصان الزيتون في موسم مدريد الكاذب فقد فاجأتنا الانتفاضة على مدى الأسابيع الماضية أنها قوية وحية ومستمرة ، وأنها تستعصي على الموت أو الارتهان ، فاجأتنا أنها لم تنس عادة الاستشهاد اليومي ، لم تنس مواسم الحجارة والزجاجات الحارقة والخروج الجماهيري وأضافت الى زخمها زخ الرصاص كما لم يفاجئنا العدو وجنوده ومستوطنوه باستمرار الحصار ومنع التجول والقمع ومصادرة الأراضي والبيوت حتى المغارات قرروا نسفها .. إنهم يحلمون أن ينتهي كابوس الانتفاضة وشعبنا يحلم بدهر الاحتلال.. يحلم بالحرية والاستقلال.

                              إن الانتفاضة هي الحلقة المركزية في نضال الشعب الفلسطيني اليوم وهي مرحلة صعبة وشاقة في نضال طويل وشرس ، وعلى جميع القوى المناضلة والمجاهدة أن تلتف من حولها لحمايتها وتطويرها وتصعيدها.

                              أولا: ما يجب في هذا الطريق أن نتخلص من أوهام السلام السراب ، وأن نوضح لجماهيرنا أن هذه ليست مرحلة سلام ، ولكنها مرحلة ترتيب النظام الدولي الجديد حسب المشيئة الأمريكية وبما يحقق مصالح العدو الصهيوني.

                              ثانيا: أن تعود الانتفاضة الى يد الجماهير التي أطلقتها وفجرتها فهي القادرة على حمايتها والاستمرار بها بمساندة القوى السياسية الوطنية والإسلامية.

                              ثالثاً: تصويب سياسة الدعم وإلا كان التوقف عن إرسال الأموال أفضل من إرسالها ، طالما أنها تذهب الى الأغنياء والصحفيين الذين عليهم تمجيد القيادة والمترفين الذين يلتقطهم الإعلام الغربي ليتحدثوا باسم الشعب الفلسطيني ولا علاقة لهم بانتفاضته ومعاناته.

                              رابعاً: مواجهة المفاهيم الفئوية والمساواة بين الناس والتأكيد على التلاحم الشعبي.

                              خامساً: مواجهة السلبيات الإدارية وتحقيق مشاركة أوسع الفئات.

                              سادساً: نبذ الاقتتال مهما كانت دوافعه كما نبذ الهيمنة والتفرد والاعتراف بتعدد وجهات النظر مع الإقرار بمبدأ النقد الذاتي.

                              سابعاً: أن يكون واضحاً أن الانتفاضة ليست موضوع مساومة وأنها ليست ملك أحد ، وليست نشاطا عسكريا لفصيل بعينه يمكن أن يوقفه متى يشاء. إنها حركة انبعاث جماهيري وهي ملك لكل الناس.

                              كما يجب أن تنفق جميعاً على الفصل بين الانتفاضة وفعالياتها وتصعيدها وبين التطورات السياسية. حتى الذين يتوهمون أن العملية السلمية ستأتي بالجديد أو ستأتي ببعض الحقوق . عليهم أن يؤكدوا معنا على هذا القاسم المشترك: "استمرار الانتفاضة وضرورة تصعيدها، وأن يشمل هذا التأكيد خطابهم السياسي والإعلامي إضافة الى جهدهم وممارستهم التنظيمية والعملية ، وإلا فإن المسألة ستتجاوز كونها اجتهاداً الى الخطيئة، وسيصبح واضحاً أنه مطلوب أن تكون الانتفاضة غطاء لعملية التسوية فإن فشلت التسوية سقطت الانتفاضة".

                              ثامناً: لابد من تطهير الانتفاضة من المتسلقين والانتهازيين وإعطاء الفرصة للمخلصين والمبدعين. كما علينا التخلص من نهج الإلزام والأمر البيروقراطي الذي يعطل الانتفاضة ويحرفها عن تحقيق أهدافها.

                              تاسعاً: لابد من طرح برنامج اقتصادي يطور الوضع الاقتصادي الداخلي الى الأفضل، والبحث عن تمويل هذا البرنامج وأن يساهم كل فصيل بدوره دون انتظار جهة مركزية وأتمنى لو يقارن كل فصيل بين ما ينفقه في سوريا ولبنان مثلاً وبين ما ينفقه في الداخل حيث الحلقة المركزية لنضالنا.

                              عاشراً: الاهتمام ببناء أو إعادة بناء اللجان الشعبية التي تهتم بكافة نواحي الحياة داخل المجتمع الفلسطيني لأجل بناء المجتمع القادم.

                              حادي عشر: تصعيد العمل المسلح يبقى من أهم شروط تصعيد الانتفاضة ، يجب أن يألم العدو كما نألم ويجب أن يرى خسارته تزداد بشرياً ومادياً ، لأنه بدون حساب الربح والخسارة لن يغير من موقفه، كما يبقى العمل المسلح تعزيزاً لثقة الجماهير بنفسها وبطلائعها المناضلة والمجاهدة.

                              وبعد، الانتفاضة هي الحلقة المركزية فلتستمر عبر رفض التسوية المطروحة وعبر وحدة جميع القوى الوطنية والإسلامية وعبر تصعيد العمل المسلح.

                              المصدر: كلمة القيت في الندوة التي اقامتها الجبهة الشعبية وشارك فيها تيسير خالد من الديمقراطية وأبو نضال مسلمي من الشعبية خلال شهر 4 أبريل 1992
                              اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

                              تعليق

                              يعمل...
                              X